تنظيم محكم لراحة ضيوف الرحمن بالمشاعر المقدسة.. «لا حج بلا تصريح».. رحلة آمنة بعيداً عن الفوضى
تاريخ النشر: 7th, June 2025 GMT
البلاد – منى
سادت أجواء الطمأنينة والسكينة بين الحجاج خلال تأديتهم لمناسكهم، منذ وصولهم عبر المنافذ إلى تصعيدهم إلى مشعر عرفات، والوقوف لأداء الركن الأساسي في الحج، وسط بيئة آمنة وخدمات متكاملة وفّرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين.
رؤيةٌ وطنيّة ورسالةٌ سامية من المملكة العربية السعودية إلى العالم، مفادها أن الحج الآمن والمطمئن، حقٌ لكل حاج، لا يتحقق إلاّ بنظامٍ واضحٍ يحترمه الجميع.
“لا حج بلا تصريح”، الحملة الوطنية التوعوية والنظامية، التي تطلقها المملكة سنويًا، وتُطبّق على أرض الواقع في موسم الحج، على المواطنين والمقيمين من حجاج الداخل، وكذلك على حجاج الخارج، هي تجسيدٌ لاهتمام قيادة المملكة– أيدها الله – لضمان موسم حجٍ آمن، يحظى فيه ضيوف الرحمن بخدماتٍ متكاملةٍ على مستوى عالٍ من الأمان والراحة والطمأنينة، بعيدًا عن مظاهر الفوضى والعشوائية والمخالفات التي تنعكس سلبًا على سلاسة الحج وسهولته.
وتستهدف الحملة الحد من الظواهر السلبية، التي لطالما أثّرت في جودة تنظيم الحج؛ كالافتراش في الطرقات، والتسلل، ونقل الحجاج غير النظاميين، والازدحام، الذي يتسبب في مضايقة الحجاج النظاميين، فضلاً عن محاصرة حملات الحج الوهمية، وما ينطوي عليها من مخاطر كبيرة على الحاج، الذي يجد نفسه يفترش الرصيف وسط درجات حرارة مرتفعة، دون مأوى أو رعاية.
وفي حج هذا العام 1446هـ، تأتي حملة “لا حج بلا تصريح” لتؤكد مضي المملكة بحزمٍ وحسمٍ، في هذه الحملة التي أكدت أن نجاح موسم الحج، مسؤولية وطنية وأمنية وتنظيمية متكاملة، تستدعي تطبيق الأنظمة الصارمة بحق من يخالف التعليمات، ويتسبب في أي إرباكٍ قد يعكّر صفو ضيوف الرحمن، من خلال إرسال العديد من الرسائل التوعوية التحذيرية المسبقة، وتكثيف نقاط التفتيش الأمنية على مداخل مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، واستخدام أحدث التقنيات في أنظمة الرصد والمراقبة، إلى جانب فرض العقوبات الفورية.
وفي مشهد يعكس نضج التجربة التنظيمية للمملكة في إدارة الحشود، جاء يوم عرفة هذا العام مختلفًا؛ إذ التزم الحجاج بالتعليمات، وحضروا في مخيماتهم وفق الجداول الزمنية المحددة، ما أسهم في انسيابية الحركة، وخلو الطرقات المؤدية إلى صعيد عرفات، بما فيها محيط مسجد نمرة من التكدس والازدحام المعتاد.
وخُصصت في هذا العام، أماكن مجهزة لكل حاج نظامي داخل المشاعر المقدسة، بما يضمن له أداء الشعائر في بيئة منظمة تراعي احتياجاته الصحية والخدمية، وما يقدّم له من خدمات متنوعة؛ كالإسكان، والتموين، والرعاية الصحية، والنقل الحديث، إلى جانب الاهتمام بتطبيق الجانب التوعوي عبر التطبيقات والمنصات الذكية.
وشهدت خطط التفويج والتصعيد بين المشاعر المقدسة، تضافر جميع القطاعات، لتنفيذ خطط النقل بمختلف وسائله من الحافلات وقطار المشاعر، وما واكبها من التزام البعثات والحملات الرسمية والحجاج والتقيّد بالجداول الزمنية المحددة.
وأسهمت الإجراءات التنظيمية؛ ومنها بطاقة “نسك”، واستخدام أنظمة تقنية حديثة في الإشراف، في تنظيم أداء الحج ومنع المخالفات، والتحقق من امتثال الجميع للإجراءات المحددة، كما كان للحملات التوعوية والتنسيق الفعال بين الجهات المختصة، أثر فاعل في تعزيز وعي الحجاج بأهمية اتباع التعليمات.
وأسهم التزام الحجاج بالتعليمات واتباعهم للإرشادات، ومراعاة مواعيد التفويج في تسهيل وصولهم عبر مختلف وسائل النقل في انسيابه تامة في الحركة المرورية وسط متابعة من القطاعات الأمنية المنتشرة في الميادين، والطرق المؤدية للمسجد الحرام والمشاعر المقدسة.
وتيسيرًا على ضيوف الرحمن، واصلت وزارة الداخلية تنفيذ مبادرة “طريق مكة”، للعام السابع في (7) عبر (11) مطارًا في الدول المستفيدة، وتقديم خدمات ذات جودة عالية لضيوف الرحمن من الدول المستفيدة منها، متجاوزًا عدد المستفيدين من هذه المبادرة منذ إطلاقها عام 2017 م (1,000,000) مستفيد.
وما تحقق منذ بدء موسم الحج لهذا العام، من ثمار رؤية المملكة 2030 الهادفة إلى الارتقاء بخدمات الحج والعمرة، وتحقيق تجربة آمنة وميسّرة لكل حاج.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: ضیوف الرحمن
إقرأ أيضاً:
حجاج بعدسة الهاتف.. توثيق رحلة العمر بالصورة والكلمة.. سيلفى فى الحرم بين لحظة الخشوع وذاكرة الكاميرا.. ضيوف الرحمن لـاليوم السابع: نوثق أسعد أيامنا.. أبنائنا يسعدوننا بالفيديوهات وهى جزء من طقوسنا اليومية
في كل موسم حج، تحضر مشاهد الإيمان والخشوع بقوة، لكنها باتت تتجاور اليوم مع مشاهد من نوع مختلف تمامًا، تحمل طابعًا عصريًا يوثق التجربة من زوايا لم تكن مألوفة قبل سنوات.
فكاميرات الهواتف المحمولة تحولت إلى رفيق لا يغيب عن أي خطوة في رحلة الحجاج، والصور الذاتية "السيلفي" أصبحت جزءًا من سرد الحكاية التي يرويها كل حاج على طريقته.
منذ اللحظات الأولى لانطلاق الرحلة، يظهر حرص كثير من الحجاج على توثيق كل تفصيل، في المطارات، في الحافلات، وأثناء الإحرام، تلتقط الصور تباعًا وكأنها مشاهد سينمائية متسلسلة.
وعند الوصول إلى الأراضي المقدسة، يتحول الهاتف الذكي إلى عين ثالثة لا تنام، تتابع الطواف والسعي، وتسجل دعوات الحجاج ودموعهم وهم يقفون على صعيد عرفات، أو أثناء رمي الجمرات في منى.
في لقاءات أجراها موفد اليوم السابع بالأراضي المقدسة مع عدد من الحجاج، عبّر كثير منهم عن رغبتهم في أن يحتفظوا بكل لحظة من هذه الرحلة التي قد لا تتكرر مرة أخرى.
يقول حاج خمسيني إنه أراد أن يشارك أبناءه هذه اللحظات العظيمة، فكان يصور مقاطع قصيرة يرسلها إليهم أولًا بأول. يضيف أن ابنه الأصغر، الذي لم يتجاوز الثانية عشرة، كان يتابع كل فيديو ويطلب منه أن يصور أماكن بعينها في الحرم ليراها.
أما حاجة أخرى فأنشأت مدونة مصغرة على منصات التواصل الاجتماعي، توثق فيها يوميات الحج منذ لحظة الاستعداد في مصر حتى وصولها إلى مكة والمدينة.
تقول إنها شعرت أن هذه الرحلة تمثل "رحلة العمر" فعلًا، وكان من الطبيعي أن توثقها بكل ما تستطيع، لتبقى الذكرى حية في قلبها وقلب من تحب.
لكن الظاهرة لم تمر دون جدل، فهناك من يرى أن الإفراط في التصوير، خصوصًا في أوقات المناسك الكبرى، قد يشتت الحاج عن التركيز والخشوع.
ويرى البعض أن التوثيق ليس في حد ذاته مخالفًا، لكنه يصبح مشكلة حين يتحول إلى شاغل دائم للحاج، ويأخذ من وقته وجهده وتركيزه، وأن بعض الحجاج يلتقطون عشرات الصور في وقت الوقوف بعرفة، وهو وقت يعد من أشرف اللحظات في عمر المسلم، وكان الأولى أن يُستثمر في الدعاء والذكر لا في ترتيب زوايا التصوير.
وفي مقابل هذا الرأي، يرى آخرون أن التوثيق بات جزءًا من ثقافة العصر، ولا تعارض بين العبادة وبين تسجيل اللحظات المهمة. فالحاج، في نظرهم، يملك الحق في أن يحتفظ بما يساعده على تذكر تلك اللحظات، ومشاركتها مع من لم ينالوا فرصة الحج بعد.
اللافت أن بعض الحملات المنظمة للحج أصبحت تتجاوب مع هذا التوجه الجديد، حيث تقوم بعض الشركات بتوفير خدمات تصوير احترافية للحجاج، أو تنظيم جلسات تصوير تذكارية في مواقع رمزية، مع التأكيد على احترام خصوصية المناسك وعدم الإخلال بأجواء العبادة.
من جانبها، أطلقت وزارة الحج والعمرة في السعودية عدة حملات توعوية على مدار السنوات الماضية، تحث الحجاج على الالتزام بالضوابط الشرعية والتنظيمية خلال التصوير، خاصة في المناطق المزدحمة أو أثناء أداء المناسك الجماعية، حفاظًا على النظام العام وسلامة الجميع.
ويرى البعض أن هذه الظاهرة قد تتطور في المستقبل لتصبح جزءًا من منظومة تنظيمية، حيث يمكن للحاج أن يوثق رحلته بطريقة منظمة، دون أن يتسبب ذلك في أي إرباك أو إخلال بالمناخ الروحي العام، بل وربما تصبح الصور والفيديوهات لاحقًا جزءًا من أرشيف رقمي عالمي يسجل مشاعر ملايين المسلمين في بقاع الأرض أثناء أدائهم هذا الركن العظيم.
تتفاوت الآراء بين مؤيد يراها ذاكرة مرئية تبقى للأجيال، ومعارض يخشى أن تُفقد الرحلة طابعها الروحاني، لكن المؤكد أن الحج اليوم ليس فقط رحلة روح، بل أيضًا رحلة توثيق ومشاركة، تسافر فيها المشاعر والإيمان والعدسات معًا، وتحمل كل صورة قصة، وكل مقطع فيديو دعاء.
مشاركة