يخشى مراقبون من انزلاق إقليم دارفور في غرب السودان إلى فوضى وحرب أهلية إثر اتهام حاكم الإقليم ورئيس حركة تحرير السودان أركو مناوي، قوات الدعم السريع بالتخطيط لإنشاء دولة في المنطقة وفرض أمر واقع فيها، إثر إعلان قبيلة الزغاوة انحيازها للجيش لمقاتلة الدعم السريع.

واتهم مناوي الدعم السريع بالتخطيط لإنشاء دولة جديدة في غرب السودان تحظى بما سماه "الاعتراف الصامت".

وقال في تغريدة على منصة "إكس" -الأحد الماضي- إن تساهل القوات المشتركة لحركات دارفور مع القتال جاء رغبة في الحوار والتعايش السلمي في السودان عموما وإقليم دارفور خصوصا.

وبرأيه، فإن تطويق هذه القوات للفاشر عاصمة الإقليم السياسية والإدارية، يعني إجبار أهل دارفور على قبول الأمر الواقع مما سيدفع لاتخاذ قرار غير تقليدي، لا سيما مدن دارفور الأخرى التي تعيش حالة من الاختطاف بعد أن سيطرت عليها الدعم السريع وجعلتها مدن أشباح، وفق تعبيره.

كلما تساهلت القوة المشتركة رغبةً لترك أبواب الحوار من أجل التعايش السلمي في السودان عموماً وفي دارفور خصوصاً علي الأقل بعد انتهاء الوضع الحالي ، تتمادي قوات الدعم السريع مستغلةً هذا التسامح لتوسيع دائرة سيطرتها بغرض فرض ترسيم دولة جديدة في غرب السودان تُحظي بالاعتراف الصامت كما…

— Mini Minawi | مني اركو مناوي (@ArkoMinawi) April 21, 2024

تنفيذ صعب

وكان مناوي أعلن تجميد نشاط مكاتب حركته في مناطق سيطرة الدعم السريع في الإقليم وأفاد في تغريدة جديدة -أمس الاثنين- بأنها أجبرت قيادات حركته في ولاية شرق دارفور على الاستقالة تحت تهديد السلاح. كما أعلن منذ فبراير/شباط الماضي انخراط قواته لقتال الدعم السريع بالتحالف مع القوات المسلحة في عدة جبهات تشمل ولاية الجزيرة والخرطوم ودارفور.

وتجنبت 3 قيادات في الدعم السريع تواصلت معها الجزيرة نت التعليق على اتهامات مناوي وعلى الاصطفاف القبلي ضد قواتهم، وقال أحدهم "لا نرى أن هناك ما يستحق الرد عليه".

في السياق، يقول الباحث المتخصص في شؤون دارفور علي منصور حسب الله إن المعلومات المتداولة في أوساط مقربة من الدعم السريع تكشف أنهم يتجهون نحو فصل دارفور لإعلان حكومة أمر واقع، بعد فشل الاستيلاء على السلطة في الخرطوم والسيطرة على البلاد.

وبحسب حديث حسب الله للجزيرة نت، فإن قيادة الدعم السريع قررت السيطرة على الفاشر بدعم جهات إقليمية ودوائر في دول مجاورة للإقليم والاستعانة بمرتزقة، ومجموعات مسلحة في دارفور.

وباعتقاده، فإنه يصعب تنفيذ هذه الخطة بعد قرار الحركات المسلحة القتال إلى جانب الجيش بالإضافة إلى المقاومة الشعبية وإعلان زعيم قبيلة المحاميد العربية الشيخ موسى هلال مساندته القوات المسلحة.

وتوقع الباحث أن يؤدي موقف هلال إلى انشقاق مجموعات مؤثرة من الدعم السريع حيث إنه يتزعم تيارا فاعلا من قبيلة الزريقات التي ينتمي إليها قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" ويقف خلفه آلاف المقاتلين.

فزاعة

في الإطار ذاته، أعلن رئيس مجلس شورى قبيلة الزغاوة صالح عبد الله أحمد الحرب على الدعم السريع داعيا أبناء السودان -والزغاوة خاصة- إلى العمل "جنبا إلى جنب مع القوات المسلحة والمشتركة، لدحر مرتزقة عرب الشتات"، مستلهما من تاريخ القبيلة في الدفاع عن وحدة أهل السودان وتاريخهم البطولي في مناهضة الخونة والمحتلين.

وأمهل عبد الله أحمد أبناء الزغاوة -في تسجيل صوتي- ممن استقطبهم من سماهم بالجنجويد -في إشارة إلى الدعم السريع- العودة لديارهم معلنا العفو عنهم إذا تم ذلك خلال 10 أيام.

وتُعتبر الزغاوة من أبرز القبائل في دارفور، وينتمي إليها غالبية قيادات الحركات المسلحة منذ اندلاع الحرب في الإقليم عام 2013. ويتركز وجودها في منطقة أقصى شمال غرب دارفور وفي المناطق الشمالية الشرقية لدولة تشاد المجاورة.

وتعليقا على ذلك، يستبعد الباحث حسب الله أن يقود هذا القرار إلى صراع قبلي لأنه موجه إلى الدعم السريع وليس للقبائل العربية التي يمثل أبناؤها العمود الفقري لقوات "حميدتي".

وعدّ الحديث عن احتمال اندلاع قتال بين القبائل أو وقوع حرب أهلية فزاعة يستخدمها أنصار"المليشيا" رغم أنهم كانوا وراء الجرائم التي ارتُكبت بحق قبيلة المساليت في ولاية غرب دارفور واغتيال حاكم الولاية خميس أبكر والتمثيل بجثمانه.

يُشار إلى أنه في يوليو/تموز الماضي، وقّع زعماء 7 قبائل غالبيتها عربية على بيان مشترك في مدينة نيالاعاصمة ولاية جنوب دارفور أعلنوا فيه مساندة الدعم السريع، وشملت هذه القبائل الرزيقات ونظار قبائل البني هلبة والترجم والهبانية والتعايشة والمسيرية والفلاتة.

ورقة مساومة

في المقابل، يرى المحلل السياسي أشرف علي أن قيادة الدعم السريع تريد السيطرة على كامل إقليم دارفور لاستخدامه ورقة مساومة في أي مفاوضات مع الجيش للعودة للسلطة في الخرطوم وضمان مستقبل سياسي وعسكري، وليس فصل الإقليم لإقامة دولة، لأن هذه القيادة تدرك أن تركيبة الإقليم الإثنية معقدة ولن تستطيع مجموعة قبلية أن تفرض أمرا واقعا على أكثر من 90 إثنية.

ويوضح للجزيرة نت أن ولاية شمال دارفور التي تسعى قوات الدعم للسيطرة على عاصمتها، تُعد معقلا لفصائل عسكرية وتحمل رمزية سياسية واجتماعية لها وستستميت -مع الجيش- في الدفاع عنها خصوصا أنها تمتلك مقاتلين لديهم قدرات قتالية وخبرات عسكرية اكتسبوها خلال فترة الحرب التي استمرت نحو 20 عاما.

ويستبعد المتحدث انحدار الإقليم في حرب أهلية لأنه لا يوجد طرف سيحقق مكاسب من ذلك، وتوقع خريطة جديدة للتحالفات في دارفور تفرزها التطورات العسكرية والسياسية، يمكن أن تفرض واقعا جديدا في الإقليم.

ويتألف إقليم دارفور الذي يساوي مساحة فرنسا، من 5 ولايات تمتد من الصحراء في الحدود مع ليبيا في الشمال حتى بحر الغزال في جنوب السودان وتمتد من إقليم كردفان في الشرق حتى تشاد غربا، وتعيش في دارفور 85 قبيلة عربية وأفريقية بجانب عشرات العرقيات.

وتوجد بين بعضها خلافات على الأرض "الحواكير" ومواجهات مسلحة راح ضحيتها آلاف المواطنين، وثارات قديمة تتجدد كلما ضعفت مؤسسات الدولة المركزية.

وهناك 13 قبيلة مشتركة بين السودان وتشاد، وينحدر الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي من قبيلة الزغاوة حيث حكم البلاد منذ عام 1991 حتى مقتله في أبريل/نيسان 2021، وخلفه نجله محمد إدريس ديبي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات إقلیم دارفور الدعم السریع فی دارفور

إقرأ أيضاً:

شبكة أطباء السودان تكشف عن احتجاز آلاف المدنيين والعسكريين في سجون دارفور

بحسب الشبكة، الإحصاءات المتوفرة تشمل 4,270 من أفراد الشرطة الموحدة، و544 من جهاز الأمن، و3,795 من القوات المسلحة، ونحو 5,000 من معتقلي الفاشر، إلى جانب مجموعات من القوات المساندة للجيش لم تتوفر حولهم بيانات دقيقة.

الخرطوم: التغيير

قالت شبكة أطباء السودان إن قوات الدعم السريع تحتجز أكثر من 19 ألف شخص في سجنَي (دقريس) و(كوبر) وعدد من مواقع الاحتجاز الأخرى بولايات دارفور، بينهم 73 من الكوادر الطبية إضافة إلى مدنيين ونظاميين.

وأوضحت الشبكة، في بيان الأربعاء، استناداً إلى معلومات من داخل مدينة نيالا، أن هذه المواقع تُعد من أكبر أماكن الاحتجاز القسري في جنوب دارفور، وأن المحتجزين يُواجهون أوضاعاً لا تتوافق مع المعايير الإنسانية والقانونية، مع حرمان العديد منهم من حقوقهم الأساسية.

وأشارت الشبكة إلى أن الإحصاءات المتوفرة تشمل 4,270 من أفراد الشرطة الموحدة، و544 من جهاز الأمن، و3,795 من القوات المسلحة، ونحو 5,000 من معتقلي الفاشر، إلى جانب مجموعات من القوات المساندة للجيش لم تتوفر حولهم بيانات دقيقة.

كما وثّقت وجود 5,434 معتقلاً من مختلف المهن المدنية، بينهم إعلاميون وسياسيون و73 كادراً طبياً، جرى اعتقال معظمهم من الخرطوم ودارفور.

وأكدت الشبكة أن بيئة الاحتجاز تشهد تدهوراً واضحاً بسبب الازدحام وسوء النظافة وغياب خدمات العزل الطبي، الأمر الذي أدى إلى انتشار أمراض معدية وظهور حالات كوليرا داخل السجون، إضافة إلى النقص الكبير في الدواء والمياه والغذاء.

وذكرت في بيانها أن هذه الظروف ساهمت في تسجيل وفيات أسبوعية بين المحتجزين نتيجة غياب الرعاية الصحية وضعف القدرة على التعامل مع الحالات الحرجة.

وطالبت شبكة أطباء السودان الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالضغط على قيادة قوات الدعم السريع لإطلاق سراح المحتجزين المدنيين، وتوفير الرعاية الطبية العاجلة، ونشر قوائم المحتجزين وتمكين الأسر من معرفة أوضاع ذويهم، إلى جانب إيقاف الاعتقالات التعسفية وتحسين البيئة الصحية داخل السجون.

ودعت ا المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لضمان حماية المحتجزين وفقاً للمعايير القانونية والإنسانية.

الوسومإقليم دارفور جرائم وانتهاكات قوات الدعم السريع شبكة أطباء السودان

مقالات مشابهة

  • بعد مقتل 30 مدنيا بدارفور.. أمين الأمم المتحدة يدين الهجمات بالسودان
  • بريطانيا تفرض عقوبات على 4 قادة في الدعم السريع بينهم شقيق حميدتي
  • الأمم المتحدة: المدنيين في دارفور وكردفان ما زالوا يواجهون عنفا متصاعدا وعشوائيا
  • جنوب السودان يتولى أمن حقل هجليج النفطي بعد سيطرة الدعم السريع
  • حرب السودان تخرج عن السيطرة
  • شبكة أطباء السودان تكشف عن احتجاز آلاف المدنيين والعسكريين في سجون دارفور
  • WP: الفاشر تعيش كارثة إنسانية وصمت العالم يفتح الباب لأسوأ مأساة في السودان
  • شبكة أطباء السودان: 19 ألف محتجز بسجون الدعم السريع بجنوب دارفور
  • شبكة أطباء السودان: ميليشيات الدعم السريع تحتجز أكثر من 19 ألف شخص في دارفور
  • السودان بعد حرب أبريل: من مخاطر التقسيم إلى تفكك الدولة!