هكذا تجنبت أيرلندا إغضاب واشنطن قبل إعلانها الاعتراف بفلسطين
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
أجرت أيرلندا اجتماعات عديدة مع الولايات المتحدة قبل إعلانها الاعتراف بدولة فلسطين من أجل تجنب إزعاج البيت الأبيض بالقرار الذي اتخذته مع النرويج وإسبانيا، حسب ما كشفه تقرير لمجلة "بوليتيكو".
وقال التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن أيرلندا حاولت تجنب إزعاج الولايات المتحدة قبل إعلانها عن الاعتراف بدولة فلسطين، وذلك أثناء المحادثات الخاصة التي عقدتها مع المسؤولين الأمريكيين.
وأضاف نقلا عن مسؤولين أمريكيين وأيرلنديين، أن الولايات المتحدة لم تكن سعيدة بإعلان كل من النرويج وإسبانيا وأيرلندا عن اعترافها بدولة فلسطين يوم الأربعاء، لكن القرار لم يفاجئها، حيث عقد المسؤولين الأوروبيين مناقشات مع إدارة بايدن لتجنب إزعاج البيت الأبيض، قبل أيام من الإعلان الإعلان عن القرار.
وأشار التقرير إلى أن هذا السبب وراء عدم اتخاذ الأمر منحى صداميا، ففي الأحاديث الخاصة، عبر مسؤولو الإدارة الأمريكية عن اختلافهم مع التحرك، ولكنهم ، حسب مسؤول أيرلندي بارز كانوا "يتفهمون سبب اتخاذ هذه الخطوة الآن، وقبلوها على أنها تطور حتمي".
وقال المسؤول في حديثه للمجلة: "لم تكن هناك محاولة اعتراض".
وأظهرت النقاشات هذه، المدى الذي حاول فيه حلفاء الولايات المتحدة حول العالم، موازنة مصالحهم السياسية في الداخل ورغبتهم بتجنب زيادة عدم استقرار الشرق الأوسط من جهة وإدارة علاقاتهم مع واشنطن، التي تعتبر من أشد المؤيدين لدولة الاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى، حسب تحليل مجلة "بوليتيكو".
وشدد التقرير على أن أهمية هذه النقاشات في ظل استمرار الحرب ومحاولة منع التوترات من الانفجار، والحفاظ على العلاقات الطويلة في وقت تواصل فيه إسرائيل حربها على قطاع غزة.
ونقلت المجلة عن مسؤول أمريكي مطلع على النقاشات، تأكيده أن واشنطن كانت واضحة في مباحثاتها مع أيرلندا وإسبانيا، نظرا لموقفهما الواضح: "الاعتراف بدولة فلسطين لن يكون مفيدا. ومع ذلك تأمل الولايات المتحدة ألا يؤدي التحرك الإسباني والنرويجي والأيرلندي لزيادة التوترات الدولية بشأن الحرب في غزة".
وقال المسؤول الأمريكي الذي طلب عدم الكشف عن هويته حتى يتحدث بصراحة: "نعتبر هذا واقعا لا يمكن تجنبه في السياسة الإسبانية والأيرلندية، ولدى النرويج أسبابها بسبب [اتفاقيات أوسلو]". و
وكان هدف محادثات "أوسلو" هو بناء عملية سلام تقود إلى حل الدولتين، والتي انهارت في النهاية. وكانت دبلن مصممة على المضي بهذه الخطوة بدون أن تضر بالعلاقات القوية مع الساسة في الولايات المتحدة، وبخاصة بيت بايدن الأبيض.
ونتيجة لذلك، حرص دبلوماسيو وزارة الخارجية الأيرلندية على إحاطة نظرائهم في وزارة الخارجية الأمريكية وبشكل مستمر بأي نقاش يعقدونه مع الحكومات الأوروبية التي تفكر بنفس الطريقة، وتحديدا بلجيكا والنرويج ومالطة وسلوفينيا وفوق كل هذا إسبانيا، حيث تعمل كل هذه الحكومات على خطط اعتراف بالدولة الفلسطينية، وفقا للمجلة.
وذكر التقرير أن هذا شمل مناقشات شخصية مع مسؤولي مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض عقدت في آذار/مارس بذكرى حلول يوم القديس باتريك، وكذا عدد من المكالمات الهاتفية بين وزير الخارجية الأيرلندي مايكل مارتن والذي قاد المبادرة الأيرلندية ووزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن. وتم إخبار واشنطن في مكالمة أخيرة بعد مصادقة الحكومة الأيرلندية على القرار ليلة الثلاثاء.
وقال المسؤول الأمريكي للمجلة: "لم تكن هناك طريقة للتعبير عن نوايانا قبل أسابيع وأشهر والتأكد من عدم حدوث مفاجآت أو شكوك لا ضرورة لها في واشنطن".
وأضاف أن "الحوارات مع واشنطن لعبت دورا في الرسائل الصادرة من أيرلندا. وفي بيانه أكد رئيس الوزراء الأيرلندي سايمون هاريس على تطلع أيرلندا لاستئناف الدبلوماسية بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله، وأن الاعتراف لا يعتبر بمثابة شريان حياة للمتشددين".
وكانت إدارة بايدن خائفة من تقوية الاعتراف حركة حماس و "لهذا حرصنا على التأكيد في رسائلنا أن أيرلندا ليست صديقة لحماس"، حسب المسؤول ذاته.
ورغم كل هذا، عبر المسؤولون الأمريكيون عن عدم ارتياحهم من السياسة. وقالت أدريان واتسون، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي إن إدارة بايدن "تؤمن بدولة فلسطينية تظهر من خلال المفاوضات المباشرة وليس الاعتراف من طرف واحد".
وحول عزلة الاحتلال المتزايدة قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، إن "هذا مثار قلق لنا لأننا لا نعتقد أنه سيسهم في أمن وحيوية إسرائيل على المدى البعيد".
ووفقا للتقرير، فإن المسؤولين الأمريكيين قللوا خلف الأضواء من أهمية الإعلان. وفي ظل الدراما التي تتعلق بالشرق الأوسط هذا الأسبوع، من قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية طلب مذكرات اعتقال ضد مسؤولين إسرائيل، فجهود الدول الثلاث قد لا تترك أثرا كبيرا، كما يزعم المسؤولون الأمريكيون.
ونقلت المجلة عن مسؤول أمريكي قوله:"حاولوا تشكيل مجموعة كافية لإحداث ضجة، وبالنسبة لنا لم يحدث سوى هدير". وربما تعاملت الولايات المتحدة مع اعتراف هذه الدول بفلسطين كوسيلة ضغط على "إسرائيل".
وقال سوليفان، إن المسؤولين الأمريكيين أخبروا إسرائيل أن "هزيمة استراتيجية لحماس" ومتابعة التكامل في الشرق الأوسط سيساعدها على انعاش هذه العلاقات. وفي الأسابيع الماضية انتقد المسؤولون الأمريكيون علنا العملية العسكرية الإسرائيلية.
وشدد التقرير على أن التحرك من الدول الثلاث سيعزز الاعتراف بفلسطين، في حال تبعت دول أوروبية المسار نفسه، ومن بين 183 دولة عضو في الأمم المتحدة تعترف 142 دولة بدولة فلسطين.
وقال مدير برنامج أمريكا بمجموعة الأزمات الدولية مايكل وحيد حنا، إن الاعتراف سيكون "تراكميا وتدريجيا مع مرور الوقت، وهذا يخبرنا أن الولايات المتحدة أصبحت وبشكل متزايد معزولة"، وفقا للتقرير.
وقالت فرنسا، الحليفة القوية للولايات المتحدة إنها قد تعترف بفلسطين لو توقف المفاوضات بشأن حل الدولتين نظرا للمعارضة الأمريكية. إلا أن وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورني قال إن باريس" لا تعتبر أن الظروف غير مواتية لهذا القرار كي يترك أثره على هذه العملية". وتعمل باريس على مسودة قرار في مجلس الأمن بشأن حل الدولتين ستقدمه في الصيف، حسب التقرير.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية فلسطين بايدن امريكا فلسطين بايدن ايرلندا صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة بدولة فلسطین
إقرأ أيضاً:
غليون لـعربي21: أوروبا تعترف بفلسطين خوفاً من وصمة الإبادة التي شاركت فيها
اعتبر المفكر العربي وأستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور برهان غليون أن إعلان عدد من الدول الأوروبية نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية في أيلول/ سبتمبر المقبل، لا يعكس صحوة ضمير أو تحولاً جوهرياً في السياسة الغربية، بل هو "رد فعل متأخر يهدف لتفادي تهمة التواطؤ في حرب إبادة جماعية يتكشف فظاعتها تدريجياً"، مشيراً إلى أن "أوروبا كانت وما تزال شريكة أصيلة في الجريمة، تسليحاً وصمتاً وتغطية سياسية".
وقال غليون في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، إن "ما غيّر موقف بعض العواصم الأوروبية ليس معاناة الفلسطينيين ولا احترام القانون الدولي، بل الخوف المتزايد من تحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن صمتٍ طويل رافق مذبحة جماعية شُنّت بدم بارد على الشعب الفلسطيني في غزة".
وأضاف: "لا يوجد إنسان لا يتأثر مبدئياً باعتراف أوروبي بالدولة الفلسطينية، لكنه اعتراف متأخر ومشروط وفارغ من مضمونه، لأن دوافعه لا تنبع من شعور بالعدالة، بل من حسابات سياسية باردة تهدف لغسل اليدين من دماء أطفال غزة".
وأوضح المفكر السوري أن "الاعتراف يأتي بعد 21 شهراً من حرب همجية على غزة أوقعت مئات آلاف الضحايا ودماراً شاملاً في البنية التحتية والحياة المدنية، ولم يتحرك خلالها الأوروبيون إلا دفاعاً عن إسرائيل وحقها في القتل بلا ضوابط"، مضيفاً: "كان أغلب القادة الأوروبيين ينتظرون أن تنهي إسرائيل المهمة، أي تدمير غزة، وإلحاق الضفة الغربية، وتحويل فلسطين إلى ذكرى قديمة… ثم تُغلق القضية بهدوء".
وأكد غليون أن "نجاح إسرائيل الكلي في تنظيم المقتلة، وتحويل الحرب إلى محرقة ممنهجة، هو ما أسقط كل مبررات التغطية الأخلاقية والدبلوماسية، ودفع بعض الدول إلى محاولة الحد من تداعيات التورط الغربي".
وقال: "الغرب يعرف أن إسرائيل لم تخسر عسكرياً، لكنها خسرت سياسياً وأخلاقياً، لا بسبب عجزها عن تنفيذ الإبادة، بل بسبب تنفيذها الكامل لها أمام عدسات الكاميرات وضمير العالم، الذي بدأ يصحو متأخراً".
ووصف غليون الاعتراف الأوروبي المرتقب بـ"المناورة الوقائية"، مشدداً على أن "الغرب لن يجد صعوبة في التنصل من مسؤوليته، ورمي الجريمة على إسرائيل وحدها، رغم أنه كان مشاركاً في التخطيط والتنفيذ والتمويل".
وختم بالقول: "الاعتراف بالدولة الفلسطينية بعد سبعة عقود من قرار الأمم المتحدة وبعد واحدة من أبشع الحروب في العصر الحديث، لا يُعدّ خطوة تقدمية، بل محاولة مكشوفة لإعادة ترميم صورة انهارت تحت ركام غزة".
وأول أمس الأربعاء، أعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول المقبل.
إعلان كارني جاء عقب إطلاق 15 دولة غربية بينها فرنسا، نداء جماعيا للاعتراف بدولة فلسطين ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، نشرته الخارجية الفرنسية الأربعاء على موقعها الإلكتروني، وبعد إعلانات مشابهة في الأيام الماضية صدرت عن فرنسا وبريطانيا ومالطا.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في 24 يوليو/ تموز الماضي، أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر المقبل.
والثلاثاء، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في مؤتمر صحفي، إن بلاده ستعترف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل، إذا لم تتخذ إسرائيل "خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المروع" بقطاع غزة.
والأربعاء، أعلنت مالطا أنها ستعلن اعترافها رسميا بدولة فلسطين، في سبتمبر المقبل.
وفي 28 مايو/ أيار 2024، أعلنت إسبانيا والنرويج وإيرلندا اعترافها بدولة فلسطين، تلتها سلوفانيا في 5 يونيو/ حزيران من العام نفسه، ليرتفع الإجمالي إلى 148 من أصل 193 دولة بالجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأمس الخميس وصف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو خطط بعض الحكومات الغربية للاعتراف بالدولة الفلسطينية بأنها "غير مجدية"، وزعم أنه "لا دولة فلسطينية دون موافقة إسرائيل".
وردا على سؤال خلال مقابلة مع إذاعة فوكس الأمريكية: "كيف تنظر الولايات المتحدة إلى خطوة قرارات دول غربية الاعتراف بفلسطين؟"، أجاب روبيو: "هذه خطوة محبطة للبعض، ولا تعني شيئًا".
وأكد دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، مضيفاً: "لا تملك أي من هذه الدول (التي تخطط للاعتراف بفلسطين) القدرة على إنشاء دولة فلسطينية. لن تكون هناك دولة فلسطينية حتى توافق إسرائيل".
وزعم أن الدول التي تعتزم الاعتراف بفلسطين لا تعرف أين ستكون الدولة الفلسطينية ومن سيحكمها، قائلاً: "هذا القرار سيأتي بنتائج عكسية"، بحسب تعبيره.
وزير الخارجية الأمريكي رأى أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية "مكافأة لحماس".
وأشار إلى أن هذه "الخطوات اتخذت بسبب ضغوط سياسية داخلية في البلدان المذكورة، وأن هذا لا يتوافق مع الواقع على الأرض"، بحسب زعمه.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 207 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.