أكاديميون وخبراء في المناخ: منخفض “#الهدير” جزء من التغيرات المناخية التي يشهدها العالم
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
أكد عدد من الأكاديميين والخبراء في التغير المناخي والطقس أن الأمطار الشديدة وغير المسبوقة التي شهدتها دولة الإمارات يوم 16 أبريل الجاري هي جزء من التحولات المناخية الحادة والاستثنائية التي يشهدها العالم في ظل زيادة الانبعاثات الكربونية القياسية، مشددين على أن هذه الحالة المطرية المتطرفة لا يمكن ربطها علمياً بعمليات التلقيح الصناعي للغيوم (الاستمطار).
وكانت دولة الإمارات قد شهدت هطول أكبر كميات أمطار في تاريخها الحديث خلال 16 أبريل الجاري وذلك في العديد من المناطق، وهي الأكبر منذ بدء تسجيل البيانات المناخية في العام 1949، حيث تم تسجيل أعلى كمية أمطار في منطقة “خطم الشكلة” بالعين، وبلغت 254.8 ملم وفقا للمركز الوطني للأرصاد الجوية الذي أعلن أن هذه الكمية هي الأعلى منذ 75 عاماً، مؤكداً أن هطول الأمطار بهذه الغزارة يمثل حدثًا استثنائيًا يساهم في زيادة المتوسط السنوي للأمطار في الإمارات وكذلك في تعزيز مخزون المياه الجوفية بالدولة بشكل عام.
وفي هذا الصدد قالت الدكتورة ديانا فرانسيس رئيسة قسم البيئة والعلوم الجيوفيزيائية في جامعة خليفة في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات “وام” إن الأحوال الجوية القاسية التي شهدتها الإمارات الأسبوع الماضي هي حالة استثنائية من حيث شدتها وآثارها واسعة النطاق، مشيرة إلى أن كمية المطر التي سقطت يوم 16 أبريل الجاري لم يسبق لها مثيل وتعادل كمية الأمطار التي تشهدها دولة الإمارات خلال عامين وتعادل أيضا كمية الأمطار التي تهطل على لندن في 7 أشهر في المتوسط.
وأضافت أن عملية تلقيح السحب (الاستمطار) لم تسبب أو تسهم في هطول كمية الأمطار الاستثنائية التي شهدتها البلاد ويعود ذلك لثلاثة أسباب أولها أن هذه الحالة الجوية أثرت على عدة دول في المنطقة، وثانيا أنه تم التوقع بهذه الحالة قبل خمسة أيام على الأقل بمعنى أن عملية تلقيح السحب لم تتسبب بحدوث هذه الحالة الجوية، وثالثاً وأخيراً أنه عندما يُتوقَّع حدوث مثل هذه الظواهر الخطيرة، لا يمكن إجراء عملية تلقيح للسحب لأنه يمثل خطورة كبيرة على الطيارين في ظل هذه الظروف الجوية.
وأوضحت أن عمليات تلقيح السحب تهدف إلى تعزيز هطول الأمطار عن طريق مساعدة بخار الماء على عملية التكثف في وجود السحب ولا يمكنه بأي حال من الأحوال المساهمة في عملية خلق السحب أو تكوين بخار الماء نفسه، حيث من الضروري توفر كل هذه العناصر من أجل حدوث عملية تلقيح السحب وخلال هذه الحالة الجوية توفرت كل العناصر الضرورية لسقوط هذه الكمية الكبيرة من الأمطار بدون الحاجة إلى عملية تلقيح السحاب.
وتوقعت الدكتورة ديانا فرانسيس أن تصبح الظواهر الجوية القاسية أكثر تواتراً وأكثر كثافة بسبب الاحترار الجوي الذي يسمح للغلاف الجوي بالاحتفاظ بقدر أكبر من الرطوبة.
ويتفق الدكتور منصور المزروعي خبير التغير المناخي في المملكة العربية السعودية مع طرح الدكتورة فرانسيس حيث يتوقع أن تشهد الدولة خلال نهاية الشهر الحالي ومطلع مايو القادم أمطاراً قد تكون غزيرة نتيجة ما تشهده دول العالم من تحولات مناخية عنيفة، كما أن هناك توقعات أن تشهد الدولة أمطارا في الصيف، مؤكداً ان هذه التوقعات تأتي استناداً إلى التحليلات الجوية المعتمدة على نماذج عالية الدقة.
وأشاد الدكتور المزروعي ببرنامج الاستمطار الإماراتي ووصفه بالواعد والرائد في المنطقة.. وقال: “ البرنامج الإماراتي له خبرة طويلة في هذا المجال ونحتاجه وبشدة في المنطقة، داعياً إلى ضرورة تنفيذ إستراتيجية وطنية للتكيف والصمود لمواجهة التحديات المناخية العنيفة خصوصاً أن التوقعات التي جاءت بناء على تحليلات جوية وتم الاستناد إليها تشير إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد هطول أمطار غزيرة ومتطرفة وستزيد نسبتها إلى 30 في المئة”.
من جانبه قال عمر الشوشان مختص سياسات المناخ ورئيس اتحاد الجمعيات البيئية في الأردن في تصريحات لـ “وام” إن التغيرات المناخية تؤثر بشكل متزايد على أنماط الطقس في جميع أنحاء العالم، وأحداث الطقس المتطرفة مثل الأعاصير والفيضانات هي أبرز مظاهر هذا التأثير، مشيرا إلى أن التقييم السادس في تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية في التغير المناخي الصادر عن منظمة الأرصاد العالمية يؤكد أن زيادة الانبعاثات الكربونية القياسية ستؤدي إلى مثل هذه الظروف المناخية الاستثنائية خاصة في ظل تغيير أنماط الهطول المطري بحيث يصبح أكثر حدة وبكميات كبيرة في وقت قصير والاحتمالات واردة في زيادة تكرار هذه الأحداث خلال الأعوام المقبلة.
وأضاف الشوشان :” تحدث الظواهر المناخية المتطرفة في أنحاء مختلفة من العالم بشكل متزايد، والدول في منطقة الخليج العربي ليست استثناءً من ذلك”، مشدداً على أن الحالة الجوية الاستثنائية التي تعرضت لها بعض دول الخليج العربي لا يمكن ربطها علمياً بعمليات الاستمطار وإنما تُعزى بشكل وثيق لتداعيات التغير المناخي التي أصبحت أزمة في الآونة والأخيرة.
وأكد على ضرورة الاستفادة من النموذج الإماراتي في التعامل الاستباقي مع هذه الظروف المناخية الاستثنائية من حيث الإنذار المبكر وقوة البنية التحتية والإدارة الرشيدة التي مكنتها من التعافي بوقت قياسي.
وحذر مختص سياسات المناخ ورئيس اتحاد الجمعيات البيئية في الأردن من أن يصبح الاستثناء هو النمط السائد في ظل تراخي الالتزام الدولي في وقف زيادة الانبعاثات الكربونية التي تعد المسبب الرئيس في ظاهرة الاحتباس الحراري، داعياً رئاسة مؤتمر الأطراف للتغير المناخي الحالية المضي بقوة نحو حشد الجهود الدولية لتحييد العالم من مواجهة تداعيات التغير المناخي التي لن تدع مكانا على وجه الأرض إلا وتكبده فاتورة ثقيلة جراء التداعيات الكارثية لأزمة المناخ.
ويتفق الدكتور عماد سعد خبير الاستدامة والتغير المناخي رئيس شبكة بيئة أبوظبي مع طرح رئيس اتحاد الجمعيات البيئية في الأردن، ويشير إلى أن “منخفض الهدير” ليس حالة استثنائية بصفته أحد مخرجات التغير المناخي، إنما هو استثناء من حيث كمية الهطول المطري التي نزلت في يوم واحد على دولة الإمارات أو دول المنطقة.
ويرى أن منخفض “الهدير” له أسباب مباشرة وأخرى غير مباشرة، من الأسباب المباشرة وجود كتل هوائية رطبة وصلت من المحيط الهندي بالتزامن مع منخفض جوي مع ارتفاع في حرارة الأرض، أما السبب غير المباشر، كما يوضح الخبير عماد سعد وهو الأهم من وجهة نظره هو التغيرات المناخية في العالم والذي يشهد أكثر من عقدين تغيراً سريعاً في خريطة الهطول المطري حول العالم. بل بات من المؤكد علمياً علاقة هذه الحوادث المناخية المتطرفة بأزمة المناخ وأن علينا أن نتوقع المزيد منها أو حتى غيرها من الحوادث المناخية المتطرفة التي قد تأتي على شكل أمطار غزيرة، أو حرّ شديد، أو جفاف، أو فيضانات”.
وفي معرض رده على ما ورد في بعض المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي بأن كمية الهطول المطري سببها الاستمطار الصناعي، أكد أنه من الناحية العلمية لا علاقة بين برنامج الاستمطار ومنخفض “الهدير” نهائياً لأن دولة الإمارات تقوم بتنفيذ برنامج الاستمطار الصناعي منذ أكثر من ثلاثة عقود بالتعاون مع عدد من المنظمات مثل المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي في كولورادو، الولايات المتحدة الأمريكية؛ ووكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، والأهم من ذلك هو عدم استخدام أي مواد كيماوية ضارة في هذه العمليات، حيث تعتمد على الأملاح الطبيعية مثل كلوريد البوتاسيوم وكلوريد الصوديوم.
وأشاد الخبير عماد سعد بكفاءة شبكات الصرف الصحي بالدولة حيث استوعبت كمية الهطول الهائلة بأقل من 24 ساعة، وهذا بسبب تخطيط المدن الذي أخذ بعين الاعتبار استشراف التحديات المناخية وفق خرائط النمذجة الرياضية باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وأوضح أن مسار منخفض الهدير بات معروفاً للجميع من خلال الأقمار الصناعية التي رصدت ونشرت مسار هذا المنخفض وغيره من الأعاصير والفيضانات عبر العالم، مشدداً في ختام حديثه أن التغيرات المناخية طالت وسوف تطال كل دول العالم بدون استثناء، ولا يوجد دولة بمنأى عن الآثار السلبية للتغير المناخي.
بدوره أوضح حسن عبدالله المدير التنفيذي لمركز وسم للأرصاد الجوية الإقليمية في الأردن أن الحالة الجوية التي شهدتها الإمارات ناتجة عن منخفض جوي عميق ونادر كان يتمركز جنوب غرب الإمارات ودفع كميات كبيرة جداً من الرطوبة من بحر العرب وتزامن مع اندفاع كتلة باردة في مختلف طبقات الجو من جنوب أوروبا نحو الإمارات، مشيراً إلى أن حركة المنخفض الجوي كانت بطيئة لأسباب تتعلق بسلوك غير اعتيادي للغلاف الجوي، مما أتاح تشكل عدة موجات ممطرة غزيرة جدا نحو الإمارات.
وشدد كذلك على أنه لا علاقة لبرنامج تلقيح الغيوم بزيادة قوة الحالة الجوية، لأن تلقيح الغيوم الاصطناعي في هذه الحالات الشديدة لا يعطي تأثيرا مهما في قوة الغيوم .. وقال في هذا السياق :” إن ذرات الغبار المندفعة من الربع الخالي وكمياتها الكبيرة ساهمت في تلقيح ( طبيعي ) للغيوم الركامية وزيادة قوتها وسماكتها ومعدلات غزارة الأمطار”، مشيراً إلى أن التغيرات المناخية في منطقة الجزيرة العربية ومناطق واسعة من الشرق الأوسط بدأت بالفعل تظهر بوضوح خاصة منذ 10 سنوات على شكل معدلات أمطار كبيرة وزيادة في مستوياتها، وارتفاع واضح في درجات الحرارة.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: التغیرات المناخیة التغیر المناخی الحالة الجویة دولة الإمارات الهطول المطری عملیة تلقیح تلقیح السحب التی شهدتها هذه الحالة فی الأردن إلى أن على أن
إقرأ أيضاً:
منخفض القطارة الأخضر.. حكاية حلم راود المصريين قرنا من الزمان
"منخفض القطارة" المشروع الذي ظل حلمًا يراود المصريين لأكثر من قرن من الزمان، عاد للظهور من جديد، وقد جاء الظهور هذه المرة على يد 35 عالمًا وخبيرًا مصريًّا من كل التخصصات عملوا لمدة عام كامل، وخرجوا في النهاية برؤية مقترحة جديدة تخص مشروع المنخفض تختلف كليًّا عن المشروع القديم، وأطلقوا عليه اسم "مشروع منخفض القطارة الأخضر".
مقترح المشروع الجديد كان محور ندوة شارك فيها المهندس طارق النبراوي، نقيب مهندسي مصر، والدكتور المهندس عصام شرف، رئيس الوزراء الأسبق، والدكتور المهندس كمال شاروبيم، محافظ الدقهلية الأسبق.
الندوة نظمتها اللجنة العلمية بالنقابة العامة للمهندسين، وشارك فيها خبراء في الهندسة والاقتصاد والزراعة.
منخفض القطارة الأخضروأكد المهندس طارق النبراوي، أن الندوة تُعد لقاءً علميًّا على أعلى مستوى، بما تضمه من علماء وخبراء، وبما تطرحه من فكرة ومقترح جديد لمشروع متميز وتاريخي، ظل حلمًا يراود المصريين لأكثر من قرن من الزمان.
وقال النبراوي، إن الفكرة الجديدة لمشروع منخفض القطارة، إذا تم التوافق عليها ستكون مشروعًا عملاقًا يضاف لقائمة المشروعات العملاقة التي تشهدها مصر حاليًا، ونفتخر بها، مؤكدا أن "نقابة المهندسين جاهزة لتقديم كل ما يمكن تقديمه لإنجاز هذا المقترح، بما تملكه من عقول وخبرات هندسية كبيرة".
وفي كلمته، أوضح الدكتور رضا عبد السلام، الأستاذ بكلية الحقوق جامعة المنصورة، وأحد قيادات الفريق البحثي الذي وضع المشروع الجديد لمنخفض القطارة، أن المشروع الجديد يتلافى كل الانتقادات التي تم توجيهها للمشروع القديم، كما أنه ليس فقط مشروعًا لتوليد الطاقة من المساقط المائية بالمنخفض، ولكنه مشروع حضاري يبدأ من ساحل البحر المتوسط ويمتد حتى نهاية منخفض القطارة، ويُحوِّل المنخفض إلى كنز وثروة وطنية في كل مناحي الحياة.
يوفر المشروع، بحسب الأستاذ بكلية الحقوق، 5 ملايين فدان زراعية، ويتيح مجتمعًا عمرانيًّا جديدًا يستوعب 20 مليون نسمة، ويضم مشروعات سياحية واستثمارية، ومشروعات طاقة متجددة، وكلها مشروعات خضراء تتوافق تمامًا مع البيئة الخضراء.
وأشار "عبد السلام" إلى أن مقترح المشروع الجديد نتاج عمل 35 عالمًا من كل التخصصات، أجروا لمدة عام كامل، دراسات وأبحاث جيولوجية وبيئية وزراعية وفي مجالات الطاقة والتخطيط العمراني، وغيرها، وانتهت إلى وضع هذا المشروع الذي نقدمه للدولة المصرية، ليكون مشروعًا قوميًّا يحقق نقلة حياتية هائلة للمصريين وقفزة اقتصادية غير مسبوقة.
وقال الدكتور حمدي العوضي، أستاذ العلوم البيئية، إن "المشروع الجديد بمثابة عودة الروح لمنطقة منخفض القطارة وإحياء لجزء أصيل من أرض مصر بالصحراء الغربية".
فيما أكد الدكتور عبد الفتاح الشيخ، الأستاذ بمركز بحوث الصحراء، أن المشروع الجديد لن يكون له أي تأثير سلبي على المياه الجوفية في الصحراء الغربية.
وقال الدكتور حمدي الغيطاني، أستاذ الطاقة بالمركز القومي للبحوث، إن المشروع سيوفر طاقة جديدة ومتجددة تكفي إقامة مجتمع متكامل من البحر المتوسط وحتى عمق 60 كيلو في قلب الصحراء الغربية، كما سيضمن نظام تحلية مياه أخضر صديق للبيئة، وبلا أي مخلفات.
وأكد الدكتور زكريا الحداد، أن المشروع الجديد سيوفر مساحات زراعية تمكِّن مصر من تحقيق الاكتفاء الذاتي من كل المحاصيل الزراعية والزيوت، كما يمكنها أيضًا من تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم والأسماك، كما يمكن تصدير كل منتجاته الزراعية والحيوانية، لأنها تتوافق مع أفضل المعايير العالمية.
واستعرض الدكتور الخطيب يسري جعفر، الأستاذ بالمركز القومي للبحوث، إمكانات الاستزراع المائي في المشروع، وعلى رأسها الاستزراع السمكي والقشريات، فضلًا عن زراعة غابات المنجروف، مؤكدًا أنه يمكن استغلال بِرَك المياه المالحة في بناء هياكل عمرانية مستدامة.
وأوضح الدكتور أشرف عمران، الخبير الزراعي، أنه سيتم التحكم في كمية المياه التي يتم إدخالها إلى المنخفض، بحيث يتم استخدامها جميعًا في التحلية، وتوليد الطاقة، والباقي سيتم تبخيره، وبالتالي لن يرفع منسوب المياه في البحيرة.
وأشار إلى أن المشروع يضم إنشاء مدينة طبية عطرية، ومدينة لإنتاج الأسماك ومدينة للؤلؤ، ومدينة للمحاريات ومدينة لإنتاج عسل النحل باستغلال غابات المنجروف، إضافة إلى زراعة ما تحتاجه مصر لإنتاج الأعلاف والمحاصيل الغذائية.
فيما استعرض الدكتور المهندس إيهاب وجيه، أستاذ العمارة بالجامعة المصرية اليابانية، التصميم العمراني للمدن الذكية التي يشملها المشروع، مؤكدًا أنها جميعًا مدن ذكية، وتُمثل الجيل الخامس من المدن وتعتمد على التكنولوجيا المتقدمة والموارد المحلية.