أعلنت الصين، اليوم الجمعة، أن المناورات العسكرية التي تجريها حاليا حول تايوان تهدف إلى اختبار قدرة جيشها على "الاستيلاء على السلطة" في الجزيرة المتمتّعة بحكم ذاتي، فيما نددت تايوان وواشنطن بهذا التصعيد.

ونقلت وسائل إعلام رسمية عن متحدث باسم جيش التحرير الشعبي الصيني قوله إنّ المناورات التي بدأت الخميس وتنتهي الجمعة تهدف إلى اختبار "القدرة على الاستيلاء على السلطة وتوجيه ضربات والسيطرة على مناطق رئيسية".

ودعت الصين، أمس الخميس، الولايات المتحدة إلى التوقف عما وصفته "بالتواطؤ مع القوى الانفصالية لاستقلال تايوان أو دعمها".

جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده متحدث وزارة الخارجية وانغ ون بين بالعاصمة بكين، بالتزامن مع إطلاق الصين مناورات عسكرية واسعة النطاق حول جزيرة تايوان، التي تؤكد أنها تابعة لها.

وقال متحدث الخارجية الصينية "كل من يسعى إلى استقلال تايوان سيجد نفسه محطما في إطار التوجه التاريخي لإعادة توحيد الصين بالكامل".

وفي وقت سابق الخميس، أعلنت الصين بدء مناورات عسكرية شاملة في محيط تايوان باسم "السيف المشترك 2024 إيه"، تشارك فيها وحدات من القوات البرية والجوية والبحرية والصاروخية.

وجاءت هذه المناورات التي فرضت حصارا حول تايوان، في أعقاب مراسم أداء اليمين للزعيم المنتخب حديثا لرئاسة الجزيرة، لاي تشينغ تي، في 20 مايو/أيار الجاري.

وتعتبر الصين الزعيم التايواني الجديد "مؤيدا للاستقلال" و"انفصاليا"، وكان المسؤولون الصينيون قد أشاروا إليه عدة مرات قبل الانتخابات بعبارات مثل "غير قابل للإصلاح" و"مثير للمشاكل".

الصين لا تعترف باستقلال تايوان وتعتبرها جزءا من أراضيها وترفض أي محاولات لانفصالها عنها (الجزيرة) تايبيه وواشنطن تحذران

وفي معرض تعليقها على المناورات العسكرية الصينية بمحيط تايوان، دعت تايبيه بكين إلى "ضبط النفس والتوقف عن تقويض السلام والاستقرار عبر المضيق وخارجه"، وفق بيان رسمي.

وقالت وزارة الخارجية التايوانية، في البيان، إن التدريبات العسكرية الصينية "تؤدي إلى تصعيد التوتر في المنطقة".

وأضافت الخارجية التايوانية "سنواصل حماية الوضع الراهن عبر المضيق، وندعم ديمقراطيتنا بقوة".

من جانبها، حضّت الولايات المتحدة الصين على ضبط النفس، وفق ما جاء على لسان مسؤول أميركي رفيع الخميس وصف تحرّكات بكين بـ"المتهورة".

ولفتت واشنطن إلى أنها "أخذت علما بقلق" و"تراقب عن كثب" المناورات التي قالت الصين إنها جاءت لمعاقبة الرئيس التايواني لاي تشينغ تي على خطاب تنصيبه الذي أدلى به، وفق ما أفاد مسؤول أميركي رفيع.

وقال المسؤول في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن طالبا عدم الكشف عن هويته "نحض بقوة بكين على التحلي بضبط النفس"، محذّرا الصين من استخدام الانتقال السياسي في تايوان "ذريعة ومبررا لإجراءات استفزازية أو قمعية".

من جانبه، دعا المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الخميس كافة الأطراف إلى "الامتناع عن الأعمال التي يمكن أن تؤدي إلى تصعيد التوترات في المنطقة" على وقع المناورات العسكرية الصينية حول تايوان.

وقال المتحدث ستيفان دوجاريك "في ما يتعلق بالصين، يمكنني أن أقول لكم إننا بالطبع نتابع التطورات في مضيق تايوان عن كثب. ونحث الأطراف المعنية على الامتناع عن الأعمال التي يمكن أن تؤدي إلى تصعيد التوترات في المنطقة".

وتطالب بكين بضم تايوان، وهي جزيرة يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة، باعتبارها مقاطعة انفصالية، بينما تصر تايبيه على استقلالها منذ عام 1949.

ولا تعترف الصين باستقلال تايوان وتعتبرها جزءا من أراضيها وترفض أي محاولات لانفصالها عنها، بالمقابل لا تعترف تايوان بحكومة بكين المركزية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

خبير إسرائيلي: تحولات عميقة بمواقف الصينيين من إسرائيل بعد 7 أكتوبر

عبر الخبير الإسرائيلي في الشأن الصيني يوفال وينريب عن صدمته من الاتساع الكبير في ما وصفها بموجة معاداة السامية على وسائل التواصل الاجتماعي في الصين بعد هجوم السابع من أكتوبر، وتحدث عن عدد من الأمثلة على الإدانات الشعبية التي وجهت لإسرائيل.

وقال في مقابلة أجرتها معه الكاتبة في صحيفة هآرتس الإسرائيلية إيليت شآني، إن "الردود بوسائل التواصل الاجتماعي الصينية على مذبحة حماس في الواقع بمثابة موجة من معاداة السامية. ليست معاداة إسرائيل، بل معاداة السامية"، وقام بالتدليل على ذلك بأن السفارة الإسرائيلية في بكين قامت بتحميل محتوى عن الحرب، ولكن المفاجأة كانت أن الردود تضمنت دعما لهتلر.

تحولات عميقة

وشرح ما يتعلق بالتحول العميق في نظرة الصينيين للإسرائيليين، فقبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، "كانت الصين واحدة من أكثر الأماكن أمانا لقول إنك إسرائيلي، يهودي، كان الرد على كل إسرائيلي يتحدث الصينية وأوضح أنه من إسرائيل دائمًا، "واو، أنت يهودي، أنت الأذكى في العالم" وهذا شيء يتعلمه الصينيون منذ الطفولة. يعتقدون أن لدينا نوعًا من القوة العظمى، وهناك كتب تعلم الناس مدى ذكاء اليهود". ويسمي الكاتب هذا النوع من التعامل بـ"معاداة السامية الإيجابية".

وأضاف أما "الآن، فلا أعرف ما إذا كانت الحكومة قد شجعت هذا الأمر بمبادرة منها، أو غضت الطرف، وهو ما يعني في الصين التفويض، ولكن الحاصل بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، -وفق قول الكاتب- أن معاداة السامية "الإيجابية" أصبحت معاداة سلبية، وعلى أكثر المستويات التي يمكن تخيلها إثارة للصدمة حسب قوله.

يورد الكاتب في هذا الصدد بعض التعليقات من قبيل: "إذا كان هناك 8 ملايين يهودي في إسرائيل، فيمكننا أن نفتح مصنعا كبيرا للصابون هناك!"، وهناك تعليقات أخرى من قبيل أن "اليهود يسيطرون على العالم من خلال الولايات المتحدة"، "إنهم يضطهدون سكان غزة بسبب الولايات المتحدة".

وفي دليل آخر على التحول، أورد الخبير الإسرائيلي مثالا لنشر بعض الصينيين صورة لبعض الأحياء على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر مكانا فائق التطور، به ناطحات سحاب، مقابل حي تم قصفه في غزة كتبت عليه جملة "المسلمون في الصين مقابل المسلمين في إسرائيل أو غزة".

ليست صينية

وتوقف الخبير الإسرائيلي، عند تعامل الصينيين مع حادثتين، الأولى تتعلق بالأسيرة الإسرائيلية نوعاه أرغماني التي نجحت قوات الاحتلال في استعادتها في 8 يونيو/حزيران من مخيم النصيرات، والتي قال إنها نصف صينية، مؤكدا أن "الخطاب عبر الإنترنت في الصين كان هو التنصل من خلفيتها وإنكارها".

وأضاف "لقد دفعني ذلك إلى الجنون، لأنني اعتقدت في البداية أن هذه ستكون ورقة قوية لإسرائيل، لكنني اكتشفت بسرعة كبيرة أنها لم تكن مجرد ورقة من أي نوع، بل إنهم حولوها ضدنا، ووصفوا محاولاتنا بأنها مساع من جانبنا للانخراط في سلوك تلاعبي واستفزازي، وزعموا أنها ليست صينية على الإطلاق. صحيح أن والدتها صينية، لكنها هي نفسها لا تحمل الجنسية الصينية، إنها مواطنة إسرائيلية".

أما الحادثة الثانية، فكانت تعرض موظف بالسفارة الإسرائيلية للطعن في بكين بعد أيام قليلة من 7 أكتوبر/تشرين الأول، حيث قال "بالكاد تم الإبلاغ عن الحدث، لقد صدمتني معاداة السامية على وسائل التواصل الاجتماعي تمامًا، على الرغم من أنني كنت على دراية جيدة، لم يتغيروا منذ الخمسينيات. وكانت الصين من أوائل الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية، وقد دعمت دائما فلسطين في كل فرصة وفي كل مؤسسة دولية".

حظر "الظل"

وعند سؤاله عن تجربته مع سيطرة الحكومة الصينية على وسائل الإعلام مثل تطبيق "دوين"، النسخة الصينية من "تيك توك"، وتطبيق ويبو Weibo الشبيه الصيني لمنصة X، قال وينريب إن الحكومة لديها ووسائل رقابة صارمة على المحتوى، ولذلك لا يمكن نشر المحتوى التضامني مع الفلسطينيين بدون إذنها.

وأورد لذلك مثالا لما تعرض له من تضييق بسبب محاولاته نشر فيديوهات عن المحتجزين الإسرائيليين في غزة، قائلا "وصلتني رسالة مفادها أن ذلك يتعارض مع "قيم المجتمع"، لأنه يمنع إظهار الدم على المنصة. وبالمناسبة، يوجد بالفعل مثل هذا القانون، لكنني لم ألاحظ أن هناك مشكلة في إظهار دماء الغزيين هناك. حاولت تحميل محتوى يوضح أن حماس منظمة إرهابية، واتضح أن هذا لا يتوافق مع "قيم المجتمع" أيضا. لكن المحتوى لا يتم حظره دائما، فمعظم ما عايشته بعد 7 أكتوبر يُعرف باسم "حظر الظل"، ومؤداه أنك تقوم بتحميل المحتوى، ولكنه لا يحصل على أي عرض، هذا كل شيء".

وأكد الخبير أن المقاربة الصينية للصراع في المنطقة هي التي تقود تعاملها مع وسائل التواصل فيما يخص المحتوى الفلسطيني والإسرائيلي، حيث تريد بكين "القضاء على الهيمنة الأميركية على العالم وإنشاء نظام عالمي جديد، ويرون أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يمنحهم الكثير من الشعبية، دون المخاطرة بأي شيء. فالشارع الإسلامي والعربي مع الصين، والدول الأخرى في الجنوب العالمي، التي تزعم الصين أنها تقودها، تتماثل معها".

تأثير هائل

ولتأكيد التأثير الكبير لوسائل التواصل في الصين، وحجم المشاهدات التي يحصل عليها المحتوى المعادي لإسرائيل، فقد أورد مثالا لمؤثر معروف على وسائل التواصل كان يبيع مستحضرات التجميل في أحد المتاجر، حيث "أحدث ضجة كبيرة على منصة دوين، عندما تمكن بنفسه في يوم العزاب الصيني، من بيع منتجات تجميل بقيمة 2.5 مليار دولار مباشرة في أقل من 24 ساعة"، مشيرا إلى أنه "حصل على 300 مليون مشاهدة خلال ذلك! وهو ما يزيد عن مشاهدات أي حدث رياضي دولي، ربما باستثناء كأس العالم لكرة القدم".

ورغم أن الباحث الإسرائيلي انتقد وضع الحريات في الصين والتضييق على وسائل التواصل، فإنه دعا الحكومة الإسرائيلية للاستفادة من تلك التجربة، قائلا إن كون "الحكومة الصينية تفعل أشياء سيئة في 1001 منطقة لا يعني أنها غير محقة أو لا تفعل الشيء الصحيح في أشياء أخرى، هناك أيضا الكثير الذي يمكن تعلمه من الصينيين. ليس عن طريق النسخ واللصق، ولكن بمعرفة ما هو صحيح وما هو مناسب".

وأضاف "إذا كان هناك شيء يمكن أن نتعلمه من الصينيين، فهو في النهاية أن تيك توك ودوين معروفان بحقيقة أن الخوارزمية الخاصة بهما قادرة على ضبط المحتوى للمستخدم في الوقت الفعلي. لقد أدرك الصينيون أن المستخدمين قد يتغيرون بسبب المحتوى الذي يتلقونه".

مقالات مشابهة

  • "فاينانشال تايمز": الرئيس الصيني يكشف عن محاولات واشنطن دفع الصين لمهاجمة تايوان
  • خبير إسرائيلي: تحولات عميقة بمواقف الصينيين من إسرائيل بعد 7 أكتوبر
  • مجموعة السبع تدرس اتخاذ إجراءات جديدة ضد التكتيكات التجارية الصينية
  • بكين تمنح صلاحيات جديدة لخفر سواحلها بشأن توقيف الاجانب واحتجاز السفن
  • بكين تعزز صلاحيات خفر سواحلها في بحر الصين الجنوبي
  • برنامج حافل لـ«تريندز» في «بكين الدولي للكتاب 2024»
  • برنامج حافل لـ«تريندز» في «بكين الدولي للكتاب 2024»
  • مجموعة السبع تركّز على تجنّب اندلاع حرب تجارية مباشرة مع بكين
  • “تريندز” يناقش العلاقات الصينية ــ الخليجية خلال “معرض بكين للكتاب”
  • في يومها الثاني.. قمة مجموعة السبع تركز على التوتر مع الصين