ألمانيا – أكد محققون ألمان إنهم صادروا أوراقا نقدية مزيفة بالدولار تبلغ قيمتها الإسمية أكثر من 103 ملايين دولار، والتي جاءت على ما يبدو من تركيا وتم تخزينها قبل نقلها إلى الولايات المتحدة.

وأفاد مكتب الشرطة الجنائية في شليسفيغ هولشتاين، أقصى شمال ألمانيا، بأن الضباط عثروا على 75 كرتونة من الدولارات المزورة أثناء عمليات تفتيش شقة وعناوين شركتين، بعد أن قادتهم معلومات من السلطات الأمريكية إلى شركات يديرها رجل يشتبه في أنه صدر أموالا مزورة للولايات المتحدة في الماضي.

وقالت الشرطة في بيان إن الأوراق النقدية، المعروفة باسم “نقود الأفلام”، يمكن التعرف عليها على أنها مزيفة عند فحصها عن كثب، لكن البنك المركزي الألماني والسلطات الأمريكية يعتقدان أنه من الممكن الخلط بينها وبين الأموال الحقيقية في التداول خلال الحياة اليومية.

ويعتقد المحققون الألمان أن الأوراق النقدية المزيفة جاءت من تاجر جملة من تركيا، وكان المشتبه به (التاجر) يستخدم إحدى شركات التصدير التابعة له في جوبيك، بالقرب من الحدود الدنماركية، للتخزين المؤقت قبل الشحن إلى الولايات المتحدة.

ويبلغ عمر المشتبه به 42 عاما، وهو مواطن تركي ولم يتم القبض عليه، ولكنه يواجه تحقيقا بموجب قانون مكافحة التزوير الألماني.

المصدر: أ ب

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

إقرأ أيضاً:

هل تشهد الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية أفولًا؟

 

 

 

سالم بن حمد الحجري **

 

لم تكن حرب غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر 2023 مجرد جولة عنف أخرى في الصراع العربي الإسرائيلي الطويل؛ بل كانت زلزالًا جيوسياسيًا هزَّ أركان النظام الدولي الذي هيمنت عليه الثنائية الأمريكية- الإسرائيلية لعقود.

وقد فجّرَت فداحة الضرر الإنساني، ووضوح سياسة العقاب الجماعي، واستمرار العدوان رغم قرارات الأمم المتحدة، أسئلةً وجوديةً حول شرعية هذه الهيمنة ومدى قدرتها على الصمود في وجه تحولات الرأي العام العالمي وصعود قوى دولية جديدة. فهل يمكننا الجزم بأنَّ حرب غزة أنهت عهد الهيمنة الأمريكية-الإسرائيلية على المشهد الدولي؟ الإجابة ليست بـ"نعم" أو "لا" قطعية؛ بل هي عملية تحول تاريخي بدأت معالمها تتشكل بوضوح.

ولفهم عُمق التحول، يجب أولًا استعراض طبيعة هذه الهيمنة التي بُنيت على عدة ركائز:

1. الهيمنة الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية: حيث كانت الولايات المتحدة، باستخدام حق النقض "فيتو" في مجلس الأمن، الدرع الواقي الذي يحمي إسرائيل من أي مساءلة أو عقوبات دولية فعلية. وجعلت الدبلوماسية الأمريكية القضية الفلسطينية قضية "مساعدة إنسانية" بدلًا من قضية سياسية تتعلق بإنهاء الاحتلال.

2. هيمنة "اللوبي" والسردية الإعلامية: سيطر تحالف المصالح بين اليمين المحافظ الأمريكي واللوبي الإسرائيلي (وعلى رأسه آيباك AIPAC) على صنع القرار في واشنطن، بينما روّجت وسائل الإعلام الغربية الرئيسية- لسنوات- للسردية الإسرائيلية التي تقدم إسرائيل كـ"ديمقراطية" تواجه "إرهابًا"، مع تغييب شبه كامل للسياق التاريخي للاحتلال ومعاناة الشعب الفلسطيني.

لكن جاءت حرب غزة لتُعرِّي تناقضات هذه الهيمنة وتسارع في تفكيكها من خلال عدة عوامل:

1. ثورة المعلومات والفضاء الرقمي: إذ فشلت الآلة الإعلامية التقليدية في احتواء السردية هذه المرة. وعبر منصات التواصل الاجتماعي، شاهد العالم بأسره، وعلى الهواء مباشرة، صور الدمار والمذابح في غزة. ولم يعد الأمر مجرد تصريحات سياسية؛ بل أصبحت هناك مقاطع حية مصورة للقصف، وصور للأطفال الضحايا، وشهادات للأطباء. هذا التدفق غير المسبوق للمعلومات كسر حاجز التعتيم الإعلامي وأجبر وسائل الإعلام التقليدية على تعديل خطابها، ولو جزئيًا.

2. الصدى العالمي غير المسبوق: خرجت عشرات الآلاف من المظاهرات في عواصم العالم الغربي والشرقي، من لندن وباريس إلى واشنطن ونيويورك، حاملةً علم فلسطين. هذا الحراك الشعبي العارم، الذي امتد إلى الجامعات والنخب الثقافية، وضع الحكومات الغربية في موقف دفاعي لأوَّل مرة، مُظهرًا الفجوة الواسعة بين مواقف النخب الحاكمة والرأي العام.

3. تغير مواقف الدول: من التضامن الرمزي إلى الخطوات العملية، وهنا يكمن جوهر التحول؛ إذ لم يعد الأمر يقتصر على إدانات روتينية، وانقسم إلى:

** دول الجنوب العالمي: قادت دول مثل جنوب إفريقيا (التي رفعت دعوى قضائية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية)، والبرازيل، وكولومبيا، موقفًا مناهضًا بوضوح للهيمنة الأمريكية، مطالبين بوقف فوري لإطلاق النار وفرض عقوبات. وقد صرح الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو بضرورة تغيير نظام التصويت بمجلس الأمن؛ لأنه "لا يُمكن لدولة واحدة أن تفرض رأيها على العالم".

** الدول الأوروبية: شهد الموقف الأوروبي انقسامات حادة. بينما ظلت ألمانيا وبعض الدول موالية للموقف الأمريكي التقليدي، شهدنا تحولًا في دول مثل إسبانيا، وأيرلندا، والنرويج التي اعترفت رسميًا بدولة فلسطين، في خطوة هي بمثابة صفعة للدبلوماسية الأمريكية والإسرائيلية. هذه الخطوات لم تعد "تضامنًا" فحسب؛ بل هي إعادة تعريف للشرعية الدولية.

** اجتماع الأمم المتحدة والاعتراف بدولة فلسطين: قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في مايو 2024، الذي منح فلسطين حقوقًا إضافية ودفع بأوروبا للتفكير جديًا في الاعتراف، كان مؤشرًا واضحًا على أن الأغلبية الساحقة من دول العالم (143 دولة صوتت لصالح القرار) لم تعد تقبل بالهيمنة الأمريكية. والاعتراف المتسارع بدولة فلسطين في اجتماع الجمعية العامة الأخير الذي عقد في سبتمبر 2025 وتجاوز عدد الدول المعترفة بفلسطين 150 دولة حتى الآن، هو تجسيد لإرادة دولية تسعى لتحقيق توازن جديد، يقوم على القانون الدولي وليس على الهيمنة الأحادية.

ورغم كل هذه المؤشرات القوية، من السابق لأوانه إعلان نهاية الهيمنة الأمريكية-الإسرائيلية، وذلك للأسباب التالية:

1- القوة الأمريكية لا تزال هائلة: الولايات المتحدة لا تزال المُموِّل والعاضد العسكري الرئيسي لإسرائيل. ودون ضغط أمريكي حقيقي، من الصعب إجبار إسرائيل على التغيير. التغيير داخل المؤسسة الأمريكية لا يزال بطيئًا ومحكومًا بمعادلات السياسة الداخلية.

2. اللوبي لا يزال قويًا: رغم تراجع تأثيره النسبي، لا يزال اللوبي المؤيد لإسرائيل يمتلك قدرة هائلة على التمويل والتأثير في الانتخابات الأمريكية، مما يحد من قدرة أي رئيس على تبني سياسة متوازنة حقًا.

3. فجوة بين القول والفعل: الاعتراف بدولة فلسطين خطوة دبلوماسية بالغة الأهمية، لكنها لم تترافق بعد مع آليات فعلية لإنهاء الاحتلال وتمكين هذه الدولة على الأرض. النظام الدولي يعاني من أزمة في "الانتقال من التصويت إلى التنفيذ".

الخلاصة.. إنَّ أفول الهيمنة وولادة نظام دولي جديد متعدد الأقطاب- واقعيًا- لن تنهي الهيمنة الأمريكية- الإسرائيلية بين عشية وضحاها، لكنَّ حرب غزة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير. لقد كشفت الحرب عن أفول الشرعية الأخلاقية والسياسية لتلك الهيمنة؛ فالعالم لم يعد يقبل بأن تكون القيم التي يتبناها الغرب- كحقوق الإنسان وحق تقرير المصير- قابلة للتطبيق بشكل انتقائي.

وما نشهده الآن هو عملية تاريخية لتفكُّك النظام الأحادي القطبية وولادة نظام دولي أكثر تعددية؛ حيث ترفض دول الجنوب العالمي- وحتى حلفاء تقليديون للولايات المتحدة- أن تُفرض عليهم أولويات لا تتوافق مع القانون الدولي والضمير الإنساني.

حرب غزة لم تكن نهاية المطاف؛ بل إنها بداية النهاية لعهد الهيمنة غير المقيدة، وأصبحت القضية الفلسطينية محكًا أساسيًا لشرعية أي قوة تُريد قيادة العالم الجديد. المستقبل سيكون لمنطق القانون الدولي والتعددية، وليس لمنطق القوة العمياء والاستثناء من المحاسبة.

** محلل سياسي

مقالات مشابهة

  • شركات إماراتية تعزز مستقبل الاستدامة في “المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة”
  • رسو المدمّرة الأمريكية “USS ROOSEVELT” بميناء الجزائر لتعزيز التعاون البحري الثنائي
  • تفاصيل مخطط تحالف “العيون الخمس” الجديد في الشرق الأوسط ودور 6 دول عربية في إبادة غزة ومواجهة اليمن
  • هل تشهد الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية أفولًا؟
  • العراق الاخضر:تركيا جعلت العراق”شحاذاً للماء” بسبب ضغف السوداني وحكومته
  • شركات التجزئة الأمريكية تحذف ملايين المنتجات الإلكترونية الصينية من مواقعها
  • تركيا:ندرك حجم شحة المياه في العراق و”نحاول” تخفيفها!
  • شركات التكنولوجيا الأمريكية تخسر 770 مليار دولار بعد تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية على الصين
  • الأمم المتحدة تحذر: نحو 4 ملايين نازح بمنطقة الساحل
  • كيم جونغ أون يتعهد بتحويل كوريا الشمالية لأفضل “جنة اشتراكية”