اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان بالعالم
تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT
قال الباحث في المركز العربي بالعاصمة الأميركية واشنطن، رامي خوري، إن مؤيدي ومعارضي الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة، سيتواجهون في قاعات المحاكم في مشهد غير مألوف.
وأضاف خوري -في مقال بموقع الجزيرة الإنجليزي- أن عددا من المحامين والناشطين والمنظمات والدول رفعوا عددا غير مسبوق من الدعاوى القضائية والمذكرات إلى المحاكم الوطنية والدولية، وفقا لما يعنيه القانون الدولي والمعاهدات التي تحظر ارتكاب جرائم إبادة جماعية، وما يقتضيه ذلك من ضرورة وضعها موضع التنفيذ.
وتكتسب هذه الجبهة الجديدة في المعركة المستمرة بين ما يطلق عليها خوري "العروبة الفلسطينية" والصهيونية، أهمية لأنها تَعِد بمزيد من تكافؤ الفرص حيث يتم تحييد نقاط القوة والضعف العسكرية والسياسية التقليدية أو حتى عكسها.
واعتبر الباحث أن هذا الحراك القانوني غير العادي أقض بالفعل مضجع الحكومة الإسرائيلية، حتى اضطرت لطلب المساعدة من حلفائها الغربيين لدرء هذه الاتهامات.
تواطؤ
وفي الوقت نفسه، أنشأ الجيش الإسرائيلي قسما للقانون الدولي للتعامل مع سيل التحديات القانونية الجديدة التي تواجه سلوك إسرائيل في قطاع غزة.
ومع ذلك -يقول خوري- تنأى أغلب وسائل الإعلام الغربية الرئيسية بنفسها عن تغطية هذا الخبر المهم بعمق.
وعزا الكاتب ذلك ربما إلى أن الولايات المتحدة -والعديد من الحكومات الغربية الأخرى- "متهمة بالتواطؤ في جريمة الإبادة الجماعية باعتبارها الداعم الرئيسي لإسرائيل".
وقال مستدركا إنه مهما كان السبب، فإن غياب التغطية الجادة يكشف إلى أي طرف يميل الإعلام الغربي.
واستشهد خوري، في إثبات ما ذهب إليه، بالقضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، ووصف تلك الدعوى القضائية بأنها تطور مفصلي في المعركة القانونية التي تهدف لوقف الإبادة الجماعية الإسرائيلية. غير أن معظم وسائل الإعلام الغربية لم تقم بتغطية كل الحجج التي دفعت بها جنوب أفريقيا في القضية.
وأرجع الباحث السبب في ذلك إلى أن الدعوى القضائية كشفت العديد من الحقائق غير المريحة حول هجوم إسرائيل المستمر على غزة وما درجت على تنفيذه من عمليات تطهير عرقي ضد الفلسطينيين على مدى 75 عاما.
وعلى الرغم من أن محكمة العدل الدولية توصلت إلى اتهام إسرائيل بارتكاب أعمال تنتهك "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها"، واعتبرته اتهاما "مقبولا"، فإن إسرائيل وحلفاءها تجاهلوا قرار المحكمة، في حين قللت وسائل الإعلام الغربية من أهميته، أو ركزت على الجزئية التي تصب في صالح إسرائيل، وهي أن المحكمة لم تأمر بوقف الهجمات الإسرائيلية.
انتصار مهم
وبالنسبة لبقية العالم، فإن قرار المحكمة كان بمثابة انتصار مهم، ذلك لأنه أطلق زخما جديدا في النضال من أجل منع الحكومات والشركات من مساعدة الهجوم الإسرائيلي على غزة.
واعتبر خوري أن الحقائق التي توصلت إليها المحكمة الدولية شجعت كثيرا من الدول والأطراف في أنحاء العالم لإبداء اعتراضاتهم الخاصة ضد الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.
فدولة مثل نيكاراغوا حثت، في فبراير/شباط الماضي، حكومات بريطانيا وألمانيا وهولندا وكندا على الكف فورا عن توريد الأسلحة والذخائر والتكنولوجيا إلى إسرائيل، بل أعطتهم إشعارا كتابيا بأنها ستتخذ جميع التدابير القانونية المناسبة، منها اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، "لضمان احترام هذه النصوص الدولية الأساسية والقانون الدولي العرفي".
وأحال المحامون في أستراليا رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز إلى المحكمة الجنائية الدولية لتورطه المحتمل في الإبادة الجماعية. كما اتصلت أطراف مختلفة بالمحكمة الجنائية الدولية، التي تتمتع بصلاحية محاكمة الأفراد والكيانات المتهمين بارتكاب فظائع.
وانتقد الباحث في المركز العربي بواشنطن في مقاله، مرة أخرى وسائل الإعلام الغربية لتجاهلها تلك الحقائق، مضيفا أن وسائل الإعلام المحلية فقط هي التي غطت تلك التطورات الجديدة، والتي تمثل مجتمعة مرحلة جديدة مثيرة، فيما أصبحت معركة عالمية بين الدول المؤيدة لإسرائيل والناشطين المناهضين للاستعمار والفصل العنصري في دول العالم الثالث.
لا تسقط بالتقادم
ومضى خوري إلى القول إن جريمة الإبادة الجماعية لا تسقط بالتقادم، مشيرا إلى أنه مع إماطة اللثام عن الحقائق والتحقق منها في غزة، أو في العواصم الأجنبية التي تدعم تهمة الإبادة الجماعية ضد إسرائيل، عندها يمكن أن نشهد دعاوى قانونية تُرفع في أي وقت في جميع أنحاء العالم.
ولكن، مع استمرار تزايد الاعتراضات القانونية على الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في جميع أنحاء العالم وتورط الحكومات والمسؤولين والشركات الغربية كشركاء، فليس من المستغرب أن تستمر وسائل الإعلام الغربية السائدة في تجاهلها أو التقليل من شأنها.
ويؤمن كاتب المقال بأنه سيأتي الوقت الذي يصبح فيه من المستحيل التستر على التواطؤ الغربي في الإبادة الجماعية الإسرائيلية للفلسطينيين.
وأكد خوري أنه من الأفضل الآن للمؤسسات الإعلامية أن تقدم تقاريرها بأمانة على الأقل عن تصاعد الدعاوى القضائية العالمية ضد الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، وإلا فإنها تخاطر بالانجراف مع تيار المتواطئين العديدين من السياسيين والشركات الذين يتم ذكر أسمائهم الآن في المحاكم في مختلف أنحاء العالم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات وسائل الإعلام الغربیة الإبادة الجماعیة أنحاء العالم إسرائیل فی
إقرأ أيضاً:
ترامب بين دعم إسرائيل وضغوط التهدئة.. توازن سياسي دقيق في اختبار غزة| إيه الحكاية
في خضم التصعيد العسكري على غزة، تبرز مواقف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كمؤشر على تحولات محتملة في السياسة الأمريكية تجاه النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
فبين التصريحات التي توحي بدعم تقليدي لإسرائيل، والمبادرات التي تلمح إلى جهود لوقف الحرب، فماذا يحدث؟
ومن جانبه، قال الدكتور أحمد يونس، الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني، إن الموقف الأخير لـ دونالد ترامب من العدوان الإسرائيلي على غزة يكشف عن نهج براغماتي يتجاوز ظاهر التصريحات المتعاطفة مع إسرائيل نحو مقاربة أكثر تعقيدا، يحكمها توازن دقيق بين دعم الحليف التقليدي ومواجهة الضغوط المتزايدة على الساحة الدولية والداخلية، فبينما يصرح ترامب بإمكانية حدوث "أخبار سارة" تتعلق بوقف الحرب، فإن إشاراته المتكررة إلى إجراء اتصالات مع كل من إسرائيل وحركة حماس تعكس إدراكا أميركيا متناميا لتداعيات استمرار الحرب، سواء على صورة الولايات المتحدة في العالم أو على حساباته الانتخابية المقبلة.
وأضاف يونيس- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن السيناريو الأكثر ترجيحا يتمثل في استمرار الدعم الأميركي لإسرائيل على المستوى الاستراتيجي، بالتوازي مع تصعيد الجهود الدبلوماسية الأميركية لإنتاج تهدئة قابلة للتسويق، دون الدخول في مواجهة مباشرة مع حكومة نتنياهو.
وتابع: "وسيعتمد هذا السيناريو على أدوات الضغط غير المعلنة، وعبر وسطاء إقليميين، بما يسمح لواشنطن بتحقيق توازن دقيق بين الحفاظ على التحالف التقليدي مع إسرائيل، والاستجابة لمتغيرات الواقع الإقليمي والدولي".
وأشار يونس، إلى أن في المحصلة، تبدو إدارة ترامب مقبلة على مرحلة اختبار حقيقي في تعاطيها مع الحرب على غزة، إذ ستكون مضطرة لإعادة صياغة علاقتها مع إسرائيل بما يتلاءم مع معطيات جديدة، دون أن تمس بجوهر التحالف.
واختتم: "ولكن مع هامش متزايد من التباين التكتيكي الذي قد يظهر للعلن في حال تعثرت جهود التهدئة وازدادت الضغوط السياسية والأخلاقية على واشنطن".