الخارجية: دعوة فرنسا لمؤتمر دون التشاور مع الحكومة السودانية استخفافٌ بالغٌ بمبدأ سيادة الدول
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
انتقدت وزارة الخارجية، دعوة نظيرتها الفرنسية لمؤتمر بعد غد الأحد دون علم الحكومة السودانية أو التشاور، واعتبرته استخفافاً بالغاً بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومبدأ سيادة الدول، أساس النظام الدولي المعاصر.
وذكّـرت الخارجية في بيان اليوم الجمعة، منظمي ذلك الاجتماع، أن نظام الوصاية الدولية قد تمت تصفيته قبل عقود من الزمان، وأنه أصلاً لم يكن ينطبق على الدول الأعضاء بالأمم المتحدة مثل السودان الذي نال عضوية المنظمة الأممية منذ عام ١٩٥٦.
وأشار البيان إلى أنّ الاختباء خلف ذريعة الحياد بين من يسميهما المنظمون “طرفي نزاع” لتبرير تجاهل السودان في تنظيم هذا الاجتماع، حجة لا قيمة لها، وأمرٌ مرفوضٌ، وسابقة خطيرة في العلاقات الدولية. فالمساواة بين الحكومة الشرعية، والجيش الوطني من جهة، ومليشيا إرهابية مُتعدِّدة الجنسيات تستهدف مؤسسة الدولة نفسها وتمارس الإبادة الجماعية وأسوأ انتهاكات حقوق الإنسان، من الجهة الأخرى، من شأنها تقويض أسس الأمن الإقليمي والدولي، لأنّها تُشجِّـع الحركات الإرهابية الشبيهة في أفريقيا والشرق الأوسط على تصعيد أنشطتها الإجرامية، لأنّها ستكون ذريعة لقِـوى غربية لتجاهل سيادة الدول المُتضرِّرة وحكوماتها الشرعية بدعوى الحياد. هذا مع العلم أنّ رعاة المليشيا الإقليميين وجناحها السياسي سيشاركون في الاجتماع.
وتابع البيان: “كانت حكومة السودان، ومن واقع مسؤوليتها عن شعبها، سبّـاقة في السعي لحشد الدعم الدولي اللازم لمواجهة الأزمة الإنسانية التي خلقها عدوان المليشيا ورعاتها الخارجيين على الشعب السوداني. فبمُبادرة من حكومة السودان ومشاركة عددٍ من الدول الشقيقة والصديقة، انعقد المؤتمر الدولي للمساعدات الإنسانية للسودان بجنيف في يونيو ٢٠٢٣، قدّمت خلاله تعهُّـدات كبيرة بالمُسَـاعدات. ومن أجل حَـثّ المجتمع الدولي للوفاء بتلك التعهُّدات، انعقد الاجتماع الدولي رفيع المستوى بنيويورك في أكتوبر ٢٠٢٣ بالتعاون بين حكومة السودان والأمم المتحدة، إلا أن نسبة الوفاء بتلك التعهُّدات حتى الآن لم تتجاوز نسبة ٥٪”.
وطالبت الخارجية للوفاء بالتعهُّدات السابقة بدلاً من تبديد الموارد والجُهُـود في عقد مؤتمرات جديدة لن تعدو أن تكون مجرد مهرجانات سياسية ودعائية، ربما يستغلها رعاة المليشيا لإعادة تسويقها وغسل جرائمها، وتقديم الدعم لها تحت غطاء المساعدات الإنسانية.
وجدّدت التزام الحكومة السودانية بتقديم كل التسهيلات الممكنة لحشد وإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في كل أنحاء البلاد، وأشارت إلى أن أقصر الطرق لإنهاء المعاناة الإنسانية في السودان هو عبر إلزام رعاة المليشيا بالتوقف عن تزويدها بالسلاح والمرتزقة والأموال، لأن ذلك الدعم هو وحده ما يمكنها من مواصلة وتصعيد عدوانها على الشعب السوداني، كما حدث خلال الأيام الماضية، حيث ارتكبت المليشيا مجازر جديدة ضد المدنيين بالقرب من الفاشر وفي جنوب كردفان والجزيرة والنيل الأبيض.
وطالبت الخارجية بموقف حازم من المجتمع الدولي ضد استهداف المليشيا المعلن لقوافل المساعدات الإنسانية عبر المسارات التي تم الاتفاق عليها بين السودان والأمم المتحدة، كاحتجازها لمركبات اليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي التي تحمل أغذية وأدوية الأطفال مخصصة لمعسكرات النازحين في شمال دارفور لاحتواء حالات سوء التغذية وسط الأطفال، واستيلائها على طائرة تتبع لبرنامج الغذاء العالمي، عرضتها هذا الأسبوع باعتبارها غنيمة حرب. وسبق للمليشيا أن نهبت أكبر مخازن برنامج الغذاء العالمي بالجزيرة واستولت على أغذية تكفي لأكثر من مليون ونصف من المحتاجين.
وقال بيانٌ الخارجية: “لا يستغرب أن تتمادى المليشيا في جرائمها المريعة طالما استمر تساهل القوى الغربية حيالها، وصمت هذه القوى على تنصل المليشيا مما وقّـعت عليه في منبر جدة، والذي يمثل الإطار العملي لتوصيل المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين”.
وأكّـد البيان أنّ الشعب السوداني هو وحده صاحب الحق في إدارة شأنه العام، وتفويض مَـن يرى لقيادته نحو تحقيق تطلُّعاته في السلام والديمقراطية والتنمية دون وصاية أو تدخُّل من القوى الخارجية مهما ادّعته من حرص على سلامته ومصالحه، مشيراً إلى أن تلك هي المواقف والمفاهيم التي يتوقع أن يحرص عليها الأشقاء والأصدقاء وكل محبي العدل والسلام ممن سيشاركون في الاجتماع المعني.
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة
إقرأ أيضاً:
تصاعد التنديد الدولي بعد اعتراض الاحتلال سفينة مادلين الإنسانية
توالت ردود الأفعال الدولية الغاضبة، عقب قيام بحرية الاحتلال الإسرائيلي، فجر الاثنين، باعتراض سفينة الإغاثة الإنسانية "مادلين" في المياه الدولية أثناء توجهها نحو قطاع غزة المحاصر، ما أثار موجة إدانات رسمية وحقوقية واتهامات بانتهاك القانون الدولي.
مدريد تستدعي القائم بالأعمال الإسرائيلي
وفي أول رد أوروبي رسمي، استدعت وزارة الخارجية الإسبانية القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية في مدريد، دان بوراز، احتجاجاً على اعتراض السفينة.
The Government of Spain strongly condemns the assassination attempt against the Colombian senator and presidential pre-candidate Miguel Uribe.
????https://t.co/nzghRxvdZy pic.twitter.com/TRP6mNR061 — Spain MFA (@SpainMFA) June 8, 2025
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن الاستدعاء جاء على خلفية "الاعتداء على سفينة مساعدات مدنية كانت متجهة إلى غزة".
ولم يصدر أي رد رسمي إسرائيلي على الخطوة الإسبانية حتى لحظة إعداد التقرير.
برلين وباريس تطالبان بإطلاق سراح مواطنيهما
من جهته، أعلن السفير الألماني في تل أبيب، ستيفن سيبرت، في منشور على منصة "إكس"، أن حكومته على تواصل مع السلطات الإسرائيلية بشأن مصير الركاب، مشيراً إلى أنه "تم التأكد من سلامة المواطنين، وطُلب منهم مغادرة البلاد"، مضيفاً أن بلاده عرضت المساعدة القنصلية لمواطن ألماني كان على متن السفينة.
We are in touch with the Israeli authorities about the “Madleen“. All passengers are brought to Israel by the Navy who assure us that they are all unharmed. They have been ordered to leave the country. We have offered consular assistance for one German citizen. — Steffen Seibert (@GerAmbTLV) June 9, 2025
أما فرنسا، فقد دعت عبر وزارة خارجيتها إلى "توفير الحماية القنصلية" لمواطنيها الستة الذين كانوا ضمن طاقم السفينة، مطالبة الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق سراحهم فوراً.
كما أصدر قصر الإليزيه بياناً شدد فيه الرئيس إيمانويل ماكرون على ضرورة إعادة الفرنسيين المحتجزين، رغم أن الحكومة كانت قد حذّرتهم مسبقاً من المشاركة في الرحلة.
تركيا وقبرص تدينان بشدة
وفي أنقرة، وصف نائب الرئيس التركي جودت يلماز هجوم الاحتلال الإسرائيلي بـ"جريمة جديدة تضاف إلى سجل حكومة نتنياهو"، مضيفاً أن ما جرى "يستدعي رداً حازماً من المجتمع الدولي".
وأكد استمرار تركيا في دعم الشعب الفلسطيني، قائلاً: "الشعب الفلسطيني وقيمه الإنسانية سينتصران، أما سياسات القمع والإبادة فمصيرها الفشل".
كذلك، أدان رئيس جمهورية شمال قبرص التركية أرسين تتار الهجوم واعتبره "عملاً إرهابياً وانتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان". وأعرب عن أمله في الإفراج العاجل عن طاقم السفينة.
İsrail’in uluslararası sularda “Madleen” adlı gemiye dönük müdahalesini lanetliyoruz.
İnsani değerleri ve hukuku yok sayan, insani yardımları engelleyerek suçlarına yeni suçlar ekleyen Netanyahu yönetimi, uluslararası toplumdan gerekli karşılığı görmelidir.
Bir an önce… — Cevdet Yılmaz (@_cevdetyilmaz) June 9, 2025
فيما وصف رئيس برلمان قبرص التركية، ضياء أوزتوركلر، ما جرى بأنه "اعتداء سافر على القيم الإنسانية وخروج على القانون الدولي".
أيرلندا: المساعدات ليست رهناً بمبادرات مدنية
وفي موقف لافت، شددت نائبة رئيس الوزراء الأيرلندية على أن اعتراض السفينة "مادلين" يبرز الحاجة الملحة لإنهاء الحصار على قطاع غزة، والسماح بدخول المساعدات دون عوائق. وأكدت أن "ما حصل يعكس تقاعس العالم عن تحمل مسؤوليته"، مشيرة إلى أن الجوع في غزة "وصمة عار في جبين المجتمع الدولي".
My statement on the #Madleen.
The question we should be asking today is not the merits or otherwise of a flotilla but how the world is shamefully turning a blind eye to children starving in Gaza and to a humanitarian catastrophe pic.twitter.com/50LGCBqGO7 — Simon Harris TD (@SimonHarrisTD) June 9, 2025
ترحيل الناشطين إلى بلدانهم
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، فجر الاثنين، نيتها ترحيل 12 ناشطاً دولياً كانوا على متن "مادلين"، بعد اعتراضها ونقلها إلى ميناء أسدود جنوب البلاد.
وذكرت هيئة البث العبرية الرسمية أنه جرى احتجاز السفينة وطاقمها ونقلهم إلى سجن "جفعون" في مدينة الرملة، مع تجهيز زنازين منفصلة لهم.
وأصدر وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير تعليمات بمنع دخول وسائل الإعلام والاتصال إلى أماكن احتجازهم، في خطوة اعتبرها حقوقيون "انتهاكاً صارخاً لحقوق المعتقلين".
في السياق ذاته، وجه مركز "عدالة" الحقوقي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة رسالة عاجلة إلى السلطات، طالب فيها بالكشف عن أماكن احتجاز الناشطين، معتبراً أن اعتراض السفينة في المياه الدولية يشكل "خرقاً فاضحاً للقانون الدولي".
طائرات وزوارق وعنف مفرط
وكانت سفينة "مادلين"، التي كانت تقل 12 ناشطاً من جنسيات أوروبية مختلفة، من بينهم الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ والممثل الأيرلندي ليام كانينغهام، قد تعرضت لهجوم من البحرية الإسرائيلية في المياه الدولية.
وتضمنت العملية تحليق طائرات مسيرة وإلقاء مواد بيضاء غير معروفة على ظهر السفينة، بالتوازي مع محاصرتها بزوارق سريعة.
وقبل الاقتحام، بث المتضامنون تسجيلاً مباشراً أظهر جنود جيش الاحتلال وهم يطالبون الركاب برفع أيديهم، قبل أن تنقطع الإشارة بفعل التشويش.
مادلين ليست الأولى
يُشار إلى أن "مادلين" ليست أول سفينة تتعرض لاعتراض من البحرية الإسرائيلية، إذ سبقتها سفينة "الضمير" التابعة للجنة الدولية لكسر الحصار، التي تعرضت لهجوم بطائرة مسيرة في الثاني من أيار/مايو الماضي، ما أدى إلى ثقب في هيكلها واشتعال النيران في مقدمتها.
ويأتي هذا الحادث في سياق حرب إسرائيلية متواصلة ضد قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، والتي وصفتها منظمات حقوقية وأممية بـ"الإبادة الجماعية"، حيث أسفرت حتى الآن عن أكثر من 181 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود ومئات آلاف النازحين.
وقد تسببت المجاعة الناجمة عن الحصار الإسرائيلي في وفاة العديد من الأطفال، وسط دمار واسع طال كل مقومات الحياة.
ورغم أوامر محكمة العدل الدولية بوقف الانتهاكات، يواصل الاحتلال الإسرائيلي عملياته بدعم مباشر من الولايات المتحدة، في وقت تتصاعد فيه الدعوات الدولية لرفع الحصار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط.