تناولت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم مواضيع عدة في صدارتها استقالة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) اللواء أهارون هاليفا، وموجة المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية، والاستعدادات لاجتياح رفح.

فقد نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت مادة بعنوان "حماس تحتل الجامعات الأميركية"، فيما احتل عنوان "خطير أن يكون المرء يهوديا في جامعات الولايات المتحدة" صدر صحيفة "إسرائيل اليوم"، كما تحدثت الصحف عن معسكر خيام قرب خان يونس يشهد على نية إسرائيل إخلاء السكان قبل الدخول البري إلى رفح.

وفي موضوع استقالة هاليفا، قال المحلل العسكري لصحيفة هآرتس عاموس هرئيل إن "رسالة الاستقالة التي كانت صباح يوم الاثنين الماضي قلبت ساعة الرمل، ومهدت الطريق نحو الخارج لكبار القادة الآخرين في الجيش الإسرائيلي، وبدرجة كبيرة في الشباك"، مشيرا إلى أنه "في القريب ستسلك مثله شخصيات رفيعة أخرى، وعدد منهم يفحص فعل ذلك في يوم الذكرى وعيد الاستقلال (ذكرى قيام دولة الاحتلال)".

وأكد أن الاستقالة ستكون لها أصداء أوسع، خارج حدود "أمان" نفسها، فرئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك وعدد من القادة في جهازه، وقائد قيادة المنطقة الجنوبية الحالي والسابق، ورئيس قسم العمليات، وقائد فرقة غزة وجهات رفيعة أخرى، جميعهم يوجدون في قائمة المسؤولية الفورية، ومن المرجح أنهم سيضطرون إلى استخلاص الدروس من ذلك، وهو ما يمكن أن يحدث على الفور بعد استكمال التحقيقات الداخلية، في بداية شهر يونيو/حزيران، وربما قبل ذلك".

ولم ينس الكاتب توجيه أصبع الاتهام لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مشيرا إلى أن ماكينة دعايته، ستعثر له على أهداف جديدة بدلا من هاليفا من أجل توجيه النار إليها والمطالبة بتعلم الدروس، وأن كثيرا من أعضاء حكومته يسيرون على ذات النهج مع تناسي أن هناك 133 إسرائيليا لا يزالون في الأسر في قطاع غزة.

وأشار الكاتب إلى أن الفشل الإسرائيلي يعود إلى عملية سيف القدس عام 2021 حيث قام المستوى السياسي وجهاز الأمن بإقناع أنفسهم أن حماس "مرتدعة وخائفة"، وأنها في مسار الاعتدال ولا تسعى الى مواجهة عسكرية أخرى، وأن الانعطافة الإستراتيجية بدأت في حماس في صيف 2021، وربما قبل ذلك، ولم يتم إدراكها تماما".

"خطوة من النصر" نكتة هاذية

وفي موضوع اجتياح رفح، فقد أكد المحلل أفرايم غانور في صحيفة معاريف أن "من يوهم نفسه بأن رفح ستكون اللحظة الأخيرة لهذه الحرب والتي ستؤدي إلى تقويض حماس لا يفهم على ما يبدو بأن تصريح نتنياهو بأننا على مسافة خطوة من النصر هو نكتة هاذية ومنفصلة عن الواقع".

وأضاف "بعد أكثر من نصف سنة على حرب لا ترى نهايتها، في الوقت الذي يوجد هناك من يجعل الدخول المتوقع للجيش الإسرائيلي إلى رفح هدفا سيوفر صورة النصر لهذه الحرب فإن الواقع عمليا مختلف تماما".

وأشار إلى أن "الدخول إلى رفح، المعقل المحصّن الأخير لحماس وكذا مكان جمْع مخطوفينا، الذين سحبوا إلى هناك مع تيار المخربين الذين فروا من هناك إلى معركة البقاء الأخيرة، يرفع بقدر كبير الخوف من أنه في أثناء مناورة الجيش الإسرائيلي داخلها سيتأذى المخطوفون أيضا".

وأكد المحلل نجاح مقاتلي حماس في العودة إلى المناطق التي انسحب منها جيش الاحتلال، وقدرتهم على إطلاق الصواريخ على غلاف غزة، "لأنهم يعرفون المنطقة على نحو ممتاز، الأنفاق وفوهاتها، وهم أشبه ما يكونون برأس متفجر يتطلب نزعه تعاونا مكثفا من السكان المحليين غير المشاركين في الحرب، وهو ما يستدعي قبل كل شيء إقامة جهاز مدني يحل المشاكل الإنسانية، يهتم ويعالج المشاكل المدنية، كالطب، والتعليم، والأمن الشخصي والعمل".

وأشار إلى أنه "بدون هذا الجهاز، سيصبح قطاع غزة صيغة أخرى من حرب فيتنام، الحرب التي تورط الأميركيون خلالها في حرب عصابات ضروس على مدى نحو 9 سنوات مع 58 ألف قتيل، ولكنهم اضطروا في النهاية لطي حقائبهم وإعادة قواتهم إلى الديار مع انتصار شمال فيتنام".

واعتبر أن "هذا هو الخطأ الأكبر لهذه الحكومة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، فبدلا من أن تقيم أجهزة السيطرة المدنية تلك، يتصرف الجيش الإسرائيلي اليوم في قطاع غزة مثلما في الضفة، يدخل بقوات محدودة نسبيا لاستعراض القوة ولضرب المخربين حسب المعلومات الاستخبارية، يتعرض للإصابات ويكون بعيدا عن خلق ردع أو سيطرة".

واعتبر المحلل أن استمرار جيش الاحتلال بالعمل بالوتيرة الحالية هو "وصفة مؤكدة للتورط، لأنه مع الزمن سيتعلم المخربون الذين يعرفون المنطقة والجيش الإسرائيلي جيدا نقاط ضعف الجيش داخل القطاع مما سيكلف ثمنا دمويا باهظا وأليما".

وخلص المحلل إلى أن "احتلال القطاع لا يكفي لتقويض حماس، وأن "سلوك هذه الحكومة الهاذي سيجعل قطاع غزة متلازمة لا حل لها لمئة سنة أخرى".

غانتس "ورقة التين لنتنياهو"

وفي إطار النزاع الداخلي في حكومة الاحتلال، فقد اعتبر الكاتب والدبلوماسي السابق في حكومة الاحتلال تسفي برئيل في مقاله بصحيفة هآرتس "أن مسؤولية بيني غانتس (الوزير في حكومة الحرب) عن الفشل الذريع للحكومة لا تقل عن مسؤولية بن غفير وسموتريتش. وطالما أنه شريك في هذه الحكومة فهو بمثابة ورقة التين لنتنياهو الذي لم يعد يحسب له أي حساب".

واستند الكاتب إلى تراجع حصة حزب معسكر الدولة بزعامة غانتس في استطلاعات الرأي الأخيرة، معتبرا أن "المقاعد التي تتسرب من هذا البديل هي صافرة إنذار حقيقية تصم الآذان، ويجب على غانتس فقط أن يستل السدادات".

وندد الكاتب بسياسات غانتس التي اعتبر أنها تتماهى مع نتنياهو، وقال "الخوف من انسحاب غانتس من الائتلاف الحكومي يشوبه درجة كبيرة من النفاق، لأن غانتس في الحقيقة يسوق قدرته على الصد وتلطيف طبيعة نشاطات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة وفي لبنان، ويُسمع أيضا نغمة لطيفة أكثر في أذن الإدارة الأميركية، لكنه شريك كامل في عدم وجود خطة إستراتيجية لإنهاء الحرب. ومثله مثل نتنياهو، لا يعتبر السلطة الفلسطينية جسما يمكنه إدارة القطاع بعد انتهاء الحرب، وأن "حل الدولتين" غير مشمول في قائمته".

واستمر في هجومه على غانتس بالقول "إن غانتس يعلن بأنه يجب فعل كل شيء من أجل تحرير المخطوفين، لكن عندما يؤيد، وحتى يدعم، احتلال رفح فهو يلغي العملية الوحيدة، وقف القتال، التي يمكن أن تؤدي الى إطلاق سراحهم".

وأضاف "طالما أن غانتس استمر في العمل في الحكومة فإنه ليس فقط ورقة التين بالنسبة لنتنياهو -الذي توقف عن أن يحسب أي حساب له- بل يؤخر ويضر أيضا باحتمالية إبعاده عن الحكم، ويرسخ بالفعل استمرار وجود الحكومة ويعطي ائتلاف التدمير المشين مستقبلا آمنا وسعيدا".

ووصف الكاتب حكومة الوحدة بأنها كانت "شراكة مسمومة"، معتبرا أن "الحرب أصبحت خلال أسابيع حربا عبثية لا يوجد لها اتجاه، وكل هدفها هو التدمير والقتل والانتقام، فقد أصبحت غزة أنقاضا في الواقع، ولكن دولة إسرائيل تحطمت هي الأخرى، وانضمام غانتس للحكومة لا يفيد المخطوفين، بل أكثر من ذلك لا يرسل أي بصيص من الضوء لعشرات من سكان الشمال الذين ما زالوا في الفنادق، وإلى سكان غلاف غزة الذين لا يعرفون كيف ومتى يمكنهم إعادة ترميم حياتهم، بينما يشاهدون -في المقابل- عشرات البؤر الاستيطانية المتوحشة في الضفة تحصل على المكانة القانونية والميزانيات الضخمة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الجیش الإسرائیلی قطاع غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

توماس فريدمان: الإشارات الخاطفة التي رأيتها للتو في إسرائيل

كتب توماس فريدمان أنه رأى هذه المرة إشارات جديدة في إسرائيل تشير إلى أن مزيدا من الإسرائيليين، من اليسار والوسط وحتى من اليمين، يستنتجون أن استمرار هذه الحرب كارثة على بلدهم أخلاقيا ودبلوماسيا وإستراتيجيا.

وذكر الكاتب المعروف بميوله الليبرالية -في عموده بصحيفة نيويورك تايمز- أن رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، وهو من الوسط، كتب مقالا لم يتردد فيه في مهاجمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وائتلافه، قائلا إن "حكومة إسرائيل تخوض حاليا حربا بلا هدف ولا تخطيط واضح، ودون أي فرص للنجاح"، وأضاف "ما نفعله في غزة الآن حرب إبادة، قتل عشوائي للمدنيين بلا حدود، وحشي وإجرامي"، وخلص إلى القول "نعم، إسرائيل ترتكب جرائم حرب".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2باحث أميركي: البوسنة والهرسك فاشلة حتى بعد 30 عاما من التدخل الدوليlist 2 of 2إندبندنت: إسرائيل مستمرة بهدم جسور الثقة بينها وبين الغربend of list

أما من اليمين، فهذا أميت هاليفي، وهو عضو حزب الليكود اليميني الذي ينتمي إليه نتنياهو، وهو مؤيد شرس للحرب، يعتقد أن تنفيذها كان فاشلا، وأن إسرائيل لم تنجح في تدمير حماس.

 

ومن اليسار، صرح زعيم التحالف الليبرالي الإسرائيلي يائير غولان بأن إسرائيل في طريقها إلى أن "تصبح دولة منبوذة مثل جنوب أفريقيا، إذا لم تتصرف كدولة راشدة لا تحارب المدنيين، ولا تتخذ قتل الأطفال هواية".

الحرب أنهكت المجتمع

وذكّر فريدمان بأنه لم يُسمح تقريبا لأي صحفي أجنبي مستقل بالتغطية المباشرة من غزة، وبالتالي عندما تنتهي الحرب وتمتلئ غزة بالمراسلين والمصورين الدوليين الأحرار، سيتم الإبلاغ عن حجم الموت والدمار وتصويره بالكامل، وستكون تلك فترة عصيبة للغاية بالنسبة لإسرائيل ويهود العالم.

إعلان

ولذلك كان غولان، وفقا لفريدمان، محقّا في تنبيهه شعبه إلى ضرورة التوقف الآن، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، واستعادة المحتجزين، وإرسال قوة دولية وعربية إلى قطاع غزة، ولكن نتنياهو أصر على مواصلة الحرب.

ومع استهداف الجيش الإسرائيلي مزيدا من الأهداف الثانوية، تكون النتيجة هي قتل مدنيين من غزة كل يوم، مع أنه ليس ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في غزة وحده هو ما يثير غضب الإسرائيليين المتزايد ضد الحرب، حسب فريدمان، بل ما يثيره هو أن الحرب أنهكت المجتمع بأسره.

واستشهد فريدمان هنا بما قاله عاموس هاريل المحلل العسكري لصحيفة هآرتس بأن مؤشرات الفشل تشمل كل شيء من "تزايد حالات الانتحار إلى تفكك العائلات وانهيار الشركات".

وإذا كان العديد من الإسرائيليين يشعرون بأنهم محاصرون من قبل قادتهم، فإن سكان غزة أيضا يشعرون بمثل ذلك -حسب فريدمان- وإذا كان بعض القادة الإسرائيليين سوف يواجهون الحساب عندما تصمت مدافع الحرب، فإن الشيء ذاته سيحدث لقادة حماس بغزة.

وإذا كان قادة حماس قد ظنوا أنهم ينزلون كارثة بإسرائيل، فإنهم -حسب فريدمان- منحوا نتنياهو فرصة لتدمير حليفهم حزب الله في لبنان وسوريا، مما أضعف قبضة إيران على هاتين الدولتين، وحتى على العراق، بل ساعد في إخراج روسيا من سوريا، فيما اعتبرها الكاتب هزيمة مدوية "لشبكة المقاومة" التي تقودها إيران.

وإذا كانت عمليات نتنياهو العسكرية مهدت للانضمام إلى اتفاقيات أبراهام وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، كما يرى فريدمان، فإن نتنياهو يضيع فرصة السلام هذه برفضه أن يفعل الشيء الوحيد الذي من شأنه أن يطلق العنان لسياسة المنطقة بأكملها، ألا وهو فتح الطريق أمام حل الدولتين مع سلطة فلسطينية مُصلحة.

قبيلة اليهود ضد قبيلة الديمقراطية

ولا عجب أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يريد إضاعة الوقت مع نتنياهو، فهو يذهب إلى الدول التي تعطيه، لا إلى الدول التي تطلب منه مثل إسرائيل، ولكن نتنياهو لن يسمح لترامب بصنع أي تاريخ معه.

إعلان

غير أن ترامب، ربما ليست لديه أي فكرة عن مدى التغيير الداخلي الذي طرأ على إسرائيل، خاصة أن العديد من اليهود الأميركيين لا يدركون مدى ضخامة وقوة المجتمع الديني المتطرف والقوميين المتدينين الاستيطانيين في إسرائيل، ومدى اقتناعهم برؤيتهم لغزة كحرب دينية، كما يقول الكاتب.

وقد أوضح الرئيس السابق للكنيست أفروم بورغ، متحدثا عن اليمين القومي المتدين الاستيطاني في إسرائيل "بيبي (لقب نتنياهو) هو في الواقع بيدقهم وليس اللاعب الحقيقي".

وأضاف بورغ "حدِّثهم عن إمكانية تحقيق إسرائيل السلام مع السعودية، يتجاهلونك ويقولون إنهم ينتظرون المسيح، حدثهم عن فرصة إسرائيل لتحقيق السلام مع سوريا، يردون بأن سوريا ملك للشعب اليهودي، حدثهم عن القانون الدولي، يحدثونك عن القانون التوراتي. حدثهم عن حماس، يحدثونك عن العماليق".

وخلص بورغ إلى أن الانقسام الحقيقي في إسرائيل اليوم ليس بين المحافظين والتقدميين، "بل بين القبيلة اليهودية والقبيلة الديمقراطية. والقبيلة اليهودية هي المنتصرة الآن".

وختم فريدمان بمقارنة بين أسلوبي نتنياهو وترامب المتشابهين في تقويض ديمقراطيتيهما، حسب زعمه، فكلاهما يحاول تقويض محاكم بلاده و"الدولة العميقة"، أما الهدف فهو بالنسبة لترامب إثراء نفسه شخصيا ونقل ثروات البلاد من الأقل حظا إلى الأكثر امتيازا، أما بالنسبة لنتنياهو فهو التهرب من تهم الفساد ونقل السلطة والمال من الوسط الإسرائيلي الديمقراطي المعتدل إلى المستوطنين والمتدينين.

مقالات مشابهة

  • ترامب: أعتقد أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة أصبح قريبا
  • اعترافات إسرائيلية: حماس تفرض رؤيتها والضغط العسكري في غزة فاشل
  • شهود عيان: مقتل 11 عنصرا من شرطة حماس بغارة إسرائيلية
  • ‏موقع "واللا" الإسرائيلي: الجيش يستعد لتوسيع نطاق الحرب لتشمل المدن الكبرى في قطاع غزة
  • استطلاع: أغلبية إسرائيلية تشكك في تحقيق النصر وتؤيد صفقة لإنهاء الحرب
  • مساع إسرائيلية لإعلان عدم أهلية نتنياهو
  • مصادر: البيت الأبيض متفائل بإمكانية إنهاء الحرب في غزة قريبا
  • أخبار التكنولوجيا |هاتف Pura 80 Pro قادم قريبا بمعالج ضعيف الأداء و أفضل سماعات أذن لاسلكية في الأسواق
  • توماس فريدمان: الإشارات الخاطفة التي رأيتها للتو في إسرائيل
  • جريح في الغارة الإسرائيليّة التي استهدفت سيارة في العباسية