ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة نيتسح يهودا الإسرائيلية؟
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
واشنطن- في يناير/كانون الثاني 2022 اُعتقل عمر الأسد البالغ 78 عاما -والذي يحمل الجنسيتين الفلسطينية والأميركية- عند نقطة تفتيش عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة من قبل جنود من كتيبة "نيتسح يهودا" التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وتوفي عمر الأسد بعد قليل بعد تقييد جنود الكتيبة له، وعبرت واشنطن عن غضبها حينذاك ولم تتخذ أي إجراء ضد جنود وضباط الكتيبة، خاصة بعدما ذكر الجيش الإسرائيلي أن ما جرى نتج عن عدم تعاون عمر في التحقيق معه.
وبعد أكثر من عامين من المتوقع أن يعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن فرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا" بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في الضفة الغربية المحتلة تطبيقا لقانون "ليهي" الذي مُرر عام 1999، ويطالب بمعاقبة الوحدات العسكرية التابعة للبلدان التي تتلقى دعما أميركيا والتي ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان.
وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية والسفارة الإسرائيلية في واشنطن قد حذرتا الجيش الإسرائيلي ومكتب رئيس الوزراء منذ أشهر من أن مثل هذا السيناريو (العقوبات) ممكن، وأوصتا باتخاذ خطوات عاجلة لمنعه، ولكن يبدو أن الجهود الإسرائيلية قد باءت بالفشل.
وترى إسرائيل -كما جاء على لسان وزير دفاعها- "أن أي عقوبات من هذا القبيل ستكون خطأ لأنها ستضر بشرعية إسرائيل في وقت الحرب، وأنها غير مبررة لأن إسرائيل لديها نظام قضائي مستقل وجيش يحافظ على القانون الدولي".
وسبق أن فرضت واشنطن سلسلة من العقوبات المرتبطة بالمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية بسبب تكرار الاعتداءات على المواطنين الفلسطينيين.
فرض العقوباتوفي حديث للجزيرة نت، أشارت خبيرة السياسة الخارجية الأميركية آسال راد إلى تقارير نشرها موقع "بروببليكا" عن محاولة الوزير بلينكن التستر على ممارسات هذه الكتيبة عن طريق رفض "توصيات من العديد من مسؤولي وزارة الخارجية لأشهر عدة لفرض عقوبات على الكتيبة".
بالمقابل، اعتبرت الأستاذة في جامعة مدينة نيويورك ديانا غرينوالد أن هذه العقوبات طال انتظارها، وطال انتظار تطبيق قانون ليهي على المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل.
وفي حديث مع الجزيرة نت، أشارت ديانا إلى أن "القانون لا يغطي سوى مجموعة معينة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ويبدو أن الولايات المتحدة لن تطبقه إلا على عدد قليل من الوحدات والكتائب على الأكثر".
وتضيف أن "قرار الولايات المتحدة المتأخر بإنفاذ قوانينها لن يعيد الحياة للسيد عمر الأسد أو غيره من الفلسطينيين الذين قتلوا خارج نطاق القضاء على أيدي قوات الاحتلال، ومع ذلك سيكون خطوة مهمة، لأنه يظهر أن الرئيس جو بايدن لم يعد يشعر أنه يستطيع تجاهل أغلبية الناخبين في حزبه الذين يؤيدون ربط المساعدات العسكرية لإسرائيل".
عقوبات رمزيةردود فعل السياسيين الإسرائيليين جاءت معبرة عن قلق واضح داخل مؤسسات الحكم الإسرائيلي من سابقة فرض عقوبات أميركية على أحد الوحدات العسكرية العاملة، وما قد يربط ذلك مستقبلا بمحاكمات بشأن الفظائع التي يرتكبها جيش الاحتلال حاليا داخل قطاع غزة.
واعتبرت الخبيرة أسال راد أنه "ليس من المستغرب أن يشعر القادة الإسرائيليون من مختلف الأطياف -بمن في ذلك رئيس الوزراء نتنياهو والوسطيون مثل بيني غانتس ويائير لبيد- بالقلق من خسارة الشيك على بياض الذي تتلقاه إسرائيل من الولايات المتحدة".
بالمقابل، يعتقد السفير ديفيد ماك مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط أن هذه الخطوة تمثل "سببا آخر إضافيا لإدارة بايدن لدعم فكرة الانتخابات المبكرة في إسرائيل، ومن المحتمل أن يحاول نتنياهو إثارة أنصاره في الولايات المتحدة، لكن بايدن اختار أفضل فرصة لإظهار استعداده لاستخدام العصا وكذلك الجزرة في علاقاتنا مع الشعب الإسرائيلي".
أما خبير الشؤون العسكرية مايكل بيك فقال في حديث للجزيرة نت إن "تأثير العقوبات سيكون رمزيا في الأغلب، لكنه مزعج للجيش الإسرائيلي، ويتعين على نتنياهو أن يعارض العقوبات أو يخاطر بفقدان الدعم السياسي المحلي، لكنني لن أتفاجأ إذا تم حل كتيبة نيتسح يهودا في نهاية المطاف".
ويرى الخبير في مركز ديمقراطية الشرق الأوسط بواشنطن سيث بيندر للجزيرة نت أنه "في حين أن إنفاذ قانون ليهي ضد هذه الوحدة خطوة طال انتظارها ومرحب بها إلا أنها بعيدة كل البعد عما هو ضروري ومطلوب بموجب القانون، فهذه الوحدة ليست فريدة من نوعها بين القوات الإسرائيلية، ويجب على الإدارة تطبيق القانون على الفور إلى أقصى حد".
وأضاف سيث أنه "وبطبيعة الحال اعترض نتنياهو على الأنباء التي تفيد بأن هذه الوحدة قد تكون ممنوعة من تلقي المساعدات العسكرية الأميركية، ولكن كما هو الحال في المواقف الأخرى التي اتخذ فيها بايدن بعض الخطوات المتواضعة نحو المساءلة ليس لدى نتنياهو خيار آخر سوى قبول ذلك، لأن حكومته لا تزال تعتمد على الولايات المتحدة في قدراتها العسكرية".
تهدئة الغضبوتأتي الخطوة الأميركية المتوقعة في وقت تشهد فيه الجامعات الأميركية حراكا طلابيا ضخما امتد إلى العشرات منها في إطار حملات احتجاجية على موقف إدارة بايدن من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى تراجع شعبية بايدن بين فئة الشباب، وتزايد تعاطف الشباب مع القضية الفلسطينية في الوقت ذاته.
واعتبرت الخبيرة راد أن "هذه التدابير تعد من محاولات العلاقات العامة من قبل إدارة بايدن لتهدئة الغضب المحلي المتزايد من سياساتها تجاه غزة وإسرائيل، نظرا لأن الجامعات الأميركية أصبحت مركزا آخر للاحتجاج، والاهتمام الوطني ينصب على قمع الاحتجاجات، وهو ما يعكس صورة غير جيدة لبايدن، ونحن على بعد بضعة أشهر من الانتخابات".
وتقدم إدارة بايدن دعما غير مشروط لإسرائيل -سواء كان تسليحيا أو سياسيا أو دبلوماسيا أو ماليا- فقد وافق مجلسا الكونغرس (النواب والشيوخ) خلال اليومين الأخيرين على حزمة مساعدات إضافة إلى إسرائيل تتخطى قيمتها 20 مليار دولار.
وتؤكد الخبيرة أسال راد أن "ما تسمى المواجهة بين بايدن ونتنياهو ليس لها معنى يذكر على أرض الواقع، وكررت إسرائيل مرارا وتكرارا أنها ستفعل ما تراه مناسبا بغض النظر عن وجهات النظر الأميركية، والتي تواصل من جانبها تقديم الدعم لإسرائيل بلا توقف".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الولایات المتحدة نیتسح یهودا
إقرأ أيضاً:
واشنطن تفرض عقوبات على مسؤولين فلسطينيين
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم الخميس، فرض عقوبات على مسؤولين في السلطة الفلسطينية وأعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية، بدعوى انتهاك التزامات السلام من خلال السعي لتدويل الصراع مع إسرائيل.
وقالت الوزارة، في بيان، إن "السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير انتهكتا التزاماتهما من خلال دعم إجراءات في المنظمات الدولية التي تتعارض مع قراري مجلس الأمن 242 و338، وعدم امتثالهما لالتزاماتهما بموجب قانون الامتثال لتعهدات منظمة التحرير لعام 1989، وقانون التزامات السلام في الشرق الأوسط لعام 2002″.
وتابعت الخارجية الأميركية أن الجهات التي فرضت عقوبات عليها "تسعى لتدويل الصراع مع إسرائيل عبر محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية"، واتهمتها بالاستمرار بدعم ما وصفته بالإرهاب، بما في ذلك التحريض على العنف وتمجيده في المناهج الدراسية، وتقديم مدفوعات ومزايا لمن وصفتهم بالإرهابيين الفلسطينيين وأُسَرهم، وفق تعبيراتها.
وأضاف البيان أن هذه الخطوة تمنع المستهدفين بالعقوبات من الحصول على تأشيرات سفر إلى الولايات المتحدة، وفقاً للمادة 604 (أ-1) من قانون التزامات السلام في الشرق الأوسط، دون تحديد هوية الأفراد.
واعتبرت أن "هذه الإجراءات تأتي في إطار المصالح الأمنية القومية الأميركية لمحاسبة السلطة ومنظمة التحرير على تقويض فرص السلام".
وتعليقا على البيان الأميركي، اعتبر مسؤول رفيع في منظمة التحرير الفلسطينية، الخميس، أن القرار الأميركي يمثل "دعما وانحيازا فاضحا للاحتلال الإسرائيلي" ولحرب الإبادة المستمرة في قطاع غزة.
وقال عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة واصل أبو يوسف، إن "قرار الخارجية الأميركية يأتي في ظل شراكتها في حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة والمتواصلة منذ أكثر من 660 يوما"، واتهم الولايات المتحدة "بدعم جرائم إسرائيل ومستوطنيها".
إعلانوأضاف أن تلك العقوبات "تأتي لدعم الاحتلال وحرب الإبادة، ومحاولة لطمس القضية الفلسطينية بعد مؤتمر نيويورك، واعتزام مجموعة من الدول الاعتراف بفلسطين والتي باتت على سلم الأولويات الدولية".
وأشار إلى أن العقوبات تستهدف أيضا "محاولة ضرب التمثيل الفلسطيني"، مضيفا أن "القرار مجرد دعم للاحتلال ليس أكثر".
وفي المقابل، رحب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الخميس، بفرض واشنطن عقوبات على مسؤولين بالسلطة الفلسطينية وأعضاء في منظمة التحرير.
وشكر ساعر، في منشور عبر حسابه على منصة إكس، وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ووزارته على ما وصفه بوضوحهم الأخلاقي في فرض العقوبات.
وشدد ساعر على أن السلطة الفلسطينية يجب أن تدفع ثمنا لسياستها المستمرة، مشيرا إلى أن "هذه الخطوة من إدارة الرئيس دونالد ترامب تكشف الانحراف الأخلاقي لبعض الدول التي سارعت إلى الاعتراف بدولة فلسطينية افتراضية، بينما تغض الطرف عن دعم السلطة الفلسطينية للتحريض".
تأتي هذه العقوبات في وقت تعهدت فيه كندا وعدد متزايد من الدول الأوروبية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر/أيلول المقبل، وسط تحذيرات من قادة عالميين من أن الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر يواجهون خطر المجاعة الجماعية نتيجة الحصار الإسرائيلي.
ورغم أن العديد من حلفاء واشنطن يتخذون خطوات لرفع مكانة المسؤولين الفلسطينيين في المجتمع الدولي، فإن الخطوة الأميركية تهدف إلى عزلهم.
ولم يتضح ما إذا كانت العقوبات ستمنع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أو مسؤولين كبارا آخرين من السفر إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي أعلنت فرنسا أنها ستعترف خلالها بدولة فلسطينية. وقد سُمح في السابق لبعض القادة المعاقَبين بالسفر إلى الولايات المتحدة للمشاركة في الاجتماع الدولي.
وقال آرون ديفيد ميلر، الباحث البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي والمستشار السابق لعدد من وزراء الخارجية الأميركيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري: "إنها خطوة استعراضية، لكن توقيتها ليس مصادفة".
من جهته، قال جوناثان بانيكوف، المسؤول السابق في أجهزة الاستخبارات الأميركية، ويعمل حاليا في "المجلس الأطلسي"، إن إجراءات وزارة الخارجية كانت بالتأكيد قيد الدراسة والتجهيز منذ فترة، لكن توقيت الإعلان عنها قد يكون مواتيا لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأضاف "قرار الإعلان عنها اليوم سيكون خبرا سارا لأكثر أعضاء حكومة نتنياهو تطرفا، لكنه يهدد بجعل التوصل إلى توافق بشأن إدارة مرحلة ما بعد الحرب في غزة أكثر صعوبة".