حلقة عمل حول تسريع التكامل الرقمي بين المؤسسات الحكومية
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
مسقط- الرؤية
نظمت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بالتعاون مع مركز السجلات الوطنية أمس حلقة عمل حول تسريع التكامل الرقمي بين المؤسسات الحكومية، وذلك في إطار تمكين ودعم المؤسسات الحكومية لتسريع تنفيذ متطلبات التكامل الرقمي بين المؤسسات الحكومية.
وهدفت الحلقة إلى تمكين المؤسسات من تحقيق متطلبات التكامل وتبادل البيانات والارتباط بين النظم في المؤسسات الحكومية للانتقال من مرحلة التفاعل إلى مرحلة التكامل المؤسسي التي تعتمد على البيانات ذات الدقة والجودة العالية، ومناقشة أبرز التحديات التي تواجه المؤسسات الحكومية في الحصول على البيانات والتكامل مع المؤسسات الحكومية الشريكة.
وشملت الحلقة استعراض إحصائيات التكامل الالكتروني الحكومي عبر المنصة الوطنية للتكامل الإلكتروني خلال الربع الأول من عام 2024؛ حيث بلغ عدد المعاملات التي تمت عبر المنصة 91 مليون معاملة، وبلغ عدد البيانات التي جرى تبادلها عبر بيئة الإنترنت 227347 بيانًا، فيما بلغ عدد البيانات التي جرى تبادلها مع دول الخليج 9 ملايين بيان. وناقشت الحلقة مبادرة نظام "فهرس خدمات المنصة الوطنية للتكامل الالكتروني"؛ حيث تعمل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات على إنشاء فهرس للخدمات المقدمة عن طريق منصة التكامل الحكومية.
وتطرَّقت حلقة العمل إلى منظومة السجلات الوطنية وهي منظومة بيانات وطنية شاملة ومتكاملة الكترونيًا بقواعد بيانات ذات جودة عالية من مختلف المصادر، تهدف إلى بناء قاعدة بيانات وطنية لتوفير البيانات والمعلومات وحفظ السجلات الإدارية لضمان تكاملها الكترونيًا والمحافظة على دقتها وجودتها، كما تعد أداة للتحقق من صحة وجودة البيانات.
وناقشت الحلقة منهجية معالجة البيانات في مختبرات مركز السجلات الوطنية، وآلية عمل المنظومة، ومعايير التثبت من جودة البيانات في المنظومة كالتحقق من اسم مصدر البيانات وصحة البيانات الإلزامية والتاريخ المرجعي والتحقق من مطابقة التصانيف المعتمدة، إلى جانب مناقشة خطة تطوير المنظومة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: المؤسسات الحکومیة
إقرأ أيضاً:
القيادة الذكية في عصر التحول الرقمي
د. سعيد الدرمكي
في عصر يشهد تحولات رقمية غير مسبوقة، لم تعد القيادة تقتصر على الخبرة أو الكفاءة الإدارية فقط، بل باتت تتطلب وعيًا رقميًا عميقًا ورؤية استشرافية تدمج بين التقنية والقيم الإنسانية. أصبح الذكاء الاصطناعي ركنًا أساسيًا في بيئة العمل، ما يضع القائد أمام مسؤولية جديدة: قيادة التقنية لا الخضوع لها. لكن ما الذي يعنيه هذا فعليًا للقائد؟
القيادة الذكية ليست مجرد تحديث للدور التقليدي. إنها تحول استراتيجي يجمع بين الرؤية المستقبلية والتقنيات الحديثة في اتخاذ القرار. ومع تسارع التغيرات التكنولوجية، أصبحت المرونة الرقمية ضرورة، إذ يُتوقع من القادة التكيف السريع وتوظيف الذكاء الاصطناعي والتحليلات الرقمية لتحقيق نتائج فعّالة. كما بات القائد محفزًا للابتكار، وموجهًا للتحول الرقمي، وضامنًا للأخلاقيات الرقمية في بيئة ديناميكية ومعقدة.
الذكاء الاصطناعي يُعد أداة استراتيجية تمكّن القادة من توسيع قدراتهم، لا استبدالهم. فهو يمنحهم رؤية أعمق لتحليل الاتجاهات المستقبلية وفهم ديناميكيات السوق بشكل استباقي، مما يعزز قدرتهم على التخطيط طويل المدى. كما يدعم اتخاذ القرارات المعتمدة على بيانات دقيقة بدلاً من الحدس فقط، مما يرفع من جودة القرار وسرعته. ويُستخدم أيضًا لتحسين تجربة الموظفين من خلال تخصيص الحلول وتعزيز الكفاءة التشغيلية باستخدام الأتمتة والتحليلات الذكية.
التحول من القائد الإداري إلى القائد التحويلي يعكس نقلة نوعية في الفكر القيادي. فالقائد الرقمي يعتمد على البيانات والتقنيات الحديثة لاتخاذ قرارات استباقية، بخلاف القائد التقليدي الذي يركّز على الإدارة الروتينية. والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتعداه إلى إرساء ثقافة تشاركية تدمج بين الذكاء الاصطناعي والحدس البشري، وبين الابتكار والحوكمة.
القيادة الرقمية تتطلب مرونة وفطنة تقنية وقدرة على التفاعل مع فرق هجينة وبيئة متغيرة. لم يعد دور القائد يقتصر على التنظيم والمراقبة؛ بل أصبح محفزًا للتغيير وموجهًا للابتكار، مدعومًا بأدوات تحليلية تمكّنه من اتخاذ قرارات سريعة وشفافة، مما يعزز ثقافة الابتكار ويُفعل دور الفريق بشكل أكثر تشاركية.
تواجه القيادات العليا في عصر الذكاء الاصطناعي تحديات معقدة، أبرزها تضخم البيانات التي تتجاوز قدرة التحليل البشري، مما يستدعي أدوات ذكية وفهمًا عميقًا للسياق. كما أن الانحيازات الخفية في الخوارزميات قد تؤدي إلى قرارات غير عادلة إن لم تُراجع بوعي نقدي. وتفرض المنظمات الذكية إعادة توزيع الصلاحيات، حيث تنتقل بعض المهام إلى الأنظمة، مما يستوجب من القادة إعادة تعريف الأدوار والحفاظ على توازن فعّال بين الإنسان والتقنية.
في بيئة الأعمال المستقبلية، تتطلب القيادة الذكية مجموعة من المهارات الأساسية لضمان النجاح والاستدامة. من أهمها الفطنة الرقمية، أي فهم الأدوات والتقنيات الرقمية وقدرتها على خلق قيمة. كما يحتاج القائد إلى مهارة استشراف المستقبل، التي تمكّنه من التنبؤ بالتغيرات واتخاذ قرارات استباقية. وتشمل المتطلبات أيضًا القدرة على إدارة فرق هجينة تجمع بين البشر والأنظمة الذكية. ولتحقيق ذلك بفعالية، لا بد من دمج الذكاء الاصطناعي ضمن الخطط الاستراتيجية للمؤسسة لضمان توافق التقنية مع الرؤية والأهداف طويلة المدى.
القيادة الذكية في عصر الذكاء الاصطناعي لا تقتصر على الكفاءة التقنية، بل تتطلب وعيًا أخلاقيًا يضمن العدالة والشفافية وحماية الحقوق. على القائد أن يضع ضوابط واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي، مستفيدًا من مبادئ الحوكمة الرقمية التي تشدد على الشفافية والمساءلة.
كما أن مسؤولية الخوارزميات تُعد توجهًا حديثًا يلزم القادة بمراجعة مخرجات الأنظمة الذكية وتفادي الانحياز، خاصة في قرارات التوظيف والتقييم. وهنا تبرز أهمية البعد الإنساني، إذ لا تكفي دقة القرار ما لم يكن عادلًا وأخلاقيًا.
فعلى الصعيد العالمي، توظف شركات مثل أمازون ومايكروسوفت الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة، والتنبؤ بالسلوك، وتعزيز تجربة العملاء. إقليميًا، يُعد مشروع أرامكو مثالًا بارزًا في توظيف التحليلات الذكية لرفع الإنتاجية وخفض التكاليف، كما بدأت بنوك وطنية في سلطنة عُمان بتوظيف هذه التقنيات لتعزيز الأداء وتطوير الخدمات. هذه النماذج تؤكد كيف تُمكّن القيادة الذكية من استثمار التحول الرقمي في خلق فرص حقيقية للابتكار.
تركز توصيات القيادة الذكية على تمكين القادة من الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في دعم التحول المؤسسي. ويشمل ذلك إدماج الذكاء الاصطناعي في نموذج القيادة ليصبح جزءًا من التفكير وصنع القرار، وتطوير استراتيجيات تعزز ثقافة رقمية تفاعلية بين الموظفين، إضافة إلى تضمينه في برامج إعداد القادة الجدد ليكونوا قادرين على قيادة المستقبل برؤية رقمية.
في ختام الحديث عن القيادة الذكية والذكاء الاصطناعي، يتبيّن أن الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا لدور القائد، بل فرصة استثنائية لتعزيز فعاليته، بشرط أن يُستخدم بوعي وبصيرة إنسانية. فالتقنية وحدها لا تصنع قرارات حكيمة، بل تحتاج إلى عقل قيادي قادر على توجيهها نحو الأهداف النبيلة. القيادة الذكية لا تستغني عن القيم الإنسانية، بل ترتكز عليها، وتستخدم الأدوات الذكية لتوسيع أثرها وتحقيق التوازن بين الكفاءة والتعاطف.