أشهر قليلة أقل من عدد أصابع اليد الواحدة ما زالت تفصل التونسيين عن انتخابات رئاسية، المجهول منها أكثر من المعلوم.
بداية، لا أحد يدري التاريخ المحدد لهذه الانتخابات بحيث تٌرك الأمر لتكهنات المراقبين والقانونيين، وكأن في الأمر سرا يحول دون الإفصاح من الآن عن موعد من حق الجميع معرفته ليستعد له السياسيون والمواطنون على حد سواء.
لا أحد يدري كذلك بشكل قاطع شروط الترشح لهذه الانتخابات، فبعد أخذ ورد وتوقعات من هنا وهناك، خرج المتحدث باسم هيئة الانتخابات مؤخرا بجملة من الشروط بعضها قديم وبعضها الآخر جديد لكنه مثير للجدل، وهذا أمر مربك لنزاهة عملية ما كان يفترض أن تتغير فيها قواعد اللعبة قبل فترة وجيزة من موعد الانتخابات، ما يحيل لتفسيرات مريبة سيتضح صدقها من زيفها عند الصدور النهائي والرسمي لهذه الشروط.
لا أحد يدري أيضا ما إذا كان الرئيس سعيّد مستعد أم لا لتسليم السلطة إذا ما فشل في كسب هذه الانتخاباتلا أحد يدري كذلك ما إذا كان الرئيس الحالي قيس سعيّد سيمضي قدما ويعلن بوضوح رغبته في إعادة ترشيح نفسه للمنصب، وما إذا كان سيتوجه للشعب بما يراه حصيلة إنجازات تشفع له في هذه الخطوة، مع وعود محددة للعهدة المقبلة، أم أنه سيخيّر الإبقاء على نفس خطابه المعتاد الذي يعتبر فيه نفسه قائد «معركة تحرّر وطني» عليه أن يواصلها، حتى وإن كان من غير الواضح ضد من بالتحديد، حتى وإن كان لا يٌعرف من ملامحها سوى محارب فساد اتضح إلى حد الآن الانتقائية الواضحة في فتح ملفاته.
لا أحد يدري أيضا ما إذا كان الرئيس سعيّد مستعد أم لا لتسليم السلطة إذا ما فشل في كسب هذه الانتخابات. سؤال لا علاقة له بقراءة سيئة للنوايا لكنه مرتبط بما صرّح به الرئيس نفسه في أبريل / نيسان العام الماضي من أنه «ليس مستعدا لأن يسلّم الوطن لمن لا وطنية له» مضيفا وقتها بالقول «أشعر أنني أتحمل المسؤولية ولن أتخلى عن المسؤولية».
لا أحد يدري أيضا بين من ومن سيكون النزال الرئاسي طالما أن من أعلنوا عن نيتهم في خوضه لم يتقدموا بعد رسميا ولم يجر بعد قبول أي طلب، بما أن باب الترشحات لم يفتح بعد أصلا، علما أن من بينهم من هو في السجن أو في الخارج. هذا دون أن ننسى أن الرئيس اتهم في أبريل/ نيسان الماضي أطرافا لم يسمها بـ«الارتماء في أحضان الخارج» مشيرا إلى أن «هذه الأطراف لا يمكن لها أن تترشح للانتخابات الرئاسية في تونس» بما يعني أن لديه اعتراضا مسبقا على بعض الأسماء المتداولة. أما المعارضة، وأساسا «جبهة الخلاص الوطني» المكوّنة من 6 أحزاب أبرزها حركة «النهضة» فقد أعلنت أنها لن تشارك في الانتخابات الرئاسية مبرّرة ذلك بغياب شروط التنافس، لكنها تركت الباب مواربا لإمكانية تغيير موقفها ذلك أن «الانتخابات استحقاق نتمسك به، لكن الشروط منعدمة، إلا أننا سنعمل على تغييرها، وإذا لم تتطور الأمور لن نكون جزءا من المسرحية الانتخابية» وفق ما قاله زعيم هذه الجبهة أحمد نجيب الشابي.
لا أحد يدري كذلك ما يمكن أن تكون عليه نزاهة الانتخابات في ظل احتكار الرئيس لكل السلطات، والشك الذي يعرب عنه عديدون في مدى حيادية هيئة الانتخابات، وفي ظل عودة أجواء الخوف وتكميم الأفواه، بشهادة جميع منظمات حقوق الإنسان الوطنية والدولية، مع ما تعانية قطاعات عديدة من علاقات متوترة للغاية مع السلطة التي يبدو أنها استمرأت العودة إلى المعالجات الأمنية الصرفة والمقاربات الكيدية في التعامل مع أي نفس احتجاجي ما قاد إلى عزل قضاة وملاحقة محامين والزج بعدد من الصحافيين وراء القضبان.
لا أحد يدري أيضا ما إذا كانت البلاد قد تشهد أم لا قبل الانتخابات الرئاسية أجواء انفراج معينة قد يقدم عليها الرئيس لجعل هذه الانتخابات تجري في ظروف أقل احتقانا مما هي عليه الآن، ذلك أن المزاج الاجتماعي الحالي شديد التوتر لأسباب عديدة لعل أهمّها حاليا الشكوى المريرة من غلاء المعيشة وتردّي الخدمات العامة، أما المزاج السياسي فقلق وغاضب يسوده إلى حد كبير خطاب الكراهية والإقصاء بشكل ينذر بأخطر التداعيات على السلم في البلاد، فضلا عن قضايا عديدة أخرى كملف اللاجئين الأفارقة وأجواء العنف في الملاعب وكلها أعادت كابوس الخوف في البلاد وعليها.
أخيرا، لا أحد يدري ما الذي يمكن أن يحل بالبلاد إذا لم يتغيّر شيء في المشهد السياسي الحالي، وتواصل نفس النهج لخمس سنوات أخرى، في وقت ستزداد فيه حتما مشاكل البلاد الاقتصادية والاجتماعية استفحالا، وهي التي لم تجد من ينكبّ على معالجتها بعقل ورؤية رصينة وعلمية. هذا هو السيناريو المخيف حقا، الذي لا أحد أيضا، يريد أن يتخيّله أو يفكّر فيه، مع أن كثيرا يرجّحونه.
المصدر: القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التونسيين تونس الانتخابات التونسية قيس سعيد مقالات اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة رياضة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه الانتخابات ما إذا کان
إقرأ أيضاً:
قافلة برية تونسية نحو غزة تنطلق الاثنين المقبل.. من يشارك فيها؟
أعلنت تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين بتونس، السبت، أن قافلة برية مغاربية تضم آلاف المتطوعين ستنطلق، الاثنين المقبل، باتجاه قطاع غزة، من أجل المطالبة بوقف حرب الإبادة الإسرائيلية وكسر الحصار وإدخال المساعدات.
وذكرت التنسيقية في بيان، أن "قافلة الصمود المغاربية من أجل كسر الحصار عن غزة تنطلق الاثنين من العاصمة تونس ومدينة سوسة وصفاقس وقابس إلى مدينة بن قردان نحو قطاع غزة، مرورا بليبيا ومصر، للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني المحاصر في القطاع ونقل مساعدات إنسانية إليه".
وأضافت أن "المشاركين في القافلة سيتوجهون إلى معبر رأس جدير على الحدود التونسية الليبية، ويسيرون على الطريق الساحلي الليبي وصولا إلى القاهرة ثم إلى معبر رفح على الحدود المصرية الفلسطينية، لتسليم رسائل التضامن والمساعدات إلى الفلسطينيين في غزة".
وبينت التنسيقية، أن عددا من الشخصيات النقابية والسياسية سيشاركون في القافلة البرية إلى جانب حقوقيين ومحامين وأطباء وإعلاميين وأعضاء في منظمات شبابية.
وفي 31 مايو/ أيار الماضي، أفاد المتحدث باسم “قافلة الصمود” وائل نوار، أن آلاف الأشخاص من تونس ودول المغرب العربي انضموا إلى القافلة.
ونقلت وكالة الأناضول عن نوار قوله، إن القافلة ستضم وفودا من موريتانيا والمغرب والجزائر، والآلاف من تونس وليبيا، لنمرّ مباشرة إلى القاهرة ثم إلى العريش المصرية فرفح جنوبي غزة.
كما أشار إلى أن القافلة سجلت انضمام أكثر من 7 آلاف شخص من جنسيات مغاربية مختلفة حتى 30 مايو الماضي.
وعبرت منظمات تونسية عن دعمها للقافلة والمشاركة فيها وكان أبرزت تلك المنظمات، الاتحاد العام التونسي للشغل ونقابة الصحفيين التونسيين والهيئة الوطنية للمحامين بتونس، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وعمادة الأطباء التونسية، والمنظمة التونسية للأطباء الشبان.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن دولة الاحتلال حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير التهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها
.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 180 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال.