الدكتور محمود المشهداني ونهاية التاريخ ؟
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
آخر تحديث: 19 ماي 2024 - 10:00 صبقلم:د.سنان السعدي تعلمنا من قراءة التاريخ وفي المجالس العامة والخاصة ان الرجال هم من يكتبون تاريخهم لكي يتركوا ارثا يحتفي به ورثتهم ويتفاخرون به من بعدهم في مجالسهم ، لاسيما ونحن امة تعتاش على الفخر حتى وان كان زائفا ودليل ذلك ان بعضهم ممن لم يترك لهم اجدادهم ارثا مشرفا يتفاخرون به نجدهم يتفاخرون بأجدادهم عندما كانوا قطاعا للطرق ولصوص ( الحوافة ) .
وهم بذلك يفتخرون بفخر يتيم لا اب له . ما حدث يوم امس تحت قبة مجلس النواب العراقي عند الانتقال الى الجولة الثالثة لانتخاب رئيس مجلس النواب والتي أنحصرت بين السيدين محمود المشهداني وسالم العيساوي يعد مهزلة يندى لها الجبين ، قد يظن البعض بان القوى السياسية قد انتصر عندما نجحت بإفشال اجراء الجولة الثالثة لحسم رئاسة المجلس ، لكن الواقع يؤكد عكس ذلك فمن وجهة نظري ان ما حدث قد اكد قوة شخصية وتأثير النائب سالم العيساوي مقابل ضعف وفشل منافسيه ، فضلا عن اعلان موت السيد محمود المشهداني سياسيا ، فبعد الجولة الاولى التي حصل فيها السيد محمود المشهداني على 47 صوت مقابل 97 صوت للسيد سالم العيساوي ، شهدت الجولة الثانية خساره قاسية للسيد المشهداني امام السيد سالم العيساوي بعد ان حصل السيد المشهداني على 137 صوت مقابل 158 صوت للسيد العيساوي . والغريب في الامر ان السيد المشهداني وانا متأكد مما اقول هو نفسه غير مؤمن بالجهة السياسية التي دعمته في الجولة الثانية من اجل ابعاد السيد العيساوي . يؤسفني ان ارى شخصا هرما ومن ذوي الحكمة الذي كان في يوم من الايام من اصحاب الصولات والجولات من اجل انتزاع حقوق مكونه ، ان يصبح اللعوبة بيد من هم بسن اولاده ، او يستخدم من قبلهم جسرا لعبور المياه الآسنة . لا يليق بالسيد المشهداني ما يفعله بنفسه فهو من نسب كريم من خير الانساب ، لكن يبدوا ان تقدمه في السن قد تغلب على فطنته وحكمته ، فجعلوا منه اداة لتصفية الحسابات لقضية ليس له فيها لا ناقة ولا جمل . فكلنا يتذكر عندما رشح نفسه امام السيد الحلبوسي كيف انتهى به الامر محمولا على اكتاف القوات الامنية بعد ان تعرض لحادثة اعتداء لا نعرف ما مدى مصداقيتها . والنتيجة خرج خاسرا امام السيد الحلبوسي ؟ واليوم هو مرشح السيد الحلبوسي ضد سالم العيساوي ؟ مفارقة عجيبة ! كيف قبل السيد المشهداني ان يكون مرشحا لحزب تقدم ذلك امرا محيرا ولا يليق به . كان من الصواب ان يكتفي السيد المشهداني بعضوية مجلس النواب او يعتزل العمل السياسي بأوج سمعته ولا اقول عظمته ( لا يوجد عظيم في عملية سياسية اسسها محتل ) من اجل الحفاظ على ارث يفتخر به من بعده ابنائه واحفاده . لقد تم اغتيال السيد محمود المشهداني سياسيا وتاريخيا ، على عكس ما كان مخططا له وهو القضاء على السيد سالم العيساوي الذي خرج منتصرا . فاليوم السيد المشهداني قد اضحى بلا هوية سياسية ، فألى من ننسبه هل هو زعيم سياسي سني ام هو شخصية سياسية اطارية ام هو احد اعضاء حزب تقدم او احد قيادات تحالف الصدارة التقدمي هل هو سني ام شيعي او هو شني ام سيعي ، قد يقول البعض انه شخصية وطنية وانا هنا لا اطعن في وطنية الرجل حاشا لله لكن ما هكذا تكون الوطنية ، الوطنية هي الابتعاد عن الفتنة والعمل على تضميد جراح الوطن والترفع عن نزوات الصغار ، انا اعتقد ان السيد المشهداني قد كبى ولك جواد كبوة ، مازال هناك متسع من الوقت للتصحيح عن طريق الانسحاب من هذه المنافسة التي لا تليق به ، فلم يعد في العمر ما يستحق ان يلوث به نفسه والاعمار بيد الله . من المؤسف جدا لقد انهى السيد المشهداني تاريخه بيديه . وانا هنا اكرر اسفي واعتزازي به اتمنى ان اكون ناقدا وليس مسيئا .
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: محمود المشهدانی سالم العیساوی
إقرأ أيضاً:
هل «يُعيد التاريخ نفسه» مع الابتكارات التكنولوجية ؟
من الناحية التاريخية، تُعد المرحلة التي أعقبت استبدال بصمات الأصابع بالتوقيعات هي من أبرز فترات التقدم المعرفي والاجتماعي، حيث صارت عملية المصادقة الرسمية خالية من استخدام الأحبار لطبع البصمات بالشكل التقليدي. ولكن جاءت المفارقة خلال العقود الثلاثة الماضية حين عادت بصمة الأصابع لتتربع مرة أخرى على عرش أدوات المصادقة؛ نظرًا لكونها «التوقيع الحقيقي» الوحيد لهوية صاحبه. وبذلك توسعت ما أُطلق عليه «تكنولوجيا المصادقة البيومترية»، وانتعشت خطوط الابتكارات التكنولوجية المرتبطة بتوظيف القياسات الحيوية لمختلف الأغراض: بدءًا من أنظمة الدخول للمؤسسات، والخدمات المالية، إلى ضمان موثوقية وأمان البيانات المخزنة في الهواتف الذكية التي تحتوي على ماسحات ضوئية كاملة لبصمات الأصابع. فهل يعود الابتكار إلى نقطة البداية؟
إن الأمثلة عديدة على عودة الابتكارات إلى المسار الذي سلكته لتطبيقها في البداية، وهنا تظهر أهمية الوعي بتاريخ الابتكارات، والفهم العميق بدورتها الزمنية، والتغييرات التي تطرأ مع المستجدات. إذ لا يتعلق الأمر بحقيقة أن الابتكارات التكنولوجية في وقتنا هذا هي من أكثر العصور تقدمًا، ولكن هناك أزمة متنامية تتعلق بثقافة الابتكار على مستوى المبتكرين الناشئين، والشركات العلمية، والتي تفرض نوعًا من السباق اللامتناهي في التطوير التكنولوجي دون الأخذ في الحسبان بأن الابتكارات تعود -في لحظة ما- إلى نقطة البداية، ولكن بشكل آخر، ومن هذا المنطلق، ظهرت أصوات تنادي في الوقت الراهن بأهمية التركيز على الابتكارات النوعية. ويُعد هذا التوجه بمثابة نقطة التعادل بين التوسع الكبير والمتشعب في الابتكار، وبين الاكتفاء بمواكبة الخطوط العريضة في التطوير والتجديد. وهذا يقودنا إلى النقطة الأساسية وهي: أهمية تبنّي الابتكارات النوعية مع الإلمام بجميع التطورات والمنعطفات السابقة.
دعونا في البداية نقترب أكثر من المشهد الابتكاري الراهن؛ سنجد بأن منظومات الابتكار تواجه تحديًا كبيرًا في التدفق الحيوي للمواهب العلمية الآخذ في النضوب، ومع الأخذ في الحسبان تصاعد التقنيات المتقدمة، والذكاء الاصطناعي مع سهولة الوصول إليهما؛ فإن العوامل المؤثرة على نقص المواهب في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات قد تضاعفت مقارنةً بتأثير العوامل الجاذبة لبناء المواهب في هذه التخصصات. كما أن النجاح غير المسبوق الذي يحققه المبتكرون من مختلف التخصصات قد ضاعف من تراجع المواهب العلمية. وعلى سبيل المثال، تظهر ابتكارات واعدة من فرق عمل طلابية، أو مجموعات مهنية وقد لا يكون جميعهم من التخصصات العلمية والهندسية. ومن جهة أخرى، لا تتطلب عمليات نقل وتوطين التقنيات إلى الوجود الحصري لأصحاب التخصصات العلمية والتقنية الدقيقة. وقد أسهمت جميع هذه الظروف في تآكل النواة العلمية للابتكارات، وقد يصعب عكس مسار هذا التآكل، أو بالتقدير المتفائل يمكننا أن نقول بأن إعادة بناء هذه النواة سوف يتطلب استثمارًا كبيرًا.
وإذا كانت دورة الابتكارات تتطلب فهمًا تاريخيًّا، فإن التحدي الثاني الذي يواجه منظومات الابتكار من بعد موضوع تذبذب التدفق المتواصل للمواهب الحيوية في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات هو الحاجة الملحة لتأمين وصول قطاع الصناعة إلى الأفكار المبتكرة، والمواهب العلمية ذات الإلمام الكافي بتاريخ البحث والتطوير.
حيث إن وجود الباحثين اللامعين في قطاع ما لا يكفي لضمان توجيه الابتكار نحو الانتقائية المستدامة. كما أنه ينبغي أن تساهم تحديات تدهور خط إمداد المواهب في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في إعادة تشكيل وعي قادة الصناعة لوضع تغييرات تحويلية في دعم رأس المال البشري اللازم لدفع عجلة ابتكاراتهم، ولا يبدو أن ذلك يحدث فعليًّا.
فمن حيث العدد، هناك إحجام في إكمال الدرجات الأكاديمية العليا في التخصصات العلمية، ومن حيث الجودة النوعية، هناك كذلك تحديات في غياب البوصلة اللازمة في تعريف الأولويات الاستراتيجية في الابتكار، ولو عدنا لموضوع عودة بصمة الأصابع، سنجد بأن شركات الابتكار التي أدركت مبكرًا الفرص وراء القياسات الحيوية لبصمات الأصابع هي التي ضمنت مواقع الريادة في هذه التقنيات، وقد أصبحت الآن في طليعة تقنيات المستقبل خصوصًا مع إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي.
فقد تمكنت هذه الشركات من فهم المعضلة المتوقعة من تزايد اعتماد المؤسسات، وعالم الأعمال، والمجتمع على التكنولوجيا، والمتمثلة في حماية البيانات والمعلومات، ولذلك عكفت على وضع الحلول المبتكرة القائمة على دمج العلوم، والتقنيات، والممارسات السابقة، وتاريخ البشرية في هذا الشأن، وبذلك تبلورت الابتكارات المتعلقة بالمصادقة الذكية على بناء الثقة الفورية، وهي العنصر النوعي الذي أضاف القيمة الابتكارية.
مع أن التغيير الجذري في الابتكارات التكنولوجية سواءً بالابتعاد أو بالعودة لبدايات الابتكار ليس في حد ذاته ظاهرة جديدة، إلا أن صعود التقنيات الرقمية قد خلق تحديات غير مسبوقة للمؤسسات، وقطاع الصناعة، والمجتمع على وجه العموم. ومن أجل ذلك يتزايد الاهتمام بتعزيز إمكانيات الابتكار التكنولوجي والاجتماعي في الاستجابة للمتغيرات، والاستفادة من خبرة الشركات العالمية الرائدة في الإبداع المشترك، والذي يتمثل في بناء فرق ابتكارية ذات قدرات متنوعة، وتفعيل مسارات عمل قائمة على دمج الخبرات مع المواهب، وبذلك يمكن تجاوز التحديات المالية، حيث إن استقطاب المواهب والكفاءات العلمية ذات الخبرة قد يكون مكلفًا، إذ يساهم هذا النهج في تنويع أساليب استقطاب المواهب العلمية ذات البعد الاستشرافي، ويقلل من مخاطر الاعتماد على الخبرات الداخلية المحدودة، كما أن التعاون بين قطاع التعليم والصناعة قد اكتسب أشكالًا أكثر حداثة ومرونة عن ذي قبل، وهذا من شأنه أن يسرع عبور الفجوة بين متطلبات دعم الابتكارات النوعية، ومحدودية المواهب العلمية والهندسية.
إن الوعي المتكامل بتاريخ الابتكارات، ومسارات تطورها يمثل حجر الأساس في اغتنام الفرص الاستراتيجية في الابتكارات التكنولوجية، فكما يتيح الاستشراف المستقبلي الاتجاهات المتوقعة للطلب على الابتكار؛ كذلك تمنح المراجعة التاريخية دروسًا لتوجيه الموارد نحو الابتكار المستدام. ويتطلب ذلك حماية وتعزيز مصادر المواهب العلمية، ووضع خطط لتنويع استقطاب هذه المواهب القيّمة، وبناء خط إمداد للبحث العلمي، والتطوير التكنولوجي، والابتكار، على ألا يقتصر هذا الخط على استقطاب واستبقاء المواهب العلمية وحسب، وإنما يشمل كذلك الخبرات، والمهارات النوعية.