زيارة «الدولة» التي يقوم بها اليوم جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى المملكة الأردنية الهاشمية ولقاؤه مع أخيه الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ملك الأردن يأتي في إطار التعاون والتنسيق المتواصل بين البلدين والشعبين الشقيقين.

وتأتي هذه الزيارة السلطانية استحضارا لأحد أهم العلاقات النموذجية على صعيد العلاقات العربية العربية لأكثر من نصف قرن، حيث ارتبطت علاقات مسقط وعمّان بالعلاقات الشخصية القوية بين السلطان قابوس بن سعيد والملك حسين بن طلال ـ طيب الله ثراهما ـ وكانت الزيارات الرسمية والخاصة متواصلة، والتنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي والعسكري يتصدر مشهد تلك العلاقات.

وعند استحضار الأحداث التاريخية وقصة الوفاء لا يمكن نسيان موقف المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة خلال «حرب ظفار» وكيف كان للدعم العسكري الأردني دور مهم في انتصار قوات السلطان المسلحة يوم الحادي عشر من ديسمبر ١٩٧٦، وهو اليوم الذي تحتفل به قوات السلطان المسلحة كل عام. كما أن التعاون في المجال التعليمي كان من المجالات الحيوية بين البلدين، حيث احتضنت الجامعات الأردنية ولا تزال آلاف الطلبة من بلادنا سلطنة عمان خاصة خلال عقدي السبعينات والثمانينات في ظل عدم وجود جامعات حكومية وخاصة.

وعلى ضوء ذلك تأتي الزيارة السلطانية لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم لتؤكد على مسار تلك العلاقات التاريخية المميزة، وتواصلا لعلاقات الوفاء والمحبة والتعاون، وحتى على صعيد الإعلام العماني في بدايته كان للكوادر الأردنية دور مهني مقدر حتى تسلمت الكوادر العمانية راية العمل الصحفي والإعلامي. ومن هنا حرص جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ على تلبية دعوة أخيه الملك عبدالله بن الحسين ملك الأردن لتتواصل تلك العلاقات النموذجية ويتواصل التعاون في كل المجالات، خاصة وأن هناك فرصا واعدة في مجال الاستثمار والتعليم والتنمية البشرية والتقنية وتبادل الخبرات وأيضا التعاون في المجال العسكري.على صعيد التنسيق السياسي تأتي القضية الفلسطينية في صدارة الملفات، والتي سوف تكون مدار نقاش بين الزعيمين في ظل الحرب الإسرائيلية الغاشمة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة وارتكابها مجازر إبادة، حيث استشهد آلاف الأطفال والنساء، وتدمير البنية الأساسية في قطاع غزة، خاصة وأن المحاكم الدولية تبحث عددا من الملفات حول سلوك الكيان الإسرائيلي المشين والعدواني المدان من كل شعوب العالم. ومن هنا فإن التنسيق السياسي بين البلدين خلال الزيارة السلطانية يعد على قدر كبير من الأهمية في ظل موقف بلادنا سلطنة عمان المشرف تجاه الأحداث المؤلمة التي تجري في قطاع غزة وعموم فلسطين. كما أن الأردن الشقيق له ارتباط بالقضية الفلسطينية تاريخيا وجغرافيا وعلى صعيد العهدة الهاشمية للمسجد الأقصى المبارك، واذكر خلال زيارتنا لفلسطين عام ٢٠١٣ مع عدد من الزملاء في جمعية الصحفيين العمانية والتشرف بالصلاة في المسجد الأقصى المبارك، أدركنا مدى الاهتمام والدعم الذي يحرص عليه الأردن في الحفاظ على دعم هذا المسجد المبارك رغم الظروف القاسية التي تعيشها مدينة القدس المحتلة حيث الاقتحامات المتكررة من قبل جنود الاحتلال والتنكيل بالمصلين. كما رأينا ذلك رأي العين عند المعابر وفي قطع أشجار الزيتون وهدم منازل المواطنين وانتهاكات متواصلة، ومن هنا فإن المجتمع الدولي مطالب بالاعتراف بدولة فلسطين حرة مستقلة خاصة بعد الإبادة التي ارتكبها الكيان الصهيوني أمام العالم وشاهده الرأي العام العالمي خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية حيث انتفض طلاب الجامعات الأمريكية ضد السلوك الإسرائيلي الغاشم.

إن الزيارة السلطانية وهي زيارة «دولة» كأرفع مستويات الزيارات في البروتوكول، سوف يكون لها انعكاس إيجابي كبير على مجمل علاقات البلدين والشعبين الشقيقين في مختلف المجالات وتعزيزها. كما أن هناك توافقا عمانيا أردنيا على صعيد دعم القضايا العربية والإسلامية والإنسانية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية العادلة، وعلى ضوء ذلك هناك شعور محبة واضح حيث الاحتفاء الرسمي والشعبي الأردني المميز لاستقبال جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وأيضا تعبيرا عن علاقات الوفاء التي ميزت علاقات البلدين والشعبين الشقيقين لأكثر من نصف قرن، وهي علاقات تاريخية سوف تتطور في عهد النهضة المتجددة وفي ظل الرؤية الأردنية في تقوية العلاقات بين مسقط وعمّان، في ظل تحديات كبرى تعيشها المنطقة والشرق الأوسط وفي ظل التداعيات الخطيرة للحرب العدوانية للكيان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وفي ظل مشكلات الملاحة في البحر الأحمر وتوتر العلاقات الإيرانية الإسرائيلية ودخول العالم في حالة استقطاب شديدة مع تواصل الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على سلاسل الإمداد فيما يخص موضوع الغذاء والطاقة. ومن هنا فإن المشهد السياسي في المنطقة والعالم يحتم على القيادات العربية التشاور والحوار وهو الأمر الذي حرص عليه جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ منذ تسلمه مقاليد الحكم في بلادنا سلطنة عمان في الحادي عشر من يناير ٢٠٢٠، حيث حرص جلالته ـ حفظه الله ـ على زيارة عدد من الدول العربية والأجنبية في إطار توثيق العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة وأيضا بذل جهود سياسية لخفض التصعيد والتوتر ووقف الحروب والصراعات والاتجاه إلى إقامة وتعزيز السلام وقيم التسامح وإرجاع الحقوق لأصحابها وفي مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وبدون حل القضية الفلسطينية سوف تظل المنطقة والعالم في حالة توتر وصراع.

حفظ الله جلالة السلطان المعظم في حله وترحاله ووفق مساعيه الخيّرة والنبيلة حتى يسود الاستقرار في هذا العالم المضطرب، وللعلاقات العمانية الأردنية المزيد من التقدم والازدهار.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: على صعید ومن هنا

إقرأ أيضاً:

د. مزمل أبو القاسم: من (الشيخ السماني) إلى (آداب العاصي)!

* قبل أن نتطرق إلى الانتصارات الباهرة والبشريات المفرحة التي أتتنا من قلعة الصمود ومقبرة الجنجويد الجديدة، فاشر السلطان أو (آداب العاصي) كما يحلو لأهلها الكرماء أن يسموها، حباً فيها، وتعلقاً بها، لابد أن أتطرق إلى المذبحة المروعة، والجريمة المنكرة التي ارتكبتها مليشيات الدعم السريع الإرهابية المتمردة في قرية طابت الشيخ السماني، محلية شرق سنار أمس.

* لم نسمع (بحلة طابت الشيخ السماني) إلا عندما دنستها سنابك الجنجويد، وأحالت سكينتها إلى رعب، وهدوءها إلى ضجيج، وبدّلت أمنها خوفاً، وشرعت في قصفها بالمدافع ومضادات الطيران، لتزهق أكثر من عشرين نفساً زكيةً (جلهم من النساء والأطفال)، وتصيب العشرات، بهمجيةً تشبه هؤلاء الوحوش المجردين من كل نوازع الدين والشرف والأخلاق.
* لم تجف الدماء الزكيّة التي سفكتها مليشيات الغدر السريع في قرية ود النورة المنكوبة، حتى أردفها تتار العصر الحديث بمذبحةً أخرى، لا تقل بشاعةً وشناعةً عن الأولى، لتقف الواقعتان على مقدار الوضاعة التي تدمغ تلك المليشيات المجرمة المنحطة.

* سننتظر من هواة التبرير ومحترفي التزوير أن يدلسوا ويغيروا الحقائق الدامغة، بتهوين الأمر وتبريره للمجرمين، ونجزم أن مهمتهم ستكون أصعب من الماضية، لأن قرية طابت الشيخ السماني لم تشهد أي استنفار، ولم تدخلها قطعة سلاح واحدة، يمكن لفاقدي السند الديني والأخلاقي أن يستخدموها ليتحدثوا عن (معركة) وقعت داخل القرية المنكوبة، أو استنفار تسبب في قتل القرويين العُزَّل!

* لن يجدوا بجوار طابت الشيخ السماني (كناراً) كي يزعموا أن جانباً من المغدورين رمياً بالرصاص الآثم سقطوا فيه وماتوا غرقاً، ولم يتمكنوا من توزيع الجرم على الجيش بالتساوي مع المليشيات، بادعاء أن الطيران قصف طابت الشيخ السماني في اليوم التالي للهجوم الجنجويدي المتوحش، فكان خيارهم المفضل الصمت الجبان، والتواطؤ المعلن مع القتلة الأوغاد!

* لم نقرأ حتى للحظة نعياً للشهداء ومواساةً للجرحى من مساندي المليشيا المجرمة، مثلما لم نطالع استنكاراً للجريمة المروعة، والمذبحة الموجعة، ولا غرابة، فالجناح السياسي للمرتزقة لا يرى في أفعالهم منكراً مهما توحشت وقست، ومهما أمعنت في سفك الدماء وقتل الأبرياء.
* تباً لهم وسحقاً لمرتزقتهم الملاعين.

* سننثني من قرية طابت الشيخ السماني المنكوبة الموجوعة لنزجي التحايا أصفاها لفرسان القوات المسلحة والقوات المشتركة، الذين استبسلوا في الدفاع عن مواطني شمال دارفور عموماً وفاشر السلطان على وجه الخصوص، وكبدوا الجنجويد الملاعين هزائم مريرة وخسائر فادحة، واصطادوا قائدهم وكبير مجرميهم، بانتصار باهر وفتح مبين.

* التحية لضباط وضباط صف وجنود القوات المشتركة، وهم يمنعون الحانقين من أهل الفاشر من الإساءة لجثمان قائد المتمردين، ولا غرابة، فقد شهد لهم أهل السودان قاطبة بحسن الخلق، وبأنهم يقاتلون بأخلاق الفرسان مثلما فعلوا في عملية الذراع الطويلة في أم درمان عام 2008، عندما ترفعوا عن إيذاء الموطنين، ولم يسرقوا ولم ينهبوا ولم يأخذوا مليماً ليس لهم.

* وقتها شاهد كل أهل أم درمان مقاتلي حركة العدل والمساواة يشترون طعامهم من المتاجر وتجار الفواكه أثناء القتال من حر مالهم.. بعكس الجنجويد القتلة المجرمين الذين قتلوا عشرات الآلاف من مواطني السودان وهجروا وشردوا الملايين واغتصبوا النساء ونهبوا الممتلكات وروعوا المدنيين وغزوا القرى وقتلوا أهلها ودمروا مؤسسات الدولة ومراكز الخدمات واقتحموا المنازل وأحتلوها ونهبوها وسرقوا سيارات المواطنين وذهب النساء وحليهن من أعناقهن بخسة تشبههم وتليق بهم وبمناصريهم الجبناء..

* التحية للفرسان الذين حموا مواطنيهم وهزموا الجنجويد الملاعين في فاشر السلطان، رمز الصمود في السودان.

* سنذكر بكل الفخر أن هجوم المليشيا على الفاشر تم أمس بقوةٍ غير مسبوقة، شكلت حصاداً لتجميع مليشيات الفزع القادمة من جنوب وشمال وشرق ووسط دارفور، علاوة على مرتزقة مدفوعي القيمة من تشاد وإفريقيا الوسطى والنيجر وغيرها.

* استغرق تجميع تلك القوة شهرين كاملين، ومع ذلك انهزمت أمام الارتكازات المتقدمة للقوة المشتركة (شرق الفاشر) في أربع ساعات فقط، وعندما تم ضربهم وتشتيتهم أطلقوا قذائف الهاون بطريقة عشوائية باتجاه المدينة، ونتج عن القصف إصابات ووفيات وسط المدنيين، وبعد ذلك ولوا الأدبار هاربين وتركوا أسراهم وجرحاهم وجثمان قائدهم خلفهم.
* جنجويد مجرمون وجبناء يتم نفخهم زوراً وسوقهم إلى حتفهم بالإعلام المضلل!

* صدق من سمى فاشر السلطان (آداب العاصي)، ولا عزاء للفاجر والمتمرد الفاشل والأرزقي الجاهل، الذي توعدها بالسقوط السريع، بعد أن سقط هو قبلها بارتماء مهين في أحضان المتمردين!

د. مزمل أبو القاسم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • د. مزمل أبو القاسم: من (الشيخ السماني) إلى (آداب العاصي)!
  • جلالة السلطان يُصدر عفوًا ساميًا عن عدد من نزلاء السجن
  • جلالة السلطان يتلقى اتصالاً هاتفيا من الرئيس الفرنسي
  • سمو أمير البلاد سمو أمير البلاد يجري اتصالا هاتفيا مع سلطان عمان للتهنئة بعيد الأضحى المبارك
  • ما السن المعتبر لصحة الأضحية من الضأن؟ الإفتاء تجيب
  • ما حكم التكبير الجماعي في العيد ووقته؟ الإفتاء الأردنية تجيب
  • استحضار روح نجوم الثمانينات والتسعينات بعرض 80/90 علي مسرح السامر بالعي
  • جلالة السلطان يتبادل تهاني عيد الأضحى مع ملوك وقادة الدول العربية الإسلامية
  • جلالة السلطان يتبادل تهاني عيد الأضحى مع قادة الدول العربية والإسلامية
  • جلالة السلطان يتبادل تهاني العيد ويدعو الله بأن يعيده على جميع المسلمين بالأمن والاستقرار والسلام