القدس المحتلة-سانا

أكدت المقاومة الفلسطينية أن العملية العسكرية التي قامت بها الجمهورية الإسلامية في إيران ضد الكيان الإسرائيلي المحتل، حق طبيعي ورد مستحق على جريمة استهداف القنصلية الإيرانية بدمشق.

وقالت المقاومة في بيان لها اليوم: “إننا نؤكّد على الحق الطبيعي للدول ولشعوب المنطقة في الدفاع عن نفسها في مواجهة الاعتداءات الصهيونية، وندعو أمّتنا العربية والإسلامية وأحرار العالم وقوى المقاومة في المنطقة لمواصلة إسنادهم لطوفان الأقصى، ولحق شعبنا الفلسطيني في الحرية والاستقلال وإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس”.

وكان الحرس الثوري الإيراني استهدف مساء أمس مواقع للعدو الصهيوني في فلسطين المحتلة بالصواريخ والطائرات المسيرة، رداً على جرائم الكيان الإسرائيلي العديدة بما فيها الهجوم الأخير على القنصلية الإيرانية بدمشق.

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

مؤامرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية

في الأسابيع الأخيرة، بدأت أصوات القادة الأوروبيين في بريطانيا وفرنسا وألمانيا تتحدث فجأة عن "الاعتراف بالدولة الفلسطينية". للوهلة الأولى، قد يبدو هذا التحول موقفا إنسانيا طال انتظاره، وكأن تلك الدول قررت أخيرا أن تصطف إلى جانب الحق الفلسطيني، لكن حين نتأمل المشهد بعمق، سرعان ما يتضح أن الأمر أبعد ما يكون عن نصرة المظلومين، بل هو أقرب إلى مناورة سياسية محكمة الأركان، تُحاك خيوطها بين العواصم الغربية وتل أبيب وواشنطن.

على مدى ما يقارب العامين، كانت المجازر في غزة تُبث على الهواء مباشرة، ومشاهد الإبادة الجماعية تملأ الشاشات، والأرقام المرعبة عن الشهداء والمصابين والمشردين تتضاعف يوما بعد يوم. ومع كل ذلك، لم نسمع من تلك الحكومات الأوروبية كلمة حقيقية واحدة تُدين إسرائيل أو تدعو لمحاسبتها على جرائم الحرب، بل على العكس، كانت التقارير تكشف أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا لم تتوقف يوما عن تزويد إسرائيل بالأسلحة الفتاكة، من الصواريخ الموجهة إلى الذخائر الثقيلة، التي استُخدمت بلا رحمة ضد المدنيين في غزة.

هنا يتبادر سؤال منطقي: إذا كانت هذه الدول متورطة حتى النخاع في تمويل آلة الحرب الإسرائيلية، فكيف يمكن أن يكون حديثها عن "الاعتراف بالدولة الفلسطينية" خطوة صادقة؟ الجواب يكمن في فهم اللعبة الكبرى التي تدور خلف الكواليس. هذه التصريحات ليست سوى جزء من خطة أوسع، يتقاسم فيها الغرب وإسرائيل والولايات المتحدة الأدوار بدقة. الهدف المعلن قد يبدو برّاقا، لكن الهدف الحقيقي هو نزع سلاح المقاومة الفلسطينية بالكامل، وإفراغ الصراع من أي قدرة فعلية على مواجهة الاحتلال.

القادة الأوروبيون لا يخفون هذا الشرط في جلساتهم وتصريحاتهم العلنية، كما فعل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، لكن الإعلام الغربي والعربي المتماهي مع الرواية الغربية يتعمد تجاهله أو تمريره بصيغ مبهمة. المطلوب واضح، لا دولة فلسطينية مع سلاح، ولا اعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني ما دامت هناك قوة مقاومة قادرة على الدفاع عن تلك الحقوق. والنتيجة الحتمية لذلك هي فرض استسلام كامل، يُسلم فيه الفلسطينيون أمنهم وكرامتهم إلى الاحتلال، مقابل كيان هش يُسمى "دولة" لكنه بلا سيادة ولا قدرة على حماية نفسه.

الأخطر من ذلك أن "الدولة" التي يتحدثون عنها ليست إلا دولة على الورق؛ لا حدود واضحة، ولا سيطرة على المعابر أو الأجواء أو السواحل، ولا جيش ولا جهاز أمنيا مستقلا، ولا حتى اقتصاد حقيقيا. ستكون مجرد كيان إداري محدود الصلاحيات، يعيش تحت رحمة الاحتلال ووفق إملاءاته، مع رفع علم فلسطيني على مبنى صغير يمكن أن يتباهى به الإعلام الأوروبي على أنه "إنجاز تاريخي". وهكذا تتحول الفكرة من تحقيق الحلم الفلسطيني إلى دفنه رسميا، عبر اعتراف مشروط ومفرغ من المعنى.

بهذا الشكل، يتحول الخطاب الأوروبي الجديد إلى أداة سياسية خطيرة، تلبس ثوب التعاطف الإنساني لكنها في حقيقتها تهيئ المسرح لإنهاء القضية الفلسطينية بشكل نهائي. إنه أسلوب معروف في السياسة الدولية، التظاهر بالانحياز إلى الضعيف، بينما يُعمل في الخفاء على كسر إرادته وتجريده من كل عناصر القوة. وفي حالتنا هذه، لا يمكن فهم التحرك الأوروبي إلا باعتباره استمرارا لدعم المشروع الصهيوني، لكن بطريقة ناعمة تُسوّق على أنها "حل سياسي".

حين نتأمل الخطاب الأوروبي الجديد، ندرك أن المشكلة ليست فقط في الشروط المجحفة التي يربطون بها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بل في الفلسفة السياسية التي تحكم هذا الطرح. فالغرب يريد إعادة صياغة القضية الفلسطينية من قضية تحرر وطني، إلى قضية نزاع إداري على حدود ومؤسسات شكلية، ثم يدفع الفلسطينيين إلى القبول بالفتات مقابل وعود زائفة بالأمن والاستقرار.

إنهم يريدون أن يُمحى من الذاكرة العالمية أن فلسطين تعرضت لاحتلال استيطاني إحلالي، وأن شعبها طُرد من أرضه وارتُكبت بحقه مجازر على مدار قرن. يريدون أن تصبح كل المآسي التي وقعت مجرد ماضٍ غامض، وأن يُختزل المستقبل في "اتفاق سلام" لا يضمن شيئا سوى بقاء إسرائيل قوية ومسيطرة. والاعتراف الأوروبي المشروط هو أداة مركزية في هذه العملية؛ يعتمد على إعطاء الفلسطينيين علما ونشيدا وكرسيا في الأمم المتحدة، لكن مع حرمانهم من أي وسيلة حقيقية للدفاع عن أرضهم وحقوقهم.

ومن المهم أن نفهم أن نزع سلاح المقاومة لا يعني فقط تفكيك الفصائل المسلحة، بل يعني أيضا إلغاء أي فكرة عن الردع الفلسطيني. في اليوم التالي لهذا النزع، ستصبح أي مواجهة مع الاحتلال جريمة يعاقب عليها القانون الدولي الجديد الذي سيصاغ وفق شروط القوى الكبرى، وسيُصبح الاحتلال قادرا على التوسع والاستيطان بلا تكلفة سياسية أو عسكرية، لأن الطرف الآخر سيكون منزوع الأنياب، عاجزا عن الرد.

هذا الطرح يحمل في طياته خطرا استراتيجيا مضاعفا: فمن جهة، يضمن لإسرائيل أمنا طويل المدى بلا حرب، ومن جهة أخرى، يخلق جيلا فلسطينيا محبطا فاقدا للثقة في جدوى المقاومة. وعندها يمكن للقوى الغربية أن تقول للعالم إن "القضية الفلسطينية" قد تم حلها، بينما الحقيقة أن فلسطين تكون قد دخلت مرحلة استعمار جديد، لكن بغطاء شرعي هذه المرة.

الأمر الأكثر إثارة للريبة هو توقيت هذه التصريحات الأوروبية. فبعد نحو عامين من الإبادة الجماعية في غزة، وبعد أن فشلت آلة الحرب الإسرائيلية في كسر المقاومة رغم كل الدعم الغربي، بدأت هذه الأصوات تتعالى. وهذا يعكس حقيقة أن الغرب بات يدرك أن القوة العسكرية وحدها لم تحقق الهدف، وأن الطريق إلى إنهاء المقاومة يمر عبر إغراءات سياسية وتنازلات مخادعة. هم يريدون أن يقدموا للفلسطينيين "حلم الدولة" ليحصلوا في المقابل على تنازلهم عن السلاح.

لكن ما يغيب عن هؤلاء أن الفلسطينيين جرّبوا هذا النوع من "السلام" من قبل، وأن اتفاقيات مثل أوسلو لم تجلب إلا المزيد من الاستيطان والمصادرة والانتهاكات. يعرف الفلسطينيون جيدا أن أي دولة لا تملك السيطرة على حدودها وأمنها واقتصادها ليست سوى سجن كبير، وأن نزع السلاح تحت الاحتلال هو وصفة للعبودية السياسية.

إن ما يسوّقه القادة الأوروبيون اليوم ليس تضامنا ولا إنصافا، بل هو إعادة إنتاج لمشاريع تصفية القضية الفلسطينية التي جُربت سابقا وفشلت، لكن هذه المرة تحت لافتة "الاعتراف بالدولة". إنه شكل حديث من أشكال الضغط، مغلف بالدبلوماسية الناعمة، لكنه في جوهره استمرار لسياسات السيطرة والاستعمار.

ولهذا فإن التعامل مع هذه العروض يتطلب وعيا سياسيا حادا، ورفضا قاطعا لأي اعتراف مشروط ينزع عن الشعب الفلسطيني حقه في الدفاع عن نفسه. فالدولة الحقيقية ليست هدية من المحتل أو من داعميه، بل ثمرة نضال طويل يفرضها الواقع على الجميع. أما الدول التي تُمنح كهبة معزولة عن إرادة أصحابها، فهي لا تعدو أن تكون قيدا جديدا بألوان مختلفة.

مقالات مشابهة

  • مؤامرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية
  • العدو الإسرائيلي يشن حملة اقتحامات واعتقالات بالضفة المحتلة
  • الأونروا: مجاعة غزة نتيجة لمحاولة الكيان الإسرائيلي استبدال الأمم المتحدة بمنظومة بديلة ذات أهداف سياسية
  • خلال يوليو.. 293 عملية للمقاومة الفلسطينية في الضفة والقدس المحتلتين
  • "حماس": لا يمكن التخلي عن السلاح قبل إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس
  • تشاؤم في إسرائيل من عودة المفاوضات.. ماذا بشأن العملية العسكرية؟
  • مصدر لـCNN: نتنياهو يؤجل قراره بشأن العملية العسكرية في غزة إلى الأسبوع المقبل
  • مصدر إسرائيلي لـ “i24 NEWS”: حماس قطعت الاتصالات ولا مفر من توسيع العملية العسكرية في غزة
  • الاحتلال يجبر مقدسيًا على هدم منزله في بلدة جبل المكبر
  • سلوفينيا تستدعي سفيرة الكيان الإسرائيلي للاحتجاج على الكارثة الإنسانية في غزة