االاتحاد الأوروبي يتعهد بمليار يورو مساعدات مالية لمصر
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
أعلن الاتحاد الأوروبي، اليوم الجمعة، إنه سيقدم لمصر مليار يورو (1.07 مليار دولار) في صورة مساعدات مالية قصيرة الأجل لدعم استقرار اقتصاد البلاد.
واتفقت مصر مع صندوق النقد الدولي الشهر الماضي على برنامج قرض موسع بقيمة 8 مليارات دولار، ومع الاتحاد الأوروبي على حزمة مساعدات بمليارات الدولارات لتعزيز التعاون والمساعدة في الحد من الهجرة، في الوقت الذي تعاني فيه من أزمة اقتصادية بسبب نقص مزمن في العملة الأجنبية.
وذكر الاتحاد الأوروبي في بيان أن المليار يورو قيمة المساعدات قصيرة الأجل جزء من حزمة أكبر قدرها 5 مليارات يورو ستقدم في صورة قروض.
ومن المقرر تخصيص 4 مليارات يورو أخرى قيمة مساعدات طويلة الأجل خلال الفترة من عامي 2024 إلى 2027، لكن الدول الأعضاء في التكتل، وعددها 27، يجب أن تعتمدها أولا.
وجاء في البيان أن القروض تهدف إلى معالجة وضع المالية العامة المتدهور لمصر وتلبية احتياجاتها المالية خاصة بعد اندلاع حرب غزة وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
وذكر البيان أنه كشرط مسبق يجب على مصر أن تواصل اتخاذ "خطوات ملموسة وذات مصداقية تجاه احترام الآليات الديمقراطية الفعالة (ومن بينها نظام برلماني متعدد الأحزاب) وسيادة القانون وضمان احترام حقوق الإنسان".
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
صاروخ باتريوت باك-3.. صفقة واحدة بـ10 مليارات دولار فما القصة؟
في زمن الحرب، يتعلم الناس الإنصات لصوت السماء، فالأزيز الخافت قد يعني مُسيّرة، أما الصفير القوي فربما يشير إلى صاروخ باليستي، وبين المسيرة والصاروخ أصوات ونيران ودمار وقتل.
غير أن تدمير هذا التهديد أو التصدي له في الأجواء غالبا ما يمرّ بلا ضجيج ملحوظ، فاعتراض دفاعي ناجح لا يترك إشارة إلا مما تستطيع ملاحظته عبر وميضٍ عابر في السماء. وخلف ذلك الصمت تختبئ كُلفة هائلة؛ ملايين الدولارات التي أُنفقت خلال عقود، خلف الشاشات، ودون ضجيج أيضا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لست وحدك في الكون.. رسالة العرض العسكري الصيني لترامبlist 2 of 2لماذا قرر ترامب الآن تغيير اسم وزارة الدفاع الأميركية إلى الحرب؟end of listمن هنا تبرز أهمية الصفقة التاريخية التي عقدتها وزارة الحرب الأميركية (البنتاغون) مع شركة "لوكهيد مارتن" في سبتمبر/أيلول الماضي، بعقد ضخم تبلغ قيمته نحو 9.8 مليارات دولار، لإنتاج ما يقارب ألفي صاروخ من طراز "باتريوت باك-3″ (PAC-3 MSE)، ويمثل هذا العقد أكبر صفقة في تاريخ وحدة الصواريخ والتحكم في النيران التابعة للشركة.
هذه الصفقة تطرح سؤالا مركزيا: لماذا تضخ واشنطن هذا المبلغ الضخم في صواريخ دفاعية؟ وهل يعود عليها بمردود يوازي حجم الاستثمار؟
تعود جذور منظومة "باتريوت" إلى ثمانينيات القرن الماضي، حيث استُخدمت أساسا لاعتراض الطائرات، لكنها سرعان ما تطورت لتشمل مواجهة الصواريخ الباليستية التكتيكية بعد حرب الخليج عام 1991.
وبمرور الوقت، ظهرت نسخ جديدة أكثر تطورا، آخرها "باتريوت باك-3″، الذي يُمثِّل قفزة نوعية عن الإصدارات السابقة، ويُعدّ واحدا من أكثر صواريخ الدفاع الجوي تطورا في الترسانة الأميركية.
يختلف هذا الصاروخ عن الأجيال الأقدم في طريقة عمله، فبدلا من اعتماده على انفجار ينتج شظايا لتدمير الهدف، يعتمد "باك-3" مبدأ الاصطدام المباشر، أي إن الصاروخ الاعتراضي يصطدم بالهدف نفسه ليُدمِّره مباشرة.
هذه التقنية تضاعف من فعالية الصاروخ الدفاعي ضد التهديدات الأكثر خطورة، مثل الصواريخ الباليستية، لأن الرؤوس الحربية لهذه الصواريخ قوية ومحصنة بحيث لا تكفي الشظايا لإيقافها، بينما الاصطدام المباشر يدمّر الرأس نفسه ويمنع أي فرصة لانفجاره عند الوصول إلى هدفه.
إعلانإلى جانب ذلك، يتميز نظام توجيه الصاروخ الاعتراضي برادار نشط في مقدمة الصاروخ، يرشده بدقة نحو الهدف في المرحلة النهائية، مما يمنحه قدرة أكبر على إصابة الأهداف التي تحاول تغيير مسارها في الجو.
فضلا عن ذلك، يحمل "باتريوت باك-3" سلسلة من التحسينات المهمة مقارنة بالأجيال السابقة، فهو مزوّد بمحرك صاروخي يعمل على مرحلتين، وبأجنحة أكبر قابلة للطي تمنحه مرونة أعلى وتزيد من مداه بنحو 50% مقارنة بالنسخ الأقدم.
وبفضل هذه التعديلات، أصبح الصاروخ، نظريا على الأقل، قادرا على اعتراض أهداف على مسافة تصل إلى نحو 120 كيلومترا، وعلى ارتفاع يصل إلى 36 كيلومترا، وهي أرقام تمنحه أفضل مدى ضمن فئته داخل الغلاف الجوي. كما يتمتع الصاروخ بأنظمة تحكُّم وتوجيه أكثر تطورا، وبطاريات أطول عمرا، ومستشعرات حديثة تعزز من دقته وموثوقيته.
هذه التحسينات تؤهل "باك-3" للتصدي لطيف واسع من التهديدات؛ من الصواريخ الباليستية التكتيكية والصواريخ الجوّالة، إلى الأسلحة الفرط صوتية التي تفوق سرعتها خمسة أضعاف سرعة الصوت، مرورا بالطائرات الحربية والمسيّرات.
"باك-3" داخل منظومة الدفاع الأميركيةومع ذلك، فإن التقدم الذي حققه "باك-3 إم إس إي" لا يُلغي التساؤلات حول ما إذا كان الخيار الأمثل، أم إن هناك بدائل داخل الترسانة الأميركية وخارجها قد تكون أكثر فاعلية أو أقل تكلفة.
فداخل الترسانة الأميركية، لا يعمل "باك-3" بمفرده، بل يُشكِّل جزءا من شبكة متكاملة من أنظمة الدفاع الصاروخي تغطي طبقات مختلفة من الغلاف الجوي.
من أبرز هذه الأنظمة "ثاد"، الذي يعتمد أيضا على تقنية "الإصابة المباشرة"، لكنه صُمِّم خصوصا لاعتراض الصواريخ الباليستية على ارتفاعات شاهقة تصل إلى نحو 150 كيلومترا، أي خارج الغلاف الجوي تقريبا، في حين يصل مداه إلى نحو 200 كيلومتر، وهذا ما يجعله يتفوق على "باك-3" في المدى والارتفاع.
أما الصاروخ "إس إم-3" الذي تطلقه منظومة "إيجيس" البحرية، فقد صُمِّم لاعتراض الصواريخ الباليستية في الفضاء خلال المرحلة الوسطى من مسارها. ويمتاز بقدرات بعيدة المدى تُمكِّنه من التعامل مع الصواريخ المتوسطة والعابرة للقارات، لكنه لا يستطيع مواجهة الأهداف داخل الغلاف الجوي مثل الطائرات أو المسيّرات.
وإلى جانب هذه القيود، فإن كلفته مرتفعة للغاية، إذ يتراوح ثمن الصاروخ الواحد بين 10-12 مليون دولار، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف تكلفة صاروخ "باك-3 إم إس إي".
وسط هذه الشبكة يحتل "باك-3 إم إس إي" موقعا مميزا في الترسانة الأميركية، فهو يغطي الطبقة الأدنى داخل الغلاف الجوي، حيث يتعامل مع الصواريخ في لحظاتها الأخيرة قبل السقوط، أي ضد التهديدات المنخفضة، وهي مرحلة قد يكون "ثاد" فيها أقل فعالية.
يضاف إلى ذلك قدرته على مواجهة طيف واسع من الأهداف، بدءا من الطائرات الحربية والمسيّرات ووصولا إلى الصواريخ الجوّالة، مما يجعله حلقة وسطى بين الأنظمة بعيدة المدى مثل "ثاد" و"إس إم-3″ وبين الأنظمة قصيرة المدى.
على الصعيد الدولي تبرز منظومات دفاع جوي منافسة للباتريوت، في مقدمتها المنظومة الروسية "إس-400″، التي كثيرا ما تُقارن به.
إعلانوتُعرف هذه المنظومة بقدرتها على توفير تغطية بعيدة المدى، إذ يصل مدى صواريخها إلى نحو 400 كيلومتر ضد الطائرات، مع إمكانية التعامل نظريا مع الصواريخ الباليستية على مسافات أقصر.
كما تستطيع راداراتها تتبع عشرات الأهداف في آنٍ واحد، وإطلاق أنواع مختلفة من الصواريخ من منصة واحدة، وهو ما يمنحها مرونة تشغيلية واضحة، خاصة مع قابليتها للنقل والنشر السريع.
غير أن هذه المزايا يقابلها اعتماد النظام على رؤوس حربية تقليدية متفجرة لتدمير الهدف عبر الانفجار والشظايا، على عكس صاروخ "باك-3" الذي يعتمد على تقنية "الإصابة المباشرة" الأكثر فعالية في تحييد الرؤوس الحربية الباليستية الصلبة.
يضاف إلى ذلك أن منظومة "باتريوت"، وخصوصا نسختها الأحدث "باك-3″، أثبتت فعاليتها ميدانيا في حروب حقيقية مثل أوكرانيا، حيث ساعدت في حماية كييف من هجمات روسية معقدة، بينما لا تزال "إس-400" تفتقر إلى ذات السجل الذي يثبت فاعليتها ضد الأهداف الجوية عالية التعقيد.
بدورها، تمتلك الصين منظومة "إتش كيو-9" (HQ-9) التي تُعد نظيرا للمنظومة الروسية "إس-300″، وقد طُورت منها نسخ أحدث يُقال إنها تقترب في بعض قدراتها من "إس-400". غير أن "إتش كيو-9" لم تُختبر ميدانيا في حروب فعلية، وتُسوَّق بالأساس بوصفها خيارا للتصدير أمام الدول التي لا تستطيع اقتناء الباتريوت أو "الإس-400".
هل تبرر المزايا إنفاق المليارات؟ومع أن المقارنة بين الباتريوت والمنظومات المنافسة تكشف فروقا تقنية وعملياتية واضحة، يبقى السؤال الأعمق مطروحا: هل تبرّر مزايا "باك-3" تكلفته الباهظة؟ إذ ينتقد باحثون وكُتّاب دفاع أن كثيرا من التهديدات التي يستخدم أمامها الباتريوت، مثل المُسيّرات الصغيرة والصواريخ البدائية، أرخص بكثير من ثمن الصاروخ الاعتراضي، مما يخلق "فجوة كلفة" قد يستغلها الخصوم عبر هجمات الإغراق الرخيصة.
برز ذلك بوضوح في أوكرانيا، إذ اعتمدت روسيا على أسراب مُسيّرات "شاهد-136" الرخيصة نسبيا لإرهاق الدفاعات، مستفيدةً من فارق الكُلفة الهائل بين أهداف ثمنها عشرات الآلاف من الدولارات واعتراضات قد تُكلِّف مئات الآلاف أو أكثر للصاروخ الواحد، وهو ما وثّقته دراسات تفصيلية عن "تكتيك الإغراق بالمُسيّرات".
في المقابل، حققت بطاريات باتريوت في كييف اعتراضات باليستية عالية القيمة أمام صواريخ "كينجال" الفرط صوتية، لكن بكُلفة تشغيلية كبيرة ضمن معركة استنزاف طويلة.
يُظهِر ذلك أن منظومة "باتريوت"، رغم تطورها، ليست درعا سحريا قادرا على صد جميع الهجمات، خصوصا عند مواجهة تكتيكات "الإغراق" أو التعامل مع أهداف صغيرة منخفضة البصمة الرادارية.
من هنا يجادل منتقدو الصفقة من الأوساط العسكرية الأميركية بأن شراء هذا الكمّ الضخم من الصواريخ قد يكون مدفوعا بالخوف من نفاد المخزون، أكثر مما هو مبني على حساب دقيق للتوازن بين الكلفة والجدوى.
لكن في المقابل، يردّ المسؤولون العسكريون بأن التجارب الميدانية أثبتت الحاجة الملحة إلى هذا التعزيز، فمنظومة "باتريوت" وُصفت بأنها منقذة حين نجحت في حماية كييف من موجات الصواريخ الروسية، كما أسهمت في اعتراض صواريخ إيرانية استهدفت قواعد أميركية في الخليج. وبالنظر إلى هذه الأمثلة، يرى البنتاغون أن عدم توفير مخزون كافٍ قد يترك فراغا دفاعيا خطيرا في لحظة حرجة.
وثمة تقارير صدرت منتصف العام الحالي تؤكد ذلك، إذ تشير إلى أن الولايات المتحدة لم يعد لديها إلا نحو 25% من مخزون صواريخ "باتريوت" اللازم لتغطية خططها العملياتية حول العالم، بعدما استُهلكت كميات كبيرة من الذخائر في أوكرانيا وإسرائيل وبعض دول الشرق الأوسط خلال الأشهر السابقة.
إعلانوقد دفع هذا النقص وزارة الحرب الأميركية إلى تجميد بعض شحنات الصواريخ إلى كييف مؤقتا بهدف إعادة ترتيب الأولويات، وهو ما عكس حاجة إلى إعادة بناء المخزونات تحسّبا لأي أحداث قد تطرأ في مناطق قتال أخرى.
أمن قومي أم لعبة رأس مال؟يعني ذلك أن آثار الصفقة لا تقتصر على الجانب العسكري، بل تمتد إلى السياسة والإستراتيجية، فهي أولا رسالة طمأنة للحلفاء بأن واشنطن تؤكد التزامها بتوفير أحدث وسائل الدفاع وضمان التفوق النوعي لشركائها.
إذ إن أكثر من 17 دولة تعتمد على منظومة "باتريوت"، من بينها اليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا وبولندا وإسرائيل ودول الخليج، وكثير من هذه الدول شارك في تمويل تطوير "باك-3" أو عقد صفقات لشرائه، مما يعني أن المشاركة في تغطية هذه التكلفة سيزيد من تبعية هذه الدول للتكنولوجيا والدعم الفني الأميركي، وهو مكسب سياسي يعمّق التحالفات لعقود، في حين يمكن استخدام المنظومة بوصفها ورقة مساومة سياسية؛ تمنحها واشنطن أو تمنعها وفق حسابات إستراتيجية.
فضلا عن ذلك، تُمثِّل هذه الصواريخ رسالة ردع لخصوم واشنطن. فنجاح "باتريوت" في إسقاط صواريخ روسية فرط صوتية من طراز "كينجال"، وجّه ضربة رمزية لموسكو، وعزَّز جزئيا صورة الردع الغربي.
الصين هي الأخرى تراقب عن كثب انتشار بطاريات "باتريوت" و"ثاد" في آسيا، وقد احتجّت سابقا على نشر الأخير (ثاد) في كوريا الجنوبية خشية من راداراته بعيدة المدى.
أما إيران، التي استثمرت بكثافة في الصواريخ والمسيّرات، فتجد نفسها أمام شبكة دفاعية آخذة في التوسع تشمل "باتريوت" و"ثاد" وقطع بحرية مزودة بإيجيس.
ومع ذلك، فإن هذه القوة السياسية تثير جدلا أعمق: هل بات القرار الأميركي أسيرا لما حذّر منه الرئيس الأسبق دوايت أيزنهاور قبل أكثر من ستة عقود، أي تغوّل المجمّع الصناعي العسكري؟ إذ يرى منتقدون أن توسع اعتماد الحلفاء على نظم أميركية يعزز نفوذ الشركات المصنّعة التي تدفع لبيع المزيد عبر جماعات ضغط ودراسات تضخّم التهديدات.
وبذلك يصبح الإنفاق الدفاعي الضخم استثمارا في الأرباح والنفوذ بقدر ما هو استثمار في الأمن والردع، حيث تحصد شركات التكنولوجيا العسكرية نصيبا متزايدا من ميزانية البنتاغون وتكتسب نفوذا سياسيا متعاظما.
وفي حين يعتمد نفوذ تلك المؤسسات على أدوات تتراوح بين الضغط السياسي وتبرعات الحملات الانتخابية، وصولا إلى ما يُعرف بظاهرة "الباب الدوار"، إذ ينتقل بعض المسؤولين السابقين في وزارة الحرب للعمل داخل شركات رأس المال الاستثماري التي تضخ أموالها في تقنيات عسكرية ناشئة قبل العودة مجددا إلى البنتاغون، فإن تحذير أيزنهاور لم يفقد راهنيته، بل يجد صداه في صفقات كبرى مثل صفقة الباتريوت الأخيرة، حيث يتقاطع سؤال الأمن القومي مع واقع نفوذ صناعات السلاح على القرار السياسي الأميركي.