على مدار السنوات القليلة الماضية، أولت الدولة المصرية، ممثلة فى وزارة الثقافة، اهتماماً خاصاً بقطاع المتاحف، باعتبارها تمثل قيمة مضافة لقوة الدولة الناعمة، حيث عملت على تطوير العديد من المتاحف والمواقع الثقافية والتراثية القائمة، بالإضافة إلى افتتاح عدد آخر من المتاحف الجديدة، التى تتنوع ما بين متاحف فنية وقومية، يتجاوز عددها 27 متحفاً متنوعاً فى القاهرة والمحافظات، تُعد مراكز إشعاع حضارية، لتعزيز التواصل بين الأجيال المختلفة.

وفى إطار جهود وزارة الثقافة للنهوض بالحركة الثقافية فى مختلف محافظات مصر، عملت الوزارة على إنشاء متحف باسم «السيرة الهلالية»، الذى جرى افتتاحه فى مدينة أبنود بمحافظة قنا، مسقط رأس الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودى، فى عام 2015، وفى العام التالى 2016، افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى المتحف الذى يحمل اسم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، فى منطقة منشية البكرى بالقاهرة، بعد أن خضع لعملية تطوير شاملة، وفى عام 2021، أُعيد افتتاح متحف محمود خليل وحرمه، فى منطقة الدقى بمحافظة الجيزة، بعد إغلاقه لنحو 10 سنوات.

وقبل ذلك بعامين، وتحديداً فى 2019، تم افتتاح متحف ومركز نجيب محفوظ، فى منطقة الجمالية، بشارع الأزهر، فى القاهرة، لحفظ تراث الأديب العالمى الحاصل على جائزة «نوبل»، وأصبح المتحف مركز إشعاع حضارى لأبناء المنطقة، كما تستكمل وزارة الثقافة العمل فى مشروعات تطوير عدد آخر من المتاحف والمواقع التراثية، منها متحف «الجزيرة للفنون» بدار الأوبرا المصرية، ومتحف «بيت الأمة» الخاص بالزعيم الراحل سعد زغلول.

وزيرة الثقافة: الزيارات المجانية للمتاحف لنشر الوعى الثقافى والفنى.. وإتاحة الفرصة لجميع الفئات للتعرف على «رموز مصر» وما قدموه للوطن

وتحرص وزارة الثقافة على الاحتفال بمناسبة «اليوم العالمى للمتاحف»، الذى يوافق 18 مايو من كل عام، من خلال فتح أبواب المتاحف الفنية والقومية التابعة لها للجمهور مجاناً على مدار 3 أيام، خاصةً أن احتفال هذا العام جاء تحت شعار «متاحف للتعليم والبحث»، باعتبار أن المتاحف من العناصر المساهمة فى الرفاهية والتنمية المستدامة للمجتمع، إذ لا تقتصر أغلب المتاحف على توثيق المقتنيات والقطع الفنية، ولكن جرى إلحاق مراكز ثقافية بها، لتسهم فى توصيل رسالة المتحف إلى الجمهور المستهدف، وتدعم فكرة إنشاء المتحف.

الدكتورة نيفين الكيلانى، وزيرة الثقافة، أكدت أن فتح أبواب المتاحف الثقافية أو القومية، التابعة للوزارة، مجاناً للجمهور، بالتزامن مع «اليوم العالمى للمتاحف»، يأتى إيماناً من الوزارة بأهمية دور المتاحف فى نشر الوعى الثقافى والفنى، ولإلقاء الضوء على كنوزنا الفنية، وتعزيز التواصل بين مختلف فئات المجتمع، وإتاحة الفرصة للجميع للتعرف على رموزنا المصرية، وما قدموه للوطن، ودعت الوزيرة المواطنين والمقيمين فى مصر لزيارة المتاحف، والاستمتاع بالفعاليات والأنشطة المتنوعة، واكتشاف كنوزها الفنية والتاريخية.

وبينما فتحت معظم المتاحف أبوابها للجمهور مجاناً، على مدار أيام 17 و18 و19 مايو الجارى، من العاشرة صباحاً حتى الخامسة عصراً، استقبل متحف «نجيب محفوظ» زواره اعتباراً من يوم 15 مايو، حتى يوم 20 من نفس الشهر، من التاسعة صباحاً حتى الرابعة عصراً، وكذلك متحف «أم كلثوم» فى جزيرة «منيل الروضة» بالقاهرة، فتح أبوابه لاستقبال الجمهور مجاناً لمدة 5 أيام، خلال الفترة نفسها.

وبمناسبة احتفالات «اليوم العالمى للمتاحف»، حرص قطاع الفنون التشكيلية، التابع لوزارة الثقافة، على تنفيذ برنامج متميز لزائرى المتاحف الثقافية، تضمّن عقد ندوات وورش عمل، وتنظيم جولات إرشادية، وفعاليات فنية، حيث استضاف متحف «أحمد شوقى»، على كورنيش النيل بمدينة الجيزة، ندوة بعنوان «التراث والمتاحف فى الشعر الحديث»، يوم 18 مايو، أدارها السيد العيسوى، مدير النشاط الثقافى بالمتحف، تحدّث فيها عن أهمية وقيمة المتاحف فى المجتمع، وأثرها الحضارى والجمالى فى تنمية الحس الوطنى، والارتباط بالجذور الحضارية لمصر، وفى ذات اليوم شهد متحف «المنصورة القومى»، المعروف أيضاً باسم «دار ابن لقمان»، فى محافظة الدقهلية، تدشين معرض للفنون التشكيلية بعنوان «لوحة وفنان»، وفى متحف «الأمير وحيد الدين سليم»، بمنطقة المطرية فى القاهرة، تم تنظيم جولة لرواد المتحف، للتعريف بجماليات المبنى، معمارياً وتشكيلياً، كما تم تنظيم محاضرة عن أهم المتاحف وكنوزها.

وفى إطار الاحتفال بنفس المناسبة، يعقد متحف «النصر للفن الحديث» فى مدينة بورسعيد، ندوة يوم 21 مايو الجارى، بعنوان «المتاحف نافذة على تاريخ الفن»، للدكتورة سارة زيادة، أستاذ مساعد تاريخ الفن بكلية التربية النوعية، جامعة بورسعيد، حول تاريخ المتاحف فى الحفاظ على التراث الفنى، وكذلك نظَّم متحف «محمد ناجى» للتصوير الفوتوغرافى، فى حى الهرم بالجيزة، مجموعة من الورش الفنية للأطفال، يوم السبت 18 مايو، بالإضافة إلى ورشة للقراءة والاطلاع، بعنوان «اعرف متاحفنا»، ضمت 100 كتاب، حول المتاحف والأماكن السياحية، وأبرز الفنانين التشكيليين، لإلقاء الضوء على المتاحف، والدور التنموى لها، إضافة إلى جولات داخل قاعات العرض المتحفى، للتعريف بكل فنان ومسيرته الفنية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: اليوم العالمى للمتاحف المتحف الكبير تعزيز التواصل بين الأجيال وزارة الثقافة المتاحف فى

إقرأ أيضاً:

21 دولة تبحث تكامل المتاحف مع الهوية والتقنيات الحديثة في متحف عُمان عبر الزمان

تزامنا مع مع احتفالات العالم باليوم العالمي للمتاحف بدأت اليوم فعاليات المؤتمر الدولي "المتاحف ودورها في التنمية السياحية" والذي ينظمه متحف عُمان عبر الزمان بالتعاون مع وزارة التراث والسياحة، وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بمشاركة (42) ورقة علمية تمثل نخبة من التجارب الدولية والإقليمية من باحثين ينتمون إلى إحدى وعشرين (21) دولة، وستُعرض في ثماني (8) جلسات علمية مكثفة.

ويستمر المؤتمر الذي رعى افتتاحه معالي سالم بن محمد المحروقي وزير التراث والسياحة، على مدى ثلاثة أيام، حيث يختتم أعماله بعد غدِ، ويتضمن برنامج الفعاليات المصاحبة معرضًا للملصقات البحثية التي تسلط الضوء على مشاريع ودراسات مرتبطة بالمتاحف والسياحة، إلى جانب ملصقات تعريفية تقدّمها جهات فاعلة في القطاعين المتحفي والسياحي بسلطنة عُمان. كما يشهد المؤتمر تنظيم ست حلقات عمل تدريبية متخصصة، يقدّمها نخبة من الخبراء من داخل سلطنة عمان وخارجها، وتستهدف أمناء ومديري وموظفي المتاحف، والمهتمين بمجالات السياحة والتراث، إضافة إلى طلبة التخصصات ذات الصلة.

جسور الشعوب والثقافات

وفي كلمته الافتتاحية للمؤتمر أكد المهندس اليقظان بن عبدالله الحارثي مدير عام متحف عمان عبر الزمان "رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر": أن المتاحف تبرز في عالم اليوم كجسور تربط بين الشعوب والثقافات، وتوفّر فضاءات للتفاعل الثقافي والوئام الإنساني، وذلك في ظل تسارع التحولات المعرفية والاقتصادية، وتزايد الحاجة إلى الحوار وترسيخ الهوية وضمان استدامة التنمية، وأن المتاحف باتت من الركائز الأساسية للسياحة المستدامة، إذ تقدّم التاريخ كتجربة تفاعلية تخاطب الحواس والعقل، وتمنح الزائر فرصة للمشاركة الواعية، بوصفها وسطاء حضاريين يعززون الحوار بين الثقافات، ويقدّمون تجربة معرفية أصيلة تساهم في دعم الاقتصاد الإبداعي وتنويع مصادر الدخل.

وأوضح "الحارثي" أن سلطنة عُمان تولي المتاحف اهتمامًا خاصًا، حيث شكّلت هذه المؤسسات نافذة مهمة لتعريف الزوار بالثراء التاريخي والتنوع الثقافي للبلاد، وأسهمت في بناء سردية وطنية تتجاوز الزمان والمكان، مترجمة قيم الأصالة والمعاصرة في آنٍ واحد، وأضاف أن سلطنة عمان أرست منظومة متحفية متكاملة تعكس نموذجًا فريدًا يجمع بين الحفاظ على الذاكرة الوطنية وتعزيز السياحة المستدامة.

ونوّه "الحارثي" إلى أن اللجنة التنظيمية حرصت على أن يتزامن انعقاد المؤتمر مع اليوم العالمي للمتاحف، ليكون منصة علمية للحوار، وتطوير الممارسات المتحفية وربطها بقطاع السياحة، معربًا عن أمله في أن يكون هذا الحدث باكورة لسلسلة من المؤتمرات المستقبلية التي تتناول قضايا أكثر تخصصًا في مجالات العمل المتحفي، كما أن الاستجابة الواسعة من الباحثين والمتخصصين من مختلف دول العالم تعكس المكانة العلمية المتنامية لهذا المؤتمر، وما يمثله من فضاء رصين لتبادل الخبرات والتجارب الدولية.

واختتم مدير عام متحف عمان عبر الزمان كلمته بالتأكيد على أن هذا الحضور المعرفي الغني يأتي في سياق العناية السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بالثقافة الوطنية العُمانية، واعتزازه العميق بالمؤسسات المتحفية، وهي عناية تجسدت بافتتاح جلالته لمتحف عُمان عبر الزمان في عام ألفين وثلاثة وعشرين، ليكون "كتابًا منظورًا يحكي تاريخ عُمان العريق الزاخر، منذ فجر التاريخ وحتى عصر النهضة المباركة، موصولًا بنهضتنا المتجددة، مستشرفًا مستقبل عُمان".

حمد الضوياني: المؤتمر يعكس وعيًا متناميًا ويمهّد لتعاون دولي يُبرز إرث عُمان الحضاري

وفي تصريح له أشاد سعادة حمد بن محمد الضوياني، رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، بالمشاركة الفاعلة من عدد كبير من دول العالم، إلى جانب الحضور المؤسسي المحلي من مختلف المتاحف الرسمية والخاصة داخل سلطنة عمان وخارجها، مؤكّدًا أن هذه المشاركة تعكس الوعي المتنامي بأهمية المتاحف ودورها الثقافي والمعرفي.

وأوضح سعادته أن تنظيم هذا المؤتمر جاء بموجب قرار من مجلس الأمناء، وتبناه متحف عُمان عبر الزمان ليُسلّط الضوء على أحد أهم محاور التكامل الثقافي، وهو دور المتاحف في التنمية السياحية، مؤكدًا على أهمية هذا النوع من الفعاليات التي تعكس التنسيق العملي بين المؤسسات المعنية بالجوانب الثقافية والعلمية، مؤكدًا أن مثل هذه المبادرات تُمهّد الطريق لمزيد من التعاون في تنظيم مؤتمرات ومعارض دولية تُسهم في إبراز الجوانب الحضارية والتاريخية لعُمان.

دور المجلس الدولي

وفي كلمته استعرض الدكتور الشرقي دهمالي، المتحدث الرئيسي في المؤتمر، رئيس المنظمة العربية للمتاحف وعضو المجلس الاستشاري ولجنة التخطيط الاستراتيجي بالمجلس الدولي للمتاحف دهمالي دور "المجلس الدولي للمتاحف (ICOM)" بوصفه أكبر تجمع عالمي لمهنيي المتاحف، وما يضطلع به من أدوار في تنمية المتاحف وتعزيز التعاون الدولي، ولا سيّما في مجالات إدارة المقتنيات وتسيير المؤسسات المتحفية، وأوضح أن المجلس يضع المعايير المهنية والأخلاقية التي تنظّم أنشطة المتاحف، ويصدر توصيات متخصصة حول القضايا المتصلة بالتراث الثقافي، كما يعمل على بناء القدرات المهنية، ويُسهم في حماية المتاحف والتراث الثقافي المنقول في أوقات الأزمات، من خلال منظومة تعاون وشراكة دولية واسعة.

الجلسة الأولى

بدأت أولى جلسات المؤتمر اليوم بمناقشة المحور الأول بعنوان "المؤسسات المتحفية والتراثية" ادارها الدكتور طالب بن سيف الخضوري وتحدث فيها الأستاذ الدكتور محمد إسماعيل النصرات أستاذ، جامعة الحسين بن طلال بالمملكة الأردنية وتناولت موضوع "المتاحف ودورها في نشر الثقافة السياحية وجذب السائحين إلى الأردن: دراسة حالة على متحف البترا" تناول فيها العلاقة التكاملية بين المتاحف والسياحة، مؤكدًا أن المتاحف لا تؤدي فقط وظيفة حفظ التراث، بل تسهم بفاعلية في كتابة التاريخ الصحيح وتقديمه بصورة تفاعلية للجمهور، مشيرا إلى أن المتاحف، إلى جانب كونها مؤسسات تربوية وتثقيفية، تُعد من أبرز مقومات الجذب السياحي، لاسيما في الأردن، حيث يمثّل متحف البترا نموذجًا مهمًا يجمع بين القيمة الثقافية والموقع السياحي الفريد في قلب المدينة الوردية، ثاني عجائب الدنيا السبع.

وحول "الغرف الدمشقية العثمانية ودورها في إثراء العروض المتحفية وحفظ التراث السوري المادي واللامادي "دراسة متحفية تراثية" قدم الدكتور محمد أحمد محمد محمد عبد السلام أستاذ بقسم إدارة المتاحف والمواقع الأثرية، كلية الآثار، جامعة عين شمس، مصر ورقته التي تناول فيها بالتحليل المعماري والتوثيق الأثري هذا النمط الفني المميز الذي يُعد من أبرز ملامح العمارة السكنية في سوريا خلال العهد العثماني، مشيرا إلى أن الغرف الدمشقية تمثّل فضاءات استقبال داخل البيوت التقليدية، تتميز بزخارف خشبية فريدة وتكوينات معمارية غنية، وقد تحوّلت إلى رموز حضارية وجمالية، حملت رسالة ثقافية عبر العالم الإسلامي، ووجدت لها مكانًا بارزًا في المتاحف والبيوت التراثية بمصر وغيرها، بوصفها أحد تجليات البهاء والضيافة والفن الإسلامي السوري.

وعن "الأدوار التكامليّة للمتاحف ومؤسّسات التأريخ الشفويّ في صناعة المحتوى الفكريّ والثّقافة التاريخيّة" قدم الدكتور عبدالعزيز بن حميد المحذوري مدير دائرة التاريخ الشفويّ بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنيّة ورقته التي أكد فيها على أن المتاحف ومؤسسات التأريخ الشفوي تُعدان منصتين محوريتين في حفظ الذاكرة الحية للمجتمعات، وفي إنتاج محتوى ثقافي وفكري يعكس تنوّع التجارب الإنسانية.

وأشار "المحذوري" إلى أن المتاحف، بوصفها مؤسسات ثقافية متجذّرة في المجتمعات، لا تقتصر أدوارها على حفظ المقتنيات، بل تتعداها لتقديم المعرفة وتمثيل ثقافة الشعوب، من خلال توظيف التراث المادي كأداة تواصل ثقافي وتعليمي. وفي المقابل، تلعب مؤسسات التأريخ الشفوي دورًا تكميليًا، من خلال توثيق الروايات الشفوية التي تُعد مصدرًا غنيًا للمعلومات والمعارف، خاصة تلك المتعلقة بالعادات والممارسات غير المدوّن، وأوضح أن التكامل بين المتاحف ومؤسسات التأريخ الشفوي يسهم في تقديم سردية ثقافية وطنية شاملة، ويتيح توظيف الرواية الشفوية في تعزيز العروض المتحفية، من خلال تخصيص أركان داخل المتاحف تُعنى بهذا الجانب، بما يسهم في خلق محتوى تراثي جذّاب ومتجدد. كما دعا إلى تفعيل هذا الدور من خلال تنظيم ندوات، ومؤتمرات، ومعارض مشتركة، إلى جانب إصدار مطبوعات علمية مستندة إلى هذا الإرث الشفوي، بما يعزّز الهوية الثقافية ويُسهم في توثيق التاريخ العُماني بوسائل إبداعية حديثة.

بعدها قدمت بيان بنت سعيد العبرية (طالبة بكالوريوس تربية لغة عربية، جامعة نزوى) البحث المشترك مع الدكتور سليّم بن محمد الهنائي (أستاذ مساعد، قسم التربية، جامعة نزوى)، ونورة بنت علي السنانية (محاضر، قسم التربية، جامعة نزوى) بعنوان "نظم العرض المتحفي المعاصر: دراسة حالة متحف عُمان عبر الزمان وتناولت تأثير استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تعزيز جاذبية المتاحف وتحقيق التفاعل السياحي، وهدفت الدراسة إلى قياس العلاقة بين تطبيق تقنيات العرض التفاعلية ـ مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز ـ في متحف عُمان عبر الزمان، ومدى تأثيرها في جذب السياح، واعتمدت الباحثة وفريقها على استبيان وُزّع بشكل عشوائي على الزوار خلال عامي 2023 و2024، وتم تحليل 140 استبانة بعد استردادها.

وأظهرت نتائج التحليل الإحصائي وجود علاقة إيجابية ذات دلالة بين استخدام تقنيات العرض الحديثة وبين ازدياد الإقبال السياحي على المتحف، كما أوصت الدراسة بضرورة توسيع نطاق هذه التجارب التقنية لتشمل المتاحف العمانية الأخرى التي يمكنها التأقلم مع هذه التحديثات، لما لها من أثر واضح في تعزيز التجربة السياحية وتحقيق التكامل بين التكنولوجيا والمحتوى الثقافي.

وحول "الإطار القانوني لاستخدام الذكاء الاصطناعيُ لحماية المتاحف والتراث الثقافي في سلطنة عُمُان" قدم الدكتور الصغير محمد مهدي أستاذ مشارك القانون المدني - كلية القانون جامعة أبوظبي، جامعة أسوان ورقته التي تناول الأطر القانونية الدولية ذات الصلة، مستعرضًا أبرز الاتفاقيات مثل اتفاقية لاهاي لعام 1954، واتفاقيتي اليونسكو لعامي 1972 و2003، ومقارنًا إياها بالتشريعات الوطنية في سلطنة عُمان، خاصة المرسوم السلطاني رقم 35/2019، الذي يُعد حجر الأساس في منظومة حماية التراث بسلطنة عمان.

وأشار إلى أن عُمان تمتلك بنية قانونية ومؤسسية متقدمة في هذا المجال، وتُبدي توجهًا جادًا نحو تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع رؤية "عُمان 2040". واختتم الورقة بالتوصية بسن تشريعات متخصصة لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع الثقافي، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب دعم تطوير المتاحف الرقمية التفاعلية، بما يضمن استدامة الموروث الثقافي للأجيال القادمة.

الجلسة الثانية

وقد تواصلت أعمال المؤتمر في جلسته الثانية بمناقشة المحور الأول بعنوان "المؤسسات المتحفية والتراثية"، وأدارت الجلسة الدكتورة ماجدة بنت حمود الصلتية، وتحدث في الجلسة الدكتور أسعد عبد الرحمن عوض الله، الأمين العام للمجلس القومي للتراث الثقافي وترقية اللغات القومية بجمهورية السودان، حول موضوع "متاحف التراث الثقافي غير المادي ودورها في تنمية السياحة"، سلّط فيها الضوء على أهمية المتاحف المتخصصة في صون التراث غير المادي، ودورها الحيوي في إثراء السياحة الثقافية المستدامة، وبيّن أن هذا النوع من المتاحف يسهم في توثيق وعرض عناصر التراث الشفهي والممارسات الاجتماعية والاحتفالات الشعبية وفنون الأداء والموسيقى والمسرح والحرف التقليدية، وهي مكونات تُشكّل هوية الشعوب وذاكرتها الثقافية. وحذّر من أن هذه المظاهر التراثية باتت مهددة بالزوال بفعل التحولات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية المتسارعة.

كما استعرضت الورقة نماذج ناجحة لتجارب عالمية في هذا المجال، مثل متحف الحياة بويلز في إنجلترا والمتحف القومي السوداني للإثنوغرافيا، مؤكدة أن هذا النوع من المتاحف يُوفّر فرصًا مبتكرة لتنويع العروض السياحية، ويُسهِم في بناء وجهات سياحية قائمة على الخصوصية الثقافية.

وخلصت الورقة إلى أن متاحف التراث غير المادي تمثّل ركيزة فاعلة في تعزيز السياحة المستدامة، من خلال تقديم محتوى ثقافي متجدد ومتنوّع يعكس عمق الهوية الشعبية ويستجيب لتطلعات الزوار نحو تجارب معرفية وإنسانية فريدة.

وحول "تعزيز تطوير السياحة من خلال الإدارة الفعالة لمجموعات المتاحف والتوثيق والتسجيل: استراتيجيات للنمو المستدام"، قدمت الدكتورة مروة عبد الرازق، رئيس قسم التسجيل والتوثيق وإدارة المجموعات في المتحف المصري بالقاهرة، ورقتها وقد شددت فيها على أهمية دمج ممارسات التوثيق والإدارة الحديثة ضمن منظومة العمل المتحفي، بما يسهم في دعم التنمية السياحية والاقتصادية المستدامة، وأشارت إلى أن الإدارة الفعّالة لمجموعات المتاحف من خلال أنظمة توثيق دقيقة وبروتوكولات تسجيل متطورة، تُمكّن المتاحف من الحفاظ على التراث الثقافي وتيسير الوصول إليه، مما يعزز تجربة الزوار المحليين والدوليين على حد سواء. وأكدت أن تطبيق التقنيات الرقمية والابتكارات الحديثة في هذا المجال يفتح آفاقًا جديدة أمام الزائرين للتفاعل مع المحتوى المتحفي بطرق أكثر شمولية وعمقًا.

وتناولت الورقة عددًا من المحاور، من أبرزها تأثير الأدوات الرقمية في تعزيز إدارة المجموعات وترويجها، وأهمية التوثيق الدقيق في تسهيل البحث الأكاديمي والتفاعل الجماهيري، إضافة إلى ضرورة دمج هذه الممارسات في استراتيجيات السياحة الأوسع.

وعن "دور متحف طاجيكستان الوطني في تنمية السياحة الثقافية"، قدم الدكتور ظريبوف علي شير نجم الدين، رئيس قسم المنهجية وإعداد الكوادر العلمية في المتحف الوطني بجمهورية طاجيكستان، ورقته التي قال فيها ستعرض فيها الأدوار الحيوية التي تضطلع بها المتاحف في تعزيز السياحة المستدامة وتقديم الثقافة كقيمة معرفية وسياحية عالمية.

وأوضح أن السياحة الثقافية تمثل قطاعًا متناميًا يستقطب فئات واسعة من المجتمع المهتمة بالتاريخ والفنون والعادات والتقاليد، مشيرًا إلى أن المتاحف، وعلى رأسها متحف طاجيكستان الوطني، تُعد من أبرز المؤسسات التي تحفظ وتصون هذا التراث، وتقدّمه بأساليب علمية وإعلامية تفاعلية.

ولفت ظريبوف إلى أن طاجيكستان تمتلك إرثًا حضاريًا غنيًا يعود إلى موقعها التاريخي على طريق الحرير العظيم، وتضم أكثر من ثلاثة آلاف موقع تراثي، إلى جانب محميات تاريخية ومتاحف ومراكز ثقافية ومواقع طبيعية فريدة، تسهم جميعها في تنشيط السياحة الثقافية.

وبيّن أن متحف طاجيكستان الوطني يُعتبر أكبر معلم سياحي في البلاد، ويستقبل يوميًا أعدادًا كبيرة من الزوار والسياح، ويقدّم جولات تعريفية بلغات متعددة من بينها الطاجيكية، الروسية، الإنجليزية، العربية، الفرنسية، الصينية، الهندية، والأردية، مما يعكس اهتمام المؤسسة بتعزيز التواصل الثقافي والانفتاح على الزوار من مختلف الجنسيات.

وأختتم جلسات اليوم الأول فريق بحثي مشترك يضم كلًّا من الدكتور محمد سليمان والدكتورة مها بنت خميس البلوشية من قسم التسويق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس، والدكتورة شيماء عبد الوهاب السيسي من كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان، والدكتور محمد علي عبيد من جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بنزوى، حيث قدم ورقة بعنوان "هل يمكن للتسويق بواسطة الذكاء الاصطناعي أن يشكّل تجربة وسلوك الزائرين في المتاحف؟ الدور التعديلي للسرد الرقمي"، سلّطت الدراسة الضوء على الإمكانات المتنامية لتقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال التسويق المتحفي، وركزت على تجربة متحف عُمان عبر العصور كنموذج بحثي، وبيّنت الورقة أن التسويق المدعوم بالذكاء الاصطناعي، من خلال أدوات التخصيص الذكي والتفاعل الرقمي، يُحسّن بشكل ملموس تجربة الزائر ويؤثر إيجابيًا على احتمالية تكرار الزيارة، وقد أظهرت نتائج الدراسة أن هناك تأثيرًا واضحًا للذكاء الاصطناعي على رفع مستوى الرضا وتجربة الزوار، إضافة إلى تأثيره المباشر على نية الزائرين في تكرار الزيارة.

من ناحية أخرى، لم تجد الدراسة دلالة إحصائية قوية لدور السرد الرقمي كعامل وسيط

وقدّمت الورقة توصيات عملية لصنّاع السياسات والمؤسسات الثقافية المعنية، تدعو إلى تبنّي استراتيجيات تسويق حديثة مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة الزائر، وتعزيز التواصل مع جمهور المتاحف، ورفع مستوى التفاعل والاحتفاظ بالجمهور في الوجهات الثقافية والتراثية.

وحول موضوع "نمط الحياة والطبيعة والتصميم الإبداعي لبروناي دار السلام من خلال تحفة بالاي خزانة إسلام السلطان الحاج حسن البلقية"، قدّم الحاج محمد الرزيني بن حاج محمد داود، ضابط آثار من بروناي دار السلام، سلّط فيها الضوء على البعد الثقافي والديني والجمالي الذي يعكسه هذا المتحف كواجهة سياحية وثقافية متكاملة.

وأوضح أن متحف بالاي خزانة إسلام السلطان الحاج حسن البلقية يُجسّد الفلسفة الملكية الإسلامية الملايوية التي تقوم عليها الحياة في بروناي، حيث يعمل المتحف على حفظ التراث الإسلامي المحلي، والترويج له من خلال جمع المقتنيات، وإجراء البحوث، وتنظيم العروض التي تعكس نمط الحياة المبني على تعاليم الإسلام.

واستعرض "الرزيني" عددًا من المقتنيات المميزة التي يحتضنها المتحف، أبرزها مصحف بروناي بخط برايل المخصّص لذوي الإعاقة البصرية، والذي يُعد مثالًا حيًا على دمج الشمولية مع الأصالة الدينية. كما يضم المتحف مشاهد طبيعية وجيولوجية نادرة، من بينها أسنان ميغالودون من عصر الميوسين، ورخويات منقرضة، وأنواع فريدة من الشعب المرجانية، ما يمنحه بعدًا علميًا إضافيًا إلى جانب طابعه الثقافي.

وأشار إلى أن تصميم المتحف مستلهم من العمارة المحلية الإسلامية في بروناي، حيث تتجلى ملامحه في النماذج المصغرة لمعالم مثل مسجد عمر علي سيف الدين وجامع عصر حسن البلقية، مما يجذب المهتمين بالهندسة المعمارية الإسلامية، ويعزز من مكانة المتحف كأيقونة ثقافية فريدة.

وأكد "الرزيني" أن هذا المتحف يُقدّم تجربة سياحية متكاملة تمزج بين الهوية الدينية، والطبيعة، والتصميم الإبداعي، بما يجعله من أبرز المعالم السياحية في بروناي، ويساهم في تقديم نموذج عالمي لمتحف يربط بين الماضي والحاضر بأسلوب جذاب وإنساني.

مقالات مشابهة

  • توصيات بتفعيل البرامج المتحفية متعددة اللغات والوسائط لتعزيز تجربة الزائر بختام "مؤتمر دور المتاحف في التنمية السياحية"
  • الزراعة: خطة متكاملة لتطوير المتحف الزراعي
  • «الثقافة والعلوم» تحتفي باليوم العالمي للمتاحف
  • رئيس جامعة أسيوط يشيد بدور متاحف الجامعة في نشر المعرفة
  • باحثون وخبراء يسلطون الضوء على الأبعاد الاقتصادية والثقافية باليوم الثاني لمؤتمر "دور المتاحف في التنمية السياحية"
  • وزير الثقافة السوري يمنح مكافأة خيالية لحارسين منعا سرقة متحف
  • المتاحف حاضنة للتاريخ
  • متحف الزعفران يحتفل باليوم العالمي للمتاحف
  • 21 دولة تبحث تكامل المتاحف مع الهوية والتقنيات الحديثة في متحف عُمان عبر الزمان
  • «احتفالاً باليوم العالمي للمتاحف».. فعاليات فنية وتثقيفية بمتحف آثار طنطا