هل يساعد الذكاء الاصطناعي في منع انقطاع الكهرباء في المستقبل؟
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
يتزايد الطلب باستمرار على الكهرباء، وهو ما دفع إلى الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي حاليا في تقديم حلول تساعد في منع انقطاع التيار الكهربائي.
يتذكر أسيف ريهان “استيقظت في ليلة من الليالي وكان الجو قارس البرودة، وأخرجت حقيبة النوم العسكرية الخاصة بي، ونمت فيها طوال الليل كي أشعر بالدفء”.
ويضيف “أدركت في الصباح أن التيار الكهربائي انقطع بالتأكيد”.
وصف ريهان ما حدث معه في شهر فبراير 2021 عندما كان في سان أنطونيو، بولاية تكساس، يؤدي الخدمة العسكرية في القوات الجوية الأمريكية.
كانت الولاية قد تعرضت في ذلك الشهر للعاصفة “أوري” الشتوية، وبسبب انخفاض درجات الحرارة إلى 19 درجة مئوية تحت الصفر، بذل سكان تكساس قصارى جهدهم من أجل الحفاظ على تدفئة المنازل، ما أدى إلى زيادة الطلب على الكهرباء بشدة.
في ذات الوقت بدأت شبكة الكهرباء في تكساس بالتعطل، وتجمدت توربينات الرياح، وغطت الثلوج الألواح الشمسية، وكان لابد من إيقاف المفاعل النووي عن العمل كإجراء احترازي.
ومع عدم توافر ما يكفي من الكهرباء، عانى ما يزيد على 4.5 مليون منزل وشركة من انقطاع التيار الكهربائي لساعات في بداية الأمر، ثم لأيام متتالية.
Getty Imagesاضطرت شركات الطاقة في تكساس، في فبراير/شباط 2021، إلى إصلاح المحطات وخطوط الكهرباء التي تضررت بسبب الطقس شديد البرودةويتذكر ريهان قائلا “بدون الكهرباء، تعطلت التدفئة بالطبع، ولم يكن من الممكن استخدام الموقد الكهربائي أو ميكروويف إعداد الطعام”.
في النهاية، استغرق الأمر ما يزيد على أسبوعين حتى عادت شبكة الكهرباء في تكساس إلى العمل بشكل طبيعي.
كشفت العاصفة عن هشاشة أنظمة نعتبرها أساسية في تزويدنا بالكهرباء على مدار الساعة.
وعلى الرغم من أن فصول الشتاء ليست قارسة البرودة في جميع الدول كما هو الحال في أمريكا الشمالية، يتزايد الطلب على الكهرباء باستمرار في شتى أرجاء العالم، من شحن السيارات الكهربائية إلى تركيب مكيفات الهواء في منازل كثيرة، لذا فنحن نستخدم مزيدا من الطاقة في حياتنا اليومية.
يأتي ذلك في وقت يتزايد فيه لجوء الدول إلى مصادر الطاقة المتجددة، والتي تتباين بشدة في كمية الطاقة التي تولدها، ففي حالة عدم هبوب الرياح – وإن لم تكن الشمس مشرقة- ينخفض إنتاج الكهرباء.
كل هذا دفع وزيرة الطاقة البريطانية، كلير كوتينيو، إلى التحذير الشهر الماضي، من أنّ البلاد قد تواجه انقطاعات في التيار الكهربائي في المستقبل إن لم تتوفر محطات طاقة جديدة تعمل بالغاز كمصادر “احتياطية”.
كما أنّ هناك طريقة أخرى تجعل أنظمة الطاقة تعمل بطريقة أكثر مرونة وهي إضافة بطاريات ضخمة إلى الشبكة.
وتقوم الفكرة على أنه في حال توافر احتياطي من الكهرباء، يمكن شحن البطاريات، ومن ثم تعزيز الكهرباء لاحقا عندما يتزايد الطلب على الطاقة، وهذه هي الطريقة التي لجأت إليها ولاية تكساس.
Getty Imagesتقوم شركات الطاقة في تكساس والولايات الأمريكية الأخرى ببناء محطات مليئة بصفوف البطاريات، لتخزين الطاقةويقول مايكل ويبر، أستاذ موارد الطاقة في جامعة تكساس في أوستن “منذ هبوب العاصفة، استطعنا تخزين ما يزيد على خمسة غيغاواط من سعة تخزين البطاريات في تكساس خلال ثلاث سنوات، وهي خطوة رائعة”.
ويضيف أنّ هذا الكم من الطاقة يعادل “أربع محطات طاقة نووية كبيرة”.
وعلى الرغم من ذلك، لكي تكون هذه البطاريات مفيدة بالفعل، فالأمر يتطلب معرفة أفضل وقت لشحن البطاريات وأفضل وقت لتفريغها، كما يلزم إجراء تنبؤات معقدة بشأن كمية الكهرباء المطلوبة في المستقبل.
ويقول غافين ماكورميك، مؤسس شركة “وات تايم” الناشئة في مجال التكنولوجيا “الشيء الرئيسي الذي يحدث فارقا كبيرا هو الطقس والطلب على الكهرباء”.
وتقوم شركته، التي يقع مقرها في أوكلاند بولاية كاليفورنيا، بتصنيع برامج الذكاء الاصطناعي التي تتنبأ بإمدادات الكهرباء والطلب عليها في منطقة أو إقليم معين، ويمكن الاستفادة بهذه المعلومات بعد ذلك في ضبط البطاريات على موعد الشحن والتفريغ.
كما يمكن الاستفادة بنفس المعلومات في مساعدة الأشخاص في المنازل على استخدام الكهرباء بأقل تكلفة.
ويقول ماكورميك “لهذا السبب، إن كان لديك سيارة كهربائية وتحتاج إلى أن تكون جاهزة خلال ثماني ساعات، لكنّ شحنها يستغرق ساعتين أو ثلاث ساعات فقط، فما تفعله هو الاستفادة من فترات طوال الليل مدة كل منها خمس دقائق تكون فيها الطاقة فائضة، أو ربما الاستفادة من الطاقة النظيفة”.
ويضيف “سوف تُشحن البطارية على دفعات صغيرة في الوقت الأفضل وستصبح جاهزة بحلول الصباح”.
ويستطيع الذكاء الاصطناعي إجراء هذه التنبؤات من خلال تحليل حالات الطقس، وتواريخ العطلات، وجداول العمل، وحتى أثناء إقامة مباراة لكرة القدم، ويقول ماكورميك “الجميع ينهضون ويصنعون كوبا من الشاي بين شوطي المباراة”.
Getty Imagesيُستخدم الذكاء الاصطناعي حاليا لأغراض حماية البنية التحتية التي تنقل الكهرباء إلى المنازلوتوجد شركة أخرى تستخدم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالطلب على الكهرباء هي شركة “إليكترستي مابس” الدنماركية، ويركز الذكاء الاصطناعي على التنبؤ بحالات الطقس مثل تكاثف السحب وقوة الرياح ودرجة الحرارة وهطول الأمطار.
وتُستخدم هذه المعلومات لمعرفة كمية الكهرباء المُثلى التي يمكن أن تولّدها توربينات الرياح أو الألواح الشمسية.
ويقول أوليفييه كورادي، مؤسس الشركة “إذا كان بإمكانك التنبؤ مسبقا، بدقة تامة، بكمية الرياح التي يمكنك الاستفادة منها في النظام، فسيكون بمقدورك وضع خطط للمستقبل”.
ويضيف “أحد أمثلة الاستفادة من ذلك هو شركة غوغل، إذ نزودهم بتوقعات حول أفضل وقت مثالي لاستخدام شبكة الكهرباء خلال الساعتين المقبلتين. ويمكنهم استخدام هذه المعلومات في مراكز البيانات الخاصة بهم لتغيير الوقت الذي يستهلكون فيه الكهرباء”.
كما يُستخدم الذكاء الاصطناعي حاليا لأغراض حماية البنية التحتية المادية التي تنقل الكهرباء إلى المنازل.
وتستعين شركات أمثال “باز سولوشن” بالذكاء الاصطناعي بغية مسح صور كابلات الكهرباء والأبراج والمحطات الفرعية، وتحديد مواضع الضرر مثل الأجزاء المهشمة أو تلك التي يعلوها الصدأ.
كما يحدد النظام متى تنمو الأشجار والمساحات الخضراء الأخرى التي توجد على مقربة من خطوط الكهرباء.
ولا يساعد ذلك في منع انقطاع التيار الكهربائي عن الخطوط المتضررة فحسب، بل يمكن أن يقلل خطر حدوث حرائق الغابات، والتي يمكن أن تنتج من ملامسة خطوط الكهرباء للأشجار، كما حدث في كاليفورنيا خلال السنوات الماضية.
كما تستطيع التكنولوجيا اكتشاف سبب رئيسي آخر وراء انقطاع التيار الكهربائي وإبلاغ موظفي الشركة تلقائيا به، وهو تأثير الحياة البرية.
ويقول فيخيات تشودري، المؤسس المشارك لشركة “باز سولوشن” إنه في أحيان كثيرة، تدخل حيوانات مثل السناجب والقوارض على نحو مفاجىء إلى محطات التوليد الفرعية، وتتعرض للصعق الكهربائي”.
ويضيف “يؤدي الصعق الكهربائي أحيانا إلى حدوث انفجار هائل في محطة التوليد”.
ويقول تشودري “يرصد الذكاء الاصطناعي الخاص بنا، والذي يتم تزويد المحطات به، أشياء من بينها دخول الحيوانات بما في ذلك الراكون والسناجب”.
المصدر: جريدة الحقيقة
كلمات دلالية: انقطاع التیار الکهربائی الطلب على الکهرباء الذکاء الاصطناعی الاستفادة من الطاقة فی فی تکساس
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يقلب موازين البحث في في غوغل
يُعد هذا التوسع امتدادًا للتحول الذي بدأتْه غوغل قبل عام، حين أطلقت ملخصات محادثة تحت اسم "ملخصات الذكاء الاصطناعي"، والتي تظهر بشكل متزايد في أعلى صفحة النتائج، وتحتل مكانةً أعلى من الروابط التقليدية في نتائج البحث.
وبحسب ما أعلنت غوغل، فإن نحو 1.5 مليار شخص يتفاعلون بانتظام مع هذه الملخصات، كما أصبح المستخدمون يدخلون استفسارات أطول وأكثر تعقيدًا.
وفي كلمة أمام حضور كبير في قاعة مؤتمرات قريبة من مقر الشركة في ماونتن فيو بكاليفورنيا، قال سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة غوغل: "كل هذا التقدم يعني أننا دخلنا مرحلة جديدة في تطور منصتنا المبنية على الذكاء الاصطناعي، حيث تحولت عقود من الأبحاث إلى واقع يستفيد منه الناس في كل أنحاء العالم".
الذكاء الاصطناعي يُعيد تشكيل سلوك المستخدم
وعلى الرغم من توقعات سوندار بيتشاي وفريق الإدارة في غوغل بأن ميزة "النظرة العامة للذكاء الاصطناعي" ستزيد من عمليات البحث والنقر على الروابط، إلا أن الواقع لم يكن على هذا النحو حتى الآن، بحسب بيانات شركة BrightEdge المتخصصة في تحسين محركات البحث.
وأظهرت دراسة حديثة أجرتها الشركة انخفاضًا بنسبة 30% في معدلات النقر على نتائج بحث غوغل خلال العام الماضي، مشيرة إلى أن السبب الرئيسي هو اكتفاء المستخدمين بالمعلومات المقدمة عبر الملخصات الذكية دون الحاجة للنقر على الروابط.
ويُعد قرار إتاحة "وضع الذكاء الاصطناعي" على نطاق واسع بعد فترة اختبار قصيرة دليلًا على ثقة غوغل في دقة التكنولوجيا وعدم انتشار المعلومات المضللة عبرها، وهو ما يعكس أيضًا وعي الشركة بالمنافسة الشديدة التي تواجهها من أدوات بحث أخرى مدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT وPerplexity.
الصعود السريع للذكاء الاصطناعي يُعيد رسم خريطة المنافسة
برز الصعود السريع لبدائل الذكاء الاصطناعي كمصدر اهتمام رئيسي في الإجراءات القانونية التي قد تؤدي إلى اضطرار غوغل إلى إعادة هيكلة أجزاء من إمبراطوريتها على الإنترنت، بعد أن أعلن قاضٍ فيدرالي أمريكي أن محرك بحث الشركة يمثل احتكارًا غير قانوني.
وأفاد إيدي كيو، المدير التنفيذي لشركة Apple، خلال شهادته في المحاكمة مبكرًا هذا الشهر، بأن عمليات البحث عبر غوغل من خلال متصفح Safari على iPhone انخفضت، نتيجة تحول المستخدمين إلى بدائل تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
وأشارت غوغل إلى التغيرات الناتجة عن صعود الذكاء الاصطناعي كسبب رئيس لضرورة إجراء تعديلات طفيفة فقط على آلية عمل محرك بحثها، مشيرة إلى أن هذه التكنولوجيا تعيد تشكيل المشهد التنافسي بشكل جذري.
لكن على ما يبدو، فإن الاعتماد المتزايد لغوغل على الذكاء الاصطناعي حتى الآن ساعد محرك بحثها في الحفاظ على مكانته كبوابة رئيسية للإنترنت، وهو العامل الرئيسي الذي يجعل قيمتها السوقية ضمن شركتها الأم ألفابت تصل إلى تريليوني دولار (1.8 تريليون يورو).
وبحسب بيانات جمعها موقع onelittleweb.com، بلغ عدد زيارات غوغل الشهرية خلال العام المنتهي في مارس الماضي 136 مليار زيارة، أي ما يعادل 34 ضعف الزيارات الشهرية لموقع ChatGPT البالغة أربعة مليارات زيارة.
وعند سؤال "وضع الذكاء الاصطناعي" الخاص بغوغل من قبل صحفي في وكالة أسوشيتد برس، عما إذا كان اعتماد الذكاء الاصطناعي قد يؤثر سلبًا على محرك البحث، أكد أن ذلك غير محتمل، مشيرًا إلى أنه قد يعزز مكانة الشركة أكثر.
ورد "وضع الذكاء الاصطناعي": "نعم، من المحتمل جدًا أن يجعل هذا الوضع شركة غوغل أقوى، خاصةً في مجال الوصول إلى المعلومات والتأثير على الإنترنت". وحذّرت الميزة أيضًا من أن الناشرين على الويب قد يواجهون انخفاضًا في الزيارات القادمة من نتائج البحث.