يمانيون:
2025-07-29@19:01:23 GMT

اليمن يذل الغرب في البحار

تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT

اليمن يذل الغرب في البحار

يمانيون/ تقارير استجابة للضغوط الأمريكية، ومتجاهلة للتحذيرات اليمنية وغير مدركة للعواقب أعلنت عدة دول أوروبية عن تشكيل تحالف بحري في البحر الأحمر لمشاركة الأمريكيين محاولتهم كسر الحظر المفروض على كيان العدو، لتكون النتائج مخيبة لآمالهم.

وبعد أسابيع وأشهر قليلة وفي ظل تصاعد الهجمات اليمنية في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي على سفن التحالف الأمريكي الرامي إلى كسر الحظر على كيان العدو الصهيوني أعلنت عدة دول أوروبية سحب بوارجها وفرقاطاته الحربية، أو ألغت مشاركتها في التحالف قبل أن تبدأ.

وفي جديد الانكسارات الأوروبية من البحر الأحمر كشف موقع كشف موقع “مارينشيبين” المتخصص في الأمن البحري أن وزارة الدفاع البلجيكية أجلت نشر الفرقاطة “لويز ماري” في البحر الأحمر بسبب فشلها في التصدي لهجوم بطائرة مسيّرة، مشيرا إلى أن صاروخا مضادا للطائرات علق في أنبوب الإطلاق أثناء التدريب، والدفاعات الأخرى فشلت في إسقاط الطائرة، موضحا أن الفرقاطة لا تزال في البحر الأبيض المتوسط وتم تأجيل مهمتها إلى أجل غير مسمى.

الدنمارك.. وتناقض الروايات حول قدراتها البحرية

وكانت الدنمارك أعلنت بصورة مفاجئة سحب مدمرتها الوحيدة في البحر الأحمر، وذلك بعد أقل من شهرين على نشر قوة الاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر والمعروفة بـ “اسبيدس”، دون أن تفصح رسميا تعرض بارجتها لهجوم إلا أن البعثة الأوروبية اعترفت على لسان قادة إيطاليين وألمان وفرنسيين بتعرض بوارج تلك الدول الرئيسية لهجمات متكررة خلال أسابيع.

وبعد نحو شهر من مشاركتها في التحالف الأمريكي، أعلنت الدنمارك، المدمّرة “إيفر هويتفيلدت”، من منطقة الاشتباكات قبالة مضيق باب المندب، زاعمة أن سحب المدمرة بأنظمة دفاع جوي متطورة، بشكل طارئ، إلى تعرّضها لخلل فني.

في حين أكد أكثر من مصدر عسكري في صنعاء، تعرّض المدمرة الدنماركية لأكثر من هجوم غير معلن من قبل البحرية اليمنية بعد نحو أسبوع من بدء عملياتها التي نُفّذت أولاها في التاسع من مارس الماضي، تلته عملية هجومية أخرى أدت إلى أضرار كبيرة فيها وأخرجتها عن الجاهزية، وفقا لصحيفة الأخبار اللبنانية.

 وفي تعليقه على ذلك، اعتبر عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، الإعلان إنجازاً جديداً للقوات البحرية اليمنية، مشيرا وأشار في بيان إلى أن “هذا الانسحاب يأتي بعد أسبوع من سحب بريطانيا المدمّرة ريتشموند من البحر الأحمر”.

على أن الرواية الدنماركية نفسها بدت متناقضة، ففي حين نقلت وكالة “رويترز”، عن قائد المدمّرة، سوني لوند، بعيد وصولها إلى الدنمارك قوله إنها تعرّضت لخلل في أنظمة أسلحتها إثر إصابتها في هجوم بطائرات مسيّرة من قبل قوات صنعاء البحرية، أرجعت وسائل إعلام دنماركية السحب إلى خلل فني أصاب منظومة الدفاع الجوي الحيوية في المدمّرة.

من جهته، يؤكد الخبير العسكري المقرّب من وزارة الدفاع في صنعاء، العميد مجيب شمسان، لـ”الأخبار”، أن سحب المدمّرة يعود إلى تعرّضها لهجمات قاسية من قبل قوات صنعاء البحرية، معتبرا أن حديث البحرية الدنماركية، مطلع مارس الفائت، عن اعتراضها أربع طائرات مسيّرة، دليلاً على تعرّضها لهجمات يمنية أدت إلى تعطل منظومة الدفاع الجوي فيها، مشيراً إلى أن كل القوات المنضوية تحت إطار تحالف ما يسمى “حماية الازدهار”، تواجه مشكلة دفاعية، وكل منظوماتها الجوية فشلت في صد الهجمات اليمنية.

من جانبه، أكد نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي بصنعاء العميد عبدالله عامر تعرض الفرقاطة الدنماركية للاستهداف ، ملمحا في منشور على صفحته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي إلى أنها أصيبت، مضيفا  “سفينة حربية تابعة لدولة أوروبية غادرت البحر الأحمر بعد استهدافها بطائرة مسيرة واحدة فقط”.

وعلى إثر الفشل الدنماركي أعلنت كوبنهاغن إقالة الجنرال فليمنج لينتفر رئيس أركان الجيش الدنماركي بسبب الفشل في التصدي لهجوم يمني على إحدى البوارج الحربية التابعة لها في البحر الأحمر.

الانسحاب الفرنسي

وبعد أيام من الانسحاب الدنماركي، أعلنت البحرية الفرنسية سحب الفرقاطة FREMM-Alsace من البحر الأحمر، وقال قائد الفرقاطة ” لم نكن نتوقع هذا المستوى من التهديد كان هناك عنف غير مقيد كان مفاجئًا وهامًا للغاية ولايتردد الجيش اليمني في استخدام الطائرات بدون طيار التي تحلق على مستوى الماء”

وكانت الولايات المتحدة قد قررت في وقت سابق سحب حاملة الطائرات الامريكية “يو اس ايزنهاور” كاشفة عن حجم الصعوبة والمخاطر التي تواجهها البحرية الامريكية في البحر الأحمر.

وقال قائد سرب الطائرات الحربية في حاملة الطائرات الامريكية “يو اس ايزنهاور” النقيب مارفن سكوت ان المسؤولون الأمريكيون يقدرون أن بداية الصيف هي إطار زمني واقعي لعودة المجموعة الضاربة إلى موطنها في نورفولك، وستجري المناقشات في وقت قريب من ذلك الوقت حول نوع الوجود المطلوب.

الارتباك الألماني

وعن حالة الإرباك التي يعشها التحالف كشف مسؤول عسكري أمريكي في تصريح لشبكة CNN، إن الفرقاطة الألمانية “هيسن” أطلقت النار بطريق الخطأ على طائرة أمريكية بدون طيار فوق البحر الأحمر، مشيرا إلى أن الفرقاطة الألمانية التي كانت تعمل في البحر الأحمر كجزء من جهود الاتحاد الأوروبي، أطلقت النار على الطائرة الأمريكية بدون طيار من طراز MQ-9، معتقدة أنها طائرة بدون طيار تابعة لليمنيين، لكنها أخطأتها.

وعلى الرغم من أن ألمانيا تكتمت عن الحادثة إلا أن وسائل إعلام ألمانية، أكدت أن البحرية الألمانية كادت أن تسقط طائرة مسيرة أمريكية عن طريق الخطأ بالبحر الأحمر.

وضع مزري للتحالف الأمريكي

في تقريرها على متن بارجة فرنسية، نقلت قناة “فرانس 24″ عن قيادات الفرقاطة قولها إنها في حالة طوارئ على مدار الساعة  في ظل استمرار تحليق الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية على مدار اليوم.

وأبرز المتحدثين للقناة الكابتن لويس والذي وصفته القناة بالقائد الثاني للفرقاطة الفرنسية إذ أكد تلقيهم  تقارير متواصلة حول إطلاق اليمنيين للصواريخ والمسيرات دون تحديد وجهتها وهو ما يجعلهم في حالة تأهب تحسبا لاستهداف مرتقب.

ونشرت القناة لقطات خلال تحليق صواريخ بالستية قالت إنه اتضح أنها كانت تستهدف “إسرائيل” ومرت فوق الفرقاطة الفرنسية.

ومن ضمن ما نشرته القناة عجز البوارج الفرنسية تنفيذ عمليات استطلاع، ونقلت عن قائد عسكري فرنسي قوله إنه في إحدى المرات تم إرسال مروحية استطلاع  لتتحول العملية إلى مطاردة من قبل مسيرات.

وأوضحت القناة بأن طواقم البوارج الفرنسية لا يحصلون على الراحة الكافية في ظل الهجمات المتكررة  خلال الصباح والمساء، مستشهدة باستهداف البارجة بـ3 صواريخ بالستية  بعد ساعات من اعداد التقرير  ..

والوضع على متن البارجة الفرنسية جزء من سيناريو باتت تفرضه القوات اليمنية على البوارج الأجنبية المتمركزة في البحر الأحمر ضمن مساعي كسر الحصار عن “إسرائيل” وأكدته وسائل إعلام أمريكية وبريطانية بلقاءات سابقة مع قادة تلك البوارج.

هجمات متزايدة وغير متوقعة

وقال النقيب مارفن سكوت، قائد سرب الطائرات الحربية، إن اعتراض الهجمات اليمنية بات الخطر الأكبر، مؤكداً على الصعوبات التي تواجه القوات الأمريكية في الرد على هذه الهجمات.

ونقلت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية تصريحات قائد الفرقاطة“FREMM Alsace” حول التهديدات الأمنية، خصوصا بعد الهجمات المتزايدة باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية.

وذكرت الصحيفة، أن عودة الفرقاطة   إلى فرنسا، بعد مغامرة في البحر الأحمر، سببه ما وصفته “المستوى العالي من التهديد”،  وقال قائد الفرقاطة الفرنسية المنسحبة جيروم هنري، “لم نكن نتوقع هذا المستوى من التهديد كان هناك عنفاً غير مقيد كان مفاجئاً وهاماً للغاية، ولا يتردد اليمنيون في استخدام الطائرات بدون طيار التي تحلق على مستوى الماء، لاستهداف السفن وإطلاق الصواريخ الباليستية“.

 وأضاف جيروم هنري أن “وتيرة العمليات من اليمن في البحر الأحمر وخليج عدن تتزايد، وكانت البداية بالطائرات المسيّرة، والآن أصبح الاستخدام للصواريخ الباليستية منتظم جداً”، مشيرا إلى أن “التهديد الذي تعرضت له الفرقاطة في البحر الأحمر هو الأكبر”، مؤكدا أن اليمنيين يتقنون أسلوبهم، فكلما أطلقوا النار أكثر، أصبحوا أكثر دقة”.

وبيّن الجنرال البحري الفرنسي “جيروم هنري” أنه تم استخدام جميع المعدات القتالية على متن الفرقاطة، من صاروخ أستر إلى الرشاش 7.62 للمروحية، بما في ذلك المدفع 12.7 أو 20 ملم أو 76 ملم.   وأكد قائد الفرقاطة الفرنسية المنسحبة “FREMM Alsace“ في ختام تصريحاته، أنه تم “استخدام صواريخ أستر التي تبلغ تكلفة الواحد مليوني دولار إلى أقصى حد وعلى أهداف لم يتم تخيلها في البداية”.

وكانت الولايات المتحدة قد قررت سحب حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس أيزنهاور” كاشفة عن حجم الصعوبة والمخاطر التي تواجهها البحرية الأمريكية في البحر الأحمر.

 وقال قائد سرب الطائرات الحربية في حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس أيزنهاور” النقيب مارفن سكوت، أن المسؤولين الأمريكيين يقدرون أن بداية الصيف هي إطار زمني واقعي لعودة المجموعة الضاربة إلى موطنها في نورفولك، وستجري المناقشات في وقت قريب من ذلك الوقت حول نوع الوجود المطلوب.

ورغم تكتّم الأمريكيين والأوروبيين على تفاصيل ما يجري في البحار العربية والمحيط الهندي، إلا أن نتائج الفعل اليمني باتت جليه وواضحة للعيان تكشف عن “ورطة” حقيقية وقعت فيها أمريكا وبريطانيا، وفي محاولة لتخفيف الضغط على قواتها تحاول توريط دولا أخرى.

وبالإضافة إلى ورطتهم لم يتمكنوا تحقيق أيا من أهدافهم التي أعلنوها قبل أشهر، فالحلف يراوح مكانه غير قادر على كسر الحصار اليمني على كيان العدو بل لم يتمكن حتى تمرير حتى سفينة واحدة إلى الموانئ الصهيونية في فلسطين المحتلة ، وعلاوة على ذلك بات الحلف عاجز عن حماية سفنها أمام ضربات اليمنيين، كما منعت صنعاء الملاحة للسفن الأمريكية والبريطانية كرد طبيعي على اعتداءات تلك الدول على اليمن، وما تزوير التحالف في أوراق سفنه ليثبت عدم ملكيته للسفن المستهدفة إلى أحد نتائج الإذلال اليمني للمتغطرسين.

# القوات المسلحة اليمنية#المحيط الهنديً#اليمن#طوفان الأقصىالبحر الأحمر

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: فی البحر الأحمر حاملة الطائرات قائد الفرقاطة بدون طیار وقال قائد من البحر إلى أن من قبل

إقرأ أيضاً:

حاتم الصكر يكتب: سمك الغرب وماء الشرق: "صيد السلمون في اليمن" والبعد الاستشراقي

لا تكاد مقولات الاستشراق بنوعيه القدم والجديد أن تتغير جوهرياً بصدد التعايش والنّدية البشرية، ونبذ الاستعلاء في خطاب الغرب التقليدي بوهم المزج بين الحضارة والمدنية، أي عدّ الحضارة في الشرق متأخرة في التقييم بسبب المدنية التي حصل عليها الغربيون.

 

وهذه مصادرة على مطلوب منطقي لا يضع في الاعتبار ما على الأرض من رواسم وشواهد، تنطق بالمنجز الإنساني في تاريخ الشرق والإضافات التي قدمها للحضارة العالمية ونهضتها الحديثة، رغم الظلام الذي يعم حاضره لأسباب لم يكن الغرب نفسه بمنأى عن صنع بعضها احتلالاً، وتجهيلاً، ونهباً لثرواته وكفاءاته وتراثه الروحي الذي تعج به متاحف الغرب.

 

لقد استند إدوارد سعيد في قراءته للفكر الاستشراقي على تمددات هذا الفكر من مقولة دزرائيلي إن الشرق صناعة غربية. وتعقب ذلك ليرى تجسداته في الصور النمطية التي تُصنع في الأعمال الروائية الغربية لكراهية الآخر، عبر تنميطه بتلك الطريقة التي شخّصها سعيد وبحث في مشغّلاتها النظرية؛ ليدين الخطاب الاستشراقي الكامن في خلفيات كتابتها ومحرك ذلك التصور المنتج سردياً.

 

وإذ يتحدث سعيد عن علاقات ثقافية وسياسية، يريد الاستشراق، بكونه (خطاباً) حسب المفهوم الفوكوي الذي تبنّاه سعيد، أن يلخّصه في (صورة نمطية) تشيع وتترسخ ليسهل من بعد رفضها، وتبرير كراهيتها، مبيناً خطورة عمل السلطة في المعرفة، وكاشفا إجراءات معرفة الغرب بالشرق التي (كانت سبيلاً لمدّ السلطة عليه)، وهكذا أصبح (الشرق) نصاً، و(الغرب) سلطة، والاستشراق (معرفة) ووسيلة للهيمنة.

 

يخيل إلي أن رواية «صيد السلمون في اليمن» لبول توردي في تأويل قرائي معمق لوجهة النظر فيها، إنما تنويع عصري وسرد حداثي لموضوع استحالة التعايش، أو هي استرجاع سردي لمقولة الشاعر كبلنغ: الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا، مطوراً المعنى من الجهات الجغرافية – تباعد الشرق والغرب في المكان واستحالة التقاء الشروق بالغروب زمانياً أيضاً. ليجعلها قانوناً محتملاً لتلك النظرة الاستعلائية والمشبعة بضرورة التباعد الإنساني، حفظاً لتراتبات تبنى على وهم التخلف في ما هو راهن لأسباب لا تخفى على قراء التاريخ وتطور المجتمعات وفترات الاحتلال والقهر التي تعرض لها الشرق غالباً، في وقت تَقدُّم الآلة الغربية متسلحة بفائض الثروات والعلم والتسلح. وهي كلها بالمناسبة ليست اكتساباً غريباً ذاتياً، بل نتيجة صراعات واحتلالات وتدمير بنى كثيرة في الشرق.

 

إن العمل الذي شبهه المترجم الدكتور عبد الوهاب المقالح في المقدمة العربية للرواية «بصبر صياد وبراعته كي يصطاد في النهاية عملا كهذا يرينا الصلة الممكنة بين الشرق والغرب، عبر رمزية عيش السمك بعيداً عن منابع الأنهار التي يجري فيها أو يهاجر إليها السلمون».

 

لقد استجاب الدكتور جونز العالم المتخصص بصيد سمك السلمون لضغط الحكومة البريطانية، لتنفيذ رغبة الشيخ اليمني محمد لتنفيذ رياضة صيد السلمون في اليمن ترافقه مجموعة باحثين سيفشلون في المشروع؛ لأن السلمون في الأصل لا يعيش في بيئة كاليمن. ولكن الروائي اختار نهايته بعمل الطبيعة التي تثور غاضبة وتعصف بكل شيء يوم افتتاح المشروع الذي هللت له واحتفت به الحكومة البريطانية، هرباً من خيبات حروبها في الشرق، وتعتيماً عليها، فيموت الشيخ اليمني ورئيس وزراء بريطانيا غرقاً، ويهلك سمك السلمون كذلك.

 

وحين يعتزل الدكتور جونز العمل العلمي والبحثي بعد فشل المشروع، يعيش متفرغا في كوخ صغير مشرفا على مفقسة لتربية الأسماك اليافعة في بريطانيا. ويقول: «تلك السلمونات الصغيرة لديها هنا فرصة أكبر مما يمكن أن تتاح لها لو كانت في اليمن. هذا موطنها الطبيعي، كما هو موطني الطبيعي». فعادت أسماك الغرب لتعيش وتفقس بيضها في مياهه، لا في المياه الشرقية، العربية تحديداً. ويطغى على وصفه للسمكات الصغيرة طابع العطف على مصيرها المحتمل، هناك في الصحراء العربية التي لا تزال في المخيال الغربي مكان التجهيل والتخلف والأساطير القديمة.

 

أما في الفيلم فثمة أمثولة أيضاً، فبسبب سقوط المطر بغزارة في أحد مواقع التصوير في المغرب جرت إعادة بناء ديكوراته، فرأى أحد الممثلين في ذلك إنجازاً وتحقيقاً للمستحيل. وكأنه يبتكر مسمّى جديداً لفشل ترويض السلمون ليعيش ويبيض في صحراء اليمن، وفي نهر اصطناعي. فكانت تلك صدفة موضوعية أن ترفض الطبيعة في المغرب التمثيل المستنسخ لبيئة اليمن، كما جرى في اليمن استنساخ الوهم السلموني الذي جسدته الرواية، وقام عليه تأويلنا بالبعد الاستشراقي الذي تجاهله النقاد وصناع الرؤية البصرية للرواية، بواسطة الفيلم الذي تم تصويره في أماكن يتم فيها تخييل الأحداث التي تدور في صحراء اليمن. حتى عّدته بعض الموسوعات وقراءات النقاد عملاً (رومانسيا كوميدياً).

 

ولا نفهم تفسير الكوميديا فيه إلا بأنها محاولة تكرار الصورة النمطية عن حياة العرب وتفكيرهم. كما أن النقد الفني الموجه للفيلم كان يوضح تحريف وقائع الرواية نحو الكوميديا، وافتعال المواقف الحادة الوقع، حتى أن مترجم الرواية ومسؤولون في المركز الثقافي البريطاني بصنعاء، وجدوا عند عرض الفيلم في لقاء خاص، أن ثمة اختلافات وفروقا كثيرة بين ما جاء في الفيلم والنسخة الروائية.

 

لقد كنت أعمل في جامعة صنعاء حين حدثنا زميلنا الدكتورعبد الوهاب المقالح عن صدور الرواية وعزمه على ترجمتها. من الطبيعي أن نندهش لما سمعنا عن فكرة الرواية وتمثلات المواقع اليمنية بتلك الدقة التي أسهب المقالح في سردها، وغرابة أحداثها، وبيّن عزمه على ترجمتها. وقد فعل ذلك، وأنجز الترجمة العربية الأولى للرواية ونشرها في صنعاء عام 2008، أي بعد عام واحد من صدورها في بريطانيا. ولم تكن الرؤية البصرية قد أنجزت سينمائياً إلا عام 2011.

 

حظيت الرواية بترجمات للغات عديدة وقراءات متعددة أيضاً شرقاً وغرباً. فتوقف الغربيون عند المثير في الأحداث وغرابتها، وما فيها من حبكات جانبية كالفساد الحكومي والوهم العلمي المساند له. والعلاقات الغرامية ونهاياتها المؤثرة، والتعريج على حرب الخليج عبر مصير النقيب روبرت ماثيوز المجند في القوة البريطانية في مدينة البصرة وزوجته هاريت التي تعمل في مشروع السلمون.

 

كانت أصداء قراءة الرواية عربياً قد توقفت عند موضوع الإيمان، والأمل الذي يعد إيماناً يفتقده العالم جونز المتخصص بصيد السلمون، وكذلك في دلالات المشروع الفاشل وترميزاته الفكرية عن علاقة الشرق والغرب، وإمكان تحققها بتلك الندية المفترضة بعد مزج الذاكرة والتاريخ والوقائع، وكذلك السائد من الرؤى والمواقف المكرسة للتباعد بالانحياز لناهبي الثروات والمحتلين.

 

وكذلك حول التبرير الاستعماري لجدوى المشروع وفشله المحتم، والسياسة التي تنفضح ألاعيبها وكواليسها وفساد السياسيين في ثنايا العمل. وقليلاً ما ذهبت القراءات إلى تكريس استحالة اللقاء الشرقي الغربي.

 

سيزور بول توردي اليمن عام 2014، ويصل إلى جبال حراز التي تخيل أن مشروع السلمون سينجز فيها، ويلتقيه الروائي اليمني وجدي الأهدل معية كتاب يمنيين، ويدوّن في مقالة نشرت في الملحق الثقافي لجريدة الثورة الصنعانية في الأول من كانون الأول (ديسمبر)، سارداً بعض تفاصيل ذلك اللقاء. يخبرهم توردي أنه زار المرتفعات الجبلية في سلطنة عُمان، ورآى مشاهد الطبيعة فيها، ما ساعده على تمثل جبال حراز موقعاً لمشروع السلمون، وخطة الرواية في تعيين الأمكنة الممكنة للحدث في اليمن.

 

وعندما يسأل الكتاب اليمنيون عن المعنى المجازي للرواية بعد تلخيصه لأحداثها، وإذا ما كان يعني «أن البلاد العربية الجافة ليست صالحة لتلقي الحضارة الغربية، وأن أية محاولة للتنوير سيكون مصيرها الفشل المحتوم؟». يقول الأهدل إن توردي أخذ وقتاً قبل أن يجيب، نافياً ذلك المعنى المنسوب للعمل، وردّ بأنه «قصدَ المعنى السياسي وضرورة عدم تدخل بلده في قضايا الشرق الأوسط، كما حصل في التدخل في العراق». وذلك تفسير أحادي قد ينطبق على جزئية مقترح الحكومة وبذخها على مشروع السلمون الفاشل. لكن المغزى الأعمق المقترح لا يروق للكاتب كما يبدو.

 

وفي مقال وجدي الأهدل أمثولة طريفة حيث أهدى الروائيون اليمنيون كتبهم لتوردي الذي قال إنه سيضعها في مكتبته، رغم أنها بالعربية التي يجهلها. ولديه يقين كما ينقل الأهدل بأنها ستخوض رحلة شبهة برحلة السلمون الذي يقطع مئات الكيلومترات مهاجراً من البحر إلى منابع المياه في الأنهار، لتصل أي الكتب، إلى قارئ ما.

 

ولعل توردي ساق لنا دليلاً آخر عند الحديث عن مصير الروايات المكتوبة بالعربية، الذي شبهه بما يحصل لسمك السلمون في كل هجرة للمنابع، متناسياً ما خطّ هو نفسه من مصير للسلمون المهاجر عكس التيار.


مقالات مشابهة

  • تصدر بمكتبة الإسكندرية.. مجلة هيباتيا تبحث علاقة المرأة بالعلوم البحرية
  • مجلة بريطانية: اليمن يفتتح مرحلة رعب جديدة في البحر الأحمر
  • لويدز ليست: اليمن يفتح مرحلة جديدة من التصعيد في البحر الأحمر
  • في تصعيد استراتيجي.. اليمن تدخل المرحلة الرابعة من حصارها البحري لـ الاحتلال الإسرائيلي
  • مستنقع اليمن.. لماذا لا تنتصر القوة الأمريكية على الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • صحيفة روسية: اليمن يهزم القوى الكبرى ويفرض إرادته على البحر الأحمر
  • تقرير روسي: اليمن يفرض إرادته على أهم الممرات الملاحية ويتحدى القوى الكبرى
  • حاتم الصكر يكتب: سمك الغرب وماء الشرق: "صيد السلمون في اليمن" والبعد الاستشراقي
  • أخبار البحر الأحمر: تحرك عاجل لحماية الثروات البحرية وتكريم طالب من أوائل الثانوية الأزهرية
  • اعلام روسي: اليمن يفرض إرادته على أهم الممرات الملاحية ويتحدى القوى الكبرى