ما زال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يوجه إهاناته المتكررة ضد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، عبر تسجيلات وتصريحات علنية وتسريبات سرية، مع أنه على موعد لإلقاء خطاب تاريخي في الكونغرس بناء على دعوة وجهها له الحزبان الديمقراطي والجمهوري.

الأمر الذي قد يدعو حزب بايدن لإلغاء زيارته، والتوضيح للعالم أجمع أن تَفهُم واشنطن لاحتياجات الاحتلال الأمنية لا يعني الانسجام مع حكومتها الحالية.



وذكر كبير محللي صحيفة يديعوت أحرونوت، ناحوم بارنيع٬ أن "اللهجة العامية الأمريكية لديها عدة معانٍ لكلمة "fussickt"منها: ناعمة، ضعيفة، سهلة الدوس، ويستخدم أنصار ترامب هذا اللقب لإهانة خصومهم من حزب بايدن، لكن لعل هذا الوصف يستخدمه نتنياهو في تشبيه الديمقراطيين هذه الأيام، رغم أنه في المواجهة بين قوة عظمى ودولة راعية صغيرة، مثل واشنطن وتل أبيب، تظهر جرأة نتنياهو متزايدة يوما بعد يوم، وآخرها ادعاؤه بأن إدارة بايدن تحرم الاحتلال من الأسلحة الأساسية للدفاع عن نفسه".

وأضاف بارنيع في مقال ترجمته "عربي21" أن "أوساط المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تُقِرّ بوجود نقص في نوع معين من الأسلحة الأمريكية، لكن هذا التباطؤ يرجع لعدّة أسباب، أولها قيود الإنتاج في ضوء متطلبات الحرب الموازية لأوكرانيا، وثانيها الإهدار الهائل لذخيرة جيش الاحتلال في الأسابيع الأولى من حرب غزة، وثالثها فشله في إدارة اقتصاد التسلح في الأشهر التالية؛ ورابعها معارضة الأمريكيين لاستخدام أسلحتهم فيما تسبب دمارًا هائلاً بين المدنيين الفلسطينيين، ودمارًا يخلق لهم صورة سيئة، ومشكلة سياسية في خضم عام انتخابي".

وأوضح أن "هذه الاتهامات المتتالية التي يوجهها نتنياهو لحلفائنا في واشنطن ليس لها توصيف سوى أنها "وقاحة"، لأنها بالذات تتزامن مع توقيت رحلة وزير حربه يوآف غالانت، ووصوله لواشنطن، مما يجعلها خطوة خبيثة للغاية، وساخرة للغاية، وغير شرعية للغاية، فضلا عن كونها تتسبب بمزيد من الفوضى في علاقات الحليفين، مما يعيدنا إلى الطبيعة الناعمة للحكومات الديمقراطية، في حين لم يتردد وزراء الخارجية الجمهوريون في مواجهة الحكومات الإسرائيلية، كما فعل هنري كيسنجر ذلك أثناء حرب 1973، وكذلك جيمس بيكر أثناء حرب الخليج الأولى  1991".



وأشار المحلل السياسي أن "الديمقراطيين ينظرون للحكومات الإسرائيلية من خلال منظور ناخبيهم اليهود، ويجدون صعوبة في فهم مدى ابتعادها عن القيم الأمريكية، وقد تبنى رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون، فكرة مثيرة حصل عليها من رون دريمر وزير الشئون الاستراتيجية الاسرائيلي، بحيث أنه في غياب دعوة نتنياهو من البيت الأبيض، فإن كلا مجلسي الكونغرس سيدعوانه لمخاطبتهما، وهو أمر يحتاج لموافقة مجلس الشيوخ، وحينها فهم زعيم الأغلبية الديمقراطية تشاك شومر أن نتنياهو سيشعل موجة احتجاجات في خطابه، ورغم ذلك، فقد وافق على دعوته".

أما مراسلة موقع زمن إسرائيل، تال شنايدر٬ كشفت أن "الزعماء الديمقراطيين يفكرون في مقاطعة خطاب نتنياهو في الكونغرس المقرر في نهاية تموز/ يوليو القادم، ويبدو أن ما لا يقل عن 20 منهم يتغيبون عن الخطاب، أو سيحتجون خلاله، والأعداد قد ترتفع وتعتمد على سلوك الضيف غير المرغوب به، مع أنها المرة الرابعة التي تتم فيها دعوته لإلقاء خطاب، لكنه خلافا لخطابه عام 2015، حرص نتنياهو على أن تأتي الدعوة لإلقاء الخطاب أيضا من يد زعيم الديمقراطيين تشاك شومر".

وأضافت في مقال ترجمته "عربي21" أنه "قبل شهر من الخطاب، يبدو أن الحزب الديمقراطي يأسف بالفعل على الدعوة، حيث تتكشف لعبة نتنياهو السياسية بين الحزبين بكثافة، وآخرها تسريبه لفيديو يتهم فيه إدارة بايدن بتأخير شحنات الأسلحة، مما اعتبرته مخيباً للآمال، وسلوك محير، لأنه لا توجد دولة فعلت أكثر من الولايات المتحدة لحماية الاحتلال، مما يجعل كلامه غير صحيح، لأنها تعمل على تسليحه بطريقة غير مسبوقة منذ هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، حتى أن بايدن يدفع ثمناً سياسياً باهظاً مقابل ذلك، ولا يوقف الإمدادات".

وأشارت المراسلة إلى أنه "نتيجة لهذا السلوك المحير، أعلن العديد من أعضاء مجلس النواب وأعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين أنهم سيغيبون عن خطاب نتنياهو، ويفكر آخرون في الاحتجاج في القاعة أثناء الخطاب، لمواجهة التصفيق الحار، وهي لفتة سياسية يحب نتنياهو التأكيد عليها، وأبرزهم نانسي بيلوسي، رئيسة الكونغرس السابقة، التي لم تعلن أنها ستغيب، لكنها قالت إن "دعوة نتنياهو قرار خاطئ، وأشعر بخيبة أمل لأنهم دعوه"، لأن خطابه سيؤدي لتأجيج الجدل حول حرب غزة".

وكشفت شنايدر أنه "من بين أعضاء مجلس الشيوخ، أعلن بيرني ساندرز وإليزابيث وارين أنهما لن يحضرا الخطاب، وقال السيناتور كريس فان هولين، الذي دعم إسرائيل خلال الحرب، وغير المنتمي للتيار التقدمي، إنني "لا أفهم لماذا تريد الولايات المتحدة منح جائزة لرئيس وزراء يتباهى برفض طلبات الرئيس الأمريكي فيما يتعلق باليوم التالي في غزة"، نتنياهو يريد أن يأتي هنا، ويتظاهر بأنه ونستون تشرشل، وهو ليس كذلك".

وأشارت أنه "ستكون مجموعة كبيرة من أعضاء مجلس النواب غائبين، أو يفكرون بالاحتجاج أثناء الخطاب، مثل رو كانا النائب عن كاليفورنيا، وجيم كليبورن النائب عن كارولينا الجنوبية، وستيف لينش النائب عن ماساتشوستس، وهانك جونسون النائب عن جورجيا، ولويد دوجيت النائب عن تكساس، وجين شاكوسكي النائب عن إلينوي، جمال بومان النائب عن نيويورك، كوري بوش النائب عن ميسوري، رشيدة طليب النائبة عن ميشيغان، إلهان عمر النائبة عن مينيسوتا، وسمر لي النائبة عن بنسلفانيا، وأيانا بريسلي النائبة عن ماساتشوستس، أي أننا أمام 20 عضوًا بمجلس النواب، والأرقام قد ترتفع أكثر، اعتماداً على سلوك نتنياهو".

وختمت المراسلة مقالها بالقول إن "كبار المسؤولين في البيت الأبيض يجدون صعوبة في الاستعداد للقاء نتنياهو، لأنهم لا يعرفون مسبقاً كيف سيتصرف، ومدى الضرر السياسي الذي سيلحقه ظهوره ببايدن، الذي يعاني من هجمات مزدوجة: فالجمهوريون يتهمونه بعدم تقديم المساعدات الكافية للاحتلال، والتقدميون في حزبه الديمقراطي يعارضون تزويده للاحتلال بالكثير من الأسلحة القاتلة".


تشير هذه القراءة للعلاقة الإسرائيلية الأمريكية إلى أن نتنياهو عازم بالفعل على التدخّل الفظ في تفاصيلها الداخلية، في عام انتخابي حاسم، مما كان يستدعي من واشنطن الابتعاد عن هذه الحكومة اليمينية الفاشية، واستخدام حق النقض ضد تحركات وزرائها سموتريتش وبن غفير في الضفة الغربية، وفرض عقوبات شخصية على غلاة المستوطنين؛ وتشديد الرقابة على تحويل التبرعات إلى الكيانات الاستيطانية المستثمرة في الضفة الغربية، بحيث لن تتمكن من استخدام الشبكة المصرفية الدولية، ومقرها في نيويورك، وأخيرًا وليس آخرًا، إبلاغ نجل رئيس الوزراء وحراسه الشخصيين، أن إقامته في ولاية ميامي قد انتهت.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية نتنياهو بايدن الكونغرس الديمقراطي الجمهوريون نتنياهو الكونغرس بايدن الجمهوري الديمقراطي صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مجلس النواب النائبة عن النائب عن

إقرأ أيضاً:

النواب الأميركي يصوّت لإلغاء عقوبات قيصر… ومشروع القرار ينتظر مصادقة الشيوخ

أقدم مجلس النواب الأميركي، الأربعاء، على خطوة لافتة بعد إقراره مشروع قانون ينص على إلغاء عقوبات قيصر المفروضة على سوريا، وذلك ضمن حزمة بنود في موازنة الدفاع للعام 2026.

النائب الأميركي جو ويلسون—أحد أبرز الداعمين لإلغاء القانون—عبّر عن ارتياحه لتمرير المشروع في المجلس، مؤكداً أنه ينتظر أن يحظى بالموافقة ذاتها في مجلس الشيوخ خلال الأيام المقبلة، قبل أن يصل إلى مكتب الرئيس الأميركي للتوقيع.

وقال ويلسون في بيان نشره على منصة «إكس» إنه تقدّم بمشروع الإلغاء منذ مايو الماضي، وقاد الجهود طوال الأشهر الماضية إلى أن توّجت بالتصويت الأخير، مشيداً بدعم الرئيس ترامب وشخصيات سياسية أميركية لهذا التوجّه.

من جانبها، نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن الإلغاء جاء كاملاً ومن دون شروط، مؤكدة أن هذه الخطوة جاءت بعد تحرّكات دبلوماسية مكثفة قادتها دمشق والجالية السورية في واشنطن، إلى جانب منظمات سورية–أميركية ودعم من دول وصفتها بـ«الشقيقة والصديقة».

وكان قانون قيصر قد فُرض عام 2019 لمعاقبة النظام السوري على الانتهاكات وجرائم الحرب، مستنداً إلى آلاف الصور التي سرّبها «قيصر» لضحايا التعذيب في السجون، وشمل القانون عقوبات واسعة على أفراد وكيانات مرتبطة بالنظام.

ومع تمرير مشروع الإلغاء في مجلس النواب، تتجه الأنظار إلى مجلس الشيوخ والبيت الأبيض، حيث سيُحسم مصير واحدة من أبرز العقوبات الأميركية على سوريا خلال السنوات الأخيرة.

مقالات مشابهة

  • الحباشنة يكتب..مجلس النواب أمام اختبار ضبط الخطاب وحماية استقرار الدولة
  • السيسي يشترط تغييرات إسرائيلية لعقد لقاء مع نتنياهو
  • مشاداة ساخنة بين رئيس مجلس إقليم الناظور ومستشارة معارضة : أنا ماشي فْدار بَّاك
  • دعوة إسرائيلية لوقف سياستها العدوانية في المنطقة حرصا على علاقاتها مع الصين
  • سوريا ترحب بتصويت مجلس النواب الأمريكي لإلغاء “قانون قيصر”
  • العراق يرحب بتصويت الكونغرس على إلغاء استخدام القوة العسكرية ضد البلد لعامي 1991 و2002
  • سوريا.. مجلس النواب الأميركي يصوّت لإلغاء عقوبات قيصر
  • الكونغرس يمهد لإلغاء قيصر… تحوّل مفصلي في الملف السوري
  • النواب الأميركي يصوّت لإلغاء عقوبات قيصر… ومشروع القرار ينتظر مصادقة الشيوخ
  • مجلس النواب الأميركي يقر مشروع قانون لإلغاء "عقوبات قيصر"