سأكون مجانبًا للحقيقة إذا قلت إنه لا ينبغي لي أن أكون قلقا كأب يرتبط ابنه بعقد عمل مؤقت لا يعرف ما مصيره ضمن ما أطلقت عليها وزارة العمل قبل عامين مبادرة «ساهم» كلما اقترب موعد انتهاء العقد.
مبعث هذا القلق أنه لم يخرج حتى اليوم مسؤول حكومي واحد ليقدم لنا صورة واضحة ومكتملة لنهاية هذه التجربة وما الخطوة القادمة في الوقت الذي تتأزم فيه ظروف الناس المعيشية بسبب الوضع الاقتصادي العام مع تراكم طبيعي لعدد الباحثين عن عمل.
لا يُنتظر من وضع غائم ومرتبك كهذا، إلا أن يُلقي بظلال قاتمة على الموظف «المؤقت» الذي يرى أن سنوات عمره تفرُ من بين يديه وهو عاجز عن وضع خريطة طريق لمسار حياته المستقبلية.
بطبيعة الحال تغيب عني وعن الكثيرين حقيقة الظروف التي تحُول دون تثبيت جميع المرتبطين بهذه العقود في الوظائف التي يشغلونها رغم أنهم لا يحصلون حاليا على مستحقات درجاتهم المالية التي تفرضها مؤهلاتهم الدراسية كاملة بل وتؤخذ من رواتبهم 40 ريالا تذهب لاقتطاعات الموظف.
تواصل فكرة التوظيف بعقود ثابتة للمستفيدين من مبادرة «ساهم» غيابها رغم القفزة النوعية التي يحققها الاقتصاد العماني وكمية الوظائف التي شغرت نتيجة حركة التقاعد في السنوات الأخيرة ورغم طرح بعض الوظائف بنظام «العقد الثابت»، وهذا ما أدخل الجميع في حالة من التأويل والتكهنات التي يتوجب إسكاتها.
ما يجعل الجميع متوجسا أن هذا الملف المهم لا يحتمل سوى ثلاثة سيناريوهات، يذهب الأول، إلى تمديد العقود لسنتين إضافيتين وما يعيب هذا التصور أنه سيُبقي على حالة القلق لدى المواطن وسيظل يدور في الدائرة المغلقة نفسها ويسأل نفسه هل ستكون هناك فترات ثالثة ورابعة و...؟ مع عجزه عن اتخاذ أي قرارات حياتية مصيرية.
ويذهب السيناريو الثاني، وهو الأسوأ إلى تسريح الموظف بعد انتهاء مدة التعاقد المُتفق عليها مع الوزارة وهو ما سيشكل كارثة حقيقية لا تُحمد عقباها ولا تؤمن نتائجها على كافة المستويات خاصة النفسية والاجتماعية، إضافة إلى الفراغ الذي ستُخلفه مغادرته بعد أن اكتسب خبرة عملية ليصبح مجددا في عداد الباحثين عن عمل.
أما أفضل التصورات وأكثرها واقعية وما يتمناه الجميع فهو الاحتفاظ بالمتعاقد لكن بنظام «العقد الثابت»، خاصة وأن البعض قدم نفسه كموظف مُستحِق للتوظيف نظرًا لما يمتلكه من تعليم كافٍ ومهارات لا غبار عليها مدفوعًا بروح الشباب والفكر المتطور والوعي والانفتاح على التقنية.
من أجل ذلك أرى أنه آن الأوان للحديث «نهارًا» وبشجاعة عن ميزات ومثالب مبادرة «ساهم» والتخلي عن سياسة «الصمت والحذر» في تناولها والسير باتجاه اتخاذ خطوات حقيقية لإغلاق ملفها وتذكُر أن التوظيف هو حق لكل مواطن وطريقه الأمثل نحو تحقيق الاستقرار النفسي والأسري وباعتباره محفزا قويا لتنشيط حركة الاقتصاد المحلي بداية بشراء المركبات وانتهاء ببناء المنازل وتعزيز القوة الشرائية.
النقطة الأخيرة..
يقول دوستويفسكي:
«أنا لا أعيش يومي، إنما أنجو منه
فقط».
عُمر العبري كاتب عماني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
خلال 5 سنوات.. خبراء يحذرون من فقدان نصف الوظائف المكتبية بسبب «الذكاء الاصطناعي»
قال مطورو تقنيات الذكاء الاصطناعي إن هذه التكنولوجيا تتطور بسرعة كبيرة تفوق تقدير معظم الناس، وفقاً لتقرير نشره موقع “أكسيوس”. وأوضح الخبراء أن تأثير الذكاء الاصطناعي على حياتنا في العمل والمعيشة والترفيه قد يصبح جلياً فقط بعد أن تحدث التغييرات.
أشار أنطون كورينيك، أستاذ الاقتصاد بجامعة فيرجينيا، إلى أن تأثير الإنترنت كان بسيطاً مقارنة بالعواصف التي ستحدثها تقنيات الذكاء الاصطناعي، مؤكداً أن العالم غير مستعد لهذا التطور السريع.
من جانبه، قال سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، إن عقد الثلاثينيات من هذا القرن سيكون مختلفاً جذرياً، محذراً من أن حدود الذكاء البشري قد تُتجاوز قريباً. وذكر داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة Anthropic، أن الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى فقدان نصف الوظائف المكتبية للمبتدئين خلال 1 إلى 5 سنوات.
يؤكد جيفري هينتون، رائد الذكاء الاصطناعي، أن التكنولوجيا تتقدم بسرعة أكبر مما توقع، وقد تجلّى ذلك عند إطلاق تطبيق ChatGPT الذي وصل لمليون مستخدم خلال خمسة أيام فقط، مقارنة بعشرة أشهر لفيسبوك وسنتين لتويتر.
في سوق العمل، أبدى رؤساء تنفيذيون كبار مثل آندي جاسي (أمازون) وجيم فارلي (فورد) توقعاتهم بتقليص أعداد الموظفين نتيجة الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي، الذي من المتوقع أن يحل أيضاً مكان مديري الطبقة المتوسطة.
أما في التعليم، فأثار الذكاء الاصطناعي قلق المعلمين والأساتذة بسبب انتشار حالات الغش، وسط جدل حول كيفية التعامل مع هذه التقنية التي لا يمكن حظرها بشكل كامل، مما يستدعي تعليم الطلاب استخدامها بشكل آمن وفعّال.