سرايا - تضج الكثير من وسائل الإعلام بالحديث وبإسهاب عن “الخلافات المشتعلة” بين الرئيس الأمريكي جون بايدن، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، على خلفية الحرب الدامية في قطاع غزة، وما خلفته من مجازر وويلات ودمار ومجاعات لا يمكن وصفها وتحملها وأفجعت العالم أجمع.


وسائل الإعلام وقراءات المحللين وتصريحات السياسيين، معظمها ركز في الحديث حول ما تريد واشنطن و”تل أبيب” نشره وتصديره للعالم، وكأن “حرب غزة” أشعلت الخلافات، والقطعية باتت تقترب بين (إسرائيل) وأمريكا، وزمن “الطفلة المدللة” قد ولى والقادم هو أخطر كون أن “أمريكا لا تريد أن ترى دماء وحروب في غزة”.




لكن الحقيقة عكس ذلك تمامًا، فما يُنقل عبر وسائل الإعلام، عن غضب وتوتر ورسائل تهديد وتجاهل وتحذير.. الخ، لا يعكس حقيقة الواقع تمامًا، فالعلاقات الأمريكية-الإسرائيلية لم ولن تتضرر بسبب ما يجري في قطاع غزة من مجازر، فلغة وصورة الإعلام معاكسة تمامًا لما يجري في الغرف المغلقة.

الدعم المالي واللوجستي والاستراتيجي مستمر، والتأييد متواصل، وتدفق الأسلحة الأمريكية لـ (إسرائيل) يسير على قدم وساق، ومعارضة كل مشروع قرار دولي ينتقد (إسرائيل) أو يدعو لوقف الحرب على غزة، إضافة إلى المشورات الأمنية في التعامل مع تطورات حرب غزة، وغيرها من المظاهر، تؤكد بأن واشنطن متواطئة بهذه الحرب بنسبة تتساوى كثيرًا مع ما تقترفه أيادي نتنياهو وجيشه.
ولعل آخر ما تناقله الإعلام عن هذا الخلاف، ما ذكرته صحيفة “نيويورك تايمز”، بأن نتنياهو تلقى أقوى توبيخ من البيت الأبيض منذ بدء الحرب في غزة.


وأفادت الصحيفة، بأن بايدن ضغط على نتنياهو، خلال الاتصال الأخير، أكثر من أي مرة سابقة، من أجل تغيير نوعية العمليات العسكرية في الحرب التي يشنها الاحتلال على غزة، مشيرة إلى أن التصريح الصادر عن البيت الأبيض عقب المكالمة هو أقوى توبيخ أميركي لإسرائيل منذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، موضحة أنه يلقي الضوء على امتعاض بايدن المتزايد من نتنياهو.


واستدركت الصحيفة بالإشارة إلى أن البيت الأبيض لم يصل إلى حد القول مباشرة إن الرئيس الأميركي سيوقف تزويد تل أبيب بالأسلحة أو سيفرض شروطاً حول كيفية استخدامها، كما يطالبه بذلك أعضاء حزبه الديمقراطي.


وحسب “نيويورك تايمز”، فإن تهديد بايدن بربط الدعم الأميركي بالسلوك الإسرائيلي جاء تحت ضغط متزايد من حزبه، مشيرة إلى أن بعض أعضاء فريق الرئيس الأسبق باراك أوباما القديم أكثر صراحة في انتقاد بايدن لأنه لم يبذل المزيد من الجهد لكبح جماح نتنياهو.


ويرى محللون إسرائيليون وغربيون، أنه فعليًا لا توجد أي خلفات تُذكر بين بايدن ونتنياهو، وكل ما يُنشر عبر وسائل الإعلام المختلفة يدور ضمن “المقادير المحدد للطبخة الأمريكية-الإسرائيلية” في حرب غزة، فالدعم الأمريكي المالي والعسكري واللوجستي منذ اللحظة الأولى من بدء الحرب على غزة لم ينقطع بل زادت وتيرته كلما زاد الحديث عن خلافات وأزمات بين نتنياهو وبادين.


ومع ذلك، فإن الرئيس الأميركي لا يمكنه فعل أي شيء تجاه نتنياهو حاليا، لأن الأخير يمكنه استغلال أدوات الضغط داخل الولايات المتحدة، وخصوصا لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (إيباك)، لضرب بايدن خلال الانتخابات المقبلة.


في حقيقة الأمر، لو أرادت الولايات المتحدة، أن توقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومنذ الأسبوع الأول، لفعلت ذلك خلال 24 ساعة، بحسب الباحث في الشأن الإسرائيلي، أليف صباغ، مؤكدًا، أن أميركا مصرة على استمرار هذا العدوان على قطاع غزة، ومصرة على أن تقضي على المقاومة الفلسطينية، وعلى أن تكذب على الرأي العام بكلام معسول ولكن ليس له أي نتيجة.


وأضاف صباغ أن الولايات المتحدة تريد ما هو أبعد من قطاع غزة، تريد تأسيس نظام جديد في الشرق الأوسط يكون تحت الهيمنة والسيطرة الأميركية، وأن تكون (إسرائيل) شريكا للولايات المتحدة في الهيمنة على الإقليم.


وبحسب المحلل السياسي، عصمت منصور، فإن ما يبدو من تناقض في التصريحات بين الرئيس بايدن وبين رئيس حكومة الاحتلال، يشي وعن قصد بخلافات بينهما خاصة حول حل الدولتين وإعلان دولة فلسطين، ولكن الصورة الحقيقة أقرب إلى خلافات حول أفضل الطرق لتحقيق مصالح (إسرائيل)”.


ويضيف منصور، في تصريحات نشرت له: من يملك الصافرة التي تنهي المأساة الإنسانية في غزة هي الولايات المتحدة وتستطيع في أي لحظة، وهي تملك القدرة على إصدار قرار بوقف الحرب ولكنها لا تريد، لأنها لا تريد أن تقع في صدام مع نتنياهو.


وتابع حديثه “لا توجد خلافات بين واشنطن وتل أبيب، ولكن توجد مناورات عبر التصريحات المتناقضة”.
وأمام هذا المشهد المتشابك..

ماذا يريد نتنياهو وبايدن من غزة؟ وما هو الفصل الأخير من مسرحية الخلافات؟ وهل ستتغير مواقف الدول العربية؟

رأي اليوم 
إقرأ أيضاً : لماذا ناقش الكابينيت مرّتيْن زوال الكيان؟ إقرأ أيضاً : رئيس أركان الجيش الإيراني: عُمر (إسرائيل) انتهى إقرأ أيضاً : رئيسة دولة تمثل أمام النيابة العامة بسبب "فضيحة ساعات"


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: الرئيس الحكومة العالم غزة بايدن الاحتلال غزة بايدن الرئيس بايدن الرئيس بايدن بايدن غزة الرئيس بايدن الرأي الرئيس بايدن رئيس غزة الفصل العالم فلسطين اليوم الحكومة الرأي بايدن غزة الاحتلال الفصل رئيس الرئيس الولایات المتحدة وسائل الإعلام قطاع غزة على غزة

إقرأ أيضاً:

كيف أطال نتنياهو بقاءه السياسي عبر المماطلة في إنهاء العدوان على غزة؟

يسعى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى إطالة أمد الحرب في غزة للحفاظ على منصبة السياسي وحكومته لأطول مدة ممكنة بطرق متعددة.

ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا طرحت خلاله الطريقة التي أطال فيها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الحرب في غزة كي يبقى في الحكم وكشف التحقيق عن اللقاءات السرية وتجاهل المعلومات السرية.

وقدمت الصحيفة التحقيق بأنه القصة الداخلية لحسابات رئيس الوزراء الاحتلال الإسرائيلي بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فبعد 6 أشهر من بدء الحرب في قطاع غزة، كان نتنياهو يستعد لإيقافها وكانت المفاوضات جارية مع حماس من أجل وقف إطلاق نار ممتد، وكان مستعدا للموافقة على تسوية، وقد أرسل مبعوثا لنقل موقف إسرائيل الجديد إلى الوسطاء المصريين، وفي اجتماع في نيسان/أبريل 2024 بوزارة الدفاع في تل أبيب، كان عليه إقناع حكومته بالموافقة.

وأضاف التحقيق أن نتنياهو أبقى الخطة خارج جدول أعمال الاجتماع المكتوب، وكانت الفكرة هي الكشف عنها فجأة، مما يمنع الوزراء المعارضين من تنسيق ردهم.

وكشف التحقيق أن الاقتراح المطروح كان يهدف إلى وقف حرب غزة لستة أسابيع على الأقل، وأن يتيح فرصةً للتفاوض مع حماس بشأن هدنة دائمة، وكان من الممكن إطلاق سراح أكثر من 30 أسيرا لدى حماس خلال أسابيع. وإطلاق سراح المزيد حال امددت الهدنة.

وأشار التحقيق أنه كان من الممكن أن يتوقف دمار غزة، حيث كان نحو مليوني شخص يحاولون النجاة من الهجمات اليومية، وكان إنهاء الحرب سيزيد من فرص التوصل إلى اتفاق سلام تاريخي مع السعودية، أقوى دولة في العالم العربي.


وتابع التحقيق أن القيادة السعودية أبدت سرا استعدادها لتسريع محادثات السلام مع إسرائيل، شريطة توقف الحرب في غزة، كان من شأن تطبيع العلاقات بين الحكومتين السعودية والإسرائيلية، وهو إنجاز استعصى على كل زعيم إسرائيلي منذ تأسيس دولة الاحتلال عام 1948، أن يضمن مكانة إسرائيل في المنطقة، ويضمن إرث نتنياهو على المدى الطويل.

وأردف التحقيق أنه في المقابل فالهدنة كانت ستأني بثمن باهظ على نتنياهو، وهو انهيار ائتلافه المتطرف الذي يطالب بإدامة الحرب حتى يتم احتلال غزة وإعادة الاستيطان، وهدد هذا الائتلاف بإسقاط الحكومة، مما يعني انتخابات جديدة لا يضمن نتنياهو الفوز بها، إلى جانب اتهامات الفساد التي تلاحقه.

وأضاف التحقيق أنه رغم استعداد نتنياهو للمضي في الهدنة إلا أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش قاطع الجلسة قائلا: "أريدك أن تعلم أنه إذا طُرح اتفاق استسلام كهذا، فلن يكون لديك حكومة"، "لقد انتهت الحكومة"، وفي تلك اللحظة، اضطر رئيس الوزراء للاختيار بين فرصة الهدنة وبقائه السياسي، فاختار نتنياهو البقاء، ووعد سموتريتش بأنه لا توجد خطة لوقف إطلاق النار، ومع تقدم نقاش مجلس الوزراء، انحنى نتنياهو بهدوء على مستشاريه الأمنيين وهمس بما بدا جليا لهم حينها: "لا تعرضوا الخطة".

ومن ناحية أخري أكد التحقيق أنه رغم ما حققه نتنياهو في حرب الـ 12 يوما ضد إيران، إلا أن ما ينتظر نتنياهو في أعقاب هذا هو قرار مصيريٌ أكثر بشأن حرب غزة، ولقد سوى الصراع معظم الأراضي بالأرض وأسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 55,000 شخصا، بالإضافة إلى العديد من المدنيين، منهم ما يقرب من 10,000 طفلا دون سن الحادية عشرة.

وقال معدوا التحقيق أنه حتى وإن نجحت المفاوضات أخيرا في إيقاف الغارات الإسرائيلية خلال الأيام المقبلة، فإنها بالفعل أطول حرب شديدة الشدة في تاريخ إسرائيل - أطول من الحروب التي أحاطت بتأسيسها عام 1948، وأطول من حرب يوم الغفران التي دافعت عن حدودها عام 1973، وأطول بكثير، بالطبع، من حرب الأيام الستة بين العرب وإسرائيل عام 1967.


وتابع التحقيق أنه مع استمرار الحرب تراجع التعاطف الدولي مع الاحتلال الإسرائيل حيث تواجه إسرائيل اتهامات إبادة جماعية في غزة أمام محكمة العدل الدولية، وفي أمريكا أدى فشل الرئيس جو بايدن في إنهاء الحرب إلى انقسام الحزب الديمقراطي، وساهم في إثارة الاضطرابات التي أعادت الرئيس ترامب إلى السلطة، أما في إسرائيل، فاقمت الحرب المطولة الخلافات الحادة حول أولويات البلاد، وطبيعة ديمقراطيتها، وشرعية نتنياهو كزعيم.

وتساءلت الصحيفة: "لماذا، بعد مرور ما يقرب من عامين لم تصل الحرب إلى نهاية حاسمة بعد؟ لماذا رفضت إسرائيل مرارا فرص خفض التصعيد، وبدلا من ذلك وسعت طموحاتها العسكرية إلى لبنان وسوريا والآن إلى إيران؟ لماذا استمرت الحرب، حتى مع استهداف قيادة حماس ودعوة المزيد من الإسرائيليين إلى وقف إطلاق النار؟" ومع أن الكثير من الإسرائيليين يتهمون حماس بأنها أطالت الحرب ورفضت الاستسلام، لكن يعتقد الكثيرون بشكل متزايد أن إسرائيل كان بإمكانها إبرام صفقة مبكرة لإنهاء الحرب، ويتهمون نتنياهو، الذي يتمتع بالسلطة المطلقة على الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، بمنع التوصل إلى تلك الصفقة.

ولفهم دور نتنياهو في إطالة أمد الحرب، تحدثت الصحيفة مع أكثر من 110 مسؤولا في إسرائيل والولايات المتحدة والعالم العربي، وقد التقى جميع هؤلاء المسؤولين، من مؤيدين ومنتقدين، برئيس الوزراء أو راقبوه أو عملوا معه منذ بداية الحرب، كما راجعت الصحيفة عشرات الوثائق، بما في ذلك محاضر اجتماعات الحكومة، والاتصالات بين المسؤولي وسجلات المفاوضات وخطط الحرب وتقييمات الاستخبارات وبروتوكولات حماس السرية ووثائق المحاكم، وللأسباب الواضحة، فقد أطال نتنياهو الحرب خدمة لمصلحته السياسية الشخصية.

وأضاف الصحيفة أنه سواء اعتقدوا ذلك أم لا، فقد اتفق كل من تحدثت إليهم على أمر واحد: إن امتداد الحرب وتوسعها كانا في صالح نتنياهو، وعندما بدأت الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بدا أنها ستنهي مسيرة نتنياهو السياسية، وكان التوقع العام أن الحرب ستهدأ في أوائل عام 2024، وأن ائتلاف نتنياهو سينهار، وسيحاسب قريبا على الفشل الأمني الذريع.

وأشارت الصحفية إلى أن نتنياهو استغل الحرب لتحسين حظوظه السياسية، في البداية لمجرد البقاء، ثم لتحقيق النصر بشروطه الخاصة، بعد ما يقرب من عامين، لا يزال يواجه اتهامات خطيرة بالفساد، لكن لديه فرصة جيدة لحكم إسرائيل حتى الانتخابات العامة المقرر إجراؤها بحلول تشرين الأول/أكتوبر 2026، عندما سيكون عمره 77 عاما - ومن المرجح أن يفوز بها.

ومهما كانت دوافع نتنياهو الأخرى غير البقاء في السلطة إلا أن تحليل الصحيفة قاد إلى ثلاثة استنتاجات حتمية، ففي السنوات التي سبقت الحرب، ساهم نهج نتنياهو تجاه حماس في تقوية الحركة، مما أتاح لها المجال للاستعداد سرا للحرب. في الأشهر التي سبقت تلك الحرب، أدى سعي نتنياهو لتقويض القضاء الإسرائيلي إلى تعميق الانقسامات العميقة أصلا داخل المجتمع الإسرائيلي وإضعاف جيشه، مما جعل إسرائيل تبدو ضعيفة وشجع حماس على الاستعداد لهجومها.


وتابع التحقيق أنه بمجرد بدء الحرب، غلبت على قرارات نتنياهو أحيانا الحاجة السياسية والشخصية بدلًا من الضرورة العسكرية أو الوطنية فحسب، وكشف تحقيق الصحيفة أن قرارات نتنياهو أثناء الحرب، أمد القتال في غزة أكثر مما رأته القيادة العسكرية الإسرائيلية العليا ضروريا.

وأكد التحقيقي أن ذلك يعود جزئيا إلى رفض نتنياهو، قبل سنوات من 7 تشرين الأول/أكتوبر، الاستقالة عند اتهامه بالفساد، وهو قرار أفقده دعم المعتدلين في إسرائيل، بل وحتى بعض اليمين الإسرائيلي، وفي السنوات التي تلت محاكمته التي لا تزال جارية، والتي بدأت عام 2020، بنى نتنياهو أغلبية هشة في البرلمان الإسرائيلي من خلال تحالفاته مع أحزاب اليمين المتطرف.

وكشف التحقيق أن ذلك أبقاه في السلطة، لكنه ربط مصيره بمواقفها المتطرفة، سواء قبل الحرب أو بعدها، وقد أبطأ نتنياهو، وتحت ضغوط من حلفائه في الائتلاف، مفاوضات وقف إطلاق النار في لحظات حاسمة، مضيعا نوافذ كانت حماس أقل معارضة فيها للاتفاق، لقد تجنب التخطيط لانتقال السلطة بعد الحرب، مما جعل من الصعب توجيه الحرب نحو نهاية اللعبة، ولقد واصل الحرب في نيسان/ أبريل وتموز/يوليو 2024، حتى عندما أخبره كبار الجنرالات أنه لا توجد ميزة عسكرية أخرى للاستمرار.
وقال كاتبوا التحقيق أنه عندما بدا أن الزخم نحو وقف إطلاق النار ينمو، نسب نتنياهو أهمية مفاجئة إلى الأهداف العسكرية التي بدا في السابق أقل اهتماما بالسعي إليها، مثل الاستيلاء على مدينة رفح الجنوبية واحتلال الحدود بين غزة ومصر لاحقا، وعندما تم التوصل أخيرا إلى وقف إطلاق نار ممتد في كانون الثاني/يناير، انتهك الهدنة في آذار/مارس جزئيا للحفاظ على سلامة ائتلافه.

وتابع التحقيق أن ثمن التأخير كان باهظا: فمع مرور كل أسبوع كان التأخير يعني موت مئات الفلسطينيين ورعب آلاف آخرين، كما أدى إلى وفاة ثمانية أسرى آخرين على الأقل في الأسر، مما عمق الانقسامات في إسرائيل بين من سعوا إلى صفقة لإطلاق سراح الأسرى قبل كل شيء، ومن اعتقدوا أن الحرب يجب أن تستمر حتى تدمير حماس.

وقد أدى ذلك إلى تأخير الصفقة السعودية، وشوه صورة إسرائيل في الخارج، ودفع المدعين العامين في المحكمة الجنائية الدولية إلى المطالبة باعتقال نتنياهو، لكن بالنسبة لنتنياهو، كانت المكافآت الفورية مهمة، فقد عزز سيطرة على الدولة الإسرائيلية أكثر من أي وقت مضى خلال فترة ولايته التي استمرت 18 عاما كرئيس للوزراء، ونجح في منع تحقيق حكومي كان من شأنه أن ينظر في مسؤوليته، قائلاً إن التداعيات يجب أن تنتظر حتى تنتهي حرب غزة، حتى مع إقالة أو استقالة وزير الدفاع ورئيس الأركان ورئيس جهاز المخابرات الداخلية وعدد من كبار الجنرالات.

وبحسب التحقيق وبينما يحضر المحكمة ثلاث مرات أسبوعيا لمحاكمته بتهم الفساد، تتجه حكومته الآن لإقالة النائب العام التي تشرف على هذه المحاكمة كما عزز استمرار الحرب ائتلافه، ومنحه الوقت للتخطيط لهجومه على إيران وتنفيذه. والأهم من ذلك، كما يشير حتى أقوى مؤيديه، أنه أبقاه في منصبه. يقول سروليك إينهورن، الخبير الاستراتيجي السياسي وأحد أفراد الدائرة المقربة من نتنياهو: "حقق نتنياهو عودة سياسية لم يظن أحد، ولا حتى أقرب حلفائه، أنها ممكنة".

وكشف التحقيق أن قيادة نتنياهو أعادت، خلال حرب مطولة مع حماس وهجوم جريء على إيران، رسم الخريطة السياسية، وهو الآن في وضع قوي للفوز بالانتخابات مجددا، وأشارت الصحيفة إلى تقارير أمنية عن المخاطر التي تواجه إسرائيل قبل هجمات 2023، وهي تعود إلى تموز/يوليو من ذلك العام.

وعندما شعر هرتسي هاليفي، القائد العام للجيش الإسرائيلي، بالكارثة، حاول التواصل مع نتنياهو، في محاولة لم تعلن عنها سابقا لحث رئيس الوزراء على قراءة نتائج التقرير الأمني. وكان هاليفي ومسؤولون كبار آخرون، بمن فيهم وزير الدفاع، قد قدموا نتائج مماثلة لنتنياهو في الأشهر والأسابيع السابقة، دون جدوى.

ومن ناحية أخرى كشف التحقيق أن نتنياهو علم بهجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر لأول مرة في ذلك الصباح الساعة 6:29 صباحا، عندما أيقظته مكالمة واتساب من جيل، كبير مستشاريه العسكريين وكانت محادثة قصيرة، وبينما دوّت صفارات الإنذار في الخلفية، أخبر جيل نتنياهو أن حماس شنت للتو هجوما، وطلب من رئيس الوزراء أن يهز نفسه ويستيقظ، ووعده بمعاودة الاتصال بعد بضع دقائق - هذه المرة من هاتف نتنياهو المشفر.

وأضاف أنه بعد دقائق من بدء الحرب، كانت هذه أول إشارة إلى كيفية سعي نتنياهو لإطالة أمد بقائه السياسي، كان رؤساء الأجهزة الأمنية قد وجهوا له تحذيرا استراتيجيا للحرب، لكن نتنياهو حرص على التأكيد في هذه المكالمة المسجلة على أنها لا تتعلق تحديدًا بغزو مباشر من غزة، ولاحقًا في الحرب، اشتكى نتنياهو علنا من أنه استيقظ متأخرا جدا، وأنه لو كان قد تم تنبيهه في وقت أبكر، لكانت الكارثة قد تفادت.


والحقيقة هي أنه بمجرد استيقاظه، لم يكن له تأثير يذكر في ذلك الصباح على رد الفعل الأولي لإسرائيل. أدار غالانت، وزير الدفاع، وهاليفي، قائد الجيش، ترتيب المعركة الفوري على بعد عدة طوابق تحت مقر القيادة العسكرية في تل أبيب، في مركز قيادة تحت الأرض يُعرف باسم "الحفرة" والتي زارها نتنياهو بشكل وجيز في الساعة 10:00 صباحا. وكان أول قرار مهم لنتنياهو كهو إصدار أمر للجنرالات بقصف غزة بمستوى جديد من القوة.

وتقول الصحيفة إن من بين أسباب تردد الحكومة في الرد هي أن وزراء الحكومة أمضوا تسعة أشهر وهم يتجاهلون التهديدات الخارجية سعيا وراء أهداف داخلية مثيرة للجدل، واجه بعض الوزراء رعب اللحظة الراهنة حتى مع بروز عواقبها السياسية.

وجلس ياريف ليفين، وزير العدل ومهندس الإصلاح القضائي، على الدرج يبكي، وفقاً لشاهدين. فيما لخص سموتريتش الوضع قائلاً: "خلال 48 ساعة، سيطالبوننا بالاستقالة بسبب هذه الفوضى، وسيكونون على حق". وحتى في أسوأ أيامه السياسية، كان نتنياهو يرسم طريقه نحو البقاء السياسي، خلال الأيام الفوضوية التالية، صد الجيش هجوم حماس، وتعامل مع من تبقى من عناصرها، وبدأ التخطيط لغزو غزة. 

وفي الخلفية بدأ نتنياهو يخطط لضم حلفاء جدد من المعارضة، مثل بيني غانتس. خلال الأشهر الأولى من الحرب، كان بقاء نتنياهو مرهونا بتحقيق توازن شبه مستحيل، كان عليه أن يفعل ما يكفي لتهدئة بايدن، الذي كان دعمه الدبلوماسي ومساعدته العسكرية أساسيين لإطالة أمد المجهود الحربي الإسرائيلي، مع عدم بذل جهد يذكر لعزل اليمين المتطرف، الذي اعتمد عليه نتنياهو في مسيرته السياسية.

اتضح تحدي إرضاء الطرفين بعد منتصف ليل 17 تشرين الأول/اكتوبر، أي بعد عشرة أيام من الهجوم. في الطابق الرابع تحت مقر القيادة العسكرية في تل أبيب، كان نتنياهو عاجزا عن الاختيار بين رغبات وفد أمريكي، جالسا في غرفة تحت الأرض، ورغبات وزراء حكومته، الجالسين في غرفة أخرى قريبة.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تريد اتفاقا يحقق لها النصر والمقاومة ترد بالاستنزاف
  • عائلات المحتجزين الإسرائيليين تتهم نتنياهو: لا يريد إنهاء الحرب
  • نتنياهو وكاتس.. شروط على المقاس
  • كيف أطال نتنياهو بقاءه السياسي عبر المماطلة في إنهاء العدوان على غزة؟
  • مسؤولون إسرائيليون: نتنياهو أطال الحرب بغزة رغم إبلاغه من الجنرالات عدم جدواها
  • هآرتس: لم يعد وراء الحرب أي تفسير سوى غريزة بقاء مفرطة
  • نتنياهو ينهي زيارته لواشنطن وهكذا وصفها الإعلام العبري
  • الإعلام العبري: إسرائيل توافق على الانسحاب من محور موراج
  • نتنياهو يعود إلى إسرائيل دون إعلان اتفاق لوقف النار.. وغزة على صفيح المفاوضات الساخن
  • نتنياهو: إسرائيل ستدخل في مفاوضات وقف إطلاق نار دائم خلال هدنة الـ60 يومًا