اللاجئون والمخدرات وإيران.. لوموند: التطبيع العربي مع دمشق في طريق مسدود
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
ينتقد الشركاء العرب "الديكتاتور السوري" عدم تعامله مع القضايا الحاسمة بالنسبة لهم: عودة اللاجئين، ومكافحة تهريب المخدرات، وجعل حد للتوسع الإيراني في سوريا.
بهذه الجملة لخصت صحيفة لوموند تقريرا لمراسلتها في بيروت هيلين سالون قالت فيه إن الرئيس السوري بشار الأسد بدا كما لو كان أحد المدعوين العاديين لقمة رؤساء الدول العربية التي انعقدت في البحرين يوم الخميس 16 مايو/أيار الجاري، بل ظهر في بعض الصور المعروضة في شوارع المنامة وهو يبتسم كما في صورة لقائه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
لكن سالون لفتت إلى أن التطبيع العربي مع سوريا لا يزال يواجه منتقدين، ويثير الإحباط والانزعاج حتى بين مؤيديه على خلفية ما يمارسه "الدكتاتور السوري" منذ 12 سنة من قمع ضد شعبه.
ونقلت، في هذا الإطار، عن جهاد يازجي، مدير النشرة الاقتصادية سيريا ريبورت قوله إن الأسد، على الأقل، استفاد من عودته للحاضنة العربية وهو ما سيكون من الصعب التراجع عنه، لكنه لفت إلى أن "هذا لا يغير شيئا بالنسبة للحل السياسي في سوريا، ولا على صعيد الدعم المالي وإعادة الإعمار”.
وقالت إن عدم حديث الأسد أمام القمة ربما كان الهدف منه هو عدم الإضرار بصورة الوحدة العربية حول فلسطين، مذكرة بمغادرة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني قاعة الاجتماع في 2023 عندما بدأ الأسد حديثه.
واعتبرت سالون أن إدانة ملك الأردن عبد الله الثاني لتهريب الأسلحة والمخدرات الذي تقوم به الجماعات الإجرامية هو انتقاد ضمني للأسد.
كما أوضحت أن كشف الأردن، في اليوم الذي سبق القمة، عن إحباطه في نهاية شهر مارس/آذار الماضي لتهريب أسلحة من قبل مليشيات موالية لإيران من سوريا جاء في الوقت المناسب لإحراج الأسد.
وفي تعليقه على هذه القضية نقلت المراسلة عن المحلل السياسي الأردني عامر السبايلة قوله ‘لا أحد راض حقا عن التطبيع مع سوريا، ولكن لا يوجد انقطاع، ويحاول الجميع أن يظلوا واقعيين، لمنح الأمر فرصة".
وأبرزت سالون أن الأولويات الإقليمية تغيرت مع الحرب في غزة، مشيرة إلى أن الدول العربية جددت دعوتها لإنهاء الأزمة السورية عبر حل سياسي. وحثت على تنفيذ "إعلان عمان" الذي يدعو إلى عودة اللاجئين السوريين ومكافحة تهريب المخدرات ووضع حد للتوسع الإيراني في سوريا.
بيد أن جهاد يازجي يرى أن السوريين ليسوا في وضع يسمح لهم بتقديم تنازلات بشأن القضايا التي تهم العرب، لافتا إلى أنه لا شيء متوقع في قضية اللاجئين السوريين المعقدة، رغم أنها أصبحت متفجرة في لبنان، وهناك تزايد في تهريب المخدرات والأسلحة على حدود الأردن مع سوريا مما يثير غضب المملكة الهاشمية، على حد تعبيره.
وبخصوص الكبتاغون، تقول سالون عن سوريا تنتجه بكميات صناعية ويتم تهريبه إلى الخليج وأوروبا، وهو يدر مليارات اليورو على خزائن عائلة الأسد، التي أفرغتها الحرب والعقوبات الدولية، وفقا للمراسلة.
أما إيران، فإن السياسة البراغماتية "للدكتاتور السوري" تجعله يحجم عن أي شيء يمكن أن يؤثر سلبا على علاقاته بطهران، أو على النفوذ الذي يمارسه حزب الله على أراضي سوريا.
وفي نهاية تقريرها أبرزت المراسلة أن المزايا الاقتصادية لسوريا من التطبيع مع الدول العربية لا تزال هزيلة، إذ لم تستقر في سوريا سوى 14 شركة خليجية فقط في عام 2023، كما ألغي مشروع محطة طاقة كهروضوئية كان قد تم توقيعه في نهاية عام 2021 مع الإمارات.
وما زاد الطين بلة، وفقا للمراسلة، هو العقوبات الأميركية المفروضة في إطار "قانون قيصر" منذ عام 2019، ناهيك -كما يؤكد جهاد يازجي- عن أنه "لا توجد فرص كبيرة مع نظام مافيوزي (يعمل بطريقة المافيا) لدرجة أنه لم يعد هناك أي حافز للاستثمار في سوريا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات فی سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
من رحم الحرب إلى غياهب النسيان.. ما مصير أبناء المقاتلين الأجانب في سوريا؟
في مخيمات إدلب السورية، يعيش مئات الأطفال حياة بلا هوية أو اعتراف رسمي، بعد أن ولدوا من زيجات بين أمهات سوريات ومقاتلين أجانب، اختفوا أو قُتلوا خلال الحرب. هؤلاء الصغار محرومون من أبسط الحقوق: التعليم، الرعاية الصحية، وحتّى من وجودهم القانوني، ما يدفعهم إلى هامش المجتمع بوصمةٍ تلاحقهم منذ الولادة.
وفي غياب أرقام رسمية، كانت عدد من المصادر الإعلامية، قد أبرزت تزايد عددهم، في سنوات الحرب التي شنّها نظام الأسد المخلوع، ضد الشعب السوري، حيث بلغ عددهم في بداية الثورة، وفقا لعدد من التقارير الإعلامية، المتفرّقة، ما يناهز 40 ألفا. وانضم قسم كبير منهم إلى تنظيم "الدولة الإسلامية"، فيما انضم الآخرين إلى تنظيمات ثانية، وجزء منهم متواجد حاليا شمال غربي سوريا.
أيضا، على الرغم من غياب بيانات دقيقة أو إحصاءات رسمية ترصد عددهم، إلاّ أنه ببحث بسيط على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، ستجد بشكل متكرر عدد متسارع من القصص المؤلمة، لأطفال يُعثر عليهم أمام المساجد، أو السجون، أو حتّى في الأماكن العامّة. وفي المقابل هناك الكثير من الأمهات أو الآباء الباحثين بشكل موجع عن أطفالهم، عقب سقوط نظام بشار الأسد.
أطفال بلا أثر.. وثائق سرية تكشفها صحيفة وول ستريت جورنال تفضح جرائم النظام البائد في إخفاء آلاف الأطفال السوريين منذ 2011#الإخبارية_السورية pic.twitter.com/8J5qfo9xh5 — الإخبارية السورية (@AlekhbariahSY) June 8, 2025
عملية بحث مستمر..
حالات كثيرة، لأطفال أتوا نتيجة زواج أمّهاتهم مع مقاتلين أجانب، أصبحن مع مرور الوقت غير قادرات على تسجيلهم في المدارس، ولا حتّى استخراج أي وثيقة رسمية تثبث هويّتهم، أو تمكّنهم من الاستفادة من أي كفالة أو دعم إنساني.
وتقول عدد من الأمّهات السوريات، من قلب المخيّمات، إنّ أطفالهم يواجهون كافة أنواع الرفض والشّك المجتمعي، مبرزات وجعهنّ وهنّ يشاهدون أطفالهم يكبرون بداخل وطنهم دون أدنى شعور بالانتماء؛ إذ أنّهم يدفعون، قسرا، ثمن حرب لم يخوضوها ويعيشون على هامش الحياة.
ويعرّف القانون السوري مجهول النسب بأنه "كل مولود لم يثبت نسبه أو لم يُعرف والده، إضافة إلى الأطفال الذين لا يوجد معيل لهم، ولم يثبت نسبهم ولا يملكون القدرة على السؤال عن ذويهم لصغر سنهم؛ والمولود من علاقة غير شرعية، حتى لو كانت والدته معروفة".
أما "من كان والده أو والداه مسجلين في القيود المدنية السورية، أو ينتمي بأصله للجمهورية العربية السورية، ولم يُسجل ضمن المدة المحددة للتسجيل في قيود السجل المدني، أي خلال 30 يومًا من حدوث واقعة الولادة، فيُعرفه قانون الأحوال المدنية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2007، بأنه: مكتوم القيد".
إلى ذلك، تعلو أصوات الأهالي وأيضا مختلف الحقوقيين، بغية المطالبة بآلية وطنية وأخرى دولية لضمان: تسجيل الأطفال بأثر رجعي، من أجل تفادي مزيد من الانهيار في البنية الاجتماعية السورية. كما تحذّر عدد من المنظمات الحقوقية من أنّ هذا الجيل من الأطفال، قد يمثّل قنبلة اجتماعية موقوتة، إذا لم تتّخذ بخصوصه أي خطوات عاجلة لمعالجة أوضاعهم القانونية.
وجع مفتوح
المرصد السوري لحقوق الإنسان، يقول في عدد من تقاريره: "منذ سقوط نظام الحكم في سوريا، سلّمت دور الأيتام العشرات من أبناء المعتقلين السياسيين إلى ذويهم؛ ولكن هذا العدد يظل ضئيلا جدا مقارنة بآلاف الأطفال المفقودين، والذين تقول الشبكة السورية إن عددا كبيرا منهم كان قيد الاعتقال".
أيضا، أوردت عدد من شهادات شهود العيان، بحسب المرصد نفسه، أنّه: "حتّى داخل السجون لم يكن يُشار أبدا إلى الأطفال المعتقلين بأسمائهم الحقيقية، وهو ما يجعل عملية التعرّف عليهم من خلال روايات الآخرين غاية في الصعوبة".
وأوضحت أنّه في ظل التغيّرات التي شهدتها سوريا خلال الأشهر الأخيرة، فإنّ عدد من العائلات، باتت في عملية بحث مستمرّة عن مفقوديها من الأطفال. بينهم: عائلة رانيا العباسي، الملقبة بأشهر معتقلة في سجون النظام السابق، التي بدأت البحث عن أي معلومة تقود إلى معرفة مصيرها هي وأطفالها الستة، وبينهم رضيعة كان عمرها أقل من سنتين.
هنا قبل 12 سنة دخل عناصر الأسد واعتقلوا 6 أطفال مع أمهم وأبيهم بتهمة إعطاء صدقة لعائلة نازحة من حمص، إنها عائلة الدكتورة رانيا العباسي، ومنذ ذلك الحين اختفت هذه العائلة في غياهب سجون الأسد، بعد التحرير فتحت كل السجون ولم يجدوا أي فرد من العائلة التي أصغرها بعمر السنة، رصد أخوال… pic.twitter.com/JlmAeq8WpC — قتيبة ياسين (@k7ybnd99) March 3, 2025
واعتقلت العباسي، وهي طبيبة أسنان وبطلة شطرنج سابقة، في آذار/ مارس عام 2013 من قلب منزلها، رفقة أبنائها الستة ومساعدتها الشخصية، وبعد يومين من إلقاء القبض على زوجها عبد الرحمن ياسين. وهي فقط حالة واحدة من بين المئات؛ وملف الأطفال المفقودين هو حاليا بين يدي وزارة الشؤون الاجتماعية في سوريا.
إلى ذلك، تبقى قضية المفقودين والمختفين قسريا، جرحا مفتوحا في جسد المجتمع السوري، فلا يُغلق ملف أي منهم إلا بإحدى نتيجتين: إما العثور عليه حياً، أو استرداد جثمانه ليكتمل حداد أهله. لكن في ظل غياب أي يقين، يظل الأهل عالقين في دوامة من الانتظار الأليم، بين شمعة أمل تخفت مع السنين، وحزن لا يجد سبيلا للراحة، ويظل معهم في الطرف الآخر، أطفال بلا هوية في انتظار الحسم في مصيرهم. فهل سيظلون ضحايا حرب لم يختاروها إلى الأبد؟