هآرتس: العداوة أبدية بين اليهود الدينيين والقوميين المتطرفين
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
تناول مقال في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية متغيرين لافتين للنظر، حدثا على هامش الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة: الأول تراجع الاهتمام الدولي بمحرقة اليهود (الهولوكوست) على يد ألمانيا النازية إبان الحرب العالمية الثانية؛ والثاني تجدد المواجهات والمناوشات بين المتزمتين الدينيين والمتطرفين القوميين من اليهود.
واستهل الكاتب الإسرائيلي بي مايكل مقاله في الصحيفة، بالمتغير الأول الذي طرأ في نظرة العالم للهولوكوست، معتبرا أن فكرة المحرقة قد انهارت على مدى 8 أشهر من حرب "غارقة في الدماء" تدور رحاها في قطاع غزة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غارديان: ثلاثة سيناريوهات محتملة لانتخابات ماكرون المفاجئةغارديان: ثلاثة سيناريوهات محتملة ...list 2 of 2صحف عالمية: تزايد الإحباط العالمي تجاه حرب غزة ورغبة إنهائها تتعاظمصحف عالمية: تزايد الإحباط العالمي تجاه ...end of listوقال إن صناعة الهولوكوست كفكرة فقدت هيبتها وتأثيرها، وأظهرت خوَرا بعد الاستغلال المفرط لها "الذي لا يستند إلى أساس"، وبعد أن حوَّلت دولة إسرائيل المحرقة إلى حدث ممل كبير، على حد تعبيره.
معاملتها بما تستحقوتجلت الذروة "البشعة" -كما يسميها الكاتب- في توظيف الهولوكوست لأغراض أخرى وذلك عندما طُلب من أحد الحقوقيين الإسرائيليين "الأذكياء" الانضمام إلى محكمة الاختصاص في لاهاي، ليس لكونه نابغة في المسائل القانونية بل لأنه أحد الناجين من محرقة اليهود.
وأشار مايكل إلى أن أعدادا متزايدة من الناس -بمن فيهم قضاة دوليون وسياسيون وصحفيون وممثلون هزليون (كوميديون) ورؤساء حكومات- لم يعودوا يتوانون عن معاملة إسرائيل بما تستحق أن تُعامل به حقا، دون خوف أو وجل من الهولوكوست، وبلا محاباة، لكن بقصد مساعدتها في "وقت الشدة" مع إدانة تصرفاتها عندما تتحلل من أي قيود قانونية وأخلاقية.
واعتبر أن ذلك ليس بالأمر السيئ، بل هو جيد في الواقع ومشجع، ومفيد لصحة "البلاد"، حسب وصفه، مضيفا أن ذلك قد يؤدي إلى انهيار دور الضحية الذي طالما ظلت تلعبه إسرائيل بشكل انفعالي.
الهولوكوست كغطاء
والجانب الإيجابي في كل ذلك، والذي يراه كاتب المقال، أن نزع الغطاء الواقي عن الهولوكوست من شأنه أن يجعل إسرائيل تقف على قدميها، وأن تنظر إلى نفسها في المرآة وتواجه أفعالها.
وينتقل الكاتب بعد ذلك للحديث عن المتغير الثاني في المشهد الإسرائيلي، وهو تجدد المناوشات التاريخية بين معسكري التطرف، وكلاهما ديني النزعة، وهما المتزمتون دينيا والمتطرفون قوميا. ويعد ذلك أمرا جديرا بالترحيب.
ومع أن المناوشات بين الأحزاب الدينية المتشددة والأحزاب الدينية القومية المتطرفة كانت تستوي على نار هادئة لبعض الوقت، فإنها "وصلت الآن إلى درجة الغليان" بعد قرار المحكمة العليا في إسرائيل بشأن قانون التجنيد الإجباري الذي طالب مقدمو الدعوى بفرضه على جميع الرجال الحريديم ممن بلغوا سن التجنيد.
الأغصان الذابلةوكان الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي قد صوّت مساء الاثنين لصالح استمرار العمل بقانون التجنيد الذي طُرح في الدورة التشريعية السابقة، وسعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتمريره لإعفاء الحريديم (اليهود المتشددين) من الخدمة العسكرية.
وقال مايكل إنه تنفس الصعداء، فبعد سنوات عدة من التحالف بين الأحزاب الدينية المتشددة ونظيراتها الدينية القومية المتطرفة، تخللها إفساد متبادل للقيم، يتصارع المعسكران الدينيان مرة أخرى مع بعضهما بعضا.
وأضاف ساخرا أن "الله أنعم" على المعسكرين بـ"عداوة أبدية"، واصفا المتدينين القوميين المتطرفين بأنهم فئة "متحورة آيلة للسقوط من شجرة اليهودية كما تسقط الأغصان الذابلة".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
"الناجي الوحيد".. لقب "بتول" الذي جردها الفقد معانيه
غزة - خاص صفا
"ناجية وحيدة"، لكن صدمة فقد عائلتها قبل نحو شهر، في وقت وضعت فيه حرب غزة أوزارها، جردتها من معاني الكلمة، وتعيش أوضاعًا صعبة، تتمنى فيها "اللحاق بهم.
الفتاة بتول أبو شاويش "20 عاما"، واحدة من آلاف الناجين الوحيدين لأسرة كاملة ارتقت بحرب غزة، لكنها تُسقى أضعافًا من كأس الفقد، لكونها استبعدته يومًا.
"أنا لستُ ناجية، أنا وحيدة وتمنيتُ لو أني ذهبتُ معهم"، تقول بتول لوكالة "صفا".
وتضيف "استشهدت أمي وأبي وإخوتي في قصف بجانب بيتنا في أبراج عين جالوت قبل شهر، وكنت معهم في نفس البيت".
ولكن دقيقة بين مغادرة "بتول" غرفة إخوتها نحو غرفتها، كانت فاصلًا بينها وبينهم، بين حياتها ومماتهم، رغم أن أنقاض البيت وقعت عليها هي أيضًا.
وتصف تلك اللحظات "كنت بجانب محمد وجميعنا بغرفة واحدة، ذهبت لأبدل ملابسي، وفي لحظة وجدت نفسي تحت الأنقاض".
ما بعد الصدمة
وانتشلت طواقم الدفاع المدني "بتول" من تحت جدارين، مصابة بذراعيها، وحينما استفاقت داخل المستشفى، وجدت عمها بجانبها.
سألت بتول عمها عن والديها وإخوتها، وعند كل اسم كان جوابه "إنا لله وإنا إليه راجعون".
لم تتمالك نفسها وهي تروي اللحظة "لم أستوعب ما كان يقوله عمي، لقد فقدتُ أهلي، راحت أمي رغم أنني كنت أدعوا دومًا أمامها أن يكون يومي قبل يومها".
"بتول" تعيش أوضاعًا نفسية صعبة منذ فقدت أسرتها، ويحاول عمها "رفعت"، أن يخفف عنها وطأة الفقد والصدمة.
"لحظات لم تكتمل"
يقول رفعت "40 عاما"، لوكالة "صفا"، إنها "ليست بخير، لا تعيش كأنها نجت، ولا تتوقف عن التساؤل لماذا لم تذهب معهم".
ويضيف "هي تؤمن بالأقدار، لكن أن يفقد الإنسان أهله وفي وقت هدنة، يعني مفروض أنه لا حرب، والقلوب اطمأنّت، فهذا صعب خاصة على فتاة بعمرها".
وسرق الاحتلال لحظات جميلة كثيرة من حياة "بتول"، لم تكتمل، كحفلة نجاح شقيقها "محمد" في الثانوية العامة.
يقول عمها "بتول بكر أهلها، وهي تدرس في جامعة الأزهر، رغم كل الظروف، وقبل استشهاد أخي وعائلته، احتفلوا بنجاح محمد، وكانوا ينوون تسجيله معها في الجامعة".
ومستدركًا بألم "لكن كل شيء راح، وبقيت بتول وحيدة تحاول أن تنهض من جديد، لكن ليس بعد".
ولم تقدر "بتول" على وداع أهلها من شدة صدمتها، وحينما وضعوها بين خمسة جثامين، تحدثت إليهم، سألتهم لما "رحلتم وتركتموني"، وما قبلت إلا جبين شقيقتها الصغيرة، أما أمها "فعجزت عن الاقتراب منها"، تردد بتول وهي تهتز من استحضار المشهد.
ويوجد في غزة 12,917 ناجيًا وحيدًا، تبقوا من أصل 6,020 أسرة أبيدت، خلال حرب الاحتلال على غزة على مدار عامين، فيما مسح الاحتلال 2700 أسرة من السجل المدني بكامل أفرادها، البالغ عددهم 8,574 شهيداً.