ماذا تتعلم روسيا وإسرائيل من روما القديمة؟.. كمين السابع من أكتوبر
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
استعرض مقال نشرته صحيفة "التايمز" البريطانية للصحفي روجر بويز، الدروس المستقاة لروسيا والاحتلال الإسرائيلي من روما القديمة.
وقال بويز، إن الإمبراطور الروماني أغسطس كان هو من حوّل الجيش إلى اختيار مهني جاد، وكان من الممكن أن يتوقع عضو الفيلق معاشا تقاعديا ضخما بعد 25 عاما من الخدمة، في حين كان يُغرى الجندي من الفيالق الأجنبية المساعدة باحتمال الحصول على الجنسية الرومانية.
وأضاف، "من اسكتلندا إلى البحر الأحمر، كانت جحافل الإمبراطور في كل مكان، تحرس الجدران ضد التوغل البربري، وتبني الحصون، وتحرس الأراضي التي تم الاستيلاء عليها، وتضع برامج التدريب، وتبتكر أسلحة جديدة".
لقد وضعوا معيارا للجيوش المستقبلية، لكنهم أظهروا أيضا، من خلال وحشيتهم العابرة، الطريقة الخاطئة في احتلال الأراضي الأجنبية.
ويرى بويز، "أن جميع الجيوش الحديثة اقتبست شيئا ما من التجربة الرومانية القديمة، ولكن ليس أي منها أكثر من روسيا وإسرائيل، وهما قوتان عسكريتان متطورتان شاركتا في سلسلة من الحروب المتزايدة التعقيد".
وكان الروس على وجه الخصوص يخوضون حربا إمبريالية في الأساس ضد أوكرانيا، ويبدو أنهم يستعيرون، تحت قيادة قيصرهم فلاديمير بوتن، أسوأ تجربة قتالية في الحرب الرومانية.
وأوضح الكاتب، أن حرب بوتين القاسية ضد الشيشان، وتحطيم غروزني (الذي يذكرنا بمقولة المؤرخ الروماني تاسيتوس: "إنهم يصنعون صحراء ويسمونها سلاما")، والاستيلاء على الأراضي داخل جورجيا، وضم مقاطعتين يسكنهما الناطقون بالروسية، قصف سوريا، وتدمير حلب، والسيطرة على المجال الجوي للبلاد: كل هذا كان بمثابة مقدمة للحربين (في الواقع حرب واحدة دامت عقدا من الزمن) ضد أوكرانيا.
وفي وقت مبكر من مرحلة الحرب عام 2022، ضرب الروس مثالا على الفظائع الواضحة في بوتشا، حيث قاموا بربط أيدي الضحايا وإطلاق النار عليهم وإلقائهم على الرصيف كما لو كانوا ينتظرون شاحنة إعادة تدوير القمامة.
ويُظهر معرض جديد لا يمكن تفويته في المتحف البريطاني مخصص للجيوش الرومانية أن الجيوش قادرة على فعل ما هو أسوأ.
ويقول أمين المتحف ريتشارد عبدي: "لم يكن أحد يعرف كيف يقوم بالصلب أفضل من الجيش الروماني، كانت عقوبة روما النهائية هي كل ما يمكن أن تلقيه الدولة على الفرد: حكم الإعدام، والتعذيب، وعلى غرار عقوبة الإهانة العامة في أوائل المجتمع الحديث الإذلال المطول، كل ذلك في عقوبة واحدة".
وأردف الكاتب، "حتى الآن لم يسبر الجيش الروسي هذه الأعماق، رغم أن الأجهزة الأمنية بخزائن السموم وأساليب التعذيب لديها، وأفراد حراسة المعسكرات، لها أساليبها الخاصة".
وبطبيعة الحال، مارس الرومان هيمنتهم العسكرية في أوقات مختلفة؛ كان العالم المعروف أصغر، وكان نطاق الأسلحة محدودا.
وفي الواقع، تم التفكير في مفهوم التصعيد برمته بطرق أكثر تواضعا، على الرغم من أنه لا يزال من الممكن التعرف عليه في حروب اليوم.
وكانت الميزة الرومانية تعتمد على القوة البشرية سريعة الحركة، والقوة النارية المتفوقة، والانضباط في صفوف الجيش، والقدرة، كما نقول في أيامنا هذه، على إحداث الصدمة والرعب.
وتابع، "حتى في زمن أغسطس، كان من الممكن أن ينهار ذلك. ففي عام 9 بعد الميلاد، قام ضابط فروسية متمرد تلقى تعليمه في روما ويدعى أرمينيوس بجرّ قوة رومانية إلى شريط ضيق من الأرض محاط بالغابات الكثيفة والمستنقعات، وذبحت القبائل الجرمانية التي قادها المتمرد 20 ألف جندي روماني”.
وكانت النتيجة حصر حدود الإمبراطورية الرومانية في نهر الراين، واستغرق الأمر خمس سنوات حتى تنتقم روما لتلك الضربة.
ورغم أن إسرائيل الحديثة تعرضت فعليا لكمين في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي نصبته حماس، إلا أن خياراتها العسكرية الانتقامية كانت مقيدة، وفقا للكاتب
وقال، "إنها تريد إعادة ترسيخ شعور الردع، ولتحقيق ذلك، تحتاج إلى التصعيد ضد البنية التحتية لحماس ورعاتها الإيرانيين ولكن بما أن إسرائيل تنفي علنا كونها قوة نووية، وبما أن إيران تنفي أي نية لبناء قنبلة نووية وبما أن الولايات المتحدة لا ترغب في الانجرار إلى تبادل نووي مع طهران، يتعين على إسرائيل أن تبحث عن طريق مختلف".
ومن خلال اغتيال القائد الإيراني البارز، الجنرال محمد رضا زاهدي، هذا الأسبوع، مسؤول الاتصال الذي يتخذ من دمشق مقرا له بين الحرس الثوري وحزب الله، تكون إسرائيل قد دعت إلى هجوم إيراني مضاد.
ووفقا للكاتب، فإن التصعيد محسوب، وهو عبارة عن حيلة لإجبار إيران على إسقاط قناعها وإظهار أن لبنان وسوريا يرقصان على أنغام طهران. والنقطة هنا سياسية: أن تثبت للولايات المتحدة أنها ليست في حالة حرب مع الشعب الفلسطيني، بل مع رعاة حماس في إيران.
ويعتمد التصعيد غير النووي، كما حدث في العصر الروماني، على زيادة القوة البشرية.
وقد بدأ بوتين الكرة باستدعاء 150 ألف جندي إضافي، تحسبا لهجوم صيفي. وسيكون ذلك بمثابة اختبار حقيقي لدعمه، واختبار أفضل من الانتخابات الصورية. لكنها الطريقة الوحيدة المتبقية للتصعيد بشكل حاسم.
وفي الوقت نفسه، تحتاج إسرائيل، التي تتوقع فتح جبهة ثانية في الشمال، إلى قوات جديدة أيضا.
وتحظى محاولة تضخيم الصفوف من خلال استدعاء طلاب المدارس الدينية الأرثوذكسية المتطرفة الذين تم إعفاؤهم سابقا بشعبية كبيرة بين غير الحريديم الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 26 عاما والذين يواجهون ما يقرب من ثلاث سنوات من الخدمة الفعلية والوقت في الاحتياط.
ومع ذلك، قد يؤدي ذلك إلى انسحاب الوزراء الذين يزعمون أن دراسة التوراة بدوام كامل تشكل خدمة رئيسية لدولة إسرائيل من الحكومة.
ويزعم الكاتب أن خيارات إسرائيل ديمقراطية تختلف عن تلك التي واجهتها روما القديمة أو أرض بوتين اليوم، إنهم يطالبون بقيادة سياسية ذات مصداقية ومناقشة عامة مفتوحة داخل إسرائيل حول ما تحاربه إسرائيل ومن أجله.
ويمكن للزائر البريطاني لمعرض الفيلق أن يعتمد على تصحيح مفيد لتعليمه الكلاسيكي.
كانت قوة روما المسلحة أكثر من خصوم أستريكس البطيئين في بلاد الغال، ولم يكن الحكم الإمبراطوري كله خبز وسيرك.
وختم الكاتب مقاله بالقول، إن الأهم من ذلك كله هو أن البلدان التي تعيش حالة حرب حاليا ستجد نفسها في مواجهة ومحفزة بالأصداء التاريخية، وأسئلة حول المواطنة والواجب والتضحية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية حماس حماس غزة الاحتلال العدوان اهداف الحرب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
أبرز مضامين اتفاقية الشراكة التي يهدد الاتحاد الأوروبي بمراجعتها مع إسرائيل
دخلت اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل حيز التنفيذ في يونيو/حزيران عام 2000، وتمنح إسرائيل عددا من الامتيازات في الأسواق الأوروبية. وبلغ حجم التجارة بين الطرفين 46.8 مليار يورو عام 2022، مما جعل الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل.
توقيع الاتفاقيةوُقعت اتفاقية الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1995، بحضور وزير خارجية إسرائيل ونظرائه في دول الاتحاد، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ إلا عام 2000 بعد أن صادقت عليها جميع البرلمانات الأوروبية والكنيست الإسرائيلي.
تهدف الاتفاقية إلى إرساء إطار قانوني ومؤسسي منظم لتطوير الحوار السياسي وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين. وتنص ديباجتها على التزام الأطراف بتعزيز اندماج الاقتصاد الإسرائيلي في الاقتصاد الأوروبي، بما يعكس التوجه نحو شراكة إستراتيجية طويلة الأمد.
عُقد أول اجتماع لمجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل يوم 13 يونيو/حزيران عام 2000 في لوكسمبورغ، بحضور وزير الخارجية الإسرائيلي ديفيد ليفي، ونظرائه من دول الاتحاد، إيذانا ببدء سريان الاتفاقية رسميا.
أهداف الاتفاقية إرساء إطار فعّال للحوار السياسي يتيح تطوير علاقات سياسية متينة ومستدامة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. دعم النمو المتوازن للعلاقات الاقتصادية بين الجانبين عبر توسيع نطاق التجارة في السلع والخدمات والتحرير المتبادل لحق تأسيس الشركات، والتدرج في تحرير أسواق المشتريات الحكومية وتسهيل حركة رؤوس الأموال وتعزيز التعاون في مجالات العلم والتكنولوجيا، وذلك بما يسهم في تنشيط الاقتصاد وتحسين ظروف المعيشة والعمل وزيادة الإنتاجية وتحقيق الاستقرار المالي لدى الطرفين. تشجيع التعاون الإقليمي بما يعزز التعايش السلمي وتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة. توسيع مجالات التعاون الثنائي في قضايا ومصالح مشتركة تخدم الطرفين. إعلان حقوق الإنسان وعلاقتها بالاتفاقيةتنص الاتفاقية على أن احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية يشكلان ركيزة أساسية للاتفاق، كما تقر بإنشاء مجلس شراكة يُعقد على مستوى وزراء الخارجية، مدعوما بلجنة شراكة متخصصة لضمان متابعة التنفيذ وتعزيز التعاون.
الإطار السياسي للاتفاقيةيهدف هذا الجانب من الاتفاقية إلى إضفاء الطابع المؤسسي والمنظم على الحوار السياسي القائم بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وتوسيعه ليشمل نطاقات جديدة للتعاون الثنائي.
وقد عُقد هذا الحوار في السابق على مستوى وزراء الخارجية بشكل غير رسمي ومتكرر على مدار العام، دون أن يستند إلى إطار قانوني ملزم.
غير أن الاتفاقية نصّت على تنظيم هذا الحوار ضمن لقاءات سنوية منتظمة تُعقد على مختلف المستويات، بدءا من صُنّاع القرار في أعلى المستويات الوزارية، ووصولا إلى الخبراء والمسؤولين الإداريين.
الإطار التجاريلا تقتصر الاتفاقية على الجانب السياسي فحسب، بل تنظم كذلك العلاقات التجارية والاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وذلك عبر تحديد آليات تبادل السلع والخدمات بين الطرفين.
وقبل دخول الاتفاقية حيز التنفيذ كان هناك بالفعل حجم كبير من التجارة بين الجانبين، وصل عام 1999 إلى نحو 22 مليار دولار، فمنذ عام 1975 أُنشئت منطقة تجارة حرة بين الجانبين، سمحت بتبادل السلع دون فرض ضرائب جمركية مرتفعة، مما سهّل تدفّق المنتجات بين الأسواق الأوروبية والإسرائيلية.
وقد حافظت اتفاقية الشراكة الجديدة على هذه المنطقة الحرة، مع إدخال تحسينات إضافية تتعلق بتبسيط الإجراءات الجمركية، منها تقليص الروتين وخفض الرسوم.
حجم التبادل التجاري بين الأطراففي 2024 بلغت حصة إسرائيل من إجمالي تجارة السلع للاتحاد الأوروبي نحو 0.8%، مما جعلها تحتل المرتبة 31 ضمن الشركاء التجاريين للاتحاد على المستوى العالمي. وعلى صعيد العلاقات الإقليمية، جاءت إسرائيل في المرتبة الثالثة بين شركاء الاتحاد الأوروبي في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
إعلانفي المقابل، يُعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأبرز لإسرائيل، إذ بلغ حجم تجارة السلع بين الطرفين نحو 42.6 مليار يورو في العام ذاته، مما يُمثل 32% من إجمالي تجارة إسرائيل مع العالم.
بلغت قيمة الواردات الأوروبية من إسرائيل عام 2024 نحو 15.9 مليار يورو، وتوزعت على عدد من القطاعات الرئيسية، من ضمنها الآلات ومعدات النقل في الصدارة بقيمة 7 مليارات يورو، أي ما يعادل 43.9% من إجمالي الواردات، والمواد الكيميائية بقيمة 2.9 مليار يورو (18%)، إضافة للسلع المصنعة الأخرى بقيمة 1.9 مليار يورو (12.1%).
أما صادرات الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل فقد بلغت 26.7 مليار يورو، تتكون في معظمها من الآلات ومعدات النقل التي سجلت 11.5 مليار يورو، ما يمثل 43% من إجمالي الصادرات. كما شملت الصادرات مواد كيميائية بقيمة 4.8 مليارات يورو (18%)، إضافة إلى سلع مصنعة أخرى بقيمة 3.1 مليارات يورو (11.7%).
وفيما يتعلق بالتجارة الثنائية في الخدمات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، فقد بلغ حجم التبادل عام 2023 نحو 25.6 مليار يورو. واستورد الاتحاد الأوروبي ما قيمته 10.5 مليارات يورو، بينما بلغت صادراته إلى إسرائيل 15.1 مليار يورو في العام ذاته.
مُساءلة حقوقيةفي 20 مايو/أيار 2025 أعلنت كايا كالاس، كبيرة الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد سيباشر مراجعة شاملة لاتفاق الشراكة مع إسرائيل، وذلك في ضوء ما وصفته بـ"الوضع الكارثي" في قطاع غزة، وجاء هذا الإعلان عقب اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد في بروكسل.
وأوضحت كالاس أن "أغلبية قوية" من وزراء الخارجية أيدوا هذه الخطوة، في إشارة إلى الدعم الواسع لمراجعة الاتفاقية.
وأكّد دبلوماسيون أن 17 من أصل 27 دولة عضوا في الاتحاد دعمت هذه المراجعة، التي ستركز على تقييم مدى التزام إسرائيل ببند حقوق الإنسان المنصوص عليه في الاتفاقية. وقد جاء هذا الاقتراح بمبادرة من وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب.
إعلانبدوره، دعا وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورني إلى مراجعة الاتفاقية على خلفية استمرار جيش الاحتلال في حرب الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة ومنعه إدخال المساعدات.
وبعد إسبانيا وأيرلندا طالبت هولندا في وقت سابق أيضا بإجراء تحقيق عاجل فيما إذا كانت الهجمات الإسرائيلية على غزة تنتهك الاتفاقيات التجارية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي.
وتجدر الإشارة إلى أنه في 2002، صوّت البرلمان الأوروبي لصالح تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، ردا على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في جنين ونابلس، إلا أن المفوضية الأوروبية آنذاك لم تتخذ أي خطوات عملية لتفعيل هذا القرار أو لمحاسبة إسرائيل على تلك الانتهاكات.