سبوتنيك: “الحوثيون” أثبتوا براعتهم الهندسية ومن الخطأ التقليل من كفاءتهم في تعديل وفحص المعدات والأسلحة التي يستولون عليها
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
الجديد برس|
قالت وكالة “سبوتنيك” الروسية، إن قوات صنعاء أثبتت تفوقاً كبيراً في مواجهة القدرات الجوية الغربية من خلال الإسقاط المتكرر لطائرات “إم كيو-9” الأمريكية التي يطلق عليها اسم (الحاصدة) والتي أصبح اليمن يشكل أكبر تهديد لها.
ونشرت الوكالة، في تقرير لها يوم أمس الأول، بعنوان: “لماذا لا يخاف “الحوثيون” من الحاصدة؟” وهو الاسم الذي يطلق على طائرة (إم كيو -9) الأمريكية بدون طيار.
وتساءل التقرير في البداية: “كيف تمكنت قوات تنحدر من واحدة من أفقر البلدان في العالم، والعديد منها يقاتل حرفياً حفاة، من إنشاء نظام دفاع جوي متطور بما يكفي لتحدي قوة عظمى؟”.
وذكر التقرير أنه بعد “عملية الإسقاط المحرجة التي قام بها الحوثيون لطائرة أمريكية أخرى بدون طيار من طراز (إم كيو-9 ريبر) بقيمة 31 مليون دولار، قامت الولايات المتحدة وبريطانيا بهجوم أسفر عن مقتل 16 شخصاً على الأقل (معظمهم من المدنيين) وإصابة 35 آخرين في غارات جوية واسعة النطاق في صنعاء والحديدة وتعز في وقت متأخر من ليل الخميس”.
وأضاف أن “الهجمات الأمريكية البريطانية جاءت بعد أقل من 48 ساعة من إسقاط الحوثيين طائرة بدون طيار أخرى من طراز ريبر، يوم الأربعاء، وهي السادسة منذ تصاعد الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية في أكتوبر الماضي، وأظهرت لقطات نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي طائرة ريبر مستلقية على بطنها في صحراء في مكان ما بمحافظة مأرب، وقد تحطمت مجموعة ذيلها جزئياً، لكن الطائرة بدون طيار سليمة، مع وجود مجموعة من المسلحين، اثنان منهم حفاة القدمين، يقفون فوق الحطام”.
وذكر التقرير أنه “منذ 2015 جمع الحوثيون عدداً مثيراً للإعجاب من طائرات ريبر التي تم إسقاطها، بما في ذلك، إسقاط طائرة من هذا النوع في 1 أكتوبر 2017 فوق صنعاء، وتدمير طائرة ريبر أخرى في 6 يونيو 2019 في مكان ما فوق اليمن، وهذه باستخدام نظام صاروخي أرض-جو متوسط المدى من طراز كوب2 من الحقبة السوفيتية، وفقاً للقيادة المركزية للولايات المتحدة”.
وتابع: “تم إسقاط طائرة ريبر ثالثة في 21 أغسطس 2019 فوق ذمار، جنوب غرب اليمن، وهذه المرة باستخدام نسخة محلية محسنة من صاروخ كوب المعروف باسم فاطر-1، وطائرة أخرى من الطراز نفسه تابعة للقوات الجوية الأمريكية تم تدميرها فوق البحر الأحمر في 8 نوفمبر 2023، كما تم إسقاط طائرة ريبر خامسة فوق مدينة الحديدة، غرب اليمن، في 19 فبراير، وتم تدمير طائرة سادسة فوق محافظة صعدة شمال غربي اليمن، وتم إسقاط طائرة سابعة يوم 17 مايو فوق محافظة مأرب، فيما تم تدمير طائرة ثامنة فوق صنعاء في 24 مايو، وأخيراً تم إسقاط طائرة ريبر التاسعة في 29 مايو في مأرب”.
وأضاف: “بعبارة أخرى، بين عام 2017 وحتى الوقت الحاضر، أسقط الحوثيون ما قيمته 279 مليون دولار من طائرات ريبر، ليصبحوا إلى حد بعيد أكبر تهديد لبرنامج الطائرات بدون طيار الأمريكي القاتل، بصرف النظر عن الحوادث والأعطال الميكانيكية”.
وأوضح التقرير أن “طائرات ريبر ليست الطائرات الوحيدة التي تصنعها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والتي أثبتت أنها معرضة للخطر أمام الحوثيين، فوفقاً لإحصاء نشرته مجلة أخبار العالم الإسلامي هذا الأسبوع، تشكل طائرات ريبر أقل من عُشر الطائرات الغربية، المأهولة أو غير المأهولة، التي تم إسقاطها أو إلحاق أضرار بها أثناء قتال أنصار الله والجهات الفاعلة الأخرى في اليمن”.
وبحسب التقرير فإن الأنواع الأخرى من الطائرات تشمل “طائرة هليكوبتر أمريكية من طراز بلاك هوك فقدت قبالة سواحل اليمن خلال مهمة تدريبية غامضة في 26 أغسطس 2017، وثلاث طائرات مقاتلة أمريكية الصنع من طراز F-16 (مملوكة للمغرب والبحرين والأردن، فقدت فوق اليمن في مايو 2015، وديسمبر 2015، وفبراير 2017، على التوالي)، إلى جانب ما لا يقل عن 64 طائرة استطلاعية وهجومية بدون طيار، تشغل معظمها قوات التحالف الخليجية التي تستهدف الحوثيين، بما في ذلك طائرات (إم كيو1- بريداتور) الأمريكية والأوروبية الصنع، و(سكان إيغل)، و(سيكر 400) وطائرات بدون طيار أخرى”.
وأضاف أن “هناك 11 طائرة خليجية مأهولة غربية الصنع (غير طائرات إف-16 المذكورة آنفاً)، بما في ذلك طائرات ميراج 2000، ويوروفايتر تايفون، وإف-15، وتورنيدو، بالإضافة إلى طائرات أباتشي، وأيه إتش -60، وإس-70 بلاك هوك، وطائرات هليكوبتر من طراز إس إيه -365”.
وحول القدرات الدفاعية لقوات صنعاء أشار التقرير إلى أن “الحوثيين قاموا بتحديث نظام الصواريخ السوفييتية كوب إلى الصواريخ المعروفة باسم فاطر-1” مشيراً إلى أن “مهندسين من مركز أبحاث وتطوير الصواريخ اليمنية قاموا بتحويل نظام صاروخي جو -جو كانت تستخدمه طائرات ميج وسو، وحولوه إلى صواريخ سام يمكن إطلاقها من شاحنات النقل الصغيرة”.
وأضاف أن هناك “صاروخ جو – جو سوفيتي آخر هو آر -73 تم تعديله إلى صاروخ سام يعرف باسم ثاقب-1” بالإضافة إلى “صواريخ (آر-27) و (آر-77) جو -جو، حولتها اليمن إلى صواريخ ثاقب -2، وثاقب-3، على التوالي”.
ونقل التقرير عن اللفتنانت جنرال (متقاعد) أيتك بيزيف، النائب السابق لقائد نظام الدفاع الجوي المشترك لرابطة الدول المستقلة قوله إن “الحوثيين وجدوا على ما يبدو طرقاً لتحويل صواريخهم المضادة للطائرات التي تعود إلى الحقبة السوفيتية لاستخدام الكيروسين النقي بدلاً من الوقود الدفعي التقليدي، وهو ما يتطلب مصانع متخصصة ومعرفة فنية لتصنيعه”.
وأشار التقرير إلى أن “ما يعنيه هذا بالنسبة للدفاعات الجوية الحوثية هو توفير تكنولوجيا الصواريخ (ولكن ليس الصواريخ الجاهزة نفسها)، حيث رصد مراقبون مستقلون ما يبدو أنها نسخ يمنية الصنع من صواريخ إيرانية مثل نظام صواريخ طائر متوسط المدى، ورادارات إيرانية التصميم”.
ونقل التقرير عن الضابط المتقاعد في القوات الجوية الأمريكية والمحلل السابق بوزارة الدفاع الأمريكية كارين كوياتكوفسكي قوله إن “الحوثيين اكتسبوا الكثير من الخبرة ضد الأسلحة الغربية، بما في ذلك طائرات ريبر، وذلك باستخدام المعدات القديمة والمعدات التي تم تعديلها وتحديثها من قبل متخصصين محليين وأجانب، لكن صواريخ سام التي يملكونها لن تعني شيئاً بدون المقاتلين ذوي الخبرة الذين يديرونها”.
وأضاف: “هؤلاء الرجال لديهم خبرة في استخدام المعدات القديمة، لكنهم يستخدمونها ضد بعض المعدات الحديثة، أنا أعرف الرؤية الليلية والاستهداف بالأشعة تحت الحمراء، لديهم طرق لتتبع طائرات ريبر هذه، وهذا ما يحدث عندما يكون لديك مجموعة من الجنود ذوي الخبرة أو خبراء في الدفاع الجوي”.
وتابع: “لن أقول بالضرورة إن المعدات التي لديهم هي الأفضل، ولكن الجمع بين المقاتلين ذوي الخبرة العالية الذين يفهمون التكنولوجيا الغربية، والتكتيكات الغربية واستخدام المعدات مثل ريبر، هو مشروع ناجح للغاية وبتكلفة منخفضة للغاية مقارنة بالمعدات الباهظة الثمن التي لدينا”.
وأضاف كوياتكوفسكي أن “الحوثيين أثبتوا أيضاً براعتهم الهندسية، وسيكون من الخطأ التقليل من كفاءة الحوثيين في تعديل وفحص المعدات، بما في ذلك الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها”.
وأشار إلى أن “البنتاغون أظهر ميلاً خطيراً للتقليل من شأن خصومه.. نعتقد أن اليمنيين لا شيء، ولكن حسناً، في ساحة المعركة هذه، يعتبر اليمنيون منافساً شبه نظير”.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: تم إسقاط طائرة طائرات ریبر طائرة ریبر بما فی ذلک بدون طیار التی تم من طراز إلى أن
إقرأ أيضاً:
حرب بلا خنادق.. السلاح الفتاك الذي استنزف الجبهات في أوكرانيا
أعادت الحرب الروسية الأوكرانية تعريف موازين القوة في الحروب الحديثة، بعدما تحولت الطائرات المسيرة من أداة مساندة إلى عنصر حاسم في إدارة المعارك وحسم نتائجها.
ولعبت المسيرات دورا محوريا في تغيير التكتيكات العسكرية، ووسعت نطاقها من المواجهة المباشرة إلى فضاء رقمي وجوي مفتوح، ومع تصاعد الاعتماد عليها من الطرفين، لم تعد الحرب تقاس بعدد الدبابات أو الصواريخ وحدها، بل بقدرة كل طرف على الابتكار والإنتاج السريع، في صراع برزت فيه الطائرات المسيرة كأحد أكثر الأسلحة تأثيرا وفتكا.
وأشار تقرير سابق لمركز "جيمس تاون" للدراسات أن أوكرانيا أصبحت أكبر منتج للطائرات المسيرة في العالم، بإنتاج سنوي قُدّر بنحو مليوني طائرة مسيّرة، مع قدرة محتملة على بلوغ أربعة ملايين سنويا، متقدمة على جميع دول حلف شمال الأطلسي، بما فيها الولايات المتحدة.
ولم يقتصر تميز الطائرات المسيرة الأوكرانية على العدد، بل شمل أيضا انخفاض الكلفة وارتفاع الكفاءة، إذ تراوحت تكلفة الطائرات المسيرة الهجومية من نوع FPV بين 300 و400 دولار، بينما تراوحت تكلفة الطائرات المسيرة البحرية بين 50 و100 ألف دولار، مقارنة بتكاليف أعلى بكثير لدى الدول الغربية.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، تراوح الهدف الروسي الخاص بإنتاج الطائرات المسيّرة في عام 2025 بين 3 و4 ملايين، غير أن الطائرات المسيّرة الأوكرانية، مع بعض الاستثناءات المهمة، بدت أفضل تصنيعا وأكثر موثوقية وأكثر مقاومة لأهم وسيلة دفاع ضد الطائرات المسيّرة، وهي التشويش الراديوي.
طائرات FPV.. سلاح الاستنزاف على خط الجبهة
أشار تقرير لمجلة "فوربس" أن الطائرات المسيرة الانتحارية من منظور الشخص الأول، التي لا يزيد وزنها عن بضعة أرطال، ويقودها مشغلون عن بعد يرتدون نظارات تعرض بثا مباشرا من كاميرات الطائرات نفسها، وتمكنت من الطيران لمسافة تصل إلى ستة أميال، أصبحت مسؤولة عن أكثر من ثلثي الخسائر على خط الجبهة البالغ طوله 800 ميل في الحرب الروسية الأوكرانية الأوسع التي دخلت شهرها السابع والثلاثين.
وتسببت هذه الطائرات الصغيرة القابلة للمناورة، والتي بلغ ثمن الواحدة منها بضع مئات من الدولارات، في قتل أو تشويه مئات الآلاف المحتملين من الروس والأوكرانيين، ودمّرت آلاف المركبات.
ونقلت المجلة عن مدون عسكري روسي قوله: "السبب الرئيسي لغياب النجاح لا يزال تفوق العدو الجوي، طائرات الاستطلاع المسيرة التابعة لهم في السماء على مدار الساعة، وأي حركة من جانبنا تقابل فورا بموجة هائلة من طائرات منظور الشخص الأول المسيرة".
According to Russian sources, they are bogged down and suffering serious losses in Chasiv Yar due to Ukraine’s significant drone advantage—essentially, they can't even lift their heads. The use of armored vehicles is extremely limited. EW is ineffective due to the rapid… pic.twitter.com/30oo9NN4bh — WarTranslated (@wartranslated) March 7, 2025
وفي المقابل، تعرضت القوات الأوكرانية للخطر بالقدر نفسه في القطاعات التي نشرت فيها روسيا أفضل مجموعات الطائرات المسيرة لديها، مشيرة إلى أنه في أحدى الهجمات أدت موجة من الضربات الدقيقة بالطائرات المسيرة الروسية إلى تدمير عشرات المركبات الأوكرانية على طول الطريق الرئيسي المؤدي إلى سودجا، البلدة التي كانت القاعدة الرئيسية للقوة الأوكرانية.
وبالنظر إلى قدرة الطائرات المسيّرة على حسم المعارك، بدا منطقيا أن يعطي الطرفان أولوية لإنتاج الطائرات المسيّرة الصغيرة، معتبرة أن ذلك بدا أكثر منطقية بالنسبة لأوكرانيا، التي وفرت لها الطائرات المسيرة أيضا قدرا عاليا مما وصفه المستشار الألماني المنتخب فريدريش ميرتس بـ"الاستقلال الاستراتيجي".
وأضافت "فوربس" أن مصانع الطائرات المسيّرة الأوكرانية استوردت مكونات، ولا سيما المكونات الصينية، واعتمدت جزئيا على التمويل الأجنبي، غير أن الإنتاج الواسع النطاق والممركز وطنيا للمركبات الجوية غير المأهولة في أوكرانيا حرر البلاد جزئيا من الاعتماد على حلفاء متقلبين مثل الولايات المتحدة.
طائرات اعتراضية محلية.. "الأخطبوط" ضد "شاهد"
ذكرت "رويترز" في 14 تشرين الثاني/نوفمبر أن وزارة الدفاع الأوكرانية أعلنت أن أوكرانيا بدأت الإنتاج الضخم لطائراتها المسيرة الاعتراضية الجديدة المطورة محليا لتعزيز الدفاعات الجوية، في وقت تعرضت فيه المدن والبلدات الأوكرانية البعيدة عن خط المواجهة لهجمات شبه يومية بمئات الطائرات الروسية بدون طيار مع اقتراب الحرب مع روسيا من مرور أربع سنوات.
وأوضحت الوزارة أن أول ثلاثة مصنعين بدأوا بالفعل الإنتاج، فيما استعد 11 مصنعا آخر لإنشاء خطوط إنتاج.
وقالت إن الطائرات المسيرة ستعتمد على تقنية محلية الصنع تُسمى "الأخطبوط"، وإن تقنية اعتراض طائرات "شاهد" المسيّرة اختبرت في ظروف قتالية وأثبتت فعاليتها "ليلا، وفي ظل التشويش، وعلى ارتفاعات منخفضة".
وأكدت "رويترز" أن الطائرات المسيرة الاعتراضية، التي كلفت بضعة آلاف من الدولارات لكل واحدة، كانت مهمة أيضا لأوكرانيا لأنها أتاحت لها توفير صواريخها الأعلى كلفة لمواجهة التهديدات الصاروخية الباليستية الأسرع والأكثر فتكاً.
تصعيد روسي: من مئات المسيّرات إلى 2000 في ضربة واحدة
أشارت تقديرات إلى أن روسيا اقتربت من امتلاك القدرة على إطلاق آلاف الطائرات المسيرة في وقت واحد، ليس على مدى أسابيع، بل في ضربة منسقة واحدة قد تطغى على شبكة الدفاع الجوي الأوكرانية بأكملها، بعدما تحولت الحملة خلال ثلاث سنوات من تهديد يمكن السيطرة عليه إلى حملة لا هوادة فيها هددت بإعادة تعريف الحرب الحديثة.
وبحسب كريستينا هاروارد، المحللة في معهد دراسات الحرب، أنتجت موسكو حاليا ما يقارب 2700 طائرة مسيرة من طراز شاهد شهريا، إلى جانب 2500 طائرة مسيرة تمويهية، وهو ما عنى أنها أصبحت قادرة بالفعل على إطلاق أكثر من 300 أو حتى 400 طائرة مسيرة في ليلة واحدة.
وأضافت أن الكرملين عمل بنشاط على بناء منشآت جديدة، وبات قريبا من القدرة على إطلاق ما بين 1000 و2000 طائرة مسيرة في وقت واحد، بينما واجهت أوكرانيا حربا بالطائرات المسيّرة وصفت بأنها غير مسبوقة من حيث الحجم قياسا بالصراعات السابقة.
وتجلت مؤشرات التصعيد، وفق الأرقام الواردة، في أن روسيا أطلقت خلال عام 2024 نحو 11162 طائرة مسيرة بعيدة المدى على المدن الأوكرانية والبنية التحتية الحيوية والصناعات الدفاعية، وبشكل متزايد على المواقع العسكرية. وتمكنت الدفاعات الجوية الأوكرانية من تحييد 90.2 بالمئة من الطائرات المسيرة القادمة، غير أن نحو 1100 طائرة مسيرة وصلت إلى أهدافها.
توقعات 2025 واتساع الاعتماد على المسيرات
ذكر موقع "يوروميدان برس" في تقرير أن روسيا بنت قدراتها على شن هجمات ضخمة بالطائرات بدون طيار خلال ثلاث سنوات، عبر إنتاج نحو 2700 طائرة شاهد شهريا و2500 طائرة طعم، بما أتاح إطلاق أكثر من 300 أو 400 طائرة في ليلة واحدة واقترابها من القدرة على إطلاق 1000 إلى 2000 في ضربة واحدة.
وأضاف التقرير أن روسيا أطلقت في 2024 نحو 11162 طائرة بدون طيار بعيدة المدى، وصلت 1100 منها إلى أهدافها رغم إسقاط 90.2 بالمئة، بينما أصابت 58.5 بالمئة من 3063 صاروخا أهدافها، وهو ما اعتبره مؤشرا على ثغرات في الدفاع الجوي الأوكراني.
وتوقع التقرير نفسه إطلاق 78 ألف طائرة بدون طيار في 2025، أي سبعة أضعاف 2024، مشيرا إلى أن أوكرانيا أسقطت 85 بالمئة فقط من هذه المسيرات بسبب تكتيكات روسية متقدمة ونقص الإمدادات الغربية.
وعلى الجانب الآخر، تحدث التقرير عن استجابة أوكرانيا، قائلا إنها طورت إنتاج الطائرات بنسبة 900 بالمئة ليصل إلى 200 ألف شهريا، مستهدفة 4 ملايين طائرة تكتيكية و30 ألف بعيدة المدى في 2025، مع نمو صواريخ كروز بنسبة 800 بالمئة وإنتاج أول صاروخ باليستي أوروبي منذ الحرب الباردة، إلى جانب طائرات اعتراض أسقطت 650 طائرة شاهد في كييف وحدها.
جدار مسيرات في سماء أوكرانيا
تحدثت تقارير عن تشكل نمط جديد من الدفاع الجوي في أوكرانيا، لا يقوم على بطاريات صواريخ أو منظومات رادار، بل على "جدار حرفي" مصنوع من طائرات بدون طيار.
وطورت شركة "أتريد" الفرنسية المتخصصة في تكنولوجيا الدفاع نظاما يستخدم أسرابا من الطائرات المسيرة الصغيرة المحملة بالمتفجرات لإنشاء حاجز متحرك في السماء، ووصفت الشركة هذا النظام بأنه "حقل ألغام طائر"، يتكون من ستارة من الطائرات الاعتراضية ذاتية التشغيل، صممت لتدمير طائرات الهجوم الروسية المسيرة والقنابل الانزلاقية قبل وصولها إلى محطات الطاقة أو المدن أو مراكز النقل.
وأوضح التقرير أن نظام "جدار الطائرات المسيرة" (DWS-1) اختلف عن الأنظمة المستخدمة حاليا في ساحة المعركة، إذ لم يعتمد إطلاق الصواريخ أو أشعة الطاقة، بل إطلاق العشرات وربما المئات من طائرات FPV من محطات أرضية فور رصد الرادارات أو أجهزة الاستشعار تهديدا قادما.
وتحمل كل طائرة شحنة متفجرة صغيرة وصعدت إلى ارتفاع محدد مسبقا لتشكيل نمط كثيف متعدد الطبقات، وعند اقتراب الهدف تنفصل طائرة أو أكثر من التشكيل وانفجرت قربه لتدميره أو تعطيله.
وبالمقابل، أشار التقرير إلى أن روسيا زودت طائراتها المسيّرة وقنابلها الانزلاقية بمحركات نفاثة صغيرة بشكل متزايد، ما رفع سرعتها وصعّب اعتراضها، غير أن "أتريد" قالت إن مرونة النظام وقدرته على التنسيق باستخدام الذكاء الاصطناعي سمحت له بمواجهة هذه الأسلحة المطورة.
قالت مؤسسة "ICDS"، وهي مؤسسة بحثية وتحليلية دولية مستقلة متخصصة في الأمن والدفاع والسياسة الخارجية، في تقرير إن انتشار طائرات "الكاميكازي" ذات منظور الشخص الأول وطائرات القصف ومنظومات الاستطلاع والهجوم التي جمعت بين أنظمة الطائرات المسيّرة وأنظمة المدفعية والصواريخ بلغ منذ صيف 2023 حد التشبع، ما أتاح قدرات ضرب تكتيكية دقيقة شبه غير محدودة ومنتشرة في كل مكان.
آثار المسيرات وهيمنتها على طول خطوط التماس
وأضاف التقرير أن الانتشار الكثيف لطائرات الاستطلاع والهجوم المسيّرة أنشأ "منطقة قتل" بعمق تراوح بين خمسة وعشرة كيلومترات على طول خط التماس، ما جعل التحصينات التقليدية مثل الخنادق الواسعة والملاجئ الكبيرة والنقاط الحصينة المركزة شديدة الضعف وغير قابلة للاستخدام بشكل متزايد.
وضرب التقرير مثالا بمعركة أفدييفكا التي امتدت من خريف 2023 إلى شباط/فبراير 2024، حيث سقطت مواقع أوكرانية محصنة تحصينا شديدا وذات موقع استراتيجي ممتاز إثر هجمات ممنهجة شنتها طائرات FPV وقاذفات قنابل، إضافة إلى قصف مدفعي موجه بطائرات بدون طيار وقنابل انزلاقية استهدفت معاقل وحصونا فردية ومراكز قيادة وخنادق وطرق إمداد، فيما أصبح تعزيز القوات وتناوبها هناك محفوفا بالمخاطر وصولا إلى الاستحالة في النهاية.
وتحولت الطائرات المسيرة إلى أداة عالية الدقة لاستنزاف الأفراد والمعدات، واختفى إلى حد كبير مفهوم المنطقة الخلفية الآمنة التي تبعد 10 إلى 15 كيلومترا عن خط التماس، بينما اقتصرت العمليات الهجومية على غارات محلية من دون أمل في اختراق عميق.
كما أشار التقرير إلى أن الاستخدام المكثف للطائرات المسيرة رفع مستويات الضغط البدني والنفسي على جنود المشاة، إذ بات كل جندي هدفا معرضا لتهديدات دقيقة ومتواصلة على مدار الساعة، ما فرض تخطيطا دفاعيا تجاوز العقائد التقليدية التي لم تعد ملائمة للواقع العملياتي الجديد.
شاهد الإيرانية والتوطين الروسي
قال خبير الإلكترونيات سيرغي بيسكريستنوف لوكالة أسوشيتد برس إن معظم الطائرات المسيّرة الهجومية الروسية كانت سوداء اللون، غير أنه أوضح أن الطائرات الجديدة ظهرت باللون الأبيض، مضيفا أن هذه الطائرات لم تحمل علامات أو ملصقات داخلية تتطابق مع تلك المعتمدة في الطائرات الروسية الصنع، في حين اتبعت الملصقات المستخدمة فيها "نظام وضع العلامات الإيراني القياسي".
وقال خبراء تحدثوا للوكالة إن الملصقات لم تكن دليلا قاطعا، لكن الكلمات الإنجليزية اتسقت مع الطريقة التي تستخدمها إيران لتمييز طائراتها المسيّرة، مرجحين أن إيران باعت هذه الطائرة لروسيا لاختبارها في القتال.
وشنت موسكو غارات جوية مكثفة شبه ليلية على أوكرانيا باستخدام طائرات مسيرة إيرانية الصنع طوال فترة الحرب التي دخلت عامها الرابع، وأن هذه الطائرات حلقت بكثافة فوق المدن الأوكرانية وملأ صوتها المشابه لصوت الدراجات النارية الأجواء، بينما استعدت الدفاعات الجوية والقناصة للتصويب.
وذكرت "أسوشيتد برس" أن موسكو صنعت طائراتها بدون طيار "شاهد" بناء على نموذج إيراني في مصنع شديد الحراسة بوسط روسيا، هو مصنع ألابوغا في تتارستان، الذي تسلم أولى الطائرات الإيرانية في عام 2022 بعد توقيع صفقة بين روسيا وإيران بقيمة 1.7 مليار دولار. ثم أنشأ المصنع لاحقا خطوط إنتاج خاصة به وبدأ إنتاج آلاف الطائرات.
وأوضحت أن التحسينات التي جرى رصدها في الحطام داخل أوكرانيا جاءت ضمن سلسلة ابتكارات بدأت بشراء روسيا طائرات بدون طيار مباشرة من إيران في خريف 2022، وفق وثائق مسربة من ألابوغا سبق أن نشرتها الوكالة، مضيفة أن إيران شحنت في أوائل 2023 نحو 600 طائرة مسيرة مفككة لإعادة تجميعها في روسيا قبل توطين الإنتاج، ثم جرى تعديل التصميم في عام 2024.
وقالت الوكالة إن متخصصين أضافوا كاميرات إلى بعض الطائرات، ونفذوا خطة كشفت عنها في تحقيق حمل اسم "عملية الهدف الزائف"، استهدفت إنشاء طُعم لإرباك الدفاعات الجوية الأوكرانية. كما جمعت الوكالة بيانات عن غارات الطائرات الروسية بدون طيار على أوكرانيا على مدار عام تقريبا نشرها سلاح الجو الأوكراني على الإنترنت.
وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية إن فعالية نظام "شاهد" ربما نتجت عن إطلاق روسيا مزيدا من الطائرات، بما فيها الطائرات الوهمية، فضلا عن التغييرات في التكنولوجيا والتكتيكات. ومع ذلك، أكدت أن استمرار هذا النجاح ظل غير واضح.