أزمة إنسانية خانقة.. كيف يعيش سكان الفاشر غرب السودان؟
تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT
الفاشر- عندما كنتُ في منزلي، أمس الأحد، بمدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور غرب السودان، وقعت حادثة مروعة تأثرت بسببها حياتي وحياة عائلتي بأكملها.
كنت أستعد لقضاء وقت ممتع مع أفراد أسرتي، ولكني فوجئت بسقوط قذيفة في محيط المنزل وانفجارها وسطه، ولم يكن لدي أية فكرة عن حجم الدمار الذي ستخلّفه هذه الحادثة المأساوية.
شعرت بالهلع والرعب يتسللان إلى كل خلية في جسدي. ركضت إلى ابني الصغير (6 سنوات)، حيث كان يلعب، ووجدته مغشيا عليه والدماء تسيل من رقبته.
لم أستطع تصديق ما كان يحدث، فابني كان مصابا بجروح خطيرة، وكانت الدماء تنزف بغزارة. وعلى الرغم من الصدمة والفزع الذي أصابني، حاولت الحفاظ على هدوئي، فلا وجود لأية فرق إسعاف هنا، وبمساعدة الجيران، تمكنا من نقله إلى المستشفى الجنوبي الوحيد العامل في المدينة.
قضيت اليوم بأكمله في المستشفى، في حالة قلق وانتظار، وسط الموتى والجرحى الذين كانوا يصلون بشكل مستمر. لقد تلقى ابني العلاج، لكنه لم يخضع لعملية جراحية لإزالة الرصاصة الطائشة من جسده بسبب ندرة الأطباء.
كانت تلك اللحظات الحرجة تجعلني أدرك حقيقة الصراع الماثل في السودان، خاصة في إقليم دارفور، حيث يتعرض الأبرياء يوميا للخطر والموت، خصوصا الأطفال النساء.
ومن خلال هذه التجربة المروعة، أدركت أن المدنيين ليسوا آمنين حتى في منازلهم، وأن الحرب تسبب دمارا هائلا وتهدد حياة الأبرياء، ويجب أن يعمل العالم بجد للوصول إلى حلول عاجلة لمشكلة السودان.
قصتي المؤلمة هذه تعكس معاناة العديد من الأطفال الأبرياء الذين يتعرضون يوميا للإصابات والقتل، وهم في حاجة ملحة للعمل المشترك لتحقيق السلام والاستقرار في مختلف مناطق دارفور المنكوبة، ولضمان مستقبل مشرق لهم باعتبارهم رمز الأمل والمستقبل.
وتعيش مدينة الفاشر هذه الأيام حالة من العنف والتوتر بسبب المواجهات العسكرية المستمرة بين الجيش السوداني والقوة المشتركة للحركات المسلحة من جهة وقوات الدعم السريع من جهة أخرى، مما تسبب في مأساة إنسانية خطيرة في المدينة.
والفاشر واحدة من أقدم مدن دارفور التاريخية، حيث يبلغ عدد سكانها حوالي مليوني نسمة من جملة سكان الإقليم الذين يقارب عددهم 9.5 ملايين نسمة، وتضم 5 مستشفيات رئيسية، 3 منها في الخدمة، وتؤوي عشرات الآلاف من النازحين الموجودين في المدارس وبعض المساكن في الأحياء الجنوبية منها.
وتأتي المواجهات التي اندلعت يومي الجمعة والأحد الماضيين، بعد أن شهدت الفاشر خلال الفترة الماضية هدوءا نسبيا، وأصبحت ملاذا آمنا للنازحين الذين لجؤوا إليها من مختلف مدن البلاد بسبب تداعيات الحرب الدائرة.
ومع ذلك، استأنفت قوات الدعم السريع هجماتها العسكرية، حيث بدأت بحرق نحو 15 قرية في ريفي الفاشر الغربي، مما أوقع عددا من الضحايا، وتسبب في نزوح الآلاف إلى المدينة.
ووفقا لشهود عيان، فإن العديد من المدنيين، خاصة النساء والأطفال، قُتلوا، أمس الأحد، جراء المواجهات التي تشهدها المدينة، وأن أغلب الإصابات كانت بالأعيرة النارية الطائشة والقذائف.
وبحسب تصريحات إبراهيم عبد الله خاطر، مدير عام وزارة الصحة في شمال دارفور، لإذاعة محلية، فإن الموجة العنيفة التي شهدتها المدينة أسفرت عن مقتل 27 شخصا وإصابة نحو 150 آخرين بجراح متفاوتة.
وأوضح أن من بين القتلى نساء وأطفال، وأشار إلى وجود ندرة في الأدوية وبعض المستلزمات الطبية، وأقر بخروج مستشفى الأطفال عن الخدمة بسبب تعرضه للتلف نتيجة سقوط قذيفة بالقرب منه.
وقال خاطر إن وزارته تبذل جهودا مشتركة مع الشركاء والمتطوعين لإنقاذ المصابين وتلبية احتياجاتهم، إلى جانب إيجاد بديل مؤقت لمستشفى الأطفال حتى لا يتوقف عن العمل.
من جانبها، تقول هادية عبد الله، أم لطفلة مريضة بمستشفى الأطفال في الفاشر، للجزيرة نت، إن جميع المرضى أخلوا المستشفى بعد وقوع قذيفة بالقرب منه ومقتل أحد المرافقين.
وأوضحت أنهم يعانون ظروفا صعبة للحصول على العلاج من المرافق الصحية الأخرى، وطالبت بضرورة تحرك المجتمع والسلطات المعنية لتوفير الدعم ومساعدة الأطفال المرضى وأسرهم.
من جهتها، أفادت غرفة طوارئ معسكر أبوشوك للنازحين شمال مدينة الفاشر، على فيسبوك، بأن المعسكر سجّل، خلال المواجهات، سقوط 5 قتلى و23 جريحا جميعهم من النازحين، وناشدت المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني بالعمل على توفير سيارات إسعاف إضافية للمساعدة في إجلاء المصابين والجرحى إلى المستشفى الجنوبي.
وتعرضت منازل المواطنين وبعض المرافق لأضرار جسيمة نتيجة المواجهات، مما أدى إلى تشتت الأسر وتهجير العديد من السكان قسريا، كما اضطر الكثير من الأشخاص للفرار من منازلهم والبحث عن ملاذ آمن في أماكن أخرى، في ظل ندرة الموارد والخدمات الأساسية، وزادت حاجة النازحين إلى المساعدة الإنسانية.
وشدد محمد آدم، أحد سكان الفاشر، في حديثه للجزيرة نت، على ضرورة تعاون المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لتقديم المساعدة العاجلة للمتضررين وتلبية احتياجاتهم الأساسية، مثل الغذاء والمأوى والماء النقي والرعاية الصحية.
وأكد أنه على الأطراف المعنية اتخاذ إجراءات فورية لوقف القتال وحماية الأطفال والنساء، وأشار إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها السكان، من ارتفاع في أسعار السلع وندرة المياه الصالحة للشرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات مدینة الفاشر
إقرأ أيضاً:
والي شمال دارفور يفند شائعات المليشيا حول محاولة اغتياله
فند والي ولاية شمال دارفور المكلف، الحافظ بخيت محمد، بشدة صحة الشائعات التي ترددت في وسائط التواصل الاجتماعي حول تعرضه لمحاولة اغتيال أثناء خروجه من مدينة الفاشر.وأكد أن هذه الشائعات لا أساس لها من الصحة، وإنما هي محاولة من مليشيا آسرة دقلو الإرهابية للتضليل وتغطية فشلها في إسقاط الفاشر.وقال بخيت في تصريحات صحافية ، إن المليشيا لجأت إلى الإعلام المضلل بعد فشلها في الدخول إلى الفاشر بقوة السلاح، فضلاً عن استخدامها سلاح التجويع من خلال حصارها المضروب عليها ومنع وصول المساعدات الإنسانية والسلع الغذائية.وقلل بخيت من تأثير تلك الشائعات على مواطني مدينة الفاشر المتواجدين والذين ظلوا يراقبون الأوضاع عن كثب. وأعتبر الشائعات دعاية رخيصة تستهدف من خلالها تجنيد الشباب.وسخر بخيت من الرسائل التي وجهها الدكتور الهادي إدريس، الذراع السياسي للمليشيا، لمواطني المدينة للخروج إلى منطقة “كورما” التابعة لريفي الفاشر، باعتبارها تقع تحت سيطرتهم.وانتقد الهادي إدريس الذي أقر بأن منطقة كورما غير آمنة، في حين أشار إلى وجود قوات بمنطقة “قرني” تقوم بتأمين وصول المواطنين إلى المنطقة.وأضاف بخيت أن مصير الشباب السبعين الذين اقتادتهم المليشيا من منطقة “قرني” غربي مدينة الفاشر ما زال مجهولاً، معرباً عن استغرابه من حديث الهادي إدريس.ودعا المواطنين إلى عدم الالتفات إلى الشائعات المغرضة من بعض السياسيين أعوان المليشيا. وأكد أن مدينة الفاشر صامدة وستظل كذلك بإذن الله رغم الحرب الدائرة.وبشر المواطنين بفك حصار الفاشر في وقت قريب، قائلاً “نبشر المواطنين بسماع أخبار سارة خلال اليومين القادمين”، وأضاف أن كل المؤشرات على الأرض تشير إلى ذلك.وكشف بخيت عن ترتيبات تقوم بها الحكومة الاتحادية من أجل فك حصار الفاشر.واقر بخيت بأن مدينة الفاشر قد شهدت الفترة الماضية نزوح عدد من المواطنين بسبب الظروف المعيشية.وطمأن المواطنين بان مدينة الفاشر آمنة ومستقرة ،وبها اعداد مقدرة من المواطنين ، كما أنها تشهد انفراجاً خاصة بعد دخول فصل الخريف .واشار إلى ظهور الحبوب الغذائية بسوق الفاشر هذه الأيام مقارنة بالفترة الماضية، رغم ارتفاع أسعارها. ولفت إلى أن المواطنين بالمدينة قد قاموا بزراعة المساحات الموجودة الكبيرة ومنازلهم للاستفادة من المنتوجات الزراعية.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب