عبد الله علي إبراهيم
رحلت الوالدة الحاجة جمال في رمضان 2006. وفي شقائي بترشحي لرئاسة الجمهورية عام 2010 بين السأم من اعتداءات النظام علي والسقم من تنكيد يسار البرجوازيين الصغار، وكلاهما لم يسعد بذلك الترشيح بأسباب ينقض واحدها الآخر، استدعيت الحاجة وتصورت ما كان سيكون وقع مغامرتي الجديدة عليها بما أعرفه من مزاجها ونحوها وأسلوبها.
عاشت الوالدة مغامراتي السياسية الراديكالية وغيرها برباطة جأش. بل عبأت مواردها الثقافية من "الحصن الحصين" إلى أحجبة شيخنا ود إبراهيم من الأراك، وقريبها الفتح العليم العجلاتي الدّين، والشيخ عبد الله كمبو من حي الوادي بنيالا وآخرين لتأمين هذه المخاطرات المستجدة على جيلها. وظللت منذ ترشحي لرئاسة الجمهورية أتصور وقع الخبر عليها. فهي ستقول مستنكرة لمن نقل لها الخبر:
-لكين عبد الله صاح!
ثم تصمت. لتستدرك بغير رابط معلوم:
-والله عمر البشير ذاتو صاح!
وقد يقول لها ناقل النبأ:
-داير يخدم البلد.
ستقول باستنكار:
-بلد ياتو؟
-السودان.
وحانت هنا لحظة انفعالها العظيم. فالسودان ليس من المعلوم بالضرورة في دنياها. فهو وهم وهي كفيلة ب"تغطيس حجر" الأوهام:
-هو السودان دا شنو؟
ثم تنحني على الأرض هوناً وتمسح عليها مرات زاعقة:
-السودن يبقى زي الواطه دي.
ثم تعلو ملامح وجهها الحيرة. وتضع أصابعها الخمسة على شفتيها بزاوية مقدرة تقديراً هندسياً. وتقول بادئة بلازمة احتجاجها المفضلة:
-إيه، إيه، إيه. هو مالو على القشران، صِيبتو شنو؟ ودليلو شنو؟ بالله عليكم الرسول يا أخواتي الجنى دا سببو على السودان شنو؟
-كيف يا حاجه. الزول ما بيخدم بلدو.
هنا يصبح ناقل الترشيح كالمرشح: كافراً.
- إيه إيه. يخدم بلدو! انت أظنك ماك نصيح. انت مخلول ظنيتك؟
وطالما شخَصَّت الأمر كله كمس من الجن عادت إليّ:
-أصلو عبد الله مجنون.
وبعد صمت تعيد هذه العبارة بصورة أخرى فتبدو للسامع كتحصيل حاصل.
-هو مجنون ما عرفناهو؟
ثم تفضفض في العبارة قليلاً فتبدو كمن تعيد نفسها:
-والله ضاربو جن ما عرفناهو؟
و"ضاربو" هي الشاهد ووجهة النظر. ثم تهدأ. وتأتي إلى اللحظة العبثية التي تتزحلق فيها بغير سبب معلوم من "تراجيديا" جني السياسي إلى الفكاهة بقرينة الرئاسة في مغامرتي وفي موضوع طرفتها. والمفتاح الذي يفضح لنا هذه النقلة العبثية هو تبسمها ثم ضحكها على نادرة رئاسية عن أيام تظاهرات التلاميذ في الانتفاضة ضد نميري استرجعتها من غير تصريح بها:
-والله أماني بطان المدرسة ما سوا لنميري مغصة. "توت توت نميري عتود، توت توت نميري عتود". والبطان قايلين يا محمد النبي. "توت توت نميري عتود". اتو والله حديث بطان المدرسة ما بجي فوق الخشم مرتين.
-والبشير يا حاجة؟
-بتاع أخوان المسلمين دا؟
-ياهو.
-ظلمنا
ثم تصمت صمتها الإستراتيجي الرهيب لتقول بحسرة كبيرة:
-لكين الما ظلمنا منو؟
أنا متأكد أنني متى فزت وظهرت على التلفزيون اتقبل تنازلات المنافسين ستراني وتقول:
-إيه إيه وا حلاتي دي مي عبد الله.
ودليلي على ذلك أنها مرت يوماً بمسجد امتداد حلة كوكو. وسمعت الآذان. فرفعت رأسها ورأت فوق المئذنة طارق ابن بنتها قمر القسوم. وكان قلبه معلقاً بالآذان وقتها. فضحكت وقالت:
-إيه إيه واحلاتي دا مي طارق!
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: عبد الله
إقرأ أيضاً:
السفينة مادلين تصل سواحل غزة الليلة وإسرائيل تستعد للسيطرة عليها
قالت هيئة البث الإسرائيلية ( كان 11) مساء اليوم الأحد 8 يونيو 2025 ، إن التقديرات لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تشير إلى أن وصول السفينة مادلين إلى سواحل غزة ستكون هذه الليلة.
ونقلت الهيئة عن مصدر امني رفيع المستوى قوله إن الجيش الإسرائيلي يستعد للسيطرة سلميا على السفينة مادلين ، فيما سيتم إرسال النشطاء في الليلة نفسها إلى خارج إسرائيل.
وأوضحت الهيئة أن الجيش الإسرائيلي يعتزم السيطرة على السفينة مادلين وجرها إلى ميناء أسدود واعتقال النشطاء.
تغطية متواصلة على قناة موقع "وكالة سوا" في "تليغرام"
وأشارت تقارير إسرائيلية إلى تدريبات بحرية على سواحل أسدود تضمنت سيناريوهات التعامل مع السفينة بما في ذلك السيطرة عليها واقتياد طاقمها للتحقيقات قبل ترحيلهم قسرا، وسط تحذيرات من لجوء إسرائيل للقوة وارتكاب جرائم بحق الناشطين.
وذكرت القناة 14 الإسرائيلية، مساء الأحد، بأن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية اتخذت قرارًا بتنفيذ عملية سيطرة "هادئة" على السفينة مادلين"، خلال الساعات القريبة. وبحسب التقرير، سيتم سحب السفينة إلى ميناء "أسدود"، ثم ترحيل الناشطين بسرعة عبر طائرة إلى الدولة التي قدموا منها؛ دون تحديد موعد دقيق للعملية أو عدد المشاركين فيها.
وأكد عدد من المشاركين في الرحلة، أنهم ماضون في مسعاهم لكسر الحصار وإيصال مساعدات رمزية إلى سكان القطاع المحاصر. وقال الناشط التركي حسين شعيب من على متن السفينة: "ما زلنا نتقدم نحو غزة، هذه ساعات حاسمة بالنسبة لنا. سنكون هناك غدًا إذا لم نُعِق".
وشدد: "نحن ناشطون سلميون، لا نحمل سلاحًا، لكنهم يهاجموننا دائمًا ويصفون أي محاولة للدفاع عن النفس بأنها إرهاب".
وأضاف: "نُدرب أنفسنا على عدم الرد حتى أثناء تعرضنا للضرب، ولن نمنحهم أي مبررات".
وأشار أحد منظّمي الرحلة إلى أن الإسرائيليين لم يتواصلوا مع السفينة بشكل مباشر، لكن "نحن نرصد كل ما يُنشر في إعلامهم، وندرك أنهم يراقبوننا ويتأهبون". وأكد أنهم يواجهون تحليق طائرات مسيّرة فوق رؤوسهم، وتعرضوا لتشويش على أنظمة الاتصالات، مما أثار مخاوف من تحركات قريبة لاعتراض السفينة.
وفي تسجيل مصوّر من على متن السفينة مادلين"، تحدث أحد قادة الحملة عن تعطل مفاجئ في أنظمة الملاحة، حيث أظهرت الإحداثيات أن السفينة موجودة في مطار بالأردن، بدلًا من موقعها الفعلي في البحر.
وقال: "هذا يعني شيئًا واحدًا فقط: هم يستعدون لاعتراضنا أو مهاجمتنا". ورأى أن هذا التعطيل يؤشر إلى تدخل خارجي مقصود، مضيفًا: "إنهم يجهّزون لارتكاب جريمة حرب، وعلينا أن نمنع ذلك بالضغط الدولي".
وقال الناشط البرازيلي تياغو أفيلا، وهو عضو لجنة ائتلاف أسطول الحرية، إنهم على بعد 100 ميل بحري من غزة، رغم التهديدات المتزايدة، مؤكدًا أنهم "مستمرون في المسيرة رفضًا للقصف والتجويع في القطاع".
وأضاف: "ندرك أن إسرائيل مستعدة لمواجهتنا بالسلاح، وهذا لا يخيفنا، لكن ما نواجهه لا يُقارن بما يعيشه الفلسطينيون في غزة". وأشار أفيلا إلى أن طائرات مسيّرة تحلّق فوق السفينة، وأنهم تعرضوا لتشويش على أنظمة الاتصال.
ولفت إلى أنه تمّ إظهار موقعهم خطأً في بعض أجهزة الملاحة على أنهم في مطار بالأردن، قائلاً: "نعرف ما يعنيه ذلك – إنهم يستعدون لاعتراضنا أو مهاجمتنا". وأطلقت تل أبيب تصريحات استهدفت شخصيات على متن السفينة، بينها الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ والممثل الأيرلندي ليام كانينغهام.
من جانبه، قال الطبيب الفرنسي باتيست أندري، المشارك في أسطول الحرية، إن طاقم السفينة مادلين يحاول الحفاظ على هدفه الأساسي والمتمثل في كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، رغم الضغوط المتزايدة مع اقترابهم من سواحل القطاع.
وأضاف أندري، في تصريحات صدرت عنه مع اقتراب السفينة من سواحل القطاع، أن المشاركين في الرحلة بدأوا يشعرون بضغط نفسي وجسدي متصاعد، في ظل التهديدات المتوقعة، مشيرًا إلى أن الاعتقال والسجن باتا احتمالًا مرجحًا، وأن "المستقبل لم يعد بأيدينا".
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية أفادت بأن سلاح البحرية التابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي، قد أجرى تدريبات على اعتراض السفينة، في حين أعلن وزير الأمن الإسرائيلي أنه أصدر تعليمات بمنع "مادلين" من الوصول إلى غزة "بكل الوسائل اللازمة".
وقال كاتس، في بيان، "أعطيت تعليمات للجيش بمنع السفينة مادلين من بلوغ غزة". ووصف الناشطة ثونبرغ بأنها "معادية للسامية"، وأعضاء المجموعة بأنهم "أبواق دعاية ل حماس "، وأضاف كاتس "عودوا أدراجكم لأنكم لن تصلوا إلى غزة".
وتابع كاتس أن "إسرائيل لن تسمح لأحد بكسر الحصار البحري على غزة الذي يهدف بشكل أساسي إلى منع نقل الأسلحة إلى حماس"، وشدد على أن "إسرائيل ستتحرك ضد أي محاولة لكسر الحصار أو لمساعدة منظمات إرهابية، بحرا أو جوا أو برا".
وأبحرت السفينة التابعة لتحالف أسطول الحرية من صقلية، الأحد الماضي، متجهة إلى غزة لإيصال مساعدات إنسانية وكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ أعوام.
وكان منظمو رحلة السفينة المحملة بالمساعدات وعلى متنها 12 ناشطا، أعلنوا السبت أنها وصلت إلى قبالة السواحل المصرية في طريقها إلى قطاع غزة.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين نظام الرعاية الصحية في غزة يوشك على الانهيار التام فصائل المقاومة: هذا الهدف الرئيسي من إنشاء مراكز توزيع المساعدات الأمريكية المجلس الوطني الفلسطيني يوجه نداءً دوليا إزاء ما يحدث في غزة الأكثر قراءة زامير يوعز بتوسيع العملية العسكرية في غزة حماس تدين تصريحات السفير الأمريكي في إسرائيل الإعلام الحكومي بغزة : الاحتلال نشر فيديو مفبركا لتغطية جريمته بقتل 31 مدنيا أمام مركز مساعدات حماس تعلن استعدادها للبدء بمفاوضات لحل نقاط الخلاف بشأن غزة عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025