بوابة الوفد:
2024-06-16@13:55:28 GMT

«كابولا».. يكتب وصيته فى «ميجالوبولس»

تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT

فرانسيس فورد كابولا.. هل يكفي أم نزيد؟ لا بل نزيد..

فنحن أمام قامة سينمائية شامخة ومسيرة عامرة بالإنجازات والتفرد ويكفى أن نشير إلى أن الرجل قدم للسينما تحف خالدة مثل «العراب – أربعة أجزاء» و«إبوكاليبس ناو – نهاية العالم» و«المحادثة» و«نادى القطن» وغيرها وهو يعود للسينما بعد غياب طويل. مشيرين إلى أنه يحضر لتجربة السينمائية «ميجالوبولس» منذ أكثر من 40 عامًا، حيث عانى الكثير من الإشكاليات المالية لتأمين إنتاجه وصولًا إلى بيع مزرعته وأيضًا استديوهات زيتروب التى يمتلكها وعدد آخر من الأصول العقارية والتجارية.

علمًا بأن كلفة الإنتاج تجاوزت الـ120 مليون دولار. 

من فيلم ميجالوبولس 

واليوم، يبدو أن الرجل البالغ من العمر88 عامًا يضع كل ما لديه على الطاولة للمرة الأخيرة، مع ملحمة الخيال العلمى التى طال انتظارها Megalopolis، والتى عرضت مساء الأمس لأول مرة فى مهرجان كان السينمائى.

ولا يمكن لأحد أن يصدق أن هذا قد حدث: لقد ظل «كابولا» يحاول إنتاج هذا الفيلم لأكثر من 40 عامًا، مر خلالها المشروع بعدد لا يحصى من عمليات إعادة الكتابة والتأخير والبدايات الخاطئة. إنه موجود الآن فقط لأنه باع جزءًا من ممتلكاته الناجحة فى مصنع النبيذ لتمويل الفيلم عندما لم يفعل ذلك أى شخص، حيث المغامرة مشرعة الأبواب. 

وحينما يأتى الفيلم نحن وبصورة قريبة من الواقع أمام ما يشبه الوصية التى قال بها «كابولا» الكثير بل أكثر مما قاله فى النسبة الأكبر من أعماله، حيث ضخامة الإنتاج وحضور الجانب الفلسفى. 

المحور الدرامى للفيلم يتحرك حول حادث كونى يدمر مدينة متدهورة تسمى روما الجديدة. ويهدف سيزار كاتيلينا «ادم درايفر»، المهندس المعمارى المثالى الذى يتمتع بالقدرة على التحكم فى الوقت، إلى إعادة بنائه باعتباره مدينة فاضلة مستدامة، فى حين تظل معارضته، العمدة الفاسد فرانكلين شيشرو «جينكارلو اسبوسيتو»، ملتزمة بالوضع الراهن التراجعى. وفى المقابل نرصد حالة التمزق بينهما عبر شخصية جوليا «ناتالى إيمانويل»، ابنة فرانكلين الاجتماعية، التى سئمت من التأثير الذى ورثته، وتبحث عن معنى حياتها. 

وتتداخل الحكايات عبر فضاء من الخيال العلمى والعوالم التى تدهشنا لذهابها إلى المستقبل رغم إسقاطاتها على اللحظة التى تعيشها الولايات المتحدة الأمريكية من صراعات سياسية واقتصادية واجتماعية.

حول سيزار زوجته وأبناء عمومته الذين يحاولون السيطرة على الجانب الاقتصادى المتمثل بالبنك الذى يقدم الإسناد المالى لكافة المشاريع والمنجزات المدهشة التى راح يحققها سيزار. كل العلاقات فى فيلم «كابولا» الجديد تحكمها صراعات ومصالح اقتصادية بحته إلا تلك العلاقة التى تجمعة مع جوليا التى تدير ظهرها لوالدها من أجل حبها الكبير حتى تحمل منه طفلًا هو الحلم والأمل للمستقبل. ولكن كل ذلك لا يستطيع الصمود أمام مراجل الحقد والأطماع والكراهية سواء من زوجته «واو بلاتينيوم – اوبرى بلازا» او أبناء عمومته ومنهم كلاوديو «شيا لابوف» والعمدة الفاسد وغيرهم، حيث يتعرض سيزار للقتل ولكنه ينجو ويتم شفاؤه ويبدأ مشواره من جديد من أجل المحافظة على تلك المدينة الفاضلة الغارقة فى الفوضى والدمار...

فى فيلم «ميجالوبولس»  وكان «كابولا» يكتب وصيته التى تأتى ثرية بالمضامين الفلسفية واستدعاء للتاريخ بالذات تاريخ روما وحالة الفوضى التى عمتها إثر أطماع أسيادها من التجار والسياسيين. 

فرانسيس فورد كابولا «المخرج» 

فى الفيلم الكثير من الروحانيات والدعوة إلى التسامح والمحبة واستحضار الأيادن السماوية الثلاثة الكبرى «الإسلام والمسيحية واليهودية» ورهان متجدد على ذلك الطفل الذى يمثل المستقبل. 

وجريًا على عادته فإن «كابولا» حينما يذهب إلى الفعل السينمائى فإنه يستحضر التاريخ والفلسفة والحضارات والصراع الإنسانى عبر رموز ودلالات تظل حاضرة وكأنها تمنح المشاهد إشارات تضىء له الطريق وتوضح المعانى والرموز. 

الإخراج عند «كابولا» ليس مجرد كاميرا تفتح على نجوم وشخصيات وأحداث، بل هو استحضار لتاريخ البشرية وحاضراتها وثقافاتها. وهو يعتمد فى الغالب على سيناريوهات يقوم بكتابتها.. 

فيلم «كابولا» الجديد قصيدة سينمائية تتطلب الكثير من الهدوء والتانى والبحث والتحليل والغوص فى تفاصيل الشخوص والصراع والتقاط الإشارات والدلالات والرموز 

فى هذا الفيلم يستدعى كابولا عددًا من رفاق دربة ونجومه ومنهم تاليا شير ودستين هوفمان وإن ظل الحضور العالى «كابولا» لجيل من النجوم الشباب ونخص آدم درايفر وناتالى إيمانويل.. 

ميزانيات ضخمة صرفت على الأزياء والديكورات والمؤثرات والكومبارس وأيضًا النجوم..

وحتى لا نطيل نكرر.. «كابولا» فى «ميجالوبولس» يكتب وصيته السينمائية عبر قصيدة ستظل الأجيال تتوقف عندها طويلًا لأنها وباختصار شديد تحفة عالية المستوى علينا أن نكون بمستواها حتى ندركها.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: العراب

إقرأ أيضاً:

د. عبدالله الغذامي يكتب: صلاح العالم/ إفساد العالم (أدلجة المعاني)

يكبر المرء، ويدرك ما أدركه الغزالي في قوله: «ميزة العقل في قدرته على كشف عجزه»، على أن عجز العقل ميزة عقلانية بمعنى أننا كلما أدركنا أن هناك أمراً يعجز عقلنا عن كشفه فهذا يدفع بنا إلى التواضع العلمي، ومن ثم البحث عن الحكمة العلمية، ولكن بعقل مفتوح على الاحتمالات، وتعدد الوجود ومتغيرات الأحوال، وبما أن الأحوال تتغير، فالأحكام حولها وعليها يجب أن تتغير، وما كان معقولاً في حال معينة سيصبح غير معقول حين تتغير تلك الحال، ومثال ذلك هو قانون العبودية، وهو قانون قديم أقرته الفلسفة الإغريقيّة، وقال به أفلاطون، وميّز بين العبد والسيد، وكذلك ميّز بين الرجل والمرأة بقناعة عقلية راسخة حينها، وبقبول مطلق منه، ومن عصره وثقافة زمنه، ثم تبدلت الأحوال، وأصبحت التمييزات هذه عنصريةً وطبقيةً ومناقضة للعقل والعقلنة، ويقاس عليها فكرة إصلاح العالم، وهي فكرة رومانسية تولد كرغبة مع طفل، وكأنها هبة فطرية، وكلما تفتح عقل الطفل وتنامى تبارد عليه حس برغبات لإصلاح العالم، وقد مررنا في مرحلتنا ومطالع أعمارنا بأنواع من هذه الرغبات، وظلت تتحرك بها نفوسنا لنتطلع لصياغة الكون حسب متخيلاتنا للصيغ التي ترضي وجداننا وعقولنا التي تظل تكبر إلى أن تتعلم أن الواقع أكبر من عواطفنا وربما نزواتنا، فنشرع في تعديل خططنا لنكتشف في النهاية أننا نواجه صعوبات حتى في إصلاح أنفسنا، وستهولنا كمية السقطات التي نقع فيها رغم دعوانا بكمال العقل ورزانة البصيرة.
ولكن الخطير في الأمر حقاً هو توظيف اللحظات المبكرة من أعمار الجيل الشاب في تكريس فكرة إصلاح العالم، وهذه هي البوابة التي تدخل عبرها الأيديولوجيات الشريرة، حيث تزين للنفوس فكرة الحق الذي يطرحه الفكر المؤدلج، وما عداه شرور لا بد أن تستأصل، وقد روي عن أسامة بن لادن أنه كان يحرص أعوانه على انتقاء ذوي الأعمار الصغيرة من شباب البيئات المتدينة تحديداً، لتحفيز فكرة الجهاد والتضحية لمشروعهم المؤدلج تحت معاني مقدسة يجري تحويلها من معانيها التعبدية والإنسانية إلى معانٍ عدوانية تميل لشيطنة المختلف عنهم، وذلك من باب توظيف العقول الفتية واستنهاض العقل الفطري لمشروع تغيير العالم من فاسد إلى عالم صالح، حسب نموذج معمم بعمامة الأدلجة، وكما جعل أفلاطون العبودية حقاً للسيد في استعباد الآخرين، وتملك أجسادهم، فإن أمثال بن لادن يملكون مهارات لاستعباد الصغار فيلبسونها لبوس الدين، في حين كان أفلاطون يتلبس بلبوس العقل، وفي الحالين تتم نمذجة العقول حسب قوانين اللعبة ذاتها، على أن أفكار الأحزاب المؤدلجة، قومياً أو دينياً أوعرقياً، تسير في المسار نفسه، ومن ثم تنمو دعوى إصلاح العالم، لكنها تنتهي بإفساد العالم.

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: اشتعال الأفكار/ وجع الكتابة د. عبدالله الغذامي يكتب: الألفاظ أجساد وجمالها في ملابسها

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: عيد الأضحى المبارك...!!
  • د.حماد عبدالله يكتب: وقفة عرفات الله !!
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: صلاح العالم/ إفساد العالم (أدلجة المعاني)
  • م. حاتم الرومي يكتب: عمق الوعي البيئي والاقتصاد الوطني
  • د. يسري الشرقاوي يكتب: على أبواب مرحلة اقتصادية جديدة
  • الدكتور يوسف عامر يكتب: ثواب الحج
  • تامر أفندي يكتب: " رُتبة في الخير".. "مما قرأت"
  • منير أديب يكتب: صفقات إسرائيل وصفعات حماس
  • د.حماد عبدالله يكتب: أل البيت فى مصر
  • «فريضة الحج» مصدر إلهام المبدعين على مستوى العالم