اتهامات بـ”النفاق”.. مواقف بايدن تجاه إسرائيل تثير انقسام مؤيديه ومعارضيه
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
أثار طلب الرئيس جو بايدن من إسرائيل هذا الأسبوع تحسين الأوضاع الإنسانية في غزة ودعمُه لوقف إطلاق النار، انتقادات حادة من حلفائه السياسيين الذين يقولون إن الرئيس لا يبذل ما يكفي من الجهد ومن الخصوم الذين يقولون إنه بالغ وتجاوز.
وهدد بايدن أمس الخميس، في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، بأن يجعل الدعم الأمريكي للهجوم الإسرائيلي على غزة مرهوناً بخطوات ملموسة لحماية عمال الإغاثة والمدنيين.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يسعى فيها بايدن، الديمقراطي المؤيد بشدة لإسرائيل، إلى استغلال المساعدات الأمريكية كوسيلة للتأثير على السلوك العسكري الإسرائيلي.
ويتعرض الرئيس لضغوط كبيرة من الجناح اليساري في حزبه لبذل جهود أكبر لمعالجة الكارثة الإنسانية التي حاقت بالمدنيين الفلسطينيين بسبب الهجمات الإسرائيلية.
وقال السناتور الديمقراطي كريس فان هولين لرويترز “يجب ألا يكون هناك تصريح مطلق. يجب ألا يكون لدينا نمط تتجاهل فيه حكومة نتانياهو رئيس الولايات المتحدة ونكتفي بأن نرسل مزيداً من القنابل التي تزن ألفي رطل”.
وقال فان هولين، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إن بايدن يجب أن يتحدث بمزيد من “الصراحة علانية” عما تتوقعه الولايات المتحدة من الحملة في غزة وأن يتبع نهجاً جديداً في مجلس الأمن بدلاً من مجرد عرقلة القرارات التي تنتقد إسرائيل.
وعبر سياسيون آخرون يساريو الميول عن شكاوى مماثلة.
وقال السيناتور بيرني ساندرز، في برنامج (بود سيف أمريكا) وهو بث صوتي (بودكاست) واسع الانتشار على الإنترنت الخميس: “في أحد الأيام يكون الرئيس غاضباً من نتانياهو، وفي اليوم التالي يكون غاضباً جداً، وفي اليوم الذي يليه يكون غاضباً جداً جداً. فماذا إذن؟ وفي الوقت نفسه، هناك دعم لمزيد من المساعدات العسكرية لإسرائيل في مشروع قانون تكميلي”.
وأضاف ساندرز “لا يمكن الاستمرار في الحديث عن مخاوفك عن وضع إنساني في غزة، ثم تعطي نتانياهو 10 مليارات دولار أخرى، أو مزيداً من القنابل، لا يمكن فعل ذلك، هذا نفاق”.
وقال السناتور الديمقراطي كريس ميرفي إنه يجب التوصل إلى وقف لإطلاق النار على الفور. وقال لقناة (إم.إس.إن.بي.سي) الجمعة “لا أعتقد أن فتح معبر جديد إلى غزة يكفي”.
وقالت إسرائيل إنها وافقت على إعادة فتح معبر إيريز إلى شمال غزة والاستخدام المؤقت لميناء أسدود في جنوب إسرائيل، في أعقاب المطالب الأمريكية بتعزيز دخول إمدادات المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وشكك ميرفي في استراتيجية بايدن قائلاً: “أعتقد أن الوقت حان لندرك أن هذا الضغط الهادئ والثابت الذي تمارسه الإدارة لا يفعل ما يكفي لدعم مصالحنا الأمنية”.
ورغم انتقاد عدد كبير من الديمقراطيين لبايدن لأنه لم يذهب إلى ما هو أبعد من مجرد مطالبة إسرائيل بتقديم تنازلات، ينتقد بعض الجمهوريين المؤيدين بوجه عام لتقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل الرئيس الأمريكي بسبب تغيير موقفه.
وقال السناتور الجمهوري توم كوتون إن بايدن غير سياسته لزيادة فرص فوزه بفترة ثانية في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني). وأضاف كوتون على منصة إكس الجمعة “من أجل زيادة نسب تأييده في ميشيغان، عزز جو بايدن موقف حماس التفاوضي، لقد شجع حماس بشكل فعلي على الصمود وعدم إطلاق سراح الرهائن. هذا شيء مخز”.
واتهم النائب الجمهوري بريان ماست، عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، بايدن “بمحاولة استرضاء مخبولي اليسار المتطرف من خلال مطالبة إسرائيل بقبول وقف إطلاق النار مع إرهابيين”.
وأضاف في بيان أن ذلك “يعرض حياة الناس للخطر” في محاولة يائسة لزيادة نسب تأييده.
وقالت عائلات الرهائن الذين احتجزتهم حركة حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) إن الدفع باتجاه وقف لإطلاق النار بدون إطلاق سراح ذويهم قد يكون أمراً خطيراً.
وقالت أورنا نيوترا، والدة عومير نيوترا، في مؤتمر صحافي الجمعة مع غيرها من عائلات الرهائن في مدينة نيويورك “لجميع الذين يطالبون بوقف فوري لإطلاق النار دون إطلاق سراح الرهائن، أين بوصلتكم الأخلاقية؟ وقف إطلاق النار دون اتفاق، أو حتى باتفاق جزئي، يمكن أن يكون بمنزلة حكم بالإعدام على ابننا والرهائن الآخرين”.
ورفض البيت الأبيض توضيح كيف ستتغير السياسة الأمريكية إذا لم تستجب إسرائيل لمطالب بايدن.
وتلقت إسرائيل مساعدات خارجية أمريكية أكثر من أي دولة أخرى منذ الحرب العالمية الثانية، لكن المساعدات السنوية تضاءلت بسبب التمويل والعتاد العسكري المرسلين إلى أوكرانيا منذ الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022.
وتحمي الولايات المتحدة إسرائيل في مجلس الأمن الدولي، واستخدمت حق النقض (الفيتو) ضد ثلاثة من مشاريع القرارات المتعلقة بالحرب في غزة.
كما امتنعت عن التصويت 3 مرات لتسمح للمجلس المؤلف من 15 عضواً باتخاذ إجراء، كان أحدثها في الشهر الماضي عندما طالب المجلس بوقف فوري لإطلاق النار.
وأشار آخرون إلى أن إسرائيل اتخذت إجراءات فور تشديد بايدن موقفه، مما يشير إلى أنه كان ينبغي حدوث ذلك في وقت أقرب.
وقال كينيث روث، المدير التنفيذي السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش والذي يعمل حالياً أستاذا في كلية الشؤون العامة والدولية بجامعة برينستون “في غضون ساعات من تهديد بايدن بتعليق المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، وافق نتانياهو على فتح معبر رئيسي للمساعدات الإنسانية إلى شمال غزة، حيث تنتشر المجاعة على نطاق واسع. كان بايدن يتمتع دائما بهذا النفوذ لكنه لم يستخدمه”.
ورداً على سؤال من رويترز الخميس عن سبب التغيير في موقف بايدن، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي إن الرئيس شعر بالصدمة جراء الهجوم الإسرائيلي الذي تسبب في مقتل 7 من موظفي الإغاثة في مؤسسة ورلد سنترال كيتشن.
وقال رئيس مركز التقدم الأمريكي للأبحاث باتريك جاسبارد: “أعتقد أن بعض الوفيات لها أهمية أكبر بكثير من غيرها”، مقارناً بين رد فعل بايدن على مقتل موظفي الإغاثة السبعة وموقفه من مقتل الآلاف الذين سقطوا بالفعل في حرب غزة.
المصدر: جريدة الحقيقة
كلمات دلالية: لإطلاق النار إطلاق النار فی غزة
إقرأ أيضاً:
لماذا انقلبت أوروبا ضد كيان العدو الإسرائيلي؟
يمانيون../
لاحظنا في الأيام القليلة الماضية انقلابًا مفاجئًا لموقف بريطانيا والاتحاد الأوروبي تجاه ما يجري من جرائم الإبادة الجماعية والتجويع الصهيونية ضد كل مواطني قطاع غزة بلا استثناء.
ذلك الموقف الذي كان في الماضي القريب مؤيدًا وداعمًا ومساندًا لكيان العدو الإسرائيلي في كل ما ارتكبه ويرتكبه من فظائع وجرائم بحق سكان قطاع غزة، وتحول اليوم بقدرة قادر إلى موقف مغاير ومعارض تمامًا لكيان العدو.
وفي بيان مشترك، حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسا الوزراء البريطاني كير ستارمر والكندي مارك كارني من أنهم لن يقفوا “مكتوفي الأيدي” إزاء “الأفعال المشينة” لحكومة المجرم نتنياهو في غزة، ملوّحين بـ”إجراءات ملموسة” إذا لم تبادر إلى وقف عمليتها العسكرية وإتاحة دخول المساعدات الإنسانية، وفي حديث لإذاعة فرانس إنتر، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو: “إن الوضع لا يمكن احتماله؛ لأن العنف الأعمى من جانب حكومة العدو الإسرائيلية وحظر دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة قد حوّل القطاع إلى مكان للموت، ولن أقول إلى مقبرة”.
بينما أكد رئيس الوزراء البرتغالي لويس مونتينيغرو “أن الوضع الإنساني في غزة لا يطاق ومن الضروري السماح بدخول المساعدات الإنسانية فورا”، فيما قال وزير الخارجية الأيرلندي سيمون هاريس: سأرفع مذكرة للحكومة لإقرار تشريع يحظر استيراد البضائع من “إسرائيل”.
مواقف حقيقية أم نفاق سياسي؟
لا يمكن الجزم يقينًا بأن كل تلك المواقف الغريبة والمثيرة للريبة من دول كبريطانيا (المعروفة بدورها المشبوه إبان احتلالها للأراضي الفلسطينية) ودول الاتحاد الأوروبي قد صدرت عن قناعة وصدق، سيما بعد مضي ما يقارب العشرين شهرًا من “عملية طوفان الأقصى” أي بعد استشهاد ( 53,655) وإصابة (121,950) وفقًا لبيان صادر عن وزارة الصحة الفلسطينية، ناهيك عن تدمير غزة عن بكرة أبيها، لذا فهذه المواقف جاءت متأخرة وفي غير وقتها، وهذا يعني أنها مواقف غير مقنعة وغير صادقة.
وبعودتنا للقرآن الكريم نجده يؤكد لنا بأن اليهود والنصارى لا يمكن أن ترضى عنا حتى نتبع ملتهم، وما دمنا لم نفعل ذلك فهذا يعني أن مواقف تلك الدول ليست مواقف إنسانية حقيقية نابعة من ضمير وأخلاق تلك الدول التي عرفناها بلا أخلاق، وإنما جاءت من باب النفاق السياسي وحفاظًا على مصالحها التي اقتضت منها وفي هذا التوقيت الدقيق، إبداء مثل هذه المواقف المغايرة لمواقفها المخزية في السابق.
معارضة الموقف الأمريكي الجديد تجاه اوكرانيا:
نعلم يقينًا أن الولايات المتحدة الأمريكية ومعها المنظومة الأوروبية كلها كانت منضوية في معسكر واحد وكان لها موقف واحد تجاه ما يجري في أوكرانيا؛ وذلك نتيجة تقاطع مصالحها في هذا البلد الذي خاض لعدة أعوام مواجهة طاحنة مع الجيش الروسي.
هذا الموقف الأمريكي الأوروبي الموحد جاء نتيجة تلاقي المصالح المشتركة بين أمريكا وأوروبا ونكايةً أيضًا بالروس، لكن أمريكا مطلع هذا الشهر سلكت اتجاهاً مخالفاً تماماً للموقف الأوروبي في أوكرانيا، وذلك خدمة لمصالحها، حيث وقّعت واشنطن وكييف، اتفاقاً اقتصادياً واسعاً يقضي بإنشاء صندوق استثماري لإعادة إعمار أوكرانيا، ويمنح في نفس الوقت، الولايات المتحدة الأمريكية، إمكانية الوصول إلى الموارد الطبيعية الأوكرانية مقابل تسريع إعادة بناء الاقتصاد في أوكرانيا”.
هنا ندرك أن الأمريكيين بهذا الاتفاق قد استأثروا بالكعكة كلها دون أن يكون لحليفهم الأبرز( أوروبا) نصيب منها، ما يعني أن أوروبا خرجت من معركة أوكرانيا خاسرة نتيجة الانقلاب الأمريكي عليها، وهو ما دفعها اليوم للوقوف ضد السياسة الأمريكية بتبني مواقف معارضة لأمريكا وإسرائيل تجاه العدوان الصهيوني المدعوم أمريكيًا على قطاع غزة.
إبراهيم الديلمي| المسيرة