أكد الدكتور ايمن غنيم استاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية والخبير المصرفي، تولى القيادة السياسية المصرية أهمية قصوى لتصنيع مصر، إيماناً منها أن الخروج بالشعب المصري مما أسمته حقاً  "بدائرة العوز" لن يكون إلا بتنمية الدخل القومي بناءً على إنتاج حقيقي يسد احتياجات السوق المحلي المتزايدة وينطلق نحو آفاق التصدير، سواء في الدائرة الإفريقية، التي استعادت مصر مكانتها الريادية فيها، أو في الدائرة الآسيوية، من خلال الاختراق الدبلوماسي الذي أنجزته مصر الجمهورية الجديدة، بانضمامها لتجمع البريكس، أو الدائرة الأوسع - أوروبياً وأمريكياً.

وأضاف أنه منذ أن انتخب الرئيس عبد الفتاح السيسي في ٢٠١٤ وهو يقود الجمهورية الجديدة في عمل دائب، يصل الليل بالنهار، على مسارات متعددة ومتوازية لتحقيق ذلك الهدف الجلل. فكان الأساس الذي بدأت به مصر، هو ذلك المشروع القومي الطموح لتحديث البنية التحتية، من طرق وكباري وأنفاق وطاقة، فرأينا خلال التسعة أعوام الماضية عملية بنائية لم تشهدها مصر منذ عهد محمد علي، بإجمالي استثمارات تربو على ٨ تريليون جنيه مصري.

وقال :"لقد أضافت مصر ٧ آلاف كم إلى شبكة الطرق الوطنية، ارتفعت بها إلى ٣١ ألف كم وقامت برفع كفاءة وتهيئة ١٠ آلاف كم من الطرق الموجودة فعلاً، وإنشاء أكثر من ألف كوبري ونفق جديد، ذلك غير المحاور العرضية على النيل. وفي مجال الطاقة، فقد توسعت القدرة الإنتاجية المصرية للكهرباء من ٣١ جيجاوات ساعة في ٢٠١٣ إلى ٥٩ جيجاوات ساعة في ٢٠١٩، وهو ما يساوي ٢,٨ حجم محطة إنتاج الكهرباء بالسد العالي (بعد توسعاتها المتتالية من سنة ١٩٧٠). ووضعت القيادة نصب عينيها أن يكون هذا البناء في خدمة الصناعة، فشرعت منذ اليوم الأول لتوليها أمانة المسئولية في إنشاء ١٧ مجمعاً صناعياً في ١٥ محافظة على امتداد الجمهوية، فضلاً عن تشييد ٤ مدن صناعية متخصصة".

وتابع :"بالتوازي مع هذه الحركة البنائية والتى مازال هديرها دائراً حتى الآن، فقد قدمت الجمهورية الجديدة ترسانة من القوانين الاقتصادية التي تمكن الحكومة من توفير الحوافز المشجعة للاستثمار الإنتاجي، لعل أبرزها القانون رقم (١٥٢) لسنة ٢٠٢٠ والخاص بتنمية وتشجيع المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر والذي أوجد تعريفاً اقتصادياً موحداً لتلك المشروعات، سواء كانت متناهية الصغر - بحجم أعمال سنوي أقل من مليون جم، أو صغيرة - من مليون وحتى أقل من ٥٠ مليون جم، أو متوسطة - من ٥٠ مليون وحتى أقل من ٢٠٠ مليون جم. ولا ننسى القانون رقم (٧٢) لسنة ٢٠١٧ والخاص بتشجيع الاستثمار، والحوافز المالية والإجرائية التي قدمها، ولعل أبرزها الإعفاءات الضريبية التي تصل إلى ٣٠٪؜ للمنطقة (ب) - المشروعات كثيفة العمالة والصغيرة والمتوسطة والمادة رقم (٤٨) والتي تعطي لمجلس الوزراء حق منح "الرخصة الذهبية" للمشروعات الهامة والمستعجلة التي تخدم خطة الدولة لتحقيق التنمية وزيادة التشغيل".

وقال إن قطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر يمثل الآن أكثر من ٩٣٪؜ من عدد الشركات العاملة في مصر ويوظِّف ٧٧٪؜ من حجم العمالة. ويمتاز هذا القطاع بأن مشروعاته لا تحتاج لفترة طويلة لتصل لنقطة تعادل الإيرادات والنفقات، وباعتمادها أساساً على مكونات محلية وارتباطها (ولاسيما في الأقاليم) بالبيئة والخامات المحلية. كما يمثل ذلك 
لقطاع مشروعات مغذية لكثير من الصناعات الكبرى والثقيلة مثل صناعة السيارات والحديد والصلب والأسمنت والكابلات. لقد قدَّم جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر قروضاً تربو على ٤٠ مليار جم، كما زادت محفظة البنوك من التسهيلات الائتمانية المقدمة لذلك القطاع عن ٤٠٠ مليار جم، بعد أن أوجب البنك المركزي المصري على المصارف أن توجه ما لا يقل عن ٢٥٪؜ من تسهيلاتها (بدون ضمانات نقدية) للمشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر.

وأضاف إن اهتمام الدولة وتوفر التمويلات، فضلاً عن أهمية القطاع، يوجب علينا جميعاً البحث عن أهم التحديات التي تواجه القطاع والاستفادة من التجارب العالمية للتغلب عليها. ولا شك أن أهم التحديات الآن هو التسويق، فإن المنتج الصغير عادة ما يكون ملماً بالتفاصيل التقنية لعملية الإنتاج وقادراً (في ظل تشجيع الدولة) على الحصول على التمويل. ولعل النموذج الياباني، فيما بعد الحرب العالمية الثانية، يعتبر من أنجح النماذج في مضمار التسويق. فقد عملت اليابان على ربط السفارات ومكاتب التمثيل التجاري بوزارة التجارة والصناعة والمشروعات الصغيرة. فعلى سبيل المثال: تقوم القنصلية اليابانية في سان فرانسيسكو بدراسة احتياجات السوق الموسمية، وتحدد احتياج المتاجر الكبرى لعدد ١٠٠ ألف لعبة أطفال (بمواصفات معينة) قبل موسم الكريسماس، ثم تبرق إلى وزارة التجارة والصناعة، والتي بدورها تطرح مناقصة للورش والمصانع الصغيرة لتوريد تلك المنتجات للوزارة كمشتري، ثم تقوم الوزارة ببيعها إلى المتاجر الأمريكية. إن هذا النموذج يحقق الآتي: ١) توجيه التصدير بالعملة الصعبة من خلال الحكومة مباشرة، ٢) بيع المنتج الصغير للحكومة بالعملة المحلية، ٣) منع استغلال المستوردين للمنتج الصغير بالشراء بأقل من أسعار السوق، ٤) إشراف ومتابعة وزارة الصناعة لكافة مراحل العملية الإنتاجية، لضمان جودة المنتج والحفاظ على سمعة الصادرات الوطنية، ٥) وأخيراً وليس آخراً، النمو المستمر للمشروعات الصغيرة التي تشارك في تلك المنظومة. إن مصر بما لديها من سفارات وقنصليات ومكاتب للتمثيل التجاري، لقادرة على تمصير ذلك النموذج، ولا ننسى الدور المتميز الذي لعبته "شركة النصر للتصدير والاستيراد" حتى أوائل السبعينيات في دول أفريقيا حديثة الاستقلال. ونحن نطمح في ظل استعادة مصر السيسي لدورها القيادي في أفريقيا وآسيا أن تعود الصادرات المصرية على أرفف المتاجر بتلك الدول، سفيراً لمصر ورمزاً لقوتها الناعمة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الصناعات الصغيرة والمتوسطة الرئيس عبد الفتاح السيسي تحديث البنية التحتية شبكة الطرق الوطنية المتوسطة والصغیرة والمتناهیة الصغر

إقرأ أيضاً:

246 مليون ريال قيمة المشروعات التنموية المسندة خلال النصف الأول من العام الجاري

أسند مجلس المناقصات خلال النصف الأول من عام 2025 عددا من المشاريع الجديدة والأعمال الإضافية والتكميلية في مختلف القطاعات، بقيمة إجمالية تجاوزت 246 مليون ريال عماني، وذلك ضمن الجهود لتعزيز التنمية الشاملة وتطوير البنية التحتية والخدمات العامة في مختلف محافظات سلطنة عُمان.

المشاريع الأعلى قيمة

وقد شملت قائمة المشاريع الأعلى قيمة، تصميم وإنشاء 20 مبنى مدرسيًّا متكاملًا في عدد من المحافظات ضمن المرحلتين الأولى والثانية، بما يسهم في دعم القطاع التعليمي وتوفير بيئة مدرسية متكاملة تلبي احتياجات الطلاب والهيئة التدريسية وتوفير بيئة خصبة وجاذبة للتعليم، كما تم إسناد مشروع إنشاء ميناء متعدد الأغراض بولاية مصيرة في محافظة جنوب الشرقية، والذي يُعد من المشاريع الحيوية لدعم الأنشطة الاقتصادية والخدمية في الولاية وتعزيز دورها البحري واللوجستي.

وفي القطاع التقني، وافق المجلس على إسناد الاتفاقية المركزية لرخص برمجيات "مايكروسوفت" للمؤسسات الحكومية لمدة ثلاث سنوات، إضافة إلى اتفاقية رخص برمجيات "أوراكل" لمدة أربع سنوات، بما يهدف إلى رفع كفاءة المنظومة الرقمية الحكومية وتحقيق التحول الإلكتروني في الخدمات.

البنية الأساسية

وفي قطاع البنية الأساسية، شملت الأعمال المسندة مشروع رصف شبكة من الطرق بولاية القابل بمحافظة شمال الشرقية، وإنشاء طريق أسفلتي بولاية ضنك، ومشروع ازدواجية طريق دبا بمحافظة مسندم، إلى جانب تأهيل طريق دوار الحزم - دوار الوشيل بولاية الرستاق.

كما تضمنت الأعمال المعتمدة مشروعات سدود التغذية الجوفية في عدد من الولايات، منها سد وادي كيد بولاية بهلا، وسدود في ولايتي دماء والطائيين، في إطار الجهود الوطنية لتعزيز الأمن المائي وتنظيم الاستفادة من الموارد المائية.

وشملت المشاريع الصحية توفير أدوية ومواد طبية لوزارة الصحة، منها مستلزمات الغسيل الكلوي، وأجهزة مختبرية لمختبر الصحة العامة المركزي، بالإضافة إلى أعمال صيانة دورية لأجهزة الأشعة والتنفس الصناعي والمناظير في عدد من المستشفيات الحكومية، وتوفير كوادر فنية لتشغيل وصيانة المعدات في مستشفيي نزوى والرستاق.

كما أقر المجلس أعمالًا إضافية لمشاريع قائمة، من أبرزها مشروع تأهيل المدرج الجنوبي والممرات الجوية بمطار مسقط الدولي، ومشروع حديقة النباتات العمانية، إضافة إلى عقود صيانة سنوية لطرق أسفلتية في محافظتي الداخلية وظفار، وتطوير منطقة الحصن بولاية الخابورة.

وفي المجال السياحي والإعلامي، تمت الموافقة على تعيين شركة للتمثيل السياحي في المملكة المتحدة وإيرلندا، والتعاقد مع شبكة إعلامية دولية كشريك إعلامي للمنتديات وأهمية المشاركة في معرض سوق السفر العربي.

تحقيق التنمية المتوازنة

وأكدت هيئة المشاريع والمناقصات والمحتوى المحلي لـ"عمان": إن المشاريع التنموية تعكس حجم الاهتمام الذي توليه الحكومة لتعزيز البنية التحتية وتحقيق التنمية المتوازنة في مختلف ربوع سلطنة عُمان. كما تجسّد قرارات الإسناد توجه مجلس المناقصات نحو تكامل الجهود الوطنية في مختلف القطاعات، بما يعزز جودة الخدمات المقدمة للمواطنين ويواكب مستهدفات رؤية عُمان 2040.

كما يعكس تنوع المشاريع الالتزام بتوسيع فرص الإسناد وتعظيم القيمة المحلية المضافة، من خلال دعم الشركات الوطنية ومراعاة مبادئ الشفافية والكفاءة في الترسية، مع التأكيد على استمرار الهيئة في دورها المحوري كمحفّز استراتيجي لتنفيذ الخطط والمبادرات الحكومية.

وأضافت: في إطار التزام الحكومة بدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورفع مساهمتها في الاقتصاد الوطني، تولي هيئة المشاريع والمناقصات والمحتوى المحلي اهتمامًا كبيرًا بتمكين هذه المؤسسات من الدخول في المناقصات والعقود الحكومية، بما يعزز من القيمة المحلية المضافة ويساهم في خلق بيئة أعمال تنافسية ومستدامة، حيث تُولي الهيئة أهمية خاصة لتفعيل دور هذه المؤسسات من خلال تخصيص ما لا يقل عن 10% من إجمالي قيمة المشتريات والمناقصات الحكومية لصالحها، من أجل تعزيز التنويع الاقتصادي وتحفيز ريادة الأعمال.

دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

وقد شهدت السنوات الأخيرة نموًا ملحوظًا في أعداد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المسجلة لدى هيئة المشاريع والمناقصات والمحتوى المحلي في منصة "إسناد"، حيث بلغ إجمالي عددها نحو 2400 مؤسسة صغيرة ومتوسطة استفادت منها ما لا يقل عن 15%.

ويُعد هذا النمو مؤشرا واضحا على التفاعل المتزايد من قبل رواد الأعمال مع منصة "إسناد"، في ظل الإجراءات التسهيلية والتحفيزية التي اعتمدتها الهيئة، مثل الإعفاء من رسوم التسجيل، وتخفيض رسوم شراء مستندات المناقصات، بالإضافة إلى إعفاء المؤسسات من التأمين المؤقت، مما ساهم في تخفيف الأعباء المالية والإدارية، وفتح المجال أمامها للمنافسة العادلة على العقود الحكومية.

وأكدت الهيئة أن تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يُعد ركيزة أساسية في تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة، مشيرة إلى أن مواصلة تطوير السياسات الداعمة وتبسيط الإجراءات يُسهمان في بناء قطاع خاص مرن وقادر على المنافسة، وتحقيق التوازن في منظومة التعاقدات الحكومية.

وأشارت إلى أن المرحلة القادمة ستشهد مزيدًا من المبادرات التي تستهدف رفع كفاءة مشاركة هذه المؤسسات، وزيادة نسب إسناد المشاريع لها، بما يواكب التوجهات الوطنية الرامية إلى تعزيز المحتوى المحلي، ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي.

مقالات مشابهة

  • خبير أمني: الحملات التي تستهدف تشويه مصر في ملف غزة مخطط متكامل
  • عضو مجلس غرفة الأخشاب: نسعى لزيادة صادرات القطاع إلى 350 مليون دولار
  • وزير الري: استرداد 11.30 مليون متر مربع من أملاك الوزارة خلال موجات إزالة التعديات
  • طيران الإمارات وIHG يستكشفان فرص التعاون لتلبية احتياجات سفر الشركات الصغيرة والمتوسطة عالمياً
  • بَللو: الديناميكية التي يشهدها قطاع السينما تعكس التزام الدولة إلى بعث الصناعات الإبداعية
  • تفاهم بين طيران الإمارات و«أي إتش جي» لتلبية احتياجات سفر الشركات الصغيرة والمتوسطة
  • بقيمة تمويل تتجاوز 9 مليارات ريال.. برنامج «ضمان التمويل للمنشآت الصغيرة» يصدر 3534 كفالة
  • 246 مليون ريال قيمة المشروعات التنموية المسندة خلال النصف الأول من العام الجاري
  • اختتام فعاليات جولة "جدير" في جدة بحزمة من الفرص للمنشآت الصغيرة والمتوسطة
  • 81 مليار درهم تمويلات الشركات الصغيرة والمتوسطة في الإمارات