ريمة المنسية.. جارة السماء، وبستان الملائكة
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
من: زين العابدين الضبيبي
بالعودة إلى عنوان المقال قد يعتقد البعض أن الخيال أخَذ الحيز الأوسع في الكتابة عن هذه الجنة المنسية، غير أن الحقيقة هي أكبر بكثير من كل المعاني والأوصاف. وفي الحلقات السابقة ارتَكز حديثنا عن جمال ريمة – تلك الجنة المنسية- بما تزخر به من مقومات طبيعية فريدة، تجعلها وجهةً وغايةً لا بد منها لمن يبحث عن الجمال والنقاهة وبكارة الاكتشاف، وهو حديثٌ يشبه إلى حدٍّ بعيد ما يمكن تسميته بـ”التقريب بين العاشق والوردة”، غير أننا لا بد أن نتساءل أيضًا: من أين لنا بالعاشق الذي يتوق إلى الورد؟! وهو – بالتأكيد- سؤال معقد يدعونا إلى الخوض في جملة من الصعوبات التي تواجه العاشق، وما أكثرها.
ولعل مِن أهمها: افتقار هذه المحافظة الساحرة إلى أهم وأبسط الخدمات الحيوية؛ بَدْءًا من بنية تحتية مؤهلة، كمتنزهات عامة، ومطاعم، وفنادق وغيرها، والأهم من ذلك كله الطريق الذي يحول بين هذا العاشق وبين اكتشاف جنة ريمة والحج إليها كقِبلةٍ سياحيةٍ نادرةٍ وفريدةٍ تتآخى فيها الفصول والمواسم، ويجتمع فيها كل الذي يريده الإنسان ويبحث عنه لينعم بالاسترخاء والهدوء والهواء النقي.
هذه الخدمات التي من المُفترض أنها قد توفرت منذ زمن بعيد لن تجد لها أثرًا في ريمة وأخواتها، مثل مَحميَّتَي “بُرع، وعتمة” القريبتين منها في المسافة والتنوع الجمالي والبيئي الفطري الذي فقدته أغلب مناطق اليمن، في ظل زحف العمران المخيف والمحزن. زحف عمراني دمَّر في طريقه الكثير من خيرات الأرض اليمنية الغنية بالحياة الطبيعية الخصبة، التي كانت تسمى قديمًا “العربية السعيدة”.
الحديث عن الخدمات العامة في ريمة لا يقتصر على القرى البعيدة أو التي يصعب توفير تلك الخدمات فيها، فريمة كلها خارج دائرة الاهتمام الرسمي، سواء عاصمة المحافظة “الجبين” أو بقية مراكز مديرياتها الست، ناهيك عن مراكز التجمع السكاني الكثيف في القرى المتناثرة هنا وهناك. هذا الحرمان الخدمي -الذي يبدو متعمدًا- قد أسهم في نزوح الكثير من السكان وتوزعهم في أرجاء الوطن ومنافي الاغتراب للبحث عن الحياة الكريمة ولقمة العيش، ما تسبب في إهدار الأرض وتحولها من حقول إنتاج إلى مراعٍ متخمة بالحياة لا يستفيد منها أحد، رغم أنها لا تحتاج إلا إلى القليل من الجهد لإعادة إنعاشها!
لقد أصبح الحديث عن الزراعة في ريمة مبعثًا للوجع والأسف، لا سيما إذا ما أدرك المرء أن ريمة، بكامل مساحتها الجغرافية، تكاد أن تكون مزرعة واحدة متنوعة التضاريس، متعددة الإنتاج؛ إذ كل منطقة فيها تتميز بزراعة نوع معين من الفواكه والحبوب، وهناك روايات تقول إنها كانت المُصدِّرَ الأول للبن عبر ميناء المخا، والرافد المهم لليمن بأكملها، يقصدها من تضيق بهم الأرض، حتى صار يُضرب بها المثل لمن فقد الحيلة وعزت به الوسيلة فيقال له: “حِجنة وريمة”، وهو ما يشير إلى أنه سيجد فيها ما يتمناه، باعتبارها أرضًا ثريةً وخصبةً وكريمةً يسهل على الإنسان أن يجد فيها الرزق والزاد الذي عز وجوده في سواها.
وكما حرمتنا العولمة من الحياة البسيطة، فقد ألقت بظلالها الكئيبة على الأرض والإنسان، وشغلته عن جنته التي عاش يأكل من خيرها، بمتطلبات الحياة المدنية التي لا تنتهي وبدأت تسرق الكثير من سكانها وتخمد شغفهم بالزراعة واستصلاح الأرض، رغم أنها كريمة معطاءة، تأبى أن تستسلم لعوامل الزمن والإهمال ولا تزال تنتج رغم ذلك الكثير من الفواكه والحبوب، وما يزال البعض من أهلها يأكلون مما يزرعون، ويتشبثون بها كما يتشبث الأطفال بأمهاتهم، أملًا في تحرّكٍ قادمٍ، ولَفتةٍ من الجهات المعنية التي يُتوقع منها أن تستغل هذه المساحة الغنية والمتنوعة، وأن تستثمر فيها وتمد يد العون لأهلها وتشجعهم على استصلاحها لما فيه الخير والفائدة لهم، ولما ستعود به من نفع على البلاد بشكل عام، من خلال توفير الخدمات والاستفادة من السياحة الداخلية والخارجية التي تعتمد عليها أغلب البلدان في دخلها القومي، بما فيها بلدانٌ عربية فقيرةٌ قياسًا باليمن عمومًا، وريمة خصوصًا، التي تتمتع بثراءٍ خصب ونادرٍ، لو أنه وَجَد الاستغلال الأمثل لَتَحَوَّل إلى وجهة سياحية يقصدها كل المشغوفين بالحياة الطبيعية والباحثين عن السكون والهاربين من صخب العالم من داخل وخارج اليمن.
تلك هي ريمة، الكنز المدفون، الذي يترقب هطول يدٍ حانيةٍ بمقدورها أن تكشف جواهرَه النادرة والفريدة، وربما قد يطول الانتظار، رغم أنه قد طال بما فيه الكفاية، غير أن اليأس هو المخلوق الوحيد المطرود من هذه الجنة التي يتفتق الأمل فيها، وينبت على جنبات طرقاتها الوعرة كما تنبت الأشجار.
غير أن استمرار الوضع كما هو الآن لا يبشر بخير على الإطلاق، فريمة مزرعة اليمن المهجورة التي حُرمت البلاد من جُل خيراتها؛ بسبب الإهمال وتحول جزء كبير منها مع مرور الزمن إلى أرضٍ طاردةٍ، ينزحُ منها بعض سكانها نحو عواصم الاغتراب والمدن، بحثًا عن الحياة السهلة، بعد أن نال منهم الكسل وحيّدهم الإهمال عن مواصلة السير في طريق الأجداد الذين شيدوا المدرجات وبنو السدود و”البرك” لري مزروعاتهم وحقولهم التي كانت من أهم الروافد المغذية لليمن ككل عبر التاريخ، في مرحلة لم تكن فيها الحياة متاحة بسهولة، كما هي الآن.
ولا شك أن هذا النزوح السكاني الذي بات يستهوي الكثير من أهالي ريمة وغيرهم، ويدفعهم إلى التخلي عن فلاحة الأرض وزراعتها، قد ترك وسيترك أثره على السوق المحلية إلى أن نجد أنفسنا في قادم الأيام نستورد ما نأكله من أصغر الأشياء إلى أكبرها، إذا ما بقي الحال على ما هو عليه اليوم، وهو ما ينذر بكارثة بدأت أعراضها بالظهور على السطح من خلال ارتفاع أسعار بعض المنتوجات الزراعية المحلية، نتيجة لانحسار مساحة زراعتها كالطماطم بعد أن كانت تباع بأقل الأثمان في الأمس القريب.
إضافة إلى الازدحام السكاني في عواصم المدن، التي تتوسع على حساب الأرياف العامرة بالحياة الطبيعية والخيرات، بعد أن هجرها سكانها وتوجهوا إلى عواصم المحافظات، التي تخلو فيها الحياة من المشقة التي يكابدها سكان الأرياف في ريمة وأخواتها من بساتين البلاد وحقولها الخصبة.
غير أن هذه الراحة التي توفرها المدن لن تدوم طويلًا؛ إذ سرعان ما سيغدو توفير الخدمات فيها بما يلبي حاجة الناس أشبه بالمستحيل على الدولة والمواطن، وهو ما سيجعل العيش في المدن باهظ التكلفة، لا يقدر عليه إلا من يمتلكون الوفرة التي تساعدهم على توفير احتياجاتهم الضرورية بعد أن جفت الأرض الخصبة، ونال الإهمال وعوامل الزمن من حالتها السابقة، وهو ما يجعل أمر استصلاحها وعودتها لسابق عهدها محتاجًا لعمر جديد وإرادة صلبة لم يعد يملكها سكان المدن الذين تمرغوا في الرفاهية وتنكروا للأرض التي أطعمتهم وعاش على خيراتها الآباء والأجداد من قبلهم.
ولكم أن تتخيلوا حجم الكارثة التي تنتظر الجميع، ما لم يتكاتف الكل للمحافظة على حياة الأرض والاعتماد عليها في توفير ما يحتاجه الإنسان، وما لم تكثف الجهود لإنعاشها حتى تعود إلى إنتاج ما بمقدورها أن تنتجه وتغرق به السوق المحلية والعربية، بما لا يجعلنا أمة فاقدة الحيلة والعزيمة، تعيش على ما يأتيها من خارجها.
وكلي ثقة أن هذه الهواجس ستتلاشى أمام إرادة أهالي ريمة واليمن الأوفياء لأرضهم، وبأنهم لن يستبدلوا جنتهم الحية بسواها، فمن نبتت سواعده ونما عوده من خير الأرض لن يكون لها يومًا الابن العاق، وهذا ما تقوله ريمة وما يسطره رجالها الذين قهروا المستحيل في زمن الحرب فشقوا الطريق وأوصلوها إلى الكثير من القرى، وهو ما لم تفعله الدولة وعجزت عنه طوال ما يقارب الستين عامًا من عمر الثورة وتعاقب الحكومات. ومن يشق الطريق في الصخر الصلد بمقدوره أن يصنع المعجزات، وأن يعيد للأرض الحياة، وهو ما سأشير إليه في الجزء الأخير من هذه الكتابة، بعد أن أخذتنا الهموم عن الاستمرار في محاولة نقل صورة تقريبية بالكلمات لعبقرية الأرض والإنسان في هذه الجنة المسكونة بالجمال والأحلام والواعدة بالثمر والموعودة بالثراء.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق مجتمعWhat’s crap junk strategy ! Will continue until Palestine is...
الله يصلح الاحوال store.divaexpertt.com...
الله يصلح الاحوال...
الهند عندها قوة نووية ماهي كبسة ولا برياني ولا سلته...
ما بقى على الخم غير ممعوط الذنب ... لاي مكانه وصلنا يا عرب و...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الکثیر من فی الیمن فی ریمة بعد أن غیر أن وهو ما
إقرأ أيضاً:
فتاوى وأحكام| حكم الاغتسال من الجنابة في الليل.. وهل الملائكة تلعن الجنب؟.. 3 أمور ترفع قدرك عند الله.. حكم اختراق شبكات الواي فاي؟.. مركز الأزهر يوضح
فتاوى وأحكام
حكم الاغتسال من الجنابة في الليل.. وهل الملائكة تلعن الجنب؟
3 أمور ترفع قدرك عند الله
حكم اختراق شبكات الواي فاي؟
نشر موقع صدى البلد خلال الساعات الماضية عددا من الفتاوى التى يتساءل عنها كثير من الناس نستعرض أبرزها فى التقرير التالى.
حكم الاغتسال من الجنابة في الليل.. وهل الملائكة تلعن الجنب؟
الغسل من الجنابة وغسل شعر المرأة من أكثر الأسئلة التي تشغل بال الكثيرين خاصة النساء، فيجعله الحائض إذا طهرت أن تغتسل بتطهير جميع البدن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش: «فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي» رواه البخاري،
والغسل من الجنابة له صفتان أولهما صفة للغسل الواجب الذي من أتى به أجزأه، وارتفع حدثه، وهو ما جمع شيئين: الأول: النية، وهي أن يغتسل بنية رفع الحدث، والثاني: تعميم الجسد بالماء.
وصفة الغسل الكامل هي الجمع بين الواجب والمستحب، ووصفه كالآتي: يغسل كفيه قبل إدخالهما في الإناء ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة كاملاً أو يؤخر غسل الرجلين إلى آخر الغسل، ثم يفرق شعر رأسه فيفيض ثلاث حثيات من ماء، حتى يروى كله، ثم يفيض الماء على شقه الأيمن، ثم يفيض الماء على شقه الأيسر، هذا هو الغسل الأكمل والأفضل، ودليله ما في الصحيحين من حديث ابن عباس عن خالته ميمونة ـ رضي الله عنهما ـ قالت: أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة، فغسل كفيه مرتين أو ثلاثاً، ثم أدخل يده في الإناء، ثم أفرغ به على فرجه وغسل بشماله، ثم ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكاً شديداً، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفه، ثم غسل سائر جسده، ثم تنحى عن مقامه ذلك فغسل رجليه، ثم أتيته بالمنديل فرده.
هل يجوز غسل الجنابة بسرعة وحكم تأخيره؟وقالت الإفتاء إن غسل الجنابة يجب على التراخي لا على الفور، وإنما استحب بعض الفقهاء عدم تأخيره؛ لما يخشى من أثر تأخيره على النفس بكثرة الوساوس ونحوها؛ قال العلامة ابن ميارة المالكي في "الدُّر الثمين والمورد المعين شرح المرشد المعين على الضروري من علوم الدين" (166، ط. دار الحديث، القاهرة): [وتأخير غسل الجنابة يثير الوسواس ويمكن الخوف من النفس ويقلل البركة من الحركات، ويقال: إن الأكل على الجنابة يورث الفقر] اهـ.
فلا يجب غسل الجنابة على الفور، إلا لإدراك وقت الصلاة؛ قال العلامة الشبراملسي الأقهري في "حاشيته على نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (1/ 209، 210، ط. دار الفكر): [قوله: (ولا يجب فورًا أصالة) خرج به ما لو ضاق وقت الصلاة عقب الجنابة أو انقطاع الحيض، فيجب فيه الفور؛ لا لذاته، بل لإيقاع الصلاة في وقتها] اهـ.
فلا يأثم الجنب بتأخيره الغسل في غير وقت الصلاة، وإنما يأثم بتأخيره للصلاة عن وقتها؛ قال العلامة ابن قدامة المقدسي في "المغني" (1/ 152، ط. مكتبة القاهرة): [وليس معنى وجوب الغسل في الصغير التأثيم بتركه، بل معناه أنه شرط لصحة الصلاة، والطواف، وإباحة قراءة القرآن، واللبث في المسجد، وإنما يأثم البالغ بتأخيره في موضع يتأخر الواجب بتركه، ولذلك لو أخره في غير وقت الصلاة، لم يأثم] اهـ.
3 أمور ترفع قدرك عند الله
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عبر صفحته على فيس بوك إن أكثر الناس خشوعا وإخلاصا لله هم الضعفاء.
وذكر مركز الأزهر أنه ورد عن رسولُ الله ﷺ أنه قال: «إِنَّمَا يَنْصُرُ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا، بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ». [سنن النسائي]
كيف تكون رفعة القدر عند اللهوأضاف مركز الأزهر أن نبيُّنا ﷺ يبينُ لنافي هذا الحديث أن رفعة القَدْر عند اللَّه تعالى ليست بالمظهر، ولا بالقوة، وإنما هي بالإخلاص والصدق والتقوى؛ قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}. [الحجرات: 13].
وأوضح أن النبي يدلُّنا أيضا على أنَّ من أشد الناس إخلاصًا، وأكثرِهم خشوعًا وعبادة وأصدقِهم في اللجوء إلى الله تعالى، هم الضعفاء؛ لخلوّ قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا؛ ولهذا يتجلى الله بكرمه ونصره على الأمة بدعائهم وعبادتهم وإخلاصهم.
أفضل الأعمال التى تقربك من اللهقال الدكتور عبدالله المصلح، الأمين العام للمجلس الإسلامي للدعوة والإغاثة، إن أحب الأعمال إلى الله تعالى هي ما دام عليه صاحبه وإن قل، والاستمرار عليه أحبُّ إلى الله مِن أن الإنسان يضغط على نفسه، ويحملها في وقت ما عملًا صالحًا، ثم ينقطع عنه.
وأضاف «المصلح»، خلال لقائه ببرنامج مشكلات فى الحياة المذاع عبر فضائية إقرأ، أن هناك أعمال فاضلة تجعل الإنسان قريب من ربه تعالى، فإذا ما مرت عليك هذه الخاطرة فى حياتك وأردت لها جوابًا فالجواب لها يكون من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فأول هذه الأمور التى يجب عليك أن تحرص عليها، الأمر الأول أن تكون من أهل الإيمان مؤمنًا بربك مصدقًا بنبيك عاملًا بما أمرت به لأن الله لا يقبل عمل رجل لا إيمان له حيث قال المولى عز وجل فى كتابه الكريم { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا }.
وتابع قائلًا: أما الأمر الثاني أن يكون عملك وفقًا لمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }، والأمر الثالث هو الإخلاص فإنك إن لم تكن مخلصًا فإن الله سيقول لغير المخلص إذهب فطلب أجرك ممن عملت من أجله أما إذا كنت عملت من أجله فخذ الأجر والثواب من عندى هذة هى الأمور التى يجب أن تنتبه لها.
أحب الأعمال لله تعالىقال الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، والصلاة فى وقتها، الجهاد في سبيل الله، الصدقات.
وأضاف شلبي فى الإجابة عن سؤال « ما أحب الأعمال لله تعالى ؟»، أن من أحب الأعمال لله تعالى هى الإيمان بالله تعالى، والصلاة على وقتها، و بر الوالدين، و الجهاد فى سبيل الله، و صلة الأرحام، و قراءة القرأن و الصدقات فكل هذه أعمال يحبها الله عز وجل ولكن الأهم أن يداوم الإنسان على فعلها فلا يبر الإنسان منا أمه إلا يوم عيد الأم فقط ويتركها طوال العام لا يطيعها، ولا أن يخرج صدقة فى رمضان ويظل باقى العام لا يخرج صدقات فأحب الأعمال لله عز وجل أدومها وإن قلت.
وأضاف "المداومةُ على الطاعات هي من أحبّ الأعمال إلى الله، لحديث: سُئِلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى اللهِ؟ قال: أدوَمُها وإن قلَّ، ومن فضلها أنّها من صفات المؤمنين الموفّقين، وقد وصّى الله تعالى بها عبادَه من الأنبياء، ومن ثمراتها أنّها سبيلٌ لزيادة الإيمان، ووقايةٌ من الغفلة التي قد تكون سببًا في الخسران والهلاك، وهي سبب لنجاة الإنسان وقت المصائب، وسبب لتحصيل محبّة الله تعالى ودخول الجنّة، ولمحو الذنوب، ولحسن الخاتمة.
حكم اختراق شبكات الواي فاي؟
حكم اختراق شبكات الواي فاي؟.. سؤال أجاب عنه مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية.
وأجاب مركز الأزهر عن السؤال قائلا: إنه لا شك أن من المقاصد الكبرىٰ للشريعة الإسلامية حفظَ المال؛ لهذا حرم الشرعُ كلِّ تعدٍ عليه بغير حق؛ فقال- تعالىٰ-: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَىٰ الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون} [البقرة:188]، وقال أيضًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء:29].
وأضاف مركز الأزهر أنه لا يحل استخدام هذه شبكات الواي فاي إلا بإذن صريح أو ضمني من صاحب الشبكة في استخدامها؛ لأن ما عليه جمهور الفقهاء هو اعتبار المنافع أموالًا لها قيمة، تجري عليها الأحكام العامة للمال من حرمة التعدي عليه دون رضا صاحبه، أو عن غير طيب نفسه.
وأوضح مركز الأزهر أنه إذا تمَّ استخدام شبكة الواي فاي دون إذن صاحبها بالفعل، فقد وجب على المُستخدم أن يتحلل من صاحبها بإعلامه بما فعل وطلب عفوه ومُسامحته، ولا يستهِنْ أحدٌ بحقٍّ من حقوق العباد قد أخذه؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: "من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء، فَلْيَتَحَلَّلْهُ منه اليوم، قبل أن لا يكون دينارٌ ولا درهمٌ، إن كان له عمل صالح أُخِذ منه بقدر مَظْلَمَتِهِ، وإن لم تكن له حسنات أُخِذ من سيِّئات صاحبه فحُمِل عليه" أخرجه البخاري.
ونوه بأنه إذا سامحه صاحب الواي فاي الذى تم اختراقه فبها ونعمت، وإن رفض أو لم يكن يعلم صاحب الشبكة فليتصدق -بقدر ما انتفع- علىٰ الفقراء لصاحبها.
حكم استخدام شبكات الواي فاي بدون علم أصحابها
حكم استخدام شبكات الواي فاي بدون علم أصحابها؟ سؤال حائر ورد إلى دار الإفتاء المصرية، يقول صاحبه: «هل يجوز لي أن أدخل على شبكات النت اللاسلكية الموجودة بجوار منزلي بدون إذن أصحابها؟».
قالت دار الإفتاء، إنه لا يجوز الدخول على شبكات النت اللاسلكية المشفرة بدون إذن أصحابها، ويجوز الدخول على شبكات النت اللاسلكية المفتوحة غير المشفَّرة، إذا كانت في الأماكن العامة؛ كالمطارات، ومراكز التَّسوُّق، والفنادق، والمؤتمرات، وكانت خدمة مكفولة لعموم الناس.
ونبه الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية السابق، على لا يجوز شرعًا الدخول علىشبكات النتاللا سلكية المشفرة بدون إذن أصحابها؛ فإن صاحبها بقيامه بهذا التشفير لا يبيح لغيره الدخول عليها إلا بإذنه، ويُعدُّ الدخول عليها بغير إذنه تعدِّيًا على ماله، وهو محرمٌ شرعًا.
وأضاف «المفتى» فى إجابته عن سؤال: «ماحكم استخدام شبكات الواي فاي بدون علم أصحابها؟»، أن الشبكات المفتوحة غير المشفرة؛ لا مانع شرعًا من الدخول عليها إذا كانت في أماكن عامة؛ لأنها معدة للاستخدام على هذا الوجه.
وتابع: إنه إذا كانتشبكات الواي فايخاصةً بصاحبها: فالأصل فيها منعُ استعمالها إلا بإذنٍ صريحٍ أو عرفي بإباحة الاستخدام؛ فقد انتشر استخدام هذه الشبكات في معظم الأماكن، ويكثر وجودها في المطاعم والمطارات وأماكن العمل الجماعية.
وواصل أنه تختلف هذه الشبكات في إمكانية الدخول عليها بواسطةٍ أو لا؛ فمنها ما يعتمد على نظام التشفير الذي بموجبه لا يتم الإذن بالدخول إلا لمعيَّنين، ومنها ما لا يعتمد على ذلك فيمكن لمن شاء أن يستخدم الشبكة دون حصول على إذن الدخول.
ونوه بأنه يختلف حكم المسألة بناءً على الاختلاف في إمكانية الدخول عليها بواسطةٍ أو لا، كما أن الاستفادة من الخدمة المقدَّمة من خلال الشبكات اللا سلكية تُعَدُّ مِن المنافع المتقوِّمة؛ أي: التي لها قيمة في عرف الناس.وألمح إلى أن الفقهاء قد اختلفوافي كون المنافع أموالًا؛ فالجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة على أن المنافع أموال.واستكمل "أما المالكية؛ فقد قال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار": [والمعروف من كلام العرب أن كل ما تُمُوِّلَ وتُمُلِّكَ فهو مال]، وقال العلامة المازري في "شرح التلقين" [ومنافع الأعيان مما يصح العقد عليها بعوض، كما للإنسان أن يؤاجر عبده، ويكري داره، فلولا أنها مما يُتَمَوَّل لم يصح عقدُ الإجارة فيها] .
وأفاد بأن رأى الشافعية يظهر فى قول العلامة الماوردي في "الحاوي الكبير": [المنافع كالأعيان في ضمانها]، و ما ذكره الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في "المهذب" من أن: [المنافع كالأعيان في الملك والعقد عليها]، وإمام الحرمين في "نهاية المطلب" : [المنافع غايتها أن تكون كالأعيان في المالية]، وقول الإمام الرافعي في "الشرح الكبير":[المنافع أموال كالأعيان].
وأبان أن رأى الحنابلة يتبين فى قول الإمام ابن قدامة في "المغني": [ولأن المنافع تجري مجرى الأعيان في صحة العقد عليها، وتحريم أخذ الزكاة، وثبوت الغنى بها، فكذلك في وفاء الدين منها]، وأشار العلامة البهوتي في "شرح منتهى الإرادات": [المنفعةُ مالٌ متقوِّمٌ] .وأشار إلى مذهب الأحناف فى المقصود بالأموال فقالوا: إن المنافع ليست أموالًا، وإنما تَتَقَوَّم بالعقد، أو في باب الإجارة للضرورة، وقال العلامة السرخسي في "المبسوط": [المنافعُ ليست بمالٍ متقوِّم، وإنما تَتَقوَّمُ بالعقد]، وأضاف أن: [والمعنى فيه أن المنفعة ليست بمالٍ متقوِّم].
وأكد أنه على هذا جرى الخلاف في كون المنافع أموالًا أم لا، واخترنا قول الجمهور في كونها أموالًا، فإن الخدمة المقدَّمة من خلال هذه الشبكات تكون من قبيل الأموال، وفى حال اختيار قول الحنفية في كون المنافع ليست أموالًا فإن الخدمة المقدَّمة من خلال الشبكات تكون من قبيل المِلك والحق.واختتم المفتى فتواه بأن المال والحق والملك مما لا يجوز الاعتداء عليه شرعًا، ولذلك حرَّم الله تعالى السرقة والغصب وأكل أموال الناس بالباطل، وأوجب عقوبات دينية ودنيوية لمن يعتدي على أموال الآخرين وحقوقهم.