الصمت التجنبي: وسيلة للهروب أم استراتيجية للبقاء؟
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
10 يونيو، 2024
بغداد/المسلة الحدث:
زكي الساعدي
في عالمنا المليء بالأصوات والصخب، يأتي الصمت التجنبي كملاذ يبدو هادئًا، ولكنه يخفي وراءه الكثير من التعقيدات النفسية والاجتماعية. يُعرَّف الصمت التجنبي بأنه سلوك يتجنب فيه الشخص التحدث أو الرد في مواقف معينة، غالبًا بهدف تجنب المواجهة أو الخلاف. قد يظهر هذا الصمت كوسيلة للهروب من الضغوط أو كاستراتيجية للبقاء، ولكن ما هي أسبابه وتداعياته على المدى الطويل؟
ومن أسباب الصمت التجنبي
1.
2. *انعدام الثقة بالنفس*: قد يشعر الشخص أن ما سيقوله غير مهم أو غير صحيح، مما يدفعه إلى تجنب التعبير عن رأيه.
3. *الحفاظ على العلاقات*: يعتقد البعض أن الصمت يساعد في الحفاظ على العلاقات الشخصية والمهنية، خاصة إذا كانوا يرون أن الكلام قد يؤدي إلى تدهور هذه العلاقات.
4. *التجارب السابقة السلبية*: قد يكون الصمت نتيجة لتجارب سابقة حيث تعرض الشخص للنقد أو السخرية بسبب تعبيره عن آرائه.
وتداعيات الصمت التجنبي هي:
1. *الصحة النفسية*: يمكن أن يؤدي الصمت التجنبي إلى شعور بالعزلة والضغط النفسي، حيث يكبت الشخص مشاعره وأفكاره.
2. *العلاقات الاجتماعية*: قد يؤثر الصمت سلبًا على العلاقات، حيث يمكن أن يفسره الآخرون على أنه تجاهل أو عدم اهتمام.
3. *التواصل الفعّال*: يعتبر الصمت عائقًا كبيرًا أمام التواصل الفعّال، مما يؤثر على العمل الجماعي واتخاذ القرارات.
4. *الفرص الضائعة*: قد يفوت الشخص فرصًا للتقدم الشخصي والمهني بسبب تجنبه للتعبير عن نفسه ومشاركة أفكاره.
امًا كيفية التعامل مع الصمت التجنبي
1. *تعزيز الثقة بالنفس*: يمكن للتدريب على المهارات الاجتماعية وتلقي الدعم النفسي أن يعزز الثقة بالنفس ويساعد على التعبير عن الأفكار بوضوح.
2. *التواصل الصادق*: تشجيع الحوار المفتوح والصادق مع الآخرين يمكن أن يقلل من مخاوف المواجهة ويعزز الفهم المتبادل.
3. *التدريب على إدارة النزاعات*: يمكن لتعلم تقنيات إدارة النزاعات أن يساعد في تحويل المواجهات السلبية إلى نقاشات بناءة.
4. *التعبير الكتابي*: قد يكون الكتابة وسيلة جيدة للتعبير عن الأفكار والمشاعر قبل أن يتمكن الشخص من التحدث بها بصوت عالٍ.
وخلاصة لما تقدم فان الصمت التجنبي هو سلوك معقد يمكن أن يكون له آثار عميقة على الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية والتقدم المهني. بينما قد يبدو الصمت حلاً سهلاً لتجنب الصراعات، إلا أنه قد يؤدي إلى مزيد من العزلة والضغوط. من خلال فهم أسبابه والعمل على تعزيز مهارات التواصل والثقة بالنفس، يمكن تحويل هذا الصمت إلى قوة دافعة للتغيير الإيجابي والنمو الشخصي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: یمکن أن
إقرأ أيضاً:
حين تكفّ هولندا عن الصمت.. إسرائيل كتهديد أمني رسمي
لأول مرة منذ عقود، تنقلب المعادلة؛ تُدرج الوكالة الوطنية للأمن في هولندا، وهي واحدة من أكثر المؤسسات الأمنية تحفظا في لغة تقاريرها، إسرائيل كـ"تهديد للأمن القومي الهولندي".
تقرير رسمي غير مسبوق
جاء هذا التغيير بعد نشر الوكالة الوطنية للأمن في هولندا تقريرها الرسمي يوم الأحد الماضي بعنوان "تقييم التهديدات من الجهات الحكومية". ووفقا لما نقلته شبكة الجزيرة عن مواقع هولندية، سلّط التقرير الضوء على محاولات إسرائيل التأثير في الرأي العام الهولندي، والتدخل في القرار السياسي من خلال نشر معلومات مضللة عبر قنوات غير رسمية.
التقرير كشف عن واقعة مثيرة، تمثّلت في قيام وزارة إسرائيلية العام الماضي بتوزيع وثيقة على سياسيين وصحفيين هولنديين، احتوت على معلومات شخصية "غير معتادة ومتطفلة" عن مواطنين هولنديين، وذلك في سياق التوترات التي رافقت مظاهرة لأنصار فريق مكابي تل أبيب في أمستردام.
أن يأتي هذا التقييم من هولندا تحديدا، فهذه رسالة لا يُستهان بها. هولندا ليست فقط دولة أوروبية صغيرة ذات دبلوماسية ناعمة، بل هي أيضا المقر الرسمي للمحكمة الجنائية الدولية، وواحدة من أبرز الدول التي تستضيف الهيئات القانونية الدولية الكبرى
ليست القضية رمزية فقط، بل تمثل تحولا حقيقيا في كيفية تعامل أوروبا، أو بالأحرى بعض أطرافها الناضجة سياسيا، مع "الاستثناء الإسرائيلي"، ذلك الاستثناء الذي طالما منح تل أبيب حصانة مطلقة من المساءلة، تحت ذرائع الشراكة الأمنية، ومكافحة "الإرهاب"، والروابط الغربية مع ما تُسمى "ديمقراطية الشرق الأوسط الوحيدة".
متى بدأت العلاقة تتصدّع؟
لطالما شكّلت هولندا في العقود الأخيرة إحدى أكثر الدول الأوروبية قربا سياسيا ودبلوماسيا من إسرائيل، حتى وإن لم تظهر بمظهر الحليف الصاخب كبريطانيا أو ألمانيا. لقد ساهمت تركيبة النظام السياسي الهولندي، التي تميل إلى الحذر والانضباط، في تغليف هذه العلاقة بغطاء هادئ، لكنها كانت قوية في مجالات التعاون الأمني والاقتصادي والتكنولوجي، بل حتى في التصويتات داخل الاتحاد الأوروبي.
ومع تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة، وتزايد استهداف المؤسسات الحقوقية الدولية، بدأت تتشكّل ملامح انشقاق في هذا الصمت الهولندي التقليدي، سواء على مستوى الرأي العام أو داخل بعض الدوائر السياسية الليبرالية واليسارية. لهذا، فإن تقرير الوكالة الوطنية للأمن لا ينبع من فراغ، بل يأتي تتويجا لتراكم من القلق البنيوي من طريقة عمل إسرائيل في الفضاء الأوروبي.
هولندا.. بلد القانون الدولي تُطلق جرس الإنذار
أن يأتي هذا التقييم من هولندا تحديدا، فهذه رسالة لا يُستهان بها. هولندا ليست فقط دولة أوروبية صغيرة ذات دبلوماسية ناعمة، بل هي أيضا المقر الرسمي للمحكمة الجنائية الدولية، وواحدة من أبرز الدول التي تستضيف الهيئات القانونية الدولية الكبرى.
وعليه، فإن القلق الذي أبدته الوكالة الأمنية الهولندية من الضغوط الإسرائيلية والأمريكية على المحكمة الجنائية الدولية، لا يُقرأ فقط في سياق قانوني، بل في سياق السيادة الوطنية الهولندية، واستقلال مؤسساتها. التهديد هنا لا يُقاس فقط بعدد محاولات التجسس، بل بالقدرة على تشويه الحقيقة، وفرض خطاب أحادي على فضاء عام يتفاخر بتعدديته.
لا يتعلق الأمر بغزة فقط.. بل بالغرب نفسه
من السهل تفسير هذا التقرير في إطار تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة، ومذكرات الاعتقال الصادرة بحق نتنياهو وغالانت، لكن الأمر أعمق من ذلك، نحن أمام إدراك غربي متنامٍ بأن إسرائيل باتت تتصرف بصفاقة مفرطة، لا فقط تجاه الفلسطينيين، بل أيضا تجاه مبادئ الشراكة الغربية ذاتها.
هل تبقى شريكا حين تهاجم المؤسسات القضائية التي تستضيفها "دولة صديقة"؟
هل تظل حليفا حين تبث معلومات كاذبة عن مواطني هذه الدولة داخل عقر دارها؟ هذا هو قلب السؤال الذي بدأت هولندا الآن بطرحه، بصوتٍ غير مرتفع، لكنه واضح.
تفاعلات الداخل الهولندي
تقرير بهذا الحجم لم يُترك دون صدى داخل هولندا، فقد بدأت بعض الأصوات في البرلمان الهولندي، خصوصا من أحزاب يسارية ووسطية، بطرح تساؤلات علنية حول طبيعة العلاقة الأمنية مع إسرائيل.
وعلى مستوى الإعلام، تناولت الصحف الكبرى الخبر باهتمام، كما بدأ ناشطو المجتمع المدني في تعزيز مطالباتهم بوقف علاقات الشراكة والاتفاقات بمختلف تصنيفاتها مع إسرائيل، وكذا تجميد التعاون في عدد من المجالات.
هذا التفاعل الداخلي، وإن كان لا يزال في بداياته، إلا أنه يعكس إدراكا متناميا بأن قضايا مثل السيادة والعدالة الدولية ليست قضايا تخص الفلسطينيين وحدهم، بل باتت تتقاطع مباشرة مع المصالح والقيم الهولندية.
كفلسطيني في هولندا.. أقول: هذا وقت الحقيقة
كفلسطيني يعيش في هذه البلاد منذ سنوات، لطالما رأيت كيف كانت إسرائيل تحظى بهالة من الحصانة حتى داخل أوساط الإعلام والسياسة الهولندية. لكن المشهد الآن يتغير ولو ببطء، لكنه في المحصلة يتغير.
بات واضحا أن الفلسطيني لم يعد فقط من يصرخ "أنقذوا شعبي"، بل إن الأوروبي أيضا بدأ يقول: "أنقذوا ديمقراطيتنا من أدوات التضليل والتدخل الخارجي".
بات واضحا أن الفلسطيني لم يعد فقط من يصرخ "أنقذوا شعبي"، بل إن الأوروبي أيضا بدأ يقول: "أنقذوا ديمقراطيتنا من أدوات التضليل والتدخل الخارجي"
هذا من دون شك لا يعفينا من دورنا، بل يدفعنا إلى المزيد من الضغط، والتنظيم، وتوثيق الرواية، وتوسيع الشراكات مع قوى المجتمع المدني في أوروبا، من أجل حماية استقلال القضاء الدولي، ومنع تل أبيب من تفريغ العدالة من مضمونها.
إذا، إسرائيل اليوم على قائمة التهديدات في لاهاي، ولعلها تكون على قائمة العدالة غدا. وهذا بحد ذاته تقدم. لكن يبقى السؤال الأهم: ماذا بعد؟ هذا التقدّم لا يكتمل من تلقاء نفسه، إنه لحظة سياسية علينا كفلسطينيين نخبا وشعبا، أفرادا ومؤسسات، أن نحسن التقاطها.
هنا، في هولندا، حيث نعيش وننخرط في هذا المجتمع، لدينا واجب مزدوج: أن نحمل روايتنا العادلة، وأن ندافع عن الفضاء الديمقراطي الذي نحيا فيه، ضد محاولات الاختراق والتضليل التي كشفها التقرير.
كنخبة فلسطينية مقيمة في هولندا، يجب أن نخرج من دائرة التحليل المغلقة إلى فضاء الفعل، نكتب ونشارك في الإعلام العام، نُخاطب المجتمع الهولندي بلغته وقيمه، لا بلغتنا فقط.
كمؤسسات مجتمع مدني فلسطيني وعربي، لا يكفي التنديد، بل يجب إنشاء جبهات ضغط واضحة: تقديم مذكرات للبرلمان، وتنظيم فعاليات حقوقية بالتعاون مع مؤسسات هولندية، والعمل على فضح هذا النمط من التدخل أمام الرأي العام.
كجاليات فلسطينية وعربية وإسلامية، نحن مدعوون إلى العمل الميداني: من خلال اللقاءات المجتمعية، وورش التوعية، والوقفات السلمية التي ترفع خطابا راقيا يربط الدفاع عن فلسطين بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات في أوروبا.
أما المتضامنون الهولنديون من كل الاتجاهات، فهم حلفاء حقيقيون يجب ربطهم بهذه القضية من باب مشترك: حماية مؤسساتهم الوطنية من التدخل، وصون المحكمة الجنائية الدولية من الابتزاز.
لا شيء يُعادل هذا التقاطع النادر بين القضية الفلسطينية والضمير الأوروبي، وإذا لم نستثمره اليوم، قد لا يتكرر قريبا.
التقرير ليس نهاية المطاف، بل بدايته، إذا تركناه دون تفاعل، فستعود الأمور إلى حالة النسيان، أما إذا تلقفناه بوعي جماعي، وتكامل مدروس بين النخبة والشعب والمؤسسات، فسنحوّله إلى نقطة انطلاق ضمن محطة استراتيجية تُضعف مكانة إسرائيل، وربما تعزلها على المدى المنظور، وتُعزز حقنا بالعدالة الدولية.
العدالة لا يكفي أن تُطالب بها، بل يجب أن تُهيئ لها حاضنة وظهيرا ودليلا إنسانيا حيا، وهذا هو دورنا الآن. بلا تردّد وبثقة، إن الحقيقة حين تجد من يحميها.. لا تُقهر.