كانت علاقة نجيب محفوظ ( 1911- 2006 ) بالأماكن علاقة روحية خالصة، فلم يكن المكان عنده عالما مغلقا على ذاته، بل كان حياة كاملة لا ترتبط بزمان أو مكان محدد، وكان يأتي بالمكان ويضفي عليه من خيالاته فيستحيل عالما يتنفس قلقا ورقة وطيبا، ويضخ فيه من الكلمات والصور الشعرية ما جعل من الحارة الضيقة والأزقة المتعرجة عالما واسعا، ودنيا أخرى تعج حبا وأملا.

والمتأمل لكل إنتاج نجيب محفوظ الذي لا يتعدى 50 رواية وقصة قصيرة، يجد معظمه يدور في دائرة جغرافية لا يزيد قطرها عن 2 كيلو متر في منطقة الحسين والجمالية في قلب القاهرة الفاطمية، والعجيب أنه صنع من هذا العالم الضيق دنيا بأسرها، وانطلق من المحلية الضيقة إلى رحاب العالمية.

ومن وحي الجمالية أخذ نجيب محفوظ فكرة "الحارة" التي أصبحت عنده رمزا للمجتمع والعالم، بل رمزا للحياة والبشر، وأطلق عليها أسماء كثيرة من رواياته مثل "خان الخليلي" 1946، "زقاق المدق" 1947، "بين القصرين" 1956، "قصر الشوق" 1957، "السكرية" 1957، فكل هذه الروايات هي أسماء حارات صغيرة وضيقة وملاصقة لمقام سيدنا الحسين رضي الله عنه.

ومن الحارة والتكية استلهم شخصية "الفتوة" التي تظهر كثيرا في رواياته، والفتوة عنده رمز للسلطة في كل وجوهها وتقلباتها المختلفة بين العدل والظلم، والسماحة وضيق الأفق، والعنف والاعتدال والشهامة.

الجامع الأزهر والشارع المؤدي لمتحف نجيب محفوظ (الجزيرة) التكية

فكانت الحارة هي عشقه وملتقى أحبابه، كما كانت التكية هي ملاذه ومكان عزلته وأمانه، والتكايا أوقاف كان يشيدها الأغنياء ويخصصون لها ريع وقف تقربا إلى الله تعالى ويتردد عليها الفقراء وعابرو السبيل للمبيت والمأكل والمشرب.

ووصف محفوظ التكية في أغلب رواياته، وتطرق إلى الحياة داخلها حتى جعل من أحجارها حياة تتنفس، ومن هذه الروايات "ملحمة الحرافيش": حيث يقول "وكلما ضاق صدره مضى إلى ساحة التكية، يؤاخي الظلام، ويذوب في الأناشيد، وتساءل مرة في حيرة: ترى أيدعون لنا أم يصبون علينا اللعنات؟ ويقول: "رغم تعاسة حارتنا فهي لا تخلو من أشياء تستطيع إذا شاءت أن تبعث السعادة في القلوب المتعبة".

نجيب محفوظ بجوار التكية والجامع الأزهر وخلفه مسجد الحسين (أرشيفية، الجزيرة)

وفصل بين أهل التكية وعالم الحارة بسور باطنه الحكمة والغناء والأشعار، وظاهره صور من جبروت واستبداد البشر، حتى تأتي الذروة الدرامية، حين تخلو الساحة للمصير المحتوم، ويواجه أبطال الملحمة محنتهم فرادى، تنساب أناشيد التكية بحثا عن العدل الغائب بين الأحياء.

وفي عام 2006 رحل نجيب محفوظ عن عالمنا، وفي نفس العام، صدر قرار وزير الثقافة بتخصيص تكية محمد أبو الدهب بمنطقة الأزهر لتكون مركزا ومتحفا للأديب الكبير نجيب محفوظ، ولكن تأخر إنشاؤه 10 سنوات حتى بدأ تأهيل التكية لتصبح متحفا للأديب العالمي نجيب محفوظ، وتم افتتاح المرحلة الأولى في 2019، ومن المنتظر أن يتم افتتاح آخر مراحله قريبا.

الجامع الأزهر وجامع أبو الدهب المطلان على شارع الأزهر (الجزيرة)

وهل كان يدري محمد أبو الدهب هذا الحاكم الذي خان قائده علي بك الكبير وانقلب عليه وقتله طمعا في الحكم، عندما أقام هذه التكية سنة 1188هـ/1774م، أنه بعد أكثر من 300 عام، أن اسمه سيرتبط يوما بنجيب محفوظ أديب مصر والعرب والباحث عن الحق والعدل الذي خانه أبو الدهب طمعا في حكم لم يعمر فيه سوى عامين بعد انقلابه على قائده، وليعود اسم أبو الدهب من جديد ليتذكر الجميع خيانته بعد أن نسيه التاريخ ومحته الجغرافيا من الوجود؟.

مقتنيات وجوائز

يقول د. مجدي عثمان مدير متحف نجيب محفوظ، بدأ العمل في المتحف عام 2016، وافتتح في 2019 بمرحلته الأولى، والمتحف يحوي "10 قاعات"، تحكي كل واحدة منها جانبا من حياة أديب نوبل الذي رحل عن 94 عاما 2006، وقدّم خلال مسيرته الروائية أعمالا متفرّدة جعلته يتربع على عرش الرواية المصرية والعربية ويصعد بها إلى مكانة عالمية، ومن أهم مقتنياته: مكتبة تضم مجموعة كبيرة من الكتب والتراجم كانت بمكتبة الأديب الراحل نجيب محفوظ الشخصية في منزله.

جانب من مكتبة نجيب محفوظ ضمن مقتنيات متحف نجيب محفوظ (الجزيرة)

بالإضافة إلى مقتنيات الأديب الراحل الشخصية، ملابسة الشخصية – الشهادات والجوائز – القلادات – الإهداءات –قلادة النيل – جائزة نوبل – ميداليات ونياشين – صور تذكارية للأديب الراحل مع الزعماء والشخصيات العامة – هدايا تذكارية مختلفة من شخصيات عامة.

ملابس شخصية لنجيب محفوظ (الجزيرة)

أما قاعة "أصداء السيرة" فتضم مقتنيات محفوظ الشخصية ولوحات تجسد أديب نوبل وسط الناس وعائلته ومقتطفات من تاريخ حياته، في حين نرى محفوظ في قاعة "تجليات" بمكتبه الخاص وكرسيه وتماثيله الخشبية الصغيرة، وتحيط به الكثير من الكتب.

نجيب محفوظ ونص الكلمة التي ألقاها أثناء احتفال نوبل، وجانب من أدباء فازوا بجائزة نوبل (الجزيرة) 16 عاما بلا تقدير ولا جائزة

هناك أيضا قاعة النياشين التي تعرض أهم الأوسمة والنياشين والشهادات التي حصدها محفوظ خلال مسيرته، فضلا عن الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأميركية بالقاهرة، وجوائز من هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، وشهادات وتكريمات من مهرجانات السينما بحسب مجدي عثمان.

صور تسلم الدكتوراه الفخرية لنجيب محفوظ وصورة الروب الذي كان يرتديه (الجزيرة)

ونشير هنا إلى أنه بالرغم من أن فوز نجيب محفوظ بالجوائز بدأ مبكرا وعمره 32 عاما عندما فاز بجائزة قوت القلوب الدمرداشية عن رواية "رادوبيس" عام 1943، تلتها جائزة وزارة المعارف عن "كفاح طيبة" 1944، ثم جائزة مجمع اللغة العربية عن "خان الخليلي"، 1946، جائزة الدولة في الأدب عن رواية "بين القصرين" 1957، وفي الستينيات فاز بجائزتين، الأولى: وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى 1962، والثانية: جائزة الدولة التقديرية في الآداب، 1968، وفي السبعينيات تم تكريمه مرة واحدة بوسام الجمهورية من الطبقة الأولى 1972.

جائزة أهديت لنجيب محفوظ (الجزيرة)

ونلاحظ أنه تم إهمال نجيب محفوظ، حيث جف نهر الجوائز، وهو في قمة عطائه وعمره تعدى 70 عاما، لمدة 16 عاما لم يكرم مرة واحدة، حتى فاجأتنا الأقدار بفوزه بجائزة نوبل للآداب، 1988، وبعدها انهالت عليه التكريمات، من قلادة النيل العظمى 1988 وهو أرفع وسام مصري، ثم الوسام الرئاسي وشهادة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأميركية، 1989، ثم جائزة مبارك في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة، 1999، والعضوية الفخرية للأكاديمية الأميركية للفنون والآداب، 2002، وجائزة كفافيس عام 2004.

قلادة النيل التي منحتها مصر لمحفوظ بعد فوزه بجائزة نوبل وهي أرفع وسام مصري (الجزيرة) الحارة الخالدة

ويضم المتحف قاعة "الحارة" التي توضح كيف كانت نشأة محفوظ بحي الجمالية وكيف جعلته ينغمس في عالم الحارة ويستلهم منها مؤلفاته، كما يعرض فيها فيلم عن حارة نجيب محفوظ وتأثيرها عليه.

والمكان الذي وقع عليه الاختيار ليكون متحفا لنجيب محفوظ، ربما يكون ترجمة حقيقية لما أراده الكاتب الكبير، فقد عشق هذا المكان وارتبط به نفسيا منذ ولادته وحتى آخر نفس في عمره، ونستمع له وهو يصف هذه العلاقة الحميمية في حواراته مع الكاتب الراحل جمال الغيطاني في "نجيب محفوظ يتذكر"، الصادر بالقاهرة عام 1980 يقول الغيطاني:

كانت الحارة هي محور كتابات محفوظ. عالم مغلق على ذاته، مفعم بالحياة، لا يرتبط بزمان أو مكان محدد، لكن يدفعنا إلى أن نفكر في الحياة ذاتها، إن لم تكن الحارة نفسها بالنسبة لمحفوظ تمثل العالم بكل ما فيه من تجارب إنسانية.

من ثم كانت الحارة مصدر إلهام أساسي في معظم روايات محفوظ حيث تجسد الحارة ملامح الشخصية المصرية التي كونت عالما تتشابك فيه القصص والحكايات الغنية بتفاصيل الحارة المصرية، وتجسد معاناة وأفراح قاطنيها. لم تكن تلك الحارات مجرد أزقة يعبرها الناس بل هي حياة تنبض بأشخاص وعلاقات عبر من خلالها محفوظ ليروي أزمنة الاحتلال البريطانى وبداية ثورة 1919 في "زقاق المدق"، وانعكاسها على المجتمع المصرى الذي يمثله أسرة "أحمد عبد الجواد" في ثلاثية "بين القصرين وقصر الشوق والسكرية".

بيت القاضي

ويقول على لسان نجيب محفوظ: "عندما أرحل بذاكرتي إلى أقصى بدايات العمر، إلى الطفولة الأولى، أتذكر بيتنا في الجمالية، والبيت يرتبط في ذكرياتي دائما باللعب، خاصة السطح فيه مجال كبير للعب.. كنا أيضا نلعب في الشارع، مع أطفال وبنات الجيران، كان البيت يقع في مواجهة قسم الجمالية القديم، يطل على ميدان بيت القاضي، وأذكر أنه كان البيت رقم 8 وكنا نتبع مشيخة درب قرمز.

قسم الجمالية القديم وهو خال بعد نقل القسم إلى منطقة الدراسة، وكان مواجها لبيت نجيب محفوظ في حارة قرمز (الجزيرة)

والبيت الذي نشأ فيه نجيب محفوظ، أزيل ومكانه الآن بيت حديث من 3 طوابق، تحته مقهى، أما حارة درب قرمز فما زالت كما هي، وقبو الحارة مازال موجودا ويمتد تحته أحد المساجد الأثرية.

بيت نجيب محفوظ في حارة قرمز في بيت القاضي (الجزيرة)

ويقول نجيب محفوظ عن الحارة التي نشأ فيها: كانت الحارة في ذلك الوقت عالما غريبا، حيث تتمثل فيها جميع طبقات الشعب المصري، تجد مثلا ربعا يسكنه ناس بسطاء، ثم تجد بيوت أعيان كبار، مثل بيت السكري، بيت المهيلمي، بيت السيسي، وبيوت قديمة أصحابها تجار، أو من أولئك الذين يعيشون على الوقف، كنت تجد أغنى فئات المجتمع، ثم الطبقة المتوسطة، ثم الفقراء…

كان الجميع يختلطون في شهر رمضان، كانت بيوت الأثرياء تفتح "المنادر" للفقراء -وهي حجرات مخصصة للضيوف والاستقبال- كان يمكن لأي شخص من أهل الحارة أن يدخل ويأكل حتى الغرباء..

هنا ولد ونشأ نجيب محفوظ في البيت رقم 8 بحارة قرمز المطلة على ميدان بيت القاضي (الجزيرة) الفتوات

ويضيف صاحب "أولاد حارتنا" في حواره مع الغيطاني "كان فيه معالم في الحارة علقت بذهني، لعل أبرزها "الفتوة"، كان وجود الفتوات معترفا به من الحكومة نفسها، كنا نستيقظ على الزفة في بيت القاضي، عندما تدب فيها المشاجرات، وفي ثورة 1919 لعبوا دورا كبيرا، رأيت بعيني الفتوات وهم يكتسحون قسم الجمالية ويحتلونه، من حجرة السطح التي كان لها نافذة تطل على الميدان، رأيت منها في طفولتي كل المظاهرات التي مرت ببيت القاضي.

كنا نذهب أولا إلى الكتاب، ثم نلتحق بالمرحلة الابتدائية، وكان الكتاب مختلطا للجنسين، يقع في حارة الكبابجي، بالقرب من "درب قرمز" والمدرسة مواجهة لمسجد الحسين، من هذه المدرسة رأيت المظاهرات، كانت المنطقة دامية، وأكبر شيء هز الأمن الطفولي في نفسي هو ثورة 1919، رأينا الإنجليز وسمعنا ضرب الرصاص، ورأيت الجثث والجرحى في ميدان بيت القاضي، وشاهدت كيف كان الهجوم على القسم؟.

ويضيف محفوظ في ذكرياته: فارقت الجمالية إلى العباسية وعمري 12 عاما، ولم أنس الجمالية، حنيني إليها ظل قويا، دائما كان حنيني يشدني إلى العودة إلى الجمالية، وذلك بسبب صديق من شلة العباسية توقف عن الدراسة وعمل مع والده في دكان مانيفاتورة (محلات القماش القديمة) بمنطقة الحسين، وعرفت "زقاق المدق" بفضل صاحبنا هذا، والحقيقة كان بيني وبين المنطقة وبين الناس والآثار هناك، علاقة غريبة، تثير عواطف حميمة، ومشاعر غامضة، لم يكن ممكنا الراحة منها فيما بعد إلا بالكتابة عنها.

ملف الخدمة الحكومي الوظيفي الخاص بنجيب محفوظ (الجزيرة) الحسين ملاذا وأمنا

كانت كل سهراتنا في منطقة الحسين، كنت أتردد على المنطقة بافتتان لا حد له، وتبلغ سهراتنا أجمل لياليها في رمضان، كنا نمضي إلى الحسين لنسمع الشيخ علي محمود، ونقضي الليل كله حتى الصباح، كان ذلك أثناء دراستي، ثم أثناء وظيفتي، ولم أنقطع عن منطقة الحسين حتى أوائل السبعينيات، عندما تقدم بي العمر، وزادت أزمة المواصلات.

أضف إلى ذلك، أن المكان نفسه تغير، الفيشاوي القديمة تهدمت، كان السهر في الفيشاوي حتى الصباح من أمتع ساعات حياتي، وكانت الليالي تجمعني بشخصيات عديدة. إن عدم ترددي على الجمالية يحزنني جدا.

متحف نجيب محفوظ كان تكية ملحقة بمسجد أبو الدهب (الجزيرة)

ويقول صاحب "الحرافيش" لجمال الغيطاني: تعرف أنه أحيانا تمر بالمؤلفين لحظات يشكون فيها ببعض جفاف في النفس، وكثيرا ما كنت أشعر بهذا الجفاء والجفاف، لكن عندما أمر في الجمالية تنثال عليّ الخيالات.

ولما تركت العمل في مكتب وزير الأوقاف، عدت إلى الجمالية باختياري، موظفا في مكتبة الغوري في الأزهر، وهناك قضيت شهورا من أمتع فترات حياتي، في هذه الفترة قرأت "مارسيل بروست البحث عن الزمن الضائع" وكنت أتردد بانتظام على مقهى الفيشاوي في النهار، حيث المقهى العريق شبه خال، أدخن النرجيلة، أفكر وأتأمل، وأتمشي في الغورية.

لقد انعكست المنطقة في أعمالي، حتى عندما انتقلت بعد ذلك إلى معالجة موضوعات ذات طبيعة فكرية أو رمزية، عدت أيضا إلى عالم الحارة، فما يحركني حقيقة هو عالم الحارة.

نسخة من جريدة الأهرام منشور عليها حلقات رواية أولاد حارتنا في ديسمبر/كانون الأول 1959 (الجزيرة) أحمد عبد الجواد الجبار

وتسألني من أين استوحيت شخصية أحمد عبدالجواد بطل الثلاثية؟.

ويجيب محفوظ: أذكر هنا أسرة كانت تسكن في مواجهتنا في بيت القاضي، كان البيت مغلقا باستمرار، نوافذه لا تفتح أبدا، ولا يخرج منه إلا صاحبه، رجل شامي اسمه "الشيخ رضوان"، مهيب الطلعة، وكانت أمي تصحبني لزيارة هذه الأسرة، وكنت أرى زوجة هذا الرجل، كنا نزورها ولا تزورنا، لأنه غير مسموح لها، وكانت ترجو والدتي أن تتردد عليها…

ميدان بيت القاضي وفي نهاية الشارع شمال بيت نجيب محفوظ (الجزيرة)

ولكنه يذكر اسما آخر لهذا الرجل الذي استمد منه شخصية أحمد عبدالجواد في حواراته مع الأستاذ رجاء النقاش ويقول: "كانت شخصية سي السيد" تنطبق أكثر على جار لنا شامي الأصل اسمه "عم بشير" استقر هو وزوجته الشامية أيضا في مصر، وكان بيتنا مواجها لبيتهم في بيت القاضي، هذا الرجل رغم طيبته كان جبارا، وكان يعامل زوجته بقسوة، لدرجة أنها كانت تأتي إلى والدتي باستمرار تبثها الشكوى من سوء معاملة الزوج، وفي ليالي القمر كانت تجلس مع أمي فوق السطح وتطلب مني الغناء فألاحظ الدموع على خديها، أما والدي فربما أخذت منه في شخصية السيد أحمد عبدالجواد حبه للفن فقط.

تكية محمد أبو الدهب التي أصبحت متحفا لتخليد نجيب محفوظ (الجزيرة) المكان يسكن وجداني

ويقول في كتاب "نجيب محفوظ صفحات من مذكراته" للراحل رجاء النقاش عن منطقة الجمالية والحسين التي نشأ فيها: "هذا المكان يسكن في وجداني، عندما أسير فيه أشعر بنشوة غريبة جدا، أشبه بنشوة العشاق، كنت أشعر دائما بالحنين إليه لدرجة الألم".

ويضيف: والحقيقة أن ألم الحنين لم يهدأ إلا بالكتابة عن هذا الحي، حتى عندما اضطرتنا الظروف لتركه والانتقال إلى العباسية كانت متعتي الروحية الكبرى هي أن أذهب لزيارة الحسين، وفي فترة الإجازة الصيفية أيام المدرسة والتلمذة، وكنت دائما أقضي السهرة مع أصحابي في الحسين في مقهى الفيشاوي "نشرب الشاي والشيشة ونقضي وقتا في السهر والحديث.

ولكلٍ بداية نهاية، كما قال نجيب محفوظ، تنتهي مشاهد المتحف بصورة جنازة شعبية أوصى بها محفوظ تخرج من مسجد الحسين، رافضا أي مراسم رسمية، ولذلك أقيم للأديب الكبير جنازتان‏،‏ الأولي شعبية حسب رغبته‏،‏ في العاشرة من صباح يوم وفاته من مسجد الإمام الحسين‏،‏ حيث أقيمت الصلاة عليه في مسجد الحسين، قلب حي الجمالية الذي شهد نشأته وألهمه كتاباته الأدبية، أما الجنازة الثانية فكانت عسكرية‏، شارك فيها كبار المسؤولين بالدولة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات منطقة الحسین لنجیب محفوظ مسجد الحسین کانت الحارة نجیب محفوظ أبو الدهب محفوظ فی

إقرأ أيضاً:

بعد عودته.. مراسل الجزيرة محمد البقالي يحكي ما جرى مع “حنظلة”

#سواليف

عاد مراسل قناة الجزيرة في باريس #محمد_البقالي إلى مطار شارل ديغول، بعد أن أبعدته سلطات #الاحتلال الإسرائيلي إثر اعتقاله ضمن #طاقم_السفينة_حنظلة التي أبحرت في محاولة لكسر #الحصار عن قطاع #غزة.

الرحلة التي بدأت من ميناء غاليبولي الإيطالي كان من المفترض أن تنتهي على شواطئ غزة، لكنها اعتُرضت في المياه الدولية، وسيطرت عليها البحرية الإسرائيلية بالقوة، قبل أن تبدأ رحلة قاسية من التحقيق والاحتجاز.

ويصف البقالي لحظة الاقتحام بأنها كانت متوقعة، إذ استعد الطاقم بارتداء سترات النجاة، وأعلنوا فورا الإضراب عن الطعام، احتجاجا على “حملة العلاقات العامة” التي عادة ما ينفذها الجيش الإسرائيلي بتصوير توزيع الماء والطعام على المعتقلين لإضفاء طابع إنساني زائف.

مقالات ذات صلة مرصد عالمي: المجاعة تتكشف في قطاع غزة 2025/07/29

ويؤكد البقالي -في حديثه للجزيرة نت- أن الرحلة لم تكن محاولة لاختراق الحدود، بل كانت نداء أخلاقيّا لكسر جدار الصمت، مشيرا في هذا السياق إلى أن ما حمله المشاركون لم يكن سلاحا بل “رواية تُدين الحصار وتفضح صمت العالم عن الإبادة في غزة”.

ووفق الصحفي المغربي، رافق “حنظلة” ما بين 8 إلى 10 زوارق حربية طوال الرحلة التي استمرت قرابة 12 ساعة إلى ميناء أسدود، حيث كان في استقبالهم جهاز الشرطة وممثلو الأمن الإسرائيلي، الذين تعاملوا بفظاظة ظاهرة ومهينة منذ اللحظة الأولى.

وعند الوصول، ردد النشطاء شعار “الحرية لفلسطين” بصوت واحد، وهو ما أثار حنق الجنود الإسرائيليين، وتحول الغضب الرسمي إلى غضب شخصي ضد النشطاء، تجلى في التهديدات المباشرة والحرب النفسية في أثناء الاستجواب والاحتجاز.

فظاظة وعدائية

ويشير مراسل الجزيرة إلى أن التعامل مع النشطاء، خاصة المشاركين من جنسيات غير عربية، كان عدائيا، وخص بالذكر أميركيا من أصل أفريقي تعرض لمعاملة قاسية، مؤكدا أن جميع المعتقلين واجهوا ظروفا متردية داخل الزنازين.
إعلان

وكان المعتقلون محرومين من أي اتصال بالعالم الخارجي، حسب البقالي، ولم يكن يُسمح لهم بدخول الحمام إلا تحت المراقبة، وكان عليهم إبقاء الأبواب مفتوحة أمام الكاميرات، حتى في الزنزانة ضيقة المساحة.

ويكشف عن أن لائحة الاتهامات التي وُجهت للمحتجزين كانت عبثية، إذ اتُهموا زورا بحيازة مخدرات والارتباط بتنظيمات إرهابية، رغم أن المهمة كانت إنسانية واضحة، وفق ما شدد عليه النشطاء أمام سلطات الاحتلال.

ورغم الإفراج عن بعض النشطاء -ومنهم البقالي، والنائبة الفرنسية غابرييل كاتالا، ومصور الجزيرة، ومواطنان من أميركا وإيطاليا– فإن مصير 14 ناشطا آخرين لا يزال مجهولا، في ظل انقطاع المعلومات وتضارب الروايات.

وفي هذا السياق، ناشد البقالي مجددا ضرورة إطلاق سراح زملائه الذين ما زالوا قيد الاحتجاز في سجن “جفعون”، مؤكدا أن بعضهم يواصل الإضراب عن الطعام، احتجاجا على إجراءات الترحيل القسري وممارسات الاحتلال.

ورأى أن التعامل الإسرائيلي منذ لحظة الاعتراض وحتى الترحيل يعكس رغبة واضحة في إسكات الشهود ومنع الرواية من الوصول إلى الرأي العام، مشددا على أن القصة أقوى من الحصار، وأنها ستصل للعالم رغم محاولات الطمس.

الرحلة لم تنته

وعن لحظة المغادرة، قال البقالي إن ما حدث “ليس نهاية الرحلة، بل بداية لسرد جديد”، مؤكدا أن سفينة “حنظلة” وإن لم تصل إلى غزة، إلا أنها قرّبت العالم خطوة من معاناة سكانها، وكشفت للعالم حقيقة ما يجري في ظل التعتيم.

في هذه الأثناء، لا تزال تداعيات احتجاز سفينة “حنظلة” تتفاعل، في وقتٍ يستعد فيه تحالف “صمود” لإطلاق إحدى أكبر القوافل البحرية المدنية، بمشاركة زوارق من 39 دولة، في محاولة رمزية جديدة لفك الحصار عن القطاع.

وتحمل هذه المبادرة طابعا إنسانيّا ومدنيّا، وتهدف إلى فضح صمت الحكومات إزاء جرائم الحرب المستمرة في غزة، والتأكيد أن التضامن الشعبي العالمي ما زال قادرا على تجاوز الجدران البحرية والسياسية في آن.

يُذكر أن مركز “عدالة” الحقوقي أكد -في بيان له- أن جميع النشطاء الموقوفين رفضوا إجراءات الترحيل السريع، وأصروا على تقديم مرافعات قانونية تثبت مشروعية تحركهم الإنساني، كما واصلوا إضرابهم عن الطعام داخل المعتقل.

وشدد البقالي على أن المعركة اليوم لم تعد فقط من أجل كسر الحصار البحري، بل من أجل كسر جدار التواطؤ الدولي، وإعادة الاعتبار لصوت الشاهد والإنسان، في وجه منظومة احتلال لا تقبل أن تُفضَح جرائمها.

مقالات مشابهة

  • ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر: الإيمان والتوكل أساس عز المسلمين ونصرهم
  • حسين فهمي ناعيا لطفي لبيب: رحل صاحب السيرة العطرة
  • الجزيرة يتفق مع سبورتينغ براغا لضم سيمون بانزا
  • تفاهم بين «الصحفيين الإماراتية» و«المناعة الذاتية»
  • عاجل | مراسلة الجزيرة: إغلاق 3 محطات مترو وإجلاء مواطنين في بروكسل بعد إنذار الشرطة بوجود قنبلة
  • بعد عودته.. مراسل الجزيرة محمد البقالي يحكي ما جرى مع “حنظلة”
  • الجزيرة بطل كأس الإمارات لكرة القدم الإلكترونية
  • سيسكا يضع شرطاً لانتقال روشا إلى الجزيرة الاماراتي
  • الطفل عاد بطلاً.. ياسر الشهراني يعود إلى القادسية بعد 13 عاماً من المجد الهلالي!
  • بعد عودته.. مراسل الجزيرة محمد البقالي يحكي ما جرى مع حنظلة