قال محمد صادق، الباحث في الشئون الدولية، إن بعض الخبراء والمهتمين بالشأن الداخلي السوداني يرون أن رئيس الوزراء السوداني السابق، عبد الله حمدوك، سيظل على مقربة من قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، وسيعمل على المماطلة وإطالة أمد الحرب؛ لحين الوصول إلى منصب رئيس الوزراء من جديد، حال تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة لإنهاء الحرب في البلاد.

وأشار محمد صادق الباحث في الشئون الدولية، في تصريحات عبر قناة «العربية الحدث»، إلى أن الحرب السودانية اقتربت من دخول عامها الثاني، دون ظهور أي بوادر لوجود حل للأزمة على المدى القريب، لافتا إلى أن الأمور ازدادت تعقيدا في الشهور الأخيرة بشكل أكبر، خاصة بعد تدخل رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك على خط مبادرات التهدئة.

وأوضح محمد صادق، أن كل هذه المؤشرات تدل على صعوبة إنهاء الصراع عن طريق المفاوضات والتسوية السياسية خلال الشهور القليلة المقبلة، وتعطي تصورا عن المصالح والأهداف الخفية التي تقودها «أجندات أجنبية»؛ لتأجيج الصراع في السودان.

تحالف «غير معلن» مع الدعم السريع

ونوه محمد صادق، بأنه بعد دخول عبد الله حمدوك على خط الصراع، كوسيط للتوصل إلى تسوية سياسية تضمن استقرار الأوضاع، والعودة إلى طريق التحول الديمقراطي؛ اتهمه البعض بأنه متحالف «بشكل غير معلن» مع محمد حمدان دقلو، ويسعى للعودة إلى السلطة من «باب الوساطة» عبدالله حمدوك وبدعم من عدة أطراف إقليمية.

السودان تصدر بيانا مهما بشأن فرنسا || تفاصيل أزمة جديدة تواجه السودان بسبب الصراع.. ماذا يحتاج البلد العربي للتخلص منها؟

وأكد محمد صادق، أن الأمور ازدادت تعقيدا بشكل أكبر مما تبدو عليه الأمور، إذ أعلنت النيابة العامة في السودان، تقييد دعاوى جنائية بنيابة مدينة بورتسودان، ضد 17 من قيادات القوى المدنية (تقدم) الداعية لوقف الحرب في البلاد، من بينهم عبدالله حمدوك، وقادة آخرين، قد تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وتطرق الباحث في الشئون الدولية، إلى أن الدعاوى التي أطلقتها النيابة العامة هي ضد قادة القوى المدنية، تتهمهم بـ«تقويض النظام الدستوري» و«ارتكاب جرائم ضد الإنسانية»، وذلك في وقت تضغط فيه «تقدم»- التي تضم قوى سياسية ومدنية وكيانات مهنية- في اتجاه وقف الحرب عبر الطرق السلمية.

ولفت محمد صادق إلى أن قوات الدعم السريع تسيطر على مساحة كبيرة من السودان تعتبر غنية بالذهب، إذ أفادت تقارير بأن «حمدوك» يسعى إلى تأميم قطاع الذهب بشكل كامل بعد عودته للسلطة، عن طريق التحالف مع «حميدتي» أو بـ«ضغط من الدول الغربية»، مشيرا إلى أن هذا الملف يضع العديد من علامات الاستفهام حول الهدف من تحركات حمدوك الأخيرة للوساطة بين الأطراف المتنازعة، والأنباء عن تحالف غير معلن مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: محمد صادق السودان الدعم السريع أجندات أجنبية محمد حمدان دقلو محمد صادق إلى أن

إقرأ أيضاً:

سقوط هجليج

لم يكن سقوط مدينة هجليج النفطية على يد قوات الدعم السريع حدثًا عابرًا يمكن طيه في دفاتر الصراع السوداني المتشابك؛ بل كان لحظة مفصلية تحمل في طياتها انهيارات نفسية وسياسية واقتصادية عميقة. فهجليج ليست مجرد مدينة حدودية، بل إحدى أخطر النقاط الاستراتيجية في السودان، موقعًا وثروةً ورمزًا. حيث تُعد هجليج الواقعة غرب ولاية كردفان السودانية واحدة من أهم مناطق الإنتاج في البلاد، إذ تضم ٧٥ حقلًا نفطيًا. كما تحتوي على المحطة الرئيسية لمعالجة نفط جنوب السودان ومحطة الضخ الأساسية. ولذلك، فإن سقوطها جاء كصدمة أعادت تشكيل المشهد الداخلي بكامله، وكشفت حجم التصدعات التي باتت تهدد ما تبقى من بنية الدولة.

أول التداعيات كان نفسيًا وشعوريًا. فقد رأى السودانيون في مشهد سقوط مدينة نفطية بهذا الوزن إعلانًا مؤلمًا عن هشاشة الدولة، وفقدانها السيطرة على واحد من أهم مواردها الاقتصادية والنفطية. أصبح السؤال الذي يتردد في وجدان الناس: إذا سقطت هجليج، فماذا تبقى قابلًا للصمود؟ هذا الشعور بالفقد عزز الإحساس العام بالقلق، ورسّخ الاعتقاد أن الصراع لم يعد مجرد تنازع على السلطة، بل انتقل إلى تهديد مباشر لبنية الدولة ومواردها الحيوية.

اقتصاديًا، كان السقوط كارثيًا. فهجليج تمثل واحدًا من أكبر مصادر إنتاج النفط في السودان، وعليه فإن تراجع السيطرة عليها يهدد الإيرادات العامة، ويعمّق الانهيار الاقتصادي الذي ضرب البلاد منذ سنوات. لم يعد النفط مجرد مورد، بل طوق نجاة كانت الدولة تتشبث به وسط عواصف الصراعات والتضخم والانهيار المالي. ومع فقدانه، دخلت البلاد في مرحلة جديدة من الارتباك الاقتصادي، حيث تزداد الحاجة إلى موارد غير متاحة، ويتفاقم الضغط الشعبي على حكومة منهكة أصلًا.

أما سياسيًا، فقد أحدث السقوط هزة عميقة. فتمكن الدعم السريع من السيطرة على مدينة بهذا الثقل أظهر الحجم الحقيقي للقوة التي باتت تمتلكها هذه الجماعة المسلحة، وعمّق الانقسام بين مكوّنات السلطة الشرعية والقوى العسكرية المتصارعة. كما أعاد تشكيل التحالفات الداخلية والإقليمية، إذ تحركت القوى الدولية والإقليمية لتعيد تقييم مواقفها في ضوء التحولات العسكرية على الأرض. سقوط هجليج لم يكن انتصارًا تكتيكيًا لطرف، بل تحولًا استراتيجيًا يعيد رسم موازين القوى داخل السودان.

إن أخطر ما كشفه الحدث هو أن الصراع في السودان لم يعد يدور حول العاصمة أو المدن الكبرى فقط، بل بات يستهدف شرايين الدولة الاقتصادية. سقوط هجليج كان تحذيرًا بأن الحرب لم تعد تهدد المواطنين وحدهم، بل تهدد البنية التي يقوم عليها الوطن ذاته. هو سقوط لمورد، ولسيادة، ولمعنى السيطرة، قبل أن يكون سقوطًا جغرافيًا.

وفي النهاية، يمكن القول إن تداعيات سقوط هجليج ستظل طويلة الأمد، لأنها لم تضعف الدولة فحسب، بل أعادت تعريف حدود قوتها وحدود ضعفها.

مقالات مشابهة

  • مجلس السيادة يعلن قصف قوات الدعم السريع مقرًا للأمم المتحدة ويوجه دعوة عاجلة للمجتمع الدولي
  • حاكم دارفور يحدد خطوات لإنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة
  • غوتيريش: الحرب في السودان فضيحة ويجب أن تتوقف فوراً
  • سقوط هجليج
  • السودان بين العواصف الدبلوماسية وتضييق الخناق الدولي على المليشيات وتصاعد الأزمة الإنسانية
  • السودان يجدد مطالبته للمجتمع الدولي بالضغط على الإمارات
  • غوتيريش: اجتماعات مرتقبة في جنيف مع طرفي النزاع في السودان
  • السودان على مفترق طرق: حرب استنزاف أم مفاوضات جادة؟
  • غوتيريش: الأمم المتحدة ستلتقي طرفيّ حرب السودان
  • علي فوزي يكتب.. السودان بين الصراع والبحث عن قائدٍ وطني