تمكنت إسرائيل من صد الهجوم الإيراني "غير المسبوق"، بفضل نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي المتطور والمساعدات الحاسمة التي قدمتها الولايات المتحدة وغيرها من الشركاء الغربيين والعرب، لكن "التصعيد المرتقب" بين الجانبين قد يحمل "تداعيات خطيرة"، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".

ولعبت الطائرات الحربية "الأميركية والبريطانية والأردنية" دورا مهما بشكل خاص في إسقاط المسيرات الإيرانية، وتم إسقاط الصواريخ التي أطلقتها إيران تجاه إسرائيل قبل أن تصل إلى المجال الجوي الإسرائيلي.

وتمكنت الولايات المتحدة، بدعم من مدمرات أوروبية، من تدمير "أكثر من 80" مسيرة و"ستة صواريخ بالستية على الأقل مخصصة لضرب إسرائيل انطلاقا من إيران واليمن"، وفق ما أعلنت القيادة المركزية للقوات الأميركية "سنتكوم"، الأحد.

استعدادات أميركية 

قبل الهجوم الإيراني، ظل المسؤولون الأميركيون، بمن فيهم وزير الدفاع، لويد أوستن، ووزير الخارجية، أنتوني بلينكن، "على اتصال مستمر" مع إسرائيل ودول أخرى في المنطقة.

وزار الجنرال إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية المسؤولة عن الشرق الأوسط، المنطقة وقدم معلومات آنيّة مؤكدا التنسيق مع إسرائيل والشركاء الإقليميين الآخرين. 

وقال مسؤول أميركي لوكالة "فرانس برس"، إن الولايات المتحدة كانت على اتصال أيضا مع إيران عبر "سلسلة اتصالات مباشرة نقلت عبر سويسرا" التي تتولى إدارة المصالح الأميركية في الجمهورية الإسلامية منذ قطع العلاقات بين طهران وواشنطن قبل أكثر من 40 عاما.

كما نُشرت قوات إضافية في المنطقة "لتعزيز الردع الإقليمي وحماية القوات الأميركية"، وفقا لوزارة الدفاع الأميركية.

تفاصيل "الهجوم غير المسبوق"

وليل السبت، أطلقت إيران "أكثر من 300 طائرة مسيرة وصواريخ كروز" باتجاه إسرائيل ما أدى إلى جرح 12 شخصا، وفق ما أعلنه الجيش الإسرائيلي.

وفي الهجوم تم استخدام نحو 100 "صاروخ بالستي متوسط المدى" وأكثر من 30 "صاروخ كروز" وما لا يقل عن 150 "مسيرة هجومية" استهدفت إسرائيل انطلاقا من إيران، وفقا لما نقلته وكالة "فرانس برس" عن مسؤول عسكري أميركي. 

وأحصى الجيش الإسرائيلي من جهته أكثر من 350 مقذوفا وقال إن 99 في المئة منها دُمر. 

وقامت القوات الأميركية "بنجاح بالتعامل مع وتدمير أكثر من 80 طائرة هجومية مسيرة وستة صواريخ بالستية كانت تستهدف إسرائيل (بعد إطلاقها من إيران واليمن)"، وفق ما أكدت القيادة المركزية الأميركية عبر منصة "إكس"، الأحد.

ودمرت سفينتان أميركيتان موجودتان في المنطقة، هما "يو إس إس أرلي بيرك" و"يو إس إس كارني"، ستة صواريخ، قبل أن تتدخل طائرات وتُدمّر بدورها أكثر من 70 مسيرة إيرانية. 

وأسقطت بطارية صواريخ باتريوت صاروخَ كروز في مكان ليس بعيدا عن مدينة أربيل العراقية في كردستان.

ودمرت القوات الأميركية أيضا "صاروخا بالستيا على مركبة الإطلاق، كما دُمرت سبع مسيرات على الأرض قبل إطلاقها في مناطق في اليمن يسيطر عليها الحوثيون المدعومون من إيران"، وفق سنتكوم. 

"بين روايتين".. ما التقييم العسكري للرد الإيراني على إسرائيل؟ بين الحديث عن "صفعة قوية" والتأكيد على "إفشال الهجوم"، تباينت الروايتان الإيرانية والإسرائيلية حول "النتائج العسكرية" للضربة الليلية التي شنتها إيران على إسرائيل، فما الحقيقة من "المنظور العسكري"؟ هجوم دمشق 

الهجوم الإيراني "الأول من نوعه"، جاء ردا على قصف جوي "نُسب لإسرائيل"، وأسفر عن تدمير مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق ومقتل سبعة عناصر من الحرس الثوري، بينهم اثنان من كبار الضباط، في الأول من أبريل الجاري.

وقد أُطلِع مسؤولون أميركيون كبار على هجوم دمشق خلال زيارة للبيت الأبيض أجراها السفير والملحق العسكري الإسرائيلي، حسبما قال مسؤول في الإدارة الأميركية مضيفا "نحن لم نشارك في هذه الضربة لكننا كنا نعلم أنه ستكون لها عواقب".

خامنئي يتوعد إسرائيل مجددا.. ما أدوات إيران وما الرد الإسرائيلي؟ مجددا، توعدت إيران بالرد على قصف جوي "نُسب لإسرائيل"، وأسفر عن تدمير مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق ومقتل سبعة عناصر من الحرس الثوري، بينهم اثنان من كبار الضباط، فما هي أدوات طهران لتحقيق ذلك؟، وما سيكون الرد الإسرائيلي على أي تحرك إيراني مباشر أو غير مباشر؟

وفي الأيام التالية، طلب الرئيس الأميركي جو بايدن من الحكومة "الدفاع عن إسرائيل قدر المستطاع"، والتأكد من نشر الوسائل التي تتيح ذلك، وفقا لتوجيه من واشنطن.

مغبة التصعيد؟

منذ بداية الحرب في غزة عقب الهجوم الذي شنته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، كان الهدف المعلن للولايات المتحدة يتمثل في تجنب تمدد الصراع في المنطقة، وسعت واشنطن إلى الحد من التوترات.

وعندما سئل عن ردود إسرائيلية محتملة على الهجوم الذي شنته إيران نهاية الأسبوع الماضي، قال مسؤول أميركي "لن نشارك في أي عمل محتمل من جانبهم، ولا نرى أنفسنا منخرطين فيه".

وأضاف المسؤول أن إسرائيل "كانت واضحة معنا لناحية أنها لا تريد التصعيد مع إيران". 

وتابع "السؤال الكبير ليس فقط ما إذا كانت إسرائيل تنوي التحرك، بل أيضا ما الذي ستختار القيام به".

والأحد، قال مسؤولون غربيون إنهم "يعتقدون أن رد إسرائيل قد يأتي بسرعة، ربما اليوم الإثنين"، حسبما ذكرت "وول ستريت جورنال".

محدودة أم موسعة؟.. سيناريوهات لمواجهة إيرانية إسرائيلية "جديدة" "هل انتهى الأمر أم لا؟"، سؤال أثار حالة من الجدل في أعقاب الهجوم الإيراني "غير المسبوق" على إسرائيل، والذي تبعه "توعد إسرائيلي بالرد" في مقابل اعتبار إيران "الأمر منتهيا"، وهو ما يجيب عنه مختصون تحدث معهم موقع "الحرة"

والرد بقوة على الأراضي الإيرانية قد يؤدي إلى عمليات انتقامية أكثر تدميرا، لكن عدم الرد على الإطلاق، أو بشكل ضعيف للغاية، يمكن أن يؤدي أيضا إلى تآكل الردع، مما يجعل إسرائيل وغيرها أكثر عرضة للهجمات الإيرانية المستقبلية، وفق ما قاله نداف بولاك، وهو محلل حكومي إسرائيلي سابق يدرس في جامعة رايخمان.

وأضاف: "لقد بدأت إيران مرحلة جديدة.. لقد توقفت عن الاختباء خلف الوكلاء وأصبحت الآن معرضة لهجوم مباشر من إسرائيل".

وتشكل الجماعات المدعومة من إيران ما يسمى "محور المقاومة"، وهو تحالف من الميليشيات المسلحة التي تضم حركتي الجهاد وحماس في غزة، وحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وجماعات مسلحة عدة في العراق وسوريا، وهي بمثابة خط دفاع أمامي إيراني، وتستخدمها طهران لنشر نفوذها في جميع أنحاء المنطقة.

وعبر تلك المليشيات، نجحت إيران في منافسة القوى الإقليمية التقليدية في المنطقة، إذ تدعم "مباشرة أو بطريقة غير مباشرة"، أكثر من 20 جماعة مسلحة، غالبيتها مصنفة "إرهابية" لدى الولايات المتحدة.

جزء صغير من "ترسانة كبيرة"

إيران مسلحة بأكبر عدد من الصواريخ الباليستية في المنطقة، وفق مكتب مديرة المخابرات الوطنية الأميركية.

ولم يستهلك هجوم السبت، سوى جزء صغير من قوة ترسانة طهران، حسب "وول ستريت جورنال".

بعد الهجوم على إسرائيل.. ما هي قدرات إيران "الصاروخية"؟ أطلقت إيران، السبت، سربا كثيفا مكونا من 200 طائرة مسيرة فتاكة وصواريخ بالستية وصواريخ كروز باتجاه إسرائيل، تم اعتراض "الغالبيّة العظمى" منها لكن "أضراراً طفيفة" لحقت بقاعدة عسكرية إسرائيلية، بحسب ما أعلنه الجيش الإسرائيلي.

والأسبوع الماضي، نشرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية، رسما بيانيا لتسعة صواريخ إيرانية قالت إنها قادرة على الوصول إلى إسرائيل.

ومن بين هذه الصواريخ، "سجيل" الذي يستطيع قطع أكثر من 17 ألف كيلومتر في الساعة وبمدى يصل إلى 2500 كيلومتر، و"خيبر" الذي يصل مداه إلى ألفي كيلومتر و"الحاج قاسم" الذي يبلغ مداه 1400 كيلومتر ويحمل اسم قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، الذي قتل في غارة أميركية بطائرة مسيرة في بغداد قبل أربع سنوات.

وفي يونيو الماضي، ذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا) أن إيران أزاحت الستار عما وصفه المسؤولون بأنه أول صاروخ باليستي فرط صوتي من إنتاجها.

ويمكن للصواريخ فرط صوتية الانطلاق بسرعات تزيد بخمس مرات على الأقل عن سرعة الصوت وفي مسارات معقدة مما يجعل من الصعب اعتراضها.

وفي أغسطس الماضي، قالت إيران، وهي منتج رئيسي للطائرات المسيرة، إنها صنعت طائرة مسيرة متطورة محلية الصنع تسمى مهاجر-10 يصل مداها إلى ألفي كيلومتر وقادرة على الطيران لمدة تصل إلى 24 ساعة وعلى حمل ما يصل إلى 300 كيلوغرام.

ورغم أن عددا قليلا فقط من الصواريخ الإيرانية تمكنت من دخول الأراضي الإسرائيلية السبت، فقد استمد الجيش الإيراني معلومات استخباراتية قيمة من مراقبة كيفية عمل الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأميركية، حسبما تشير "وول ستريت جورنال".

وقال جوناثان شانزر، الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن: "كانت إيران تختبر نظام الدفاع الصاروخي، وعزم دول المنطقة، وعزم الولايات المتحدة".

ماذا عن الرد الإسرائيلي؟

تمتلك إسرائيل واحدا من أكبر الجيوش في العالم، لاسيما من ناحية التجهيز العسكري، وتعتمد على "ضخامة قوتها العسكرية"، من أجل الحفاظ على نفوذها في المنطقة، مستفيدة من دعم الولايات المتحدة "ماديا وعسكريا".

وتحتل إسرائيل المرتبة الـ14 بين أقوى جيوش الأرض، بينما تحل إيران بالمرتبة الـ17 عالميا، وفق موقع "غلوبال فاير باور".

عندما تدرس إسرائيل ردها، يجب عليها أيضا أن "تزن مصالح شركائها العرب"، مثل الأردن والسعودية والإمارات، حسبما تشير "وول ستريت جورنال".

وعلى الرغم من الغضب الشعبي إزاء مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين خلال الحرب في غزة، ساعد الأردن وشركاء آخرون إسرائيل في التصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية، السبت.

وقال ستيفن كوك، محلل شؤون الشرق الأوسط في معهد واشنطن لأبحاث الشرق الأوسط: "لقد كثف شركاؤنا الإقليميون جهودهم على الرغم من التوتر الكبير للغاية بينهم وبين إسرائيل منذ ستة أشهر، وبينهم وبين الولايات المتحدة".

وبغض النظر عن مدى كره دول المنطقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، فإنها "تكره الحكومة الإيرانية أكثر"، وفق كوك.

ومن المرجح أن يلعب هؤلاء الشركاء العرب إلى جانب الولايات المتحدة وآخرين، دورا حيويا في "توفير المعلومات الاستخباراتية وفتح مجالهم الجوي، وفي حالة الأردن، إسقاط الأسلحة الإيرانية".

وقال مسؤولون أميركيون لـ"وول ستريت جورنال"، إن نصف الصواريخ الباليستية التي أطلقتها إيران إما فشلت في الإطلاق أو سقطت من السماء قبل أن تصل إلى أهدافها.

وفشل إيران في إلحاق الضرر بإسرائيل نتيجة للدفاعات الجوية الإسرائيلية المتفوقة "كشف عن مدى ضعف طهران عندما يتعلق الأمر بالتهديد العسكري التقليدي".

وهذا هو السبب وراء "استثمار إيران كثيرا في الجماعات الإرهابية والقوات المسلحة". 

وقال بريان كاتوليس، وهو زميل بارز في معهد الشرق الأوسط، إن تلك الجماعات المختلفة لديها "قدرة كبيرة على زرع الخوف والتسبب في قدر كبير من المخاطر للمنطقة".

الخيار النووي؟

حذر علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، من أن الضعف الواضح في القدرة العسكرية التقليدية لإيران قد يحمل في طياته مخاطر تصعيدية. 

وبما أن الهجمات بالوكالة التي يشنها حزب الله أو حماس ولا القصف المباشر على إسرائيل تنجح، فقد يميل صناع القرار في طهران بشكل متزايد إلى "الخيار النووي"، وفق فايز.

وإذا كانت "الصواريخ الباليستية والمسيرات" غير كافية فمن المحتمل أن تستنج إيران أن "المنفذ الوحيد المتبقي لهم هو الردع النهائي".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة وول ستریت جورنال الهجوم الإیرانی الرد الإسرائیلی الشرق الأوسط طائرة مسیرة على إسرائیل فی المنطقة من إیران أکثر من وفق ما

إقرأ أيضاً:

محللون: الرد الإيراني قادم وتل أبيب تستعد للأسوأ

القدس المحتلة- قبيل الضربة الأميركية التي استهدفت 3 مواقع نووية حساسة داخل إيران، لم تترك إسرائيل الأمور للمجهول. وبادرت إلى بناء شبكة أمان سياسية وعسكرية "محكمة"، شملت تنسيقا "عميقا" مع واشنطن، وجهوزية عملياتية على الأرض، وتقديرات استخباراتية "دقيقة" لما قد يأتي من طهران.

في قلب هذه الاستعدادات، وقفت الجبهة الداخلية الإسرائيلية باعتبارها الهدف المرجح لأي رد إيراني. لذلك، رفعت إسرائيل حالة التأهب القصوى في جميع وحدات الدفاع الجوي، خاصة حول المرافق الإستراتيجية، والمراكز الحكومية، والمناطق الحيوية في تل أبيب ومحيطها. كما أُعلنت حالة طوارئ في الجبهة الشمالية، تحسبا لاحتمال دخول حزب الله على خط التصعيد.

بالموازاة، لم تخف القيادة الإسرائيلية نيتها توسيع الحملة العسكرية تحت عنوان "الأسد الصاعد"، عبر تكثيف الهجمات الجوية ضد أهداف إيرانية في العمق، وليس فقط في سوريا أو العراق.

وشملت الضربات الجوية الإسرائيلية التي أعقبت الهجوم الأميركي الأخيرة منشآت لوجيستية ومنظومات دفاع جوي ومواقع إطلاق مسيرات بعيدة المدى، في ما يشبه مرحلة تمهيد ناري لإضعاف القدرة الإيرانية على الرد.

الرئيس الإيراني: الهجوم على الكيان الصهيوني صباح اليوم هو رد على السياسات العدائية الأمريكية pic.twitter.com/xnZRMoHCY3

— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 22, 2025

سيناريو متطرف

تشير تقديرات المحللين الأمنيين والعسكريين في إسرائيل إلى أن الرد الإيراني قادم، ولكن حجمه ونوعيته ما زالا غير محسومين. وتراوح السيناريوهات بين هجوم محدود عبر أذرع طهران في اليمن أو العراق، وبين تصعيد مباشر قد يشمل إطلاق صواريخ دقيقة أو طائرات مسيّرة من داخل إيران نحو العمق الإسرائيلي.

وفي السيناريو الأكثر تطرفا، تتوقع إسرائيل محاولة إيرانية لتوجيه ضربة رمزية لكنها مؤلمة، تستهدف إحداث صدمة نفسية وردع سياسي، من دون الانزلاق إلى حرب شاملة.

إعلان

ومع ذلك، تحذر أوساط أمنية إسرائيلية من احتمال لجوء طهران إلى "سلاح غير تقليدي" بمعناه التكتيكي، مثل تفجير "قنبلة قذرة" في منطقة مدنية أو هجوم سيبراني واسع النطاق.

ومن منظور تل أبيب وبحسب التحليلات الإسرائيلية، كانت الضربة الأميركية عنصرا أساسيا في تشكيل غطاء شرعي للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، خصوصا أن واشنطن هي التي تولت التنفيذ العلني، بينما التزمت إسرائيل الصمت.

لكن ما بعد الضربة ليس كما قبلها. فمصير التصعيد بات مرهونا بالرد الإيراني. وإذا خرجت الأمور عن السيطرة، فقد تجد إسرائيل نفسها في معركة أوسع تفرض نهايتها من خارج المنطقة، وتحديدا من البيت الأبيض، حيث يتابع الرئيس دونالد ترامب التطورات عن كثب، وقد يقرر إنهاء الحملة في أي لحظة، دون اعتراض يذكر من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.

وتجمع قراءات المحللين على أن المرحلة المقبلة مرهونة برد الفعل الإيراني، هل سيكون مدروسا ومحدودا؟ أم تصعيديا ومكلفا؟ في كلتا الحالتين، تبدو إسرائيل كمن يستعد لحرب طويلة، لكنه يفضل نهايتها السريعة إذا جاءت بأثمان مقبولة.

وحتى ذلك الحين، يبقى الجميع في حالة ترقب، فوق الأرض وتحتها، في مراكز القرار وملاجئ الطوارئ.

قادة عسكريون إسرائيليون من غرفة العلميات لمراقبة الهجمات الجوية الإسرائيلية في إيران بعد الضربة الأميركية (الجيش الإسرائيلي) تقييم أمني

في ظل مناقشة سيناريوهات الرد الإيراني، عقد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أول تقييم أمني موسع عقب الهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية، تحضيرا لمواصلة عملية "الأسد الصاعد".

وشارك في الاجتماع كبار قادة الأمن والجيش وعلى رأسهم رئيس الأركان إيال زامير، واطلع كاتس على تقرير مفصل عن نتائج الضربة الأميركية المنسقة مع إسرائيل، والتي استهدفت مواقع في نطنز وأصفهان وفوردو. وناقش الحضور احتمالات التصعيد، بما يشمل هجمات مباشرة أو عبر أذرع إيران الإقليمية.

وصادق كاتس في ختام الاجتماع على أهداف عسكرية جديدة، من ضمنها، ولأول مرة علنا، سيناريو العمل على تقويض النظام الإيراني إذا تجاوزت طهران الخطوط الحمراء.

الاجتماع، بحسب "هآرتس"، عكس تصعيدا في اللهجة الإسرائيلية، واستعدادا لمواجهة ممتدة، مع ترك هامش للتحرك الدبلوماسي إذا اقتضت الحاجة.

رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية: العملية ضد #إيران نفذتها القيادة الوسطى الأمريكية، وكانت مهمة معقدة وعالية المخاطر، وصممت لإضعاف الأسلحة النووية الإيرانية والبنية التحتية بشكل كبير، والأسلحة المستخدمة شملت قنابل تزن ثلاثة آلاف رطل وقذائف خارقة#الأخبار pic.twitter.com/rq9Khdz1Bd

— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 22, 2025

الحسابات الإسرائيلية

في قراءة تحليلية لمراسلة الشؤون الأمنية والعسكرية لصحيفة "يسرائيل هيوم"، ليلاخ شوفال، أكدت أن انضمام الولايات المتحدة إلى الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية لم يكن مفاجئا، بل ثمرة تنسيق دقيق ومسبق مع إسرائيل، التي لعبت دورا محوريا في تمهيد الأرضية الجوية للهجوم.

إعلان

وترى شوفال أن التدخل الأميركي في الهجوم على إيران يحمل 3 نتائج إستراتيجية حاسمة، هي:

تعزيز الأثر العملياتي. تقصير مدة الحملة، حيث يسرع التدخل الأميركي وتيرة العمليات، مما يتيح لإسرائيل الخروج السريع أو فتح مسار تفاوضي. تدويل المواجهة، إذ تحوّلت الحرب من عملية إسرائيلية خالصة إلى صراع أميركي-إيراني، مما يضع طهران أمام خيار وجودي، التراجع أو التصعيد مع واشنطن.

وتختتم شوفال بالقول إن "الساعات القادمة ستكون حاسمة"، حيث تنتظر إسرائيل تقييما دقيقا للأضرار التي لحقت بالبنية النووية الإيرانية، إلى جانب ترقب شكل وحجم الرد الإيراني. فبين نجاح العمليات الجوية، والدخول الأميركي الثقيل، قد تكون المعركة بلغت ذروتها أو اقتربت من نهايتها.

بداية أم نهاية

في مقال تحليلي، وصف محلل الشؤون الأمنية والعسكرية، رون بن يشاي، في صحيفة "يديعوت أحرونوت" التنسيق الأميركي-الإسرائيلي بشأن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية بأنه لحظة مفصلية في تاريخ التحالف بين الجانبين.

وبحسب بن يشاي، فإن ما جرى ليس مجرد عمل عسكري، بل بناء فعلي لـ"شبكة أمان" إستراتيجية ستمتد آثارها لعقود، وستدفع دولا في المنطقة نحو مزيد من التقارب والتطبيع مع إسرائيل.

ولا يستبعد المحلل العسكري أن يطلب ترامب من إسرائيل وقف العمليات لإتاحة المجال أمام مفاوضات، وهو طلب لن يلقى اعتراضا إسرائيليا إن طُرح، لوجود رغبة حقيقية في إنهاء العملية قبل الانزلاق إلى "اقتصاد حرب" طويل المدى.

لكن رغم كل ذلك، يضيف بن يشاي: "لم تدمر جميع منصات الإطلاق، ولا جرى تحييد المعرفة النووية الإيرانية أو 409 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب المخزن في مواقع سرية".

وعليه يبقى الخوف الأكبر في تل أبيب، بحسب قراءة المحلل العسكري، من إمكانية استخدام هذا المخزون في تصنيع "قنبلة قذرة" ذات أثر نفسي وإستراتيجي مدمر.

وخلص للقول إن "إسرائيل والولايات المتحدة شنتا هجوما منسقا ومدروسا، لكن عين الجميع الآن على الرد الإيراني، الذي سيحسم إن كان هذا التحرك بداية نهاية أم شرارة لحرب أوسع".

مقالات مشابهة

  • قصف منشآت إيران بطائرات B‑2:لحظة الانفصال عن المنطقة الرمادية
  • الرئيس الإيراني: إسرائيل هي من يعرض أمن المنطقة للخطر.. ولا نسعى للحرب
  • محللون: الرد الإيراني قادم وتل أبيب تستعد للأسوأ
  • الرد الإيراني قادم لا محالة.. خبير سياسي: طهران تملك سيناريوهات متعددة تبدأ من استهداف إسرائيل وتنتهي بغلق مضيق هرمز
  • ولي العهد يبحث مع ماكرون ورئيسة وزراء إيطاليا تداعيات الهجوم الإسرائيلي على إيران
  • تطور مفاجئ يربك حسابات العراق بالصراع الإسرائيلي الإيراني
  • الدويري: هذه هي سيناريوهات الرد الإيراني المحتمل على واشنطن
  • 430 قتيلا و3500 جريح في تواصل الهجوم الإسرائيلي على إيران
  • الجامعة العربية تدين الهجوم الإسرائيلي على إيران وتدعو للتهدئة
  • العربي للدراسات: إيران زعزعت استقرار إسرائيل والرد كان مفاجئًا وموجعًا