الصين تحظر حسابات المؤثرين الذين ينشرون محتوى يظهر رفاهية أو بذخا
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
حظرت السلطات الصينية حسابات في منصات التواصل الاجتماعي تابعة لعدد كبير من نجوم هذه المواقع المعروفين بمحتواهم الذي ينطوي على رفاهية أو بذخ، في وقت تظهر فيه السلطات تشددا تجاه المنشورات التي تُعدّ غير لائقة، بحسب تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية.
ويخضع الانترنت في الصين لقوانين صارمة ولا تتردد الجهات الرقابية في استبعاد الأفراد أو الشركات رقميا الذين ترصدهم السلطات أو الذين يُحتَمَل أن يثيروا اضطرابات.
وأطلقت هيئة تنظيم الإنترنت في الصين في أبريل/ نيسان الماضي حملة لإزالة أي محتوى "يسلط الضوء عمدا على أساليب الحياة الباهظة ومظاهر الثروات" من وسائل التواصل الاجتماعي.
ولم يعد حساب وانغ هونغ كوان شنغ (Wanghongquanxing) الذي يتابعه أكثر من 4 ملايين مشترك والمعروف بنشر مقاطع فيديو تظهر فيها ملابس من تصنيع ماركات أو رحلات من الدرجة الأولى، متاحا على منصة "دوين"، وهي النسخة الصينية من تيك توك بدءا، من اليوم الثلاثاء.
وأوضح أحد المنشورات بإيجاز أن الحساب حُظر "بسبب انتهاكه إرشادات دوين".
وذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن الحساب حُظر في مطلع الشهر، إلى جانب حسابات تابعة لمؤثرين تنشر محتوى متخصصا بأسلوب الحياة الفاخر.
وأكّدت "دوين" الاثنين أنها ستبدأ في اتخاذ إجراءات صارمة تجاه الأخبار المزيفة التي تنتشر عبر الشبكة الاجتماعية وترمي إلى زيادة عدد المشاهدات.
وقالت الشركة في بيان إن "دوين يرشد مبتكري المحتوى لنقل حياتهم الفعلية والجيدة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
حسابات ما بعد السابع من أكتوبر.. بين الوهم والحقيقة
الآن، وبعد مرور عامين كاملين على أحداث السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، آن أوان الحساب الهادئ البعيد عن الانفعال؛ فالعواطف تهدأ، والغبار ينقشع، ولا يبقى في النهاية سوى ما تبقّى من وطنٍ ومن بشرٍ ومن معنى.
لم تعد القضية سؤالا ً عن مَن بدأ ! .. بل عمّا انتهينا إليه جميعاً بعد تلك الزلزلة التي هزّت المنطقة من جذورها.
يوم السابع من أكتوبر لم يكن مجرّد هجومٍ عسكري، بل كان لحظة انفجارٍ في الوعي العالمي، أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام بعد سنواتٍ من التهميش؛ خلال ساعاتٍ قليلة تغيّر المشهد كله؛ فإسرائيل التي طالما تغنّت بتفوّقها الأمني، سقطت في مفاجأةٍ كاملة، والمقاومة التي حوصرت طويلا ًبدت وكأنها استطاعت أن تُعيد ميزان الرعب إلى وضعه الطبيعي، لكن ما تلا ذلك كان كفيلا ً بتحويل النصر الإعلامي الخاطف إلى مأساةٍ ممتدة تبتلع كل ما حولها.
فمن حيث المبدأ، نجحت حماس في كسر الجمود الذي كان يطوّق القضية الفلسطينية، وفرضت على العالم أن يسمع من جديد صوت غزة، إلا أن الثمن كان باهظا ً إلى حدٍ يصعب تبريره بأي منطقٍ سياسي أو إنساني.
مئات الألوف بين قتيلٍ وجريحٍ ومشرّد، دمارٌ شبه كامل للبنية التحتية، وانهيار اقتصادي واجتماعي غير مسبوق، وشعبٌ محاصر يواجه مصيره اليومي بين الموت والجوع والتهجير. بينما تحوّلت صورة “المقاومة” ذاتها من رمزٍ للبطولة إلى سؤالٍ عن المسؤولية، وعن مدى شرعية اتخاذ قرارٍ كارثي كهذا باسم أمةٍ كاملة.
إسرائيل بدورها دفعت ثمناً فادحاً، ليس فقط في الأرواح، بل في صورتها ومكانتها السياسية، فقد انكشفت أمام العالم، وتصدّعت أسطورة جيشها الذي لا يُقهر، وتحوّل قادتها إلى متهمين أمام محاكم التاريخ.
غير أن الكيان الإسرائيلي، بقدر ما تألم ؛؛ استطاع أن يستثمر المأساة ليُطلق حرباً مفتوحة بدعوى “الرد والدفاع”، فاستعاد تعاطف الغرب، ووسّع نطاق عدوانه إلى أقصى مدى. وهكذا وجد الفلسطيني نفسه مرة أخرى ضحيةً مزدوجة ما بين احتلالٍ لا يرحم، وحسابات فصيلٍ اعتقد أنه يملك مفاتيح الخلاص وحده.
المحصلة النهائية، إذا قسناها بلغة الواقع لا بلغة وبلاغة الشعارات، تُظهر أن ما حدث كان انهيارا ًشاملا ًأكثر منه انتصارا ً تكتيكيا ً ، فالقضية التي كان يُفترض أن تُستعاد مكانتها، جرى حصرها في مشهدٍ دمويٍ طويل فقدت معه تعاطف جزء كبير من الرأي العام، وتحوّل العالم من مناقشة “الحقوق الفلسطينية” إلى نقاش “التهديدات الأمنية”، ومع كل قصفٍ جديد، تآكلت فكرة الدولة الفلسطينية، وغابت ملامح مشروعٍ وطنيٍ جامع، لصالح صراعٍ أيديولوجي ضيّق الأفق.
اليوم، وبعد عامين من الحرب، بات واضحا ً أن السابع من أكتوبر لم يُحرّر أرضا ً، ولم يُسقط احتلالا ً، بل حَرَّر العدو من عزلته، وأسقط عن نفسه عبء الصراع الأخلاقي، بينما حُوصرت غزة أكثر، وتراجعت فرص السلام أكثر، وانهارت آخر بقايا الثقة بين الشعوب والأنظمة في المنطقة.
إن ما ربحته حماس في لحظة صدمةٍ نفسية، خسرته في عامين من النزيف الإنساني والسياسي.
الصدق يقتضي القول إن أحداً لم يخرج منتصرا ًمن تلك المأساة؛ فإسرائيل فقدت ما تبقّى من صورتها الأخلاقية، والعرب فقدوا ما تبقّى من أملٍ في مشروعٍ جامع، والفلسطينيون فقدوا جزءا ًمن أرضهم ومن أحلامهم ومن مستقبلهم.، وبقي وحده الإنسان البسيط، في غزة وتل أبيب على السواء، هو من يدفع ثمن الحسابات الخاطئة لكبار اللاعبين.
تلك هي المحصلة بلا رتوش عبارة عن فعل اندفع بالحماس، ففتح بابا ً من الجحيم، وأيقظ كل شياطين الحرب الكامنة في المنطقة، أما عن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها، فهي أن المقاومة الحقيقية لا تكون في المغامرة بالدماء، بل في بناء القوة بعقلٍ بارد ٍ ورؤية ٍ بعيدة ٍ تحفظ الحياة ولا تُفنيها.