تقرير: أميركا ستتكبد ديونا بـ5.2 مليار دولار يوميا على مدار العقد المقبل
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
أشار استراتيجي الأسواق في "بنك أوف أميركا" مايكل هارتنت أن ديون الحكومة الأميركية سترتفع بمقدار 5.2 مليار دولار كل يوم على مدار العقد المقبل.
وقال مايكل هارتنت إنه استند إلى توقعات مكتب الميزانية في الكونغرس للتوصل إلى ذلك الرقم.
مادة اعلانيةومن المتوقع أن يرتفع الدين في أميركا بوتيرة أسرع بكثير مقارنة بالاقتصاد الكلي.
وخفضت وكالة التصنيف "فيتش"، الأسبوع الماضي، التصنيف الائتماني الأعلى للحكومة الأميركية، في خطوة أثارت استجابة غاضبة من البيت الأبيض وفاجأت المستثمرين على الرغم من حل أزمة سقف الديون قبل شهرين.
وجاء قرار "فيتش"، في جلسة الثلاثاء الماضية، بخفض تصنيف الولايات المتحدة إلى "AA+" من "AAA"، مستشهدة بالتدهور المالي على مدى السنوات الثلاث المقبلة ومفاوضات الحد الأقصى للديون المتكررة التي تهدد قدرة الحكومة على سداد فواتيرها.
ويقول هارتنت إن البنوك المركزية والحكومات لا تزال تعمل على إنقاذ وول ستريت.
"وجهة السياسة في مجموعة دول السبع، في نهاية المطاف، هي التحكم في منحنى العائد. وذلك بمجرد أن يؤدي الركود التالي إلى إثارة الذعر في السياسة المالية ومخاطر تخلف الحكومات عن السداد".
وتجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد الوحيد الذي يشهد تحكم الحكومة في منحنى العائد هو اليابان، والذي بدأ في اتخاذ خطوات صغيرة للخروج منه. كانت الولايات المتحدة تتحكم في منحنى العائد خلال الحرب العالمية الثانية، وهي سياسة تم النظر فيها مؤخرًا من قبل مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي.
يشير هارتنت إلى أنه منذ قرار رفع سقف الديون في الكونغرس في 31 مايو الماضي، كانت السلع هي الأصول الأفضل أداءً. المحفز الرئيسي هو عدك حدوث ركود، لكن مجموعة من العوامل الأخرى ساعدت أيضًا، بما في ذلك تسجيل مخزونات النفط الأميركية أدنى مستوى منذ عام 1985، وحظر تصدير الأرز الهندي، والقيود الصينية على صادرات الجرمانيوم والغاليوم، وخفض إمدادات النفط الروسية والسعودية والانقلاب العسكري في النيجر الغنية باليورانيوم.
كما أوضح، بحسب تحليل أجراه لعملاء "بنك أوف أميركا"، أن عملاء البنك يتحولون إلى الاستثمارات "غير الخطيرة"، حيث شهد الأسبوعان الماضيان أقوى تدفقات إلى السندات منذ أكتوبر 2022. كما سجلت أسواق الأسهم ثاني أسبوع على التوالي من التدفقات الخارجية.
"هؤلاء العملاء يتجهون نحو الأدوات ثات الدرجة الاستثمارية، وأسهم اليابانية، ويبيعون أسهم النمو، والقروض المصرفية، والتمويل، والصناديق الاستثمارية المتخصصة في سوقي التكنولوجيا والمالية.
مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News فيتش البيت الأبيض أميركا اقتصاد الولايات المتحدة اقتصاد أميركاالمصدر: العربية
كلمات دلالية: فيتش البيت الأبيض أميركا اقتصاد الولايات المتحدة اقتصاد أميركا
إقرأ أيضاً:
أميركا أولًا… لا الديمقراطية
#أميركا أولًا… لا #الديمقراطية: كيف تعيد #استراتيجية_ترامب للأمن القومي #تشكيل_العالم؟
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة
أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب استراتيجيتها الجديدة للأمن القومي، فجاءت الوثيقة بمثابة بيان سياسي يعكس تحولًا عميقًا في رؤية الولايات المتحدة للعالم ولدورها فيه. ليست هذه مجرد مراجعة تقنية للأولويات الأمنية أو الدفاعية، بل إعلان صريح عن نهاية مرحلة تاريخية في السياسة الأميركية، عنوانها التخلي عن “الليبرالية التبشيرية” التي حكمت السلوك الأميركي منذ نهاية الحرب الباردة، لصالح مقاربة واقعية قوامها المصالح الاقتصادية الضيقة، والأمن الداخلي، وإعادة تعريف العلاقة مع الحلفاء والخصوم على حد سواء.
تنطلق الاستراتيجية الجديدة من نقد جذري لمرحلة ما بعد الحرب الباردة، التي ترى أنها أرهقت الولايات المتحدة، واستنزفت مواردها، وأضعفت قاعدتها الصناعية وطبقتها الوسطى، في مقابل حماية حلفاء اعتادوا – وفق الرؤية الأميركية الجديدة – الاتكال على واشنطن في أمنهم وازدهارهم. وعليه، تعيد الوثيقة ترتيب الأولويات، فالأمن الداخلي والحدود في الصدارة، يليه نصف الكرة الغربي عبر إحياء مبدأ مونرو بصيغته “الترامبية”، ثم الأمن الاقتصادي، وأخيرًا الصين ومنطقة الإندو-باسيفيك.
مقالات ذات صلةاللافت في هذه الاستراتيجية هو الارتفاع غير المسبوق لمكانة الاقتصاد باعتباره جوهر الأمن القومي. فإعادة التصنيع، وتأمين سلاسل الإمداد، وحماية التفوق التكنولوجي الأميركي، باتت تتقدم على أي التزام أيديولوجي بالديمقراطية أو حقوق الإنسان. فالأمن، وفق هذا المنطق، لم يعد مرتبطًا بانتشار القيم الأميركية، بل بقدرة الدولة على حماية مصالحها المادية، حتى لو كان ذلك على حساب صورة أميركا ودورها الأخلاقي في العالم.
ويُعدّ غياب البعد القيمي من أخطر ما في الوثيقة. فعلى عكس الاستراتيجيات السابقة، لا نجد أي حديث عن “صراع الديمقراطية مع الاستبداد”، ولا عن “النظام الدولي القائم على القواعد”، ولا عن نشر الحكم الديمقراطي بوصفه مصلحة أميركية طويلة الأمد. بل تؤكد الوثيقة بوضوح أن السياسة الأميركية الجديدة “ليست مبنية على أيديولوجيات سياسية تقليدية”، وأن واشنطن تسعى إلى علاقات طيبة مع دول تختلف أنظمتها السياسية عنها، من دون فرض تغييرات ديمقراطية أو اجتماعية تتعارض مع تاريخ تلك الدول وثقافاتها. بهذا المعنى، نحن أمام إعلان رسمي بانتهاء عصر الليبرالية الدولية التبشيرية.
هذا التحول له آثار عميقة على وضع الديمقراطية عالميًا. فقد كانت الولايات المتحدة، رغم ازدواجية معاييرها، تشكل مرجعية رمزية وداعمة – ولو جزئيًا – للحريات وحقوق الإنسان. أما اليوم، فإن تخليها الصريح عن هذا الدور يفتح المجال أمام تمدد نماذج الحكم السلطوي، ويمنح الأنظمة غير الديمقراطية شرعية إضافية، في ظل غياب أي ضغط قيمي حقيقي من القوة الأعظم في العالم. وهنا يتقاطع هذا التحول مع ما تشير إليه الأدبيات الحديثة حول “عدوى السلطوية” وتراجع الديمقراطية عالميًا في نظام دولي بات أكثر تعددية وأقل تمركزًا.
أما الصين، فقد أعيد تعريفها في الوثيقة بوصفها منافسًا اقتصاديًا لا عدوًا أيديولوجيًا. لم تعد “التحدي المُحدد للوتيرة”، بل مصدر تهديد لسلاسل الإمداد، ومنافس على الهيمنة الاقتصادية والتكنولوجية. وحتى في ملف تايوان، تتراجع اللغة الحاسمة، ويُلمّح لأول مرة إلى أن التفوق العسكري الأميركي “غير مضمون”، وأن الدفاع عن الجزيرة قد يصبح مستحيلاً إذا لم يتحمل الحلفاء أعباء أكبر. هذا الاعتراف يعكس وعيًا أميركيًا بتغير موازين القوى، وبأن الاقتصاد – لا القيم – هو ساحة الصراع الحقيقية.
غير أن الاستراتيجية تعاني من تناقض بنيوي واضح: كيف يمكن لواشنطن بناء تحالف اقتصادي واسع في مواجهة الصين، بينما تشن في الوقت نفسه حروبًا تجارية على حلفائها، وتطالبهم بزيادة إنفاقهم الدفاعي، وتتعامل معهم بمنطق الصفقة لا الشراكة؟ هذا التناقض يهدد بتآكل الثقة الأميركية، ويدفع الحلفاء إلى التساؤل عن جدوى التضحية بمصالحهم من أجل دولة لم تعد تقدم قيادة أخلاقية، ولا حتى ضمانات اقتصادية مستقرة.
في المحصلة، تكشف استراتيجية ترامب للأمن القومي عن أميركا أكثر انكفاءً، وأقل التزامًا بالقيم التي رفعتها لعقود، وأكثر تركيزًا على ذاتها ومصالحها المباشرة. وهو تحول لا يعني فقط خسارة الولايات المتحدة لرصيدها الرمزي في دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، بل يسرّع أيضًا من تراجع الليبرالية عالميًا، ويدشن مرحلة جديدة في النظام الدولي، عنوانها الواقعية الخشنة، وتعددية بلا قيم، وعالم أقل ديمقراطية وأكثر اضطرابًا.