قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الدعوة لفكرة الحاكمية ما زالت موجودة بأسماء أخرى، مثل الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية على اعتبار أنها غائبة في المجتمع بعد الخلافة الراشدة بحسب زعم الجماعات الإرهابية، مشيرًا إلى أنَّ هذا كله كلام ملتبس وغير واقعي.

جاء ذلك خلال الجزء الثاني من لقائه في برنامج "الضفة الأخرى" مع الإعلامية داليا عبد الرحيم على فضائية القاهرة الإخبارية، والذي واصل فيه تفنيده للمفاهيم المتطرفة مضيفًا أن مفهوم الحاكمية بالمعنى الذي ذكره سيد قطب بأنَّ كلَّ من لم يطبِّق فكرة الحاكمية يكون كافرًا هي مسألة غير مطروحة تمامًا في الفكر الإسلامي والشريعة الإسلامية، حيث إن كل ما استند إليه سيد قطب في رأيه لترسيخ فكرة "الحاكمية" في غير موضعه، وإخراج الناس من دائرة الإيمان إلى دائرة الكفر بتأويل غير مبرر وفاسد لم يقل به أحد من علماء الأمة السابقين.

واستعرض فضيلته جهود دار الإفتاء المصرية في تصحيح المفاهيم المغلوطة قائلًا: بعد سقوط الإخوان ومع بداية ظهور تنظيم داعش الإرهابي الذي أرهب العالم وأجبر الناس على الهجرة من أماكنهم، استشعرنا هذا الخطر على الأمة فأنشأنا في 2014 مرصد "الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة"، وسار هذا المرصد على نهج الصحابي ابن عباس رضي الله عنهما في جداله وحواره مع الخوارج بالحجج والبراهين، وهو مرصد يعمل على مدار الساعة من خلال محاور ثلاثة؛ الأول: عملية رصدية لما يصدر من فتاوى تكفيرية وآراء متشددة، والثاني: تحليل هذا المرصود من خلال وحدة التحليل الموجودة في دار الإفتاء المصرية، والأمر الثالث: إصدار تقرير عن عملية الرصد، مشيرًا إلى أن المرصد أصدر أكثر من 1000 تقرير كلها تعكس الخبرة التي اكتسبناها من خلال تحليل الأحداث والفتاوى حتى تطورت الفكرة بإنشاء مركز سلام.

وأوضح فضيلة المفتي أن المنهجية العلمية لا تتوافر في المجموعات الإرهابية وأصحاب الفكر المتطرف، وهو ما رصدناه من خلال فتاوى وإصدارات هذه الجماعات، ورأينا أنها غائبة تمامًا عن هؤلاء، فليس لديهم تثبت، ولا إدراك للواقع ولا لمآلات ما يصدرونه من فتاوى.

وشدد فضيلته على أن المصطلحات التي يرددها المتطرفون والإرهابيون تحتاج إلى تبصر لا إلى غوغائية، فهم يقولون حاكمية، وكأن الأمة قد غابت بالفعل عن الشريعة وتحتاج إلى العودة، بل الشريعة موجودة، والحكم بالتطبيق الشرعي القضائي موجود، وقضاؤنا المصري بتاريخه وتجربته العميقة ضمانة أساسية لتطبيق الحكم القضائي على نحو صحيح.

وأكد فضيلة المفتي أن مصطلح الجهاد الحقيقي تمَّت سرقتُه على يد الجماعات الإرهابية بإساءة فهمه واستخدامه، مشيرًا إلى أن قرار الحرب بِيَدِ الدولة وبإجماع الأمة، فالقتال لا بدَّ أن يكون تحت راية الدولة والجهات المختصة، ولا يمكن أن يكون بيدِ أي أفراد أو مجموعات إرهابية مهما بلغ عددها.

وقال فضيلة مفتي الجمهورية إن المجموعات الإرهابية لها أجندة خاصة لا يمكن أن تسير إلا من خلال تسويق لأفكار مغلوطة في جملتها، حيث قاموا بِلَيِّ عنق النصوص الشرعية واختطفوها لصالح مشروعهم، حيث إن هؤلاء الإرهابيين انطلقوا من قاعدة الحاكمية أولًا، والتي فهموها من بعض الآيات القرآنية كقوله تعالى: «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ» و« ... فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» و« ... فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ» إلى أن الحق عندهم فقط، وأن مَن عداهم هو الباطل، وبناءً على ذلك كفَّروا المجتمع العالمي بأسره، وانطلقوا يعيثون في الأرض فسادًا، وانطلاقًا أيضًا من فهمهم السقيم لحديث "أُمرت أن أقاتل الناس" بحيث لا تعصم الدماء، بل يظل الأمر بالقتال في نظرهم مستمرًّا والتدمير مستمرًّا".

وأضاف أن دار الإفتاء المصرية تتبعت في كتابها "التأسلم السياسي" قضية هذه المجموعات المتطرفة وأفكارها، وتوصلت إلى أن هذه المجموعات استغلَّت الدين من أجل تحقيق أجندتها تحت غطاء ديني، بل هدفت لعسكرة المشهد الدعوي باستخدام العنف وتسييس الدين، ووجدنا أنها فشلت على مرِّ التاريخ وفي كل زمان ومكان، ولم نجد نجاحًا للتأسلم السياسي.

وأكَّد فضيلته أنَّ من منهج الإخوان وغيرهم من الجماعات الإرهابية الاستعلاء على الناس واحتكار الحق، فهو منهج يُؤدي إلى الفرقة وخلق أزمات في المجتمع، ومن ثم الاستعلاء الذي يُعد أحد الركائز الأساسية في فكر جماعة الإخوان الإرهابية من خلال احتكار الإيمان ودعوة المجتمع إلى انتهاج فكرهم.

وأضاف فضيلته: نحن في دار الإفتاء في جهاد شريف بسلاح فتَّاك هو القلم والفكر كجهاد الجندي في الميدان بسلاحه؛ كل منَّا يتعاون مع الآخر لمواجهة الإرهاب والتطرف.

وذكر فضيلة المفتي أنَّ الدليل المرجعي لمواجهة التطرف ومكافحته، الذي وضعته دار الإفتاء المصرية، يقع من حيث الوصف في أكثر من ألف صفحة، وقد استغرق إعداده سنوات، وتحديدًا منذ عام 2014 التي درسنا فيها الحالة الداعشية، فضلًا عن الواقع المصري الذي أعقب حكم الإخوان، حيث أخذت الجماعة تعيث في الأرض فسادًا وَفق أفكارهم الضالة، لذلك كان لا بدَّ من وضع تصور يشمل كل ما يخص قضايا التطرف، مؤكدًا أن هناك صلات متشابكة بين التنظيمات المتطرفة وجميع أفكار كتبهم نلحظ من خلالها وجود هذا الرابط القوي.

وأشار فضيلته إلى أن قضية التنوع هي قضية حتمية في الوجود؛ ولذلك فالإسلام لما جاء تعامل مع هذا الواقع الذي فيه المسلم وغير المسلم والثقافات المتعددة. كما أن مجتمع المدينة المنورة كان فيه التعددية، ومع ذلك لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في خطابه يومًا مُقصيًا غير المسلمين، بل وضع وثيقة المدينة التي احتوت الجميع واعترفت بأنهم جميعًا أبناء هذا الوطن، فالإسلام لا يعرف قضية التفريق.

واختتم فضيلة المفتي حواره بالتأكيد على أن فكرة المواطنة مأخوذة من وثيقة المدينة، ولها جذور راسخة في المجتمع المصري منذ ظهور الإسلام، فأصبحت هي المهيمنة على سلوك المجتمع المصري حتى يومنا هذا، وفي هذه الوثيقة جوانب عظيمة تناولتها الكثير من الدراسات الحديثة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء المصریة فضیلة المفتی من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

الثانوية العامة 2024.. تداول أسئلة وإجابات امتحان الدين على جروبات الغش

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تداولت جروبات الغش على موقع التواصل الاجتماعي تليجرام، منذ قليل، نماذج زعم مروجيها أنها لأسئلة وإجابات امتحان مادة التربية الدينية والذي يؤديه طلاب الثانوية العام 2024، منذ التاسعة صباح اليوم.

وتتابع غرفة عمليات وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، ما تم تداوله والتأكد من صحته لاتخاذ الإجراءات القانونية 

ويؤدي الطلاب امتحان مادة التربية الدينية ضمن امتحانات المواد غير المضافة للمجموع لطلاب الثانوية العامة 2024 "دور أول".

ويؤدي طلاب الثانوية العامة 2024 شعبة عامة، وكذا طلاب مدارس المتفوقين مادة التربية الدينية، في الفترة الأولى، لمدة ساعة ونصف الساعة، كما يواجه الطلاب في الفترة الثانية امتحان التربية الوطنية، لمدة ساعة ونصف الساعة.

وامتحانات الثانوية العامة بنظام الأسئلة الموضوعية اختيار من متعدد، عدد الأسئلة 25 سؤالا، بإجمالي درجات 25 درجة.

في سياق متصل يؤدي الطلاب المكفوفون بالثانوية العامة امتحان مادة التربية الدينية ضمن امتحانات المواد غير المضافة للمجموع، ولمدة ساعتين ونصف الساعة.

ويصل عدد طلاب الثانوية العامة 2024، هذا العام 745086 طالبًا.

ويصل عدد لجان النظام والمراقبة الموزع عليها طلاب الثانوية العامة على مستوى الجمهورية 11 لجنة، ويبلغ عدد لجان الإدارة على مستوى الجمهورية 4 لجان، وعدد لجان سير الامتحان على مستوى الجمهورية 1981 لجنة، وعدد لجان التقدير على مستوى الجمهورية 7 لجان، كما يبلغ عدد مراكز توزيع الأسئلة على مستوى الجمهورية 84 مركزًا، وعدد الطلاب المتقدمين لأداء الامتحان داخل السجون على مستوى الجمهورية 81 طالبًا، ويبلغ عدد الطلاب المتقدمين لأداء الامتحان من مستشفي 57357 ومعاهد الأورام على مستوى الجمهورية 38 طالبًا، وعدد الطلاب  المكفوفين المتقدمين لأداء الامتحان 255 طالبًا، ويبلغ عدد طلاب الدمج التعليمي المتقدمين لأداء الامتحان 3306 طالبًا، ويبلغ عدد طلاب مدارس المتفوقين فى العلوم والتكنولوجيا المتقدمين لأداء الامتحان 1646 طالبًا.

ويبلغ عدد طلاب الثانوية العامة الشعبة العلمية (علوم) لهذا العام يبلغ ٤٣٤ ألف و٥٧٤ طالب وطالبة، أما شعبة (الرياضيات) ١٠٢ ألف و٨٢٧ طالب وطالبة، وشعبة (الأدبى) عددهم ٢٠٧ ألف و٦٨٥ طالب وطالبة.

مقالات مشابهة

  • مجلة الجيش: الجزائر تسير نحو تحقيق الإكتفاء الذاتي
  • المفتى: الحج من العبادات التي بها مشقة والإسلام جعل مبناها التيسير
  • مفتي الجمهورية في ندوة الحج الكبرى بمكة المكرمة: التيسير في الدين ينشأ عن رسوخٍ في العلم
  • مفتي الجمهورية: التيسير في الدين ينشأ عن رسوخٍ في العلم
  • الثانوية العامة 2024.. ضبط طالب بكفر شيخ حاول الغش الإلكتروني بامتحان الدين
  • الثانوية العامة 2024.. تداول أسئلة وإجابات امتحان الدين على جروبات الغش
  • المفتي يدين بشدة مجزرة مخيم النصيرات بغزة واستمرار جرائم الإبادة الجماعية
  • مفتي الجمهورية يدين ارتكاب الكيان الصهيوني مجزرة مخيم النصيرات بغزة
  • مفتي الجمهورية يدين بشدة ارتكاب الكيان الإسرائيلي «مجزرة مخيم النصيرات» بغزة واستمرار جرائم «الإبادة الجماعية»
  • المفتي: الاحتلال يرتكب جرائم حرب وإبادة جماعية مكتملة الأركان على مرأى ومسمع من العالم