جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-31@08:32:01 GMT

الآثار الكارثية للتسامح المُفرط

تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT

الآثار الكارثية للتسامح المُفرط

 

بدر بن خميس الظفري

 

لقد كانت الطائفية، وتقسيم المجتمعات على أسس دينية أو عرقية، قضية طويلة الأمد ابتليت بها العديد من البلدان والدول؛ مما أدى إلى الانقسام المجتمعي والتمييز والعنف وعدم الاستقرار السياسي، ومن هنا نؤكد أن التسامح المفرط مع القضايا الطائفية، بدلًا من معالجتها وحلها، يمكن أن يكون له آثار عميقة ومضرة على استقرار الدول ووحدتها.

ومن أهم هذه الآثار الانقسام والاستقطاب داخل المجتمع الواحد؛ حيث يمكن أن يؤدي التسامح المفرط مع القضايا الطائفية إلى إدامة وتعميق الانقسامات داخل المجتمع، مما يخلق شعورًا بفكرة "نحن ضدهم وهم خصومنا"، وهي فكرة تقوض، بلا شكّ، التماسك الاجتماعي والوحدة. فعندما يُسمَح للتوترات الطائفية بالتفاقم دون رادع، تصبح المجتمعات مستقطبة على أسس دينية أو عرقية، مما يؤدي إلى سيادة جو من الشك وانعدام الثقة والعداء بين المجموعات المختلفة. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى التشرذم الاجتماعي والصراع والعزلة داخل المجتمعات، مما يعيق التقدم والتنمية.

ومن الآثار أيضا عدم الاستقرار السياسي، فغالبًا ما يستغل الزعماء السياسيون القضايا الطائفية لتحقيق مكاسب خاصة بهم، مما يؤدي إلى التلاعب بسياسات الهوية لأغراض انتخابية أو توطيد حكمهم؛ فعندما يروج السياسيون للمشاعر الطائفية ويعطون الأولوية لمصالح مجموعة على أخرى، فإن ذلك قد يزيد من استقطاب المجتمع وترسيخ الانقسامات. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تآكل الثقة في المؤسسات، ويغذي عدم الاستقرار السياسي، ويعوق الجهود الرامية إلى بناء هياكل حكم شاملة وخاضعة للمساءلة. وفي الحالات القصوى، يمكن أن يؤدي حتى إلى حرب أهلية، أو انقلابات، أو انهيار الدولة.

العواقب الاقتصادية أيضًا من أهم آثار التسامح المفرط اللامسؤل؛ إذ يمكن أن يكون لهذا التسامح مع القضايا الطائفية عواقب اقتصادية سلبية؛ حيث يعيق الصراع وعدم الاستقرار التنمية الاقتصادية والاستثمار. وعندما تتصاعد التوترات الطائفية إلى أعمال عنف أو صراع، فإن الدمار الناتج عن البنية التحتية، وتشريد السكان، وتعطيل الأنشطة الاقتصادية يمكن أن يدمر الاقتصادات المحلية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتمييز والإقصاء على أساس الهوية الطائفية أن يحد من وصول الفئات المهمشة إلى الموارد والفرص والخدمات، مما يؤدي إلى إدامة دورات الفقر وعدم المساواة.

ومن الآثار أيضا تقويض التماسك الاجتماعي وحقوق الإنسان؛ حيث غالبًا ما تتعرض الأقليات للتمييز أو التهميش أو الاضطهاد على أساس هويتها الدينية أو العرقية. وععندما تفشل الحكومات في معالجة التمييز الطائفي والعنف، يمكن أن يؤدي ذلك إلى انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء. وفي المجتمعات التي يتم التسامح فيها مع الطائفية، قد يواجه الأفراد حواجز أمام التعليم والتوظيف والخدمات العامة بسبب انتماءاتهم الدينية أو العرقية، مما يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة الاجتماعية والإقصاء.

إنّ التسامح المفرط مع القضايا الطائفية يشكل تهديدًا كبيرًا لاستقرار ووحدة الدول، ويقوض التماسك الاجتماعي والاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية وحقوق الإنسان. ولمعالجة الأسباب الجذرية للطائفية ومنع عواقبها السلبية، يجب على الحكومات والمجتمع المدني والجهات الفاعلة الدولية تعزيز الحكم الشامل والحوار واحترام التنوع وحقوق الإنسان. ومن خلال تعزيز ثقافة التسامح، وتعزيز التماسك الاجتماعي، ومعالجة المظالم التي تغذي التوترات الطائفية، يمكن للمجتمعات أن تعمل على بناء مجتمعات أكثر مرونة وشمولية وسلمية. ومن جهة أخرى، فإن تقاعس الدول في معالجة القضايا الطائفية يمكن أن يؤدي إلى الانقسام والصراع وعدم الاستقرار، مع ما يترتب على ذلك من عواقب بعيدة المدى على أمن ورخاء الدول.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

نائب إطاري:مجلس النواب معطل إزاء القضايا المصيرية

آخر تحديث: 29 ماي 2025 - 12:07 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- حذر النائب عن الإطار التنسيقي، مختار الموسوي، اليوم الخميس، من محاولات تهدف إلى تهميش دور مجلس النواب وإسكات صوته إزاء قضايا مصيرية تتعلق بالأمن القومي وملفات الفساد، محذرًا من سعي بعض الجهات إلى تمرير أجندات سياسية بعيدًا عن الرقابة البرلمانية.وقال الموسوي، في تصريح  صحفي، إن “هناك تجاهلاً متعمداً وعدم إصغاء لصوت النواب، لا سيما فيما يتعلق بالملفات الحساسة التي تمس سيادة العراق، ومنها ملف خور عبد الله وبعض قضايا الفساد الكبرى”.وأضاف أن “اتفاقات تُعقد خلف الأبواب المغلقة بشأن قضايا تمس الأمن القومي، مستغلة غياب الدور الرقابي الحقيقي للبرلمان، بعد أن تم منعه من استجواب عدد من المسؤولين المقصرين ومحاسبتهم”.وأشار الموسوي إلى أن “تكرار محاولات إسكات صوت البرلمان جعل دوره الرقابي ضعيفًا وغير فاعل، ما قد يؤدي إلى تمرير ملفات مهمة وخطيرة دون مساءلة، وعلى رأسها قضايا الفساد وما يتعلق بسيادة العراق وأمنه القومي”.

مقالات مشابهة

  • وزارة التربية تُشدد: التشويش في قاعات الامتحان قد يؤدي إلى إلغاء المادة للمخالفين
  • تكريم «سفراء زايد للتسامح»
  • إنفجار إطار مقطورة يؤدي لإحتراقها على طريق الراشدية
  • تساقط الشعر.. هل يمكن إيقافه نهائيًا؟
  • ولي العهد يلتقي شبابا في المفرق ويحاورهم حول جملة من القضايا
  • وزير الأوقاف: نعتز برسالة التسامح التي تتبناها مصر والسنغال ونتطلع لمزيد من التعاون
  • نائب إطاري:مجلس النواب معطل إزاء القضايا المصيرية
  • “العالمي للتسامح والسلام” يشارك في فعالية حول تعزيز صمود اللاجئين
  • نهيان بن مبارك لـ«الاتحاد»: تعلمنا من زايد أن «الهوية» و«التسامح» ليسا شعارات.. بل أفعال مترابطة
  • قرار حكومة عدن بشأن الدولار الجمركي وانعكاساته الكارثية على الواقع المعيشي للمواطنين