الأسبوع:
2025-12-12@22:42:20 GMT

عروس الصعيد تنتظر الفارس

تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT

عروس الصعيد تنتظر الفارس

لم تأخذِ المنيا لقبَ عروس الصعيد من فراغ.. ولكن كغيرها من بقاع مصر الساحرة فإنها تتمتع بمقومات طبيعية وتراثية وأثرية فريدة تضعها بقوة على خريطة مصر السياحية.. فهي تحوي وحدها على طول امتدادها على ضفتَي نهر النيل ثُلُثَ آثار مصر، وهي الآثار التي تحكي كلَّ عصورها الفرعونية واليونانية والرومانية والإسلامية.

حيث اتخذها الفرعون «إخناتون» الحالم بتوحيد الآلهة عاصمةً لعبادة الإله آتون بمنطقة تل العمارنة (ديرمواس). وفي المنيا جبل الطير الذي شهد رحلة العائلة المقدسة العذراء مريم وابنها المسيح عليهما السلام. ومن المنيا (ملوي) خرجتِ السيدة مارية القبطية زوجة الرسول الكريم التي لا يزال بيتُها قائمًا إلى الآن، وهي التي تزوج الصحابي حسان بن ثابت شاعر الرسول أختها سيرين وأنجب منها عبد الرحمن بن ثابت. وفي (ملوي أيضًا) قرية الشيخ عبادة التي جاء إليها الصحابي عبادة بن الصامت ضمن جيش عمرو بن العاص لفتح مصر، وهو الذي شهد مع النبي بيعتَي العقبة الأولى والثانية، وشهد أيضًا غزوات بدر وأُحُد والخندق، وهو من الصحابة الخمسة الذين جمعوا القرآن الكريم، وهو الذي أقام بقرية عبادة مسجدًا هو أول مسجد في ملوي، وأكرم أهلها تكريمًا للسيدة مارية القبطية. وعلى أرض المنيا في البهنسا (بني مزار) يوجد ما يسمى بالبقيع الثاني، وهي أكبر مقبرة تواري جثامين عشرات الصحابة الكرام ممَّن استُشهدوا في الفتوحات الإسلامية في صعيد مصر.. وفي العصر الحديث كانتِ المنيا شاهدةً على العديد من الأحداث وأنجبتِ العديدَ من المفكرين أمثال طه حسين الذي اتخذ من المنيا مسرحًا لأحداث وشخصيات روايته الخالدة «دعاء الكروان». وعلى الرغم من هذا التنوع التراثي والتاريخي الفريد الذي تزخر به المنيا- إلا أنه بالنظر لأعداد السائحين الذين يترددون على زيارة معالم المحافظة في السنوات الأخيرة فهي تبدو أرقامًا متواضعة للغاية، حيث تتراوح الأعداد ما بين 100-120 ألف سائح فقط سنويًّا، غالبيتهم من المصريين والعرب، حيث لا تزيد نسبة السياح الأجانب منهم على 35%. ومن هنا نكرر السؤال الأزلي: متى ستحتل مواقعنا الأثرية والسياحية مكانتها التي تستحقها على خريطة السياحة العالمية من حيث أعداد السائحين؟ فهل يُعقل أن يكون نصيب المنيا عروس الصعيد من أعداد السائحين -بكل ما تحويه من هذه الكنوز المتنوعة- لا يزيد على نسبة 1% مقارنةً بأعداد السائحين الذين يزورون برج خليفة (الإمارات) الذي يتردد عليه ما يقرب من 20 مليون سائح سنويًّا؟!!.. وختامًا فإننا في عهد الرئيس السيسى -الذي شهد تحقيق إنجازات أشبه بالمعجزات- أمام فرصة تاريخية لأن تستعيد مواقعنا السياحية مكانتها المهدرة منذ عشرات السنين وخاصة المواقع الأثرية.. والتي تحتاج إلى نقلة نوعية لن يستطيع الإقدام عليها إلا قائد بعقلية شجاعة على غرار ما تم بمنطقتَي الأهرامات والفسطاط وغيرهما.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

كنوز الجبال.. فرصٌ مؤجَّلة تنتظر الإحياء

 

 

حمود بن سعيد البطاشي

في عُمق الجبال العُمانية؛ حيث تتشابك مسارات الريح مع ذاكرة المكان، تختبئ كنوز لا تقل قيمة عن أي مورد اقتصادي آخر، لكنها ما تزال تنتظر من يمدّ إليها يد الحياة. وبينما تتسارع خطوات سلطنة عُمان نحو تنويع مصادر الدخل والتركيز على السياحة كأفق استراتيجي واعد، تبدو بعض القرى وكأنها خارج خارطة الاهتمام، رغم أنها تحمل ما لا تحمله المدن من تنوّع جغرافي وثقافي وجمالي. هنا، يصبح السؤال مُلحًّا: لماذا تبقى هذه الكنوز نائمة إلى اليوم؟ ومن يوقظها قبل أن يفوت الأوان؟

السياحة الجبلية والبيئية ليست ترفًا؛ بل أحد أهم الموارد القادرة على خلق فرص اقتصادية مباشرة لأبناء القرى، وفتح مسارات جديدة للاستثمار، وتحريك عجلة التنمية في المناطق التي تعاني من محدودية الفرص. ولنا في سوط نموذج جليّ، فهي قرية تحمل في قلبها ما يكفي لإنتاج قصة نجاح وطنية لو وجد المشروع الذي يشعل شرارة البداية. من كهف أبي هبّان، أحد أكبر الكهوف في السلطنة وأكثرها تفرّدًا، إلى الحارة القديمة التي تحمل ملامح التاريخ الأول، مرورًا بالممشى الجبلي الذي يمتد بين الصخور والوديان، وصولًا إلى الوادي الذي يشكّل لوحة طبيعية جاهزة لا تحتاج سوى لمسات تنظيمية مدروسة.

الخلل لا يكمن في غياب المقومات؛ بل في غياب الاستثمار المنهجي، والتخطيط الطويل المدى، والرؤية التي تربط بين ما هو موجود وما يمكن أن يكون. قد نمتلك مواقع خلابة، ولكننا لا نمتلك منظومة متكاملة تجعل السائح يقصد المكان ويعود إليه. فالسياحة ليست فقط مكانًا جميلًا؛ إنها تجربة عاطفية، ومسار مدروس، وبيئة خدمية، وبنية تحتية تستقبل الزائر بثقة واحترام.

وما ينقص هذه المواقع ليس الكثير؛ بل حُسن الإدارة، وتفعيل الشراكة، وتحريك الاستثمار المحلي والخاص. فكهف أبو هبّان مثلًا ليس مجرد تجويف صخري؛ إنه مشروع اقتصادي ضخم جاهز للانطلاق. يمكن أن يتحول إلى مقصد سياحي عالمي عبر مسارات آمنة، وإضاءة مدروسة، ولوحات تعريفية، ومركز استقبال للزوار، ومرافق بسيطة تضمن الأمن والجاذبية. وما حوله من تضاريس يمنح فرصًا للمغامرات، ومسارات المشي، والفعاليات الجبلية التي يعشقها السياح من كل مكان. إنه كنز، والكنز إمّا أن يُستثمر، أو يُترك يضيع في صمت الزمن.

 

وفي الحارة القديمة، تتكرر القصة. إرث معماري لو كان في دولة أخرى لرأينا حوله مقاهي تراثية، وورشًا للحرف، وأماكن للتصوير، ومسارات ليلية مضاءة بعناية. بينما لا يحتاج اليوم سوى إلى دعم بسيط يفتح الباب أمام شباب القرية والأسر المنتجة ويمكّنهم من صناعة منتجات تراثية تمثّل روح المكان.

وما يحدث في سوط يحدث في عشرات القرى بالشرقية والباطنة والظاهرة والجبال الجنوبية. مواقع فريدة، ولكن بلا إدارة سياحية حقيقية. والنتيجة أن الفرص موجودة… لكنها مؤجّلة.

ولكسر هذا الجمود، لا بد من خطة وطنية واضحة للسياحة الجبلية والريفية تشمل:

تحديد المواقع ذات الأولوية وفق معايير الجذب وقابليتها للتطوير. إنشاء بنية أساسية: مسارات، مواقف، لوحات، نقاط خدمات. منح امتيازات وتسهيلات للمستثمرين المحليين. تمكين الشباب بمشاريع صغيرة: بيوت ضيافة، أدلاء سياحيون، مقاهٍ، ورش حرف، فعاليات موسمية. تفعيل دور البلديات والمحافظات في إزالة العوائق وتسريع الموافقات.

لا شك أن الاستثمار في القرى ليس ترفًا؛ بل ضرورة اقتصادية. وفي زمن تتجه فيه دول العالم للسياحة البيئية، تملك عُمان خامات طبيعية وثقافية لا تتكرر. وإن لم نتحرك اليوم، سنجد غدًا أن الفرص التي كانت في متناول اليد قد ذهبت لمن استثمر قبْلنا.

إننا لا نطالب بمشاريع بملايين الريالات؛ بل بمشاريع ذكية وصغيرة وقادرة على خلق أثر سريع. ممشى واحد قد يغيّر اقتصاد قرية. كهف واحد مُستثمَر جيدًا قد يصنع وجهة سياحية عالمية. حارة واحدة مُعاد إحياؤها قد تُعيد القرية إلى خريطة السياحة الداخلية.

إن كنوز الجبال فرصٌ مؤجلة تنتظر الإحياء. وما لم نوقظها اليوم، سيوقظها الزمن لصالح آخرين. فالجبال تنادي… والزمن لا ينتظر.

مقالات مشابهة

  • حصر عددي.. نتائج الدائرة الخامسة بندر ومركز ملوي بالمنيا في انتخابات النواب
  • الوزيرة الجنجويدية… هل يُفتح أخيراً ملف المتعاونين الذين عادوا إلى مؤسسات الدولة
  • انتخابات ملوي.. منافسة شرسة بين الأحزاب والمستقلين وفق الحصر العددي
  • «الفارس الشهم 3» تبدأ تحميل «سفينة محمد بن راشد الإنسانية» لدعم غزة
  • «الفارس الشهم».. نموذج للجسور الإنسانية الممتدة من الإمارات إلى غزة
  • بالأسماء… هؤلاء هم اللبنانيون الذين أُخلي سبيلهم من سوريا
  • أميركا ستفحض حسابات السائحين على السوشال ميديا لحماية الأمن
  • كنوز الجبال.. فرصٌ مؤجَّلة تنتظر الإحياء
  • من أنور السادات إلى ناديا مراد وعمر ياغي.. من هم العرب الذين فازوا بجائزة نوبل؟
  • افتتاحية.. تكنولوجيا العمل التي لا تنتظر أحدا