أبوظبي - وام

يشكل فصل الصيف في الموروث الإماراتي حالة خاصة، حيث يُشد الرحال إلى المقيظ لقضاء هذا الوقت في الأماكن الباردة نسبياً بين أشجار النخيل الظليلة والمياه العذبة.

وتعتبر رحلة المقيظ إحدى الرحلات التي يحرص الأهالي خلالها على الانتقال من المناطق الساحلية التي ترتفع درجة حرارتها وتزيد رطوبتها صيفاً إلى المناطق المعروفة بالمقايظ، وهي «الواحات والبراحات والمحاضر» التي غالباً ما تمتاز بطقسها المعتدل وظلالها الوارفه وتوفر المياه العذبة.

وبدأ يندثر هذا السلوك الفطري تدريجياً منذ بداية سبعينيات القرن الماضي؛ حتى أصبح الآن أثراً بعد عين بفضل من الله ثم من المؤسس الراحل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، الذي سخر الجهد والمال لبناء الوطن، وأحدث نقلة نوعية في حياة المواطنين والمقيمين عنوانها الرغد والرخاء.

وتمكنت الدولة، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، الذي سار على نهج المؤسس الراحل من قهر الصعاب وشهدت البلاد تحولاً نوعياً في مسيرتها التنموية، وشكل «مقيظ الألفية» مرحلة استثنائية حيث تمكنت البلاد من إعادة تعريف السفر والسياحة ونافست أفضل الوجهات العالمية، وأصبحت قبلة السياح يتهافت إليها القاصي والداني من أصقاع المعمورة على مدار العام.

وتشير الإحصائيات إلى استقطاب الإمارات نحو 23 مليون سائح دولي عام 2023 وفقاً لأحدث بيانات مجلس السفر والسياحة العالمي ومنظمة السياحة العالمية.

وفي خضم تلك الإنجازات غير المسبوقة، حرصت دولة الإمارات على المحافظة على إرثها وثقافتها ويعتبر «جيل الشباب» اليوم أكثر حظاً من جيل الماضي الذي عاش أسير شروط الزمان والمكان من تضاريس وعرة لا ترحم؛ ويحظى جيل اليوم باهتمام ورعاية القيادة الرشيدة التي تبنت نهجا متفرداً؛ تمثل في تحفيز بيئة الابتكار والاختراع ودعم المبدعين في شتى المجالات، مما ساهم في خفض حدة التحولات الطبيعية والتقليل منها.

ورغم عدم معايشة جيل الألفية وهم «الأشخاص الذين ولدوا بين عامي 1985 و2000، وهم الآن من الشباب البالغين ويعتبرون المجموعة الأولى من الأجيال الرقمية التي نشأت مع انتشار التكنولوجيا والإنترنت» لرحلة المقيظ، إلا أنهم تمكنوا من استحضار رحلة المقيظ بأسلوب ذكي ورقمي وحولوا المقيظ من ذاكرة الوطن إلى موروث رقمي مستدام.

في هذا الصدد، يقول الدكتور سائد الرباعي أستاذ مشارك قسم أنظمة وحماية المعلومات بكلية تقنية المعلومات في جامعة الإمارات: ابتكرت الجامعة تطبيق «المقيظ» وهو تطبيق ذكي يتماشى مع «أرث المقيظ» بشكل رقمي من خلال تقديم تفاصيل رحلة المقيظ في الستينيات عبر فكرة التعليم والمتعة والاكتشاف، مشيراً إلى أن التطبيق يقدم المقيظ كإرث مستدام ويعرض رحلة البحث عن البرودة ولقاء الأحبة بطريقة شيقة، ويتيح متعة استكشاف التراث بطريقة مبتكرة من خلال التعلم الذكي وإمكانية الارتحال للماضي والتجول في مكان المقيظ والدخول للخيم والذهاب للصيد وللقنص.

وحول رحلة المقيظ قديماً، يقول الوالد راشد بن علي بن هويدن (80 عاماً) من سكان الذيد: رحلة المقيظ تبدأ مع بداية فصل الصيف «القيظ» حين ترتفع درجة الحرارة ونسبة الرطوبة على السواحل، وذلك عادة مع دخول شهر مايو وظهور نجم الثريا أول نجوم الصيف «القيظ»، وما يتبع ذلك من ظواهر أخرى مثل انتشار الرطب ومن أنواعه «النغال» و«الصلاني».

وحول استعدادات رحلة المقيض، يذكر ابن هويدن: تستعد العائلات للمقيظ إذ تقوم بالتردد على الأسواق والمحال التجارية للتزود بالمواد والسلع الغذائية، مثل الطحين والسكر والحبوب والسحناه «مسحوق سمك السردين المجفف» والقهوة والأرز والبهارات والمالح «السمك المملح» والكسيف «السمك المجفف».

ويقول: بعد تجهيز أماكن المقيظ وبيوت العريش «بيوت من سعف النخيل» وتوفير المواد والاحتياجات الضرورية لتأمين راحة الحضار «أهل المدن والساحل»؛ تنطلق الرحلة في قافلة كبيرة من عدة أسر ويتولى «الكريان» ومفردها «مكري أو كري»، وهو صاحب الإبل الذي تستأجره العائلة لإيصالها إلى المقيظ والقيام على سلامتها طوال الرحلة.

ويشير إلى أن المقايظ في الإمارات قديما تنوعت وتعددت بين رؤوس الجبال في رأس الخيمة مثل الحيل وخت وغليلة وشعم، بالإضافة إلى مسافي والسيجي وشوكة وكدرا ودبا في المنطقة الشرقية، وهي الوجهة المفضلة لأن رياح الكوس «نوع من أنواع الرياح المحلية» الباردة تهب عليها في شهور الصيف من جهة بحر العرب؛ فتنخفض درجة حرارتها وتكثر بها أشجار الموز والمانجو ومراعي النحل.

ويشرح ابن هويدن قائلاً: إن بعض المناطق الساحلية بجوار المدن اشتهرت كمقايظ يقصدها الأهالي للمقيظ خاصة الأماكن التي يتواجد فيها النخيل بكثرة، مثل الحيل وشعم في رأس الخيمة والحيرة بالشارقة والبراحة وأم سقيم في دبي، مشيراً إلى أن تلك الأماكن تعتبر قريبة من المدن الساحلية والذهاب إليها قليل التكاليف وغير متعب فهي وجهة قريبة ومفضلة لمن لديه أطفال وكبار السن أو من تأخر عن قوافل المقيظ.

وتقول عيدة مصبح الكندي من منطقة الظفرة: مقايظ الواحات هي عادة مناطق السهول الزراعية التي تكثر بها أشجار النخيل والأفلاج، بالإضافة إلى واحات العين ومحاضر ليوا التي كان لها شهرة واسعة بين الأهالي قديماً ويرتحلون إليها من كل حدب وصوب خاصة سكان أبوظبي.

وتوضح عيدة الكندي أن أهل أبوظبي جزء منهم ينتقل للمقيظ في جزيرة دلما، ولكن معظمهم يقضون الصيف في ليوا، حيث ينتقلون عبر المحامل «السفن الشراعية» من أبوظبي إلى المرفأ ومنها تنقلهم الركاب «الإبل» إلى المحاضر، موضحة أن موسم «القيظ» ينتهي في شهر سبتمبر وقت دخول «الصفري»؛ أي فصل الخريف عند طلوع نجم سهيل.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات

إقرأ أيضاً:

«ثلاثية» لشادويل و«مهم» يحطم الزمن بمضمار جبل علي

عصام السيد (دبي)

أخبار ذات صلة هدى المطروشي تناقش مع رئيس الاتحاد الدولي مستقبل الخماسي الحديث كوزمين يجهز «الأبيض» لموقعة «مربع الذهب» في «كأس العرب»


حلق الجواد «أطوال» لسمو الشيخ أحمد بن راشد آل مكتوم، بلقب كأس «طيران الإمارات»، وحققت خيول شادويل «ثلاثية» مستحقة، فيما حطم الجواد «أف مهم» لخالد خليفة النابودة زمن مسافة 1200 متر، خلال فعاليات السباق الرابع لمضمار جبل علي الذي تألف من 7 أشواط، خُصصت جميعها للخيول المهجنة الأصيلة، باستثناء الشوط الأول المخصص للخيول العربية الأصيلة، وبلغت القيمة الإجمالية لجوائز السباق 584 ألف درهم برعاية عدد من المؤسسات والشركات الرائدة بالدولة.
وجاء فوز «أطوال» بإشراف مايكل كوستا وقيادة سلفستر دي سوسا، ناجزاً في سباق كأس طيران الإمارات - سباق داعم للخيول المهجنة الأصيلة، سباق تكافؤ (70-95) للخيول من عمر 3 سنوات فما فوق في الشوط الرابع لمسافة 1200 متر، وقيمة الجائزة 100 ألف درهم.
وحطم «أف مهم» لخالد خليفة النابودة، بإشراف أرنست اورتيل، وقيادة مارسلينو رودريجوز، الزمن القياسي لمسافة 1200 متر مسجلاً 1:21:72 دقيقة في الشوط الأول على لقب كأس بورشه للخيول للعربية الأصيلة سباق تكافؤ (0-85) للخيول من عمر 4 سنوات فما فوق المولودة في الإمارات، وقيمة الجائزة المالية 50 ألف درهم.
وحقق «منية» لشادويل بإشراف مصبح المهيري، أحلام فارسه أنطونيو فريزو، في الشوط الثاني على لقب سباق الشعفار للاستثمار - سباق داعم، للخيول المهجنة الأصيلة المبتدئة من عمر 3 سنوات فما فوق لمسافة 1400 متر، وقيمة الجائزة المالية 72 ألف درهم.
وسجلت شادويل «ثنائية» عبر الجواد «متأني» بإشراف جون هايد، وقيادة دانيال تودهوب في الشوط الثالث على لقب سلسلة الإمارات لسباقات للسرعة للخيول المهجنة الأصيلة سباق تكافؤ (0-75) للخيول من عمر 3 سنوات فما فوق لمسافة 1200 متر، وقيمة الجائزة المالية 80 ألف درهم.
وتوج «دايموند ديلر» لعذبة للسباقات، بإشراف بوبات سيمار، وقيادة تاج أوشي بلقب سباق العوير للخيول المهجنة الأصيلة، سباق تكافؤ (0-85) للخيول من عمر 3 سنوات فما فوق في الشوط الخامس 1600 متر، وقيمة الجائزة 90 ألف درهم.
وحصد «سيكريت مانر» لنيغار بيرك، وإيري ريسنج1، وجوي فيني، بإشراف بوبات سيمار، وقيادة أندرو سلاتري جائزة الشوط السادس على لقب سباق أم سقيم للخيول المهجنة الأصيلة، سباق تكافؤ (75-100) للخيول من عمر 3 سنوات فما فوق لمسافة 1950 متر، وقيمة الجائزة 120 ألف درهم.
وعزف «أمجاد» لحن الختام عندما منح الثلاثية «هاتريك» لإسطبلات شادويل، بإشراف دووج واتسون، وقيادة باتريك دوبس بفوز لافت في الشوط السابع على لقب كأس الحذيفة - سباق داعم للخيول المهجنة الأصيلة المبتدئة للخيول من عمر 3 سنوات فما فوق لمسافة 1950 متراً، وقيمة الجائزة 72 ألف درهم.
وتقدم الحضور المهندس محمد سعيد الشحي، المدير العام لمكتب سمو الشيخ أحمد بن راشد آل مكتوم ومدير سباقات سموه، وعضو مجلس الإدارة المدير العام لهيئة الإمارات لسباق الخيل، ومحمد الأحمد المدير العام لمضمار جبل علي.
 

مقالات مشابهة

  • جامعة قناة السويس ترسخ دورها المجتمعي بتدريب نوعي لمعلمي الكبار بالإسماعيلية
  • «ثلاثية» لشادويل و«مهم» يحطم الزمن بمضمار جبل علي
  • د. هبة عيد تكتب: نعيب زماننا والعيب فينا
  • «آي كابيتال» تفتتح مقرها الإقليمي في «أبوظبي العالمي»
  • جورج عيد يفوز بلقب النزال الرئيسي في ” الطريق إلى أبوظبي” ضمن “محاربي الإمارات”
  • توقعات صادمة: دراسة تحذر من امتداد الصيف في أوروبا 42 يوماً إضافياً
  • خطيب الأوقاف: من أعظم نعم الله على الإنسان أن خلق له الوقت والزمن
  • ماراثون أبوظبي.. رحلة بكل الألوان في معالم العاصمة
  • «محاربي الإمارات» تختتم نسختها الأولى من الطريق إلى أبوظبي في لبنان
  • الجميل: وعدُنا أن نكمل الطريق الذي استشهد لأجله جبران وبيار وباقي شهداء ثورة الأرز