تسعى فرنسا لتعويض خسائرها الكبيرة في القارة الأفريقية، بعد طردها من العديد من الدول التي عانت من استعمارها لعقود طويلة.
وكادت فرنسا أن تخسر شراكتها مع دول المغرب العربي خلال السنوات الأخيرة رغم أنها الشريك الأول له، بسبب السياسات غير المتزنة، والتي لا تراعي مصالح جميع الأطراف، وفق خبراء.
أخيرًا، أعلن المصرف العام للاستثمار في فرنسا، إطلاق صندوق بمئة مليون يورو، لدعم الشركات الفرنسية الراغبة في الاستثمار، أو في تعزيز حضورها في بلدان المغرب والجزائر وتونس، بعد توترات مع الدول الثلاث في فترات مختلفة.


وفق المصرف الفرنسي، فإن الآلية تسعى إلى « تلبية حاجات الشركات الفرنسية الراغبة في إطلاق، أو تعزيز مشاريع بالمغرب الكبير، بشراكة مع شركاء في المغرب الكبير »، وهي الخطوة التي يمكن لفرنسا أن تلتف بها الإشكاليات التي تواجهها في القارة السمراء، وكذلك تعزيز الدول المغاربية لتنويع شراكاتها مع دول كبرى أخرى منها روسيا والصين.
وارتفع حجم التبادل بين فرنسا والجزائر في عام 2023، بنسبة 5.3% لتصل إلى 11.8 مليار يورو، مقارنة بـ11.2 مليار يورو في عام 2022، وفقا لأرقام الجمارك الفرنسية.
وكان الميزان التجاري لصالح الجزائر بقرابة 2 مليار و800 مليون يورو بفضل المحروقات.
وفي المغرب، حقق التبادل التجاري بين الرباط وباريس، 14.1مليار يورو، بنسبة نمو نحو 5%.
أما في تونس، ووفقًا للبيانات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء، احتلت فرنسا المرتبة الأولى في الشراكة مع تونس في عام 2023، حيث بلغت قيمة التجارة بين البلدين 7.4 مليار دينار، منها 3.7 مليار دينار صادرات تونسية إلى فرنسا و3.7 مليار دينار واردات تونسية من فرنسا ( الأورو مقابل 3.30 دينار تونسي)، وفقا لمصادر عدة.
تعليقا على الخطوة، قال الخبير الاقتصادي المغربي أوهادي سعيد، إن المصرف العام للاستثمار الفرنسي أعلن تخصيص 100 مليون يورو للشركات الفرنسية الراغبة في الاستثمار بدول المغرب الجزائر وتونس في قطاعات الصناعة الطاقة الزراعة وصناعة الأدوية خلال الفترة الممتدة من 2024 إلى 2027 عن طريق التمويل والضمان والمواكبة.
وأضاف الخبير الاقتصادي والأكاديمي المغربي، في حديثه مع « سبوتنيك »، أن هذا التخصيص يهدف إلى تشجيع الشركات على رفع مستوى الشراكات الاستراتيجية مع الجانب المغاربي، وذلك في إطار تدارك خسائر السنوات الأخيرة، بحكم فشل سياسة الرئيس ماكرون في إيجاد صيغة توفيقية لعلاقات فرنسا بالدول المغاربية، خاصة الجزائر والمغرب، في المقام الأول.
يشير الخبير إلى أن فرنسا تبدو راغبة في استدراك ما فاتها، بالدخول في مشاريع عملاقة مع الرباط، خصوصا في المجالات الأربع، والتي عرفت تطورا ملحوظا خصوصا بعد اطلاق مشاريع عملاقة ترمي إلى فتح المجال للاستثمار في الدول الأفريقية.
وفق رؤية سعيد، فإن باريس تحاول اللعب على الجانب الاقتصادي لاستمالة الرباط، التي نوعت اقتصادها واستثمرت في المجالات الجديدة، بدول أفريقية واعدة.
ويرى أن الخطوة تسعى للاستفادة من السوق الأفريقية، بالدخول في شراكات استثمارية مع شركات مغربية متموقعة جيدا في أفريقيا.
شهدت العلاقات الفرنسية نوعا من التوتر، تفاوتت نسبته مع الدول المغاربية، لكن سعيد يشير إلى أن فرنسا قد تغير نوع العلاقات مع الدول المغاربية، وذلك بالسير على نهج دول عظمى أخرى كالصين وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة، وذلك بتغليب مقاربة « رابح رابح » للصمود أمام المد الجارف للقوى الصاعدة، والاستفاذة من التطور السريع لاقتصادات دول إفريقية واعدة، بعقلية حديثة بعيدا عن نظرة المستعمر للمستعمر القديم.

رغم التوقعات بالسعي لتغيير باسريس لسياستها القديمة، يرى الخبير الاقتصادي أن هذه الرغبة الجامحة ستواجه إشكالا معقدا، يتمثل في كيفية التوازن في علاقات فرنسا بالجزائر والمغرب، في ظل استحالة إرضاء الطرفين في الحين، وهو ما سيجعل فرنسا أمام امتحان عسير، إن فضلت العلاقات بالمغرب على حساب الجزائر.
وتابع بقوله: « في الأخير يبقى السؤال المطروح، هو كيفية ابتكار صيغ تمويلية حديثة لخلق فرص استثمارية للشركات الفرنسية بدول المغرب الكبير، خاصة تونس الجزائر والمغرب، وهو ما سيظهر جليا في الأيام المقبلة، أن أبقى الرئيس ماكرون على زيارته للمغرب بعد النكسة الانتخابية الأوروبية مؤخرا ».
ويغطي المشروع الفرنسي الفترة ما بين 2024 و2027، مستهدفا قطاعات مختلفة، مثل الصناعة والطاقة والزراعة وصناعة الأدوية.
(سبوتنيك)

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: الدول المغاربیة

إقرأ أيضاً:

مركز تفكير بريطاني: دعم بريطانيا لمخطط الحكم الذاتي يفتح المجال لتعزيز التعاون بين الرباط ولندن

أكد الرئيس التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، السير جون تشيبمان، أن الدعم الذي عبرت عنه المملكة المتحدة لمخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب لتسوية قضية الصحراء في إطار سيادته الوطنية، من شأنه أن يفتح المجال أمام تعاون متزايد بين الرباط ولندن في عدة مجالات ذات أهمية استراتيجية كبرى.

وأوضح تشيبمان أن « دعم مخطط الحكم الذاتي المغربي للصحراء، الذي ينضاف إلى دعم الولايات المتحدة وفرنسا، يمهد الطريق نحو شراكة معززة بين المملكة المتحدة والمغرب، لاسيما في المجالات الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية ».

وأضاف الرئيس التنفيذي لأحد أبرز مراكز الأبحاث العالمية المتخصصة في الشؤون العسكرية والأمنية، أن هذا التعاون يكتسي أهمية متزايدة في سياق استعداد المغرب لتنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030.

وكان بيان مشترك قد صدر، الأحد الماضي بالرباط، عقب مباحثات جمعت بين وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية، ديفيد لامي، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أكد فيه الجانب البريطاني أن المملكة المتحدة « تعتبر مخطط الحكم الذاتي، الذي قدمه المغرب سنة 2007، بمثابة الأساس الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق وبراغماتية من أجل تسوية دائمة للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية ».

وأشار إلى أن لندن « ستواصل العمل على الصعيد الثنائي، لاسيما في المجال الاقتصادي، وكذلك على الصعيدين الإقليمي والدولي، وفقا لهذا الموقف، من أجل دعم تسوية النزاع ».

كلمات دلالية المغرب، بريطانيا

مقالات مشابهة

  • الشرطة الفرنسية توقف فلسطينيًا ضرب حاخامًا بكرسي
  • إطلاق الرحلات البحرية الأسبوعية بين الجزائر وبجاية ومدينة سيت الفرنسية
  • “جي آن في” الإيطالية تطلق خطا بحريا بين الجزائر العاصمة وسات الفرنسية
  • أوكرانيا تتلقى دعمًا بـ1.3 مليار يورو لتصنيع أسلحة محلية
  • كركي شارك في مؤتمر العمل الدولي في جنيف.. لقاءات رفيعة لتعزيز التعاون العربي
  • ريان شرقي استغل اهتمام الجزائر للضغط على منتخب فرنسا
  • 216.5 مليار درهم تمويلات تراكمية لصندوق «أبوظبي للتنمية»
  • الوزير الشيباني: تقوم القوات السورية بملاحقة هذه العناصر لحماية الشعب السوري ونناشد الاتحاد الأوروبي وجميع الدول لدعم مساعي سوريا بحماية أمنها واستقرارها.
  • مركز تفكير بريطاني: دعم بريطانيا لمخطط الحكم الذاتي يفتح المجال لتعزيز التعاون بين الرباط ولندن
  • فرنسا تقدم ضمانات مالية بقيمة 1.5 مليار يورو لأوكرانيا