بمشروعات وأرباح مليارية: كيف استطاعت محفظة التنمية الوطنية لجهاز الاستثمار الإسهام في التنويع الاقتصادي؟
تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT
العمانية-أثير
نجحت محفظة التنمية الوطنية التي تُعنى باستثمارات جهاز الاستثمار العماني داخل سلطنة عُمان في تعزيز جهود التنويع الاقتصادي خلال العام الماضي 2023م؛ وذلك عبر افتتاح وإعلان مشروعات محلية في مجموعة من القطاعات الرئيسة تتصدرها الطاقة، والصناعة، والسياحة، والغذاء والثروة السمكية، والخدمات المالية، والاتصالات وتقنية المعلومات، واللوجستيات، والطيران، والتعدين.
واستطاعت المحفظة رفع حجم أصولها إلى حوالي 12 مليارًا و175 مليون ريال عماني بعد تحقيق أرباح في عام 2023م تجاوزت مليارًا و٢٠٠ مليون ريال عماني بعائد استثماري بلغ 11.5 بالمائة، ورفد الميزانية العامة للدولة من أرباح المحفظة بـ 800 مليون ريال عماني، وارتفاع الإنفاق الرأسمالي الاستثماري على المشروعات في المحفظة إلى 2.1 مليار ريال عماني مقارنة بالمستهدف 1.9 مليار ريال.
كما نجحت الشركات التي تضمها المحفظة في الانتهاء من ستة مشروعات وطنية تتجاوز قيمتها الاستثمارية 4 مليارات ريال عماني.
وأكد هشام بن أحمد الشيدي المدير العام لمديرية التنويع الاقتصادي في جهاز الاستثمار العماني أن الاستثمارات والمشروعات التي تتضمنها محفظة التنمية الوطنية تجسّد استراتيجية جهاز الاستثمار العُماني وأهدافه التي تتواءم مع رؤية “عُمان 2040″، وتهدف إلى الإسهام في نمو الاقتصاد العماني وتطويره، وهي تضطلع بدور الجهاز في النهوض بالقطاعات الاقتصادية المستهدفة عبر تنفيذ مشروعات كبيرة في مختلف المحافظات يكون لها أبعاد اقتصادية واجتماعية، وتخدم توجه سلطنة عمان نحو تنويع الاقتصاد الوطني، وجذب الاستثمارات الأجنبية، ورفع إسهامات القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، وتعزيز القيمة المضافة المحلية، وتوطين الخبرات والكفاءات الوطنية وإيجاد الفرص الوظيفية.
وفي مجال تنويع الاقتصاد الوطني قام عدد من شركات الجهاز بافتتاح والإعلان عن مجموعة من المشروعات منها مصنع أوكيو للأمونيا في محافظة ظفار الذي بلغت طاقته الإنتاجية 1000 طن متري في اليوم ويتم تصدير منتجاته إلى عدة أسواق عالمية من أهمها تركيا والمغرب والهند، وتشغيل محطة الحاويات في ميناء الدقم، والانتهاء من المرحلة الأولى من مشروع ربط الكهرباء، والتوقيع على مناقصة هندسة ومشتريات وبناء وإدارة مشروع النحاس والذهب في ولاية ينقل، إلى جانب إكمال مجموعة من المشروعات في قطاع إدارة النفايات البلدية الصلبة في بركاء والخابورة والسويق، والانتهاء من توسعة مزرعة قريات للاستزراع السمكي لتصل سعتها إلى 5,000 طن سنويًّا، وبدء عمليات الحصاد لمزرعة خويمة للاستزراع السمكي، واستلام وتشغيل أول سفينة عُمانية لصيد التونة (أكيلا) وبدء عملياتها للصيد في المحيط الهندي، ومشـروع مركـز ُعمان للمغامرات بمسـندم، ومساندة المحافظات في عدد من المشروعات منها تطوير الواجهـة البحرية لشاطئ المغسيل، وإطلالة حمرير، ووادي دربات، وحديقـة عين جرزيز، وحديقة أتين، ومشروع مبنى الخدمات السياحية في شنة.
وضمن جهود جذب الاستثمارات الأجنبية بما يُسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني؛ يتواصل العمل لجذب استثمارات أجنبية مباشـرة بقيمة إجمالية تقدر بأكثر من مليار ريال عُماني موزعة على المناطق الحرة والاقتصادية؛ ففي المنطقة الحرة بصلالة تم توقيع اتفاقيات انتفاع مع مستثمرين أجنبيين لتنفيذ مشاريع بنحو 727,5 مليون ريال عماني.
أما في المنطقة الحرة بصحار فوقعت اتفاقيات مع مستثمرين أجنبيين لتنفيذ مشاريع بـ 135,8 مليون ريال عماني، وقامت مدينة خزائن الاقتصادية بتوقيع اتفاقيات مع مستثمرين أجنبيين لتنفيذ مشاريع بـ 56,6 مليون ريال عماني، كما يتم العمل على استقطاب فرص استثمار لمشاريع استزراع الروبيان مع شركة عالمية للدخول في شراكة استراتيجية تقدر بـ ١٫٦ مليار دولار أمريكي.
وفي مجال القيمة المحلية المضافة ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بما يسهم في تعزيز دورها في الاقتصاد وإيجاد فرص عمل وأعمال للشباب خصصت الشركات التابعة للجهاز حصة من مشترياتها ومناقصاتها لهذه المؤسسات؛ فقد بلغ إنفاق مجموعة أوكيو على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حوالي 245,4 مليون دولار أمريكي، وبلغت حصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من إجمالي المدفوعات لمجموعة تنمية معادن عمان 2,9 مليون ريـال عماني، وأسندت مجموعة أسياد عقودًا وأوامر شراء لأكثر من 496 مؤسسة صغيرة ومتوسطة، و797 شركة محلية بقيمة إجمالية تجاوزت 68 مليون ريال عماني.
وفي إطار الاستفادة من الثروات الطبيعية وتعزيز الاستثمار فيها وتصديرها إلى الأسواق العالمية بما يعود بالنفع على نمو الناتج المحلي الإجمالي؛ نجحت الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال في توقيع بنود ملزمة بهدف تصدير 10.4 ملايين طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنويا بعد عام 2024م إلى عدد من الشركات العالمية حول العالم بما يدعم سمعة سلطنة عمان وموثوقيتها في التصدير في هذا القطاع الحيوي.
وأعلنت مجموعة تنمية معادن عمان عن اكتشافات جديدة من خـام النحاس بلغ مقدارها 4,8 ملـيون طن، ومن خام الكروم بلغت حوالي 163 ألف طن، بالإضـافة إلى 111 مليون طن من السيليكا الناعمة و98 مليون طن من السيليكا الصلبة، بالإضافة إلى الدولومايت بمقدار 401 مليون طن، وعملت الشركة العمانية للاستثمار الغذائي القابضة “نتاج” على التوسع في الزراعة التعاقدية في مشـــروع الـمروج للألبان وبدء تصدير حليب الإبــل للمملكـــة العربية السعودية عبر توقيع اتفاقية مع شركة سواني السعودية، وأيضا إيصال منتجات شركة تنمية نخيل عمان إلى 8 أسـواق جديدة وهي روسيا، وبيرو، والعراق، وليبيا، ومصر، وإيران، وقطر، والإمارات.
وبهدف تعزيز الشراكات الاستثمارية مع القطاع الخاص والمستثمرين المحليين والخارجيين؛ عززت مجموعة “إذكاء” والشركات التابعة لها استثماراتها المحلية التي من أبرزها شركة “جي أس أم إي” الأمريكية الرائدة في تصميم أشباه الموصـــلات حيث تم توسيع أعمالها في سلطنة عمان من خلال افتتاح مركز تقني لتصميم أشباه الموصــــلات في مسقط، وتصميم شريحتي (عمان ١ وعمان٢ ) بأيادٍ عمانية، بالإضافة إلى الشركـــة العمانية للشبكات المعلوماتية (داتا أوم)، وهي شركة مختصة في أنظمــــــة مراكز البيانات وخطوط الربط العالمية، وصندوق رأس المال الجريء – صندوق أوريكس (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) الذي يستثمر في شركات التقنية الناشئة، وصندوق رأس المال الجريء (صندوق سايفر) الذي يستثمر في شركات التقنية، ودخلت شركة عمانتل في شراكة استراتيجية مع مجموعة زين لإطلاق “زين عمانتل الدولية”، وهو مشــروع دولي مشترك للوصول لأسواق مجموعة زين التي تخدم 7 دول ويوجد بها أكثر من 50 مليون مشترك، وقامت الشركة أيضا بإطلاق مشروع بوابة عمان الإمارات للاتصالات بالتعاون مع شركة دو، وهو كابل بحري استراتيجي يربط بين البلدين ويبلغ طوله 275 كيلومترا.
يُذكر أن محفظة التنمية الوطنية هي محفظة متنوعة بأكثر من عشرة قطاعات رئيسة، وبأكثر من ١٦٠ شركة قابضة وتابعة، كما تضم مجموعة متنوعة من السندات والأذون والصكوك والودائع.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: ملیون ریال عمانی الاقتصاد الوطنی سلطنة ع
إقرأ أيضاً:
الاستثمار في اليمن .. ركيزة الصمود وبوابة التحرر في ظل المسيرة القرآنية
يُعد الاستثمار الوطني أحد الركائز الجوهرية في عملية بناء الدول وتحقيق نهضتها الاقتصادية، خاصة في المجتمعات التي تسعى للتحرر من التبعية والهيمنة الخارجية، كما هو حال اليمن اليوم. فعلى مدى عقود، عانى اليمن من سياسات اقتصادية مفروضة، أفرغت البلاد من قدراتها الإنتاجية، وأوقعت اقتصادها في فخ الاستيراد والارتهان للمساعدات الخارجية، مما أدى إلى شلل شبه تام في قطاعات حيوية كالصناعة والزراعة والطاقة، ولم تكن الرؤية التنموية لدى الأنظمة السابقة ذات بعد وطني أو استراتيجي، بل كانت خاضعة في كثير من الأحيان للفساد، والمصالح الضيقة، والتدخلات الخارجية.
يمانيون / تقرير / طارق الحمامي
ومع بروز المسيرة القرآنية كمشروع نهضوي إيماني، بدأت تتبلور رؤية مختلفة للاستثمار والتنمية، رؤية ترتكز على الاستقلال الاقتصادي، والاستغلال الأمثل للموارد الوطنية، والاعتماد على الإنتاج المحلي بدلاً من الاستيراد، في إطار منهج أخلاقي، عادل، وشامل، يراعي العدالة الاجتماعية ويرتبط بهوية الشعب الإيمانية.
نسلّط الضوء في هذا التقرير على مجالات الاستثمار الوطني في اليمن في ظل هذا التوجه الجديد، ويستعرض الخلفية التاريخية لوضع الاستثمار في ظل الأنظمة السابقة، مع تحليل للتحديات التي واجهها، ويقارن ذلك مع الرؤية الجديدة التي تقدمها المسيرة القرآنية، من حيث الفلسفة، والأهداف، والآليات، كما يتناول التقرير أبرز المجالات الاستثمارية الواعدة مثل الزراعة، والصناعة، والطاقة، والتعليم، والتكنولوجيا، ويستعرض التحديات والفرص المتاحة، إلى جانب تقديم رؤية مستقبلية لمسار الاستثمار في اليمن في المرحلة القادمة، وتكمن أهمية هذا التقرير في كونه، يوفر قراءة تحليلية شاملة لتحول السياسات الاستثمارية في اليمن من التبعية إلى الاستقلال، ويربط بين الجانب الاقتصادي والجانب القيمي، من خلال إبراز البعد الإيماني في رؤية المسيرة القرآنية للاستثمار، ويساهم في توجيه المهتمين وصناع القرار نحو مجالات واعدة للاستثمار المستقبلي المستند إلى مقومات حقيقية، كما يقدم خريطة أولية لفهم الواقع الاستثماري اليمني من منظور وطني شامل ومتحرر من القيود التقليدية التي كبّلت الاقتصاد لعقود.
خلفية تاريخية للاستثمار في اليمن
الاستثمار في ظل الأنظمة السابقة .. شهدت اليمن لعقود طويلة واقعًا اقتصاديًا هشًا، بفعل التبعية الاقتصادية للخارج والفساد المستشري في مؤسسات الدولة، وتم تهميش القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة، وتم التركيز على الاستيراد والاستهلاك بدل الإنتاج.
ضعف البنية التحتية .. لم تُبنَ سياسات استثمارية تخدم التنمية الحقيقية، بل خضعت للهيمنة الأجنبية والمصالح الفردية.
الفساد وغياب الرؤية الاستراتيجية .. كان المستثمر الوطني عرضة للابتزاز أو التهميش، بينما أُعطيت الأفضلية لرؤوس الأموال الأجنبية في صفقات مشبوهة.
الارتهان للمساعدات والمنح الخارجية .. وهو ما جعل الاقتصاد اليمني مرتهنًا وغير قادر على النهوض الذاتي.
مفهوم الاستثمار في ضوء منهج المسيرة القرآنية
الاستثمار من منظور قرآني .. ترى المسيرة القرآنية المباركة أن الثروات الوطنية أمانة إلهية يجب استثمارها بما يخدم المجتمع، ويحقق العدالة الاقتصادية والاستقلال عن الهيمنة الأجنبية.
الاهتمام بالموارد المحلية .. تأكيد على استغلال الثروات الطبيعية (زراعة، معادن، صيد، نفط، غاز).
تحفيز الإنتاج الوطني .. دعم الصناعات الوطنية وتمكين الأيدي العاملة.
مبدأ الاكتفاء الذاتي .. تقليص الاستيراد، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
فلسفة الاستثمار وفقًا للهوية الإيمانيةتنبثق فلسفة الاستثمار في ظل الهوية الإيمانية من رؤية قرآنية شمولية ترى في الإنسان مستخلفًا في الأرض، مسؤولًا عن عمارتها، ومحكومًا في سلوكه الاقتصادي بقيم العدل والرحمة والأمانة، وبذلك، فإن المسيرة القرآنية لا تتعامل مع الاقتصاد بوصفه نشاطًا ماديًا مستقلًا، بل باعتباره امتدادًا لمنظومة إيمانية وأخلاقية تنظم حياة الإنسان بأكملها، بما في ذلك العمل، والإنتاج، وتوزيع الثروة، وتعامل الإنسان مع المال، ومن هنا، تقوم فلسفة الاستثمار على تحويل المال إلى وسيلة لبناء الإنسان والمجتمع، لا وسيلة للربح الشخصي المجرد، أو للتسلط الاقتصادي، كما أن الفلسفة الإيمانية تُحرِّم الاستثمارات المبنية على الربا، والاحتكار، والغش، واستغلال حاجة الناس، حتى لو كانت مربحة، وهذا ما يميز المشروع الاستثماري القرآني عن الرؤية الرأسمالية المنفلتة، وفي الوقت الذي تسعى فيه الأنظمة المادية إلى تعظيم الأرباح كهدف أعلى، فإن الهوية الإيمانية تجعل من الكفاية والعدل أولوية اقتصادية، فالمجتمع المؤمن لا يَقبل أن يجوع فيه أحد بسبب جشع قلّة تتحكم بالسوق أو تستحوذ على الموارد، قال الإمام علي (عليه السلام): ما جاع فقير إلا بما مُتّع به غني ، وهي قاعدة تعبّر عن التوازن الذي تدعو إليه المسيرة القرآنية بين الإنتاج والعدالة الاجتماعية،
في غياب الرقابة القانونية للأنظمة السابقة الفاسدة، كانت الاستثمارات مجالًا واسعًا للتلاعب والنهب، أما في المنهج الإيماني، فالرقيب الأول هو الضمير المؤمن والرقابة الإلهية، مما يضفي بعدًا أخلاقيًا حقيقيًا على النشاط الاستثماري.
إذا فإن فلسفة الاستثمار وفقًا للهوية الإيمانية، كما تتبناها المسيرة القرآنية، تقدّم نموذجًا اقتصاديًا أخلاقيًا، متحررًا من أنانية الرأسمالية ومن فوضى الاستغلال، حيث يصبح الاستثمار وسيلة للنهضة، والكرامة، والعدالة، لا أداة للهيمنة والثراء الفردي. وهي فلسفة إذا ما طُبّقت بصدق، فإنها ستُحدث تحولًا حقيقيًا في مستقبل اليمن الاقتصادي والاجتماعي، وتُثبت أن القيم الإيمانية ليست عقبة أمام التنمية، بل هي ضمانتها وأساسها الصلب.
مجالات الاستثمار الوطني في ظل المسيرة القرآنيةالزراعة .. دعم زراعة الحبوب والخضروات والفواكه، وتأهيل الأراضي الزراعية، وتشجيع المزارعين على استخدام أساليب الزراعة الحديثة، ومشاريع الأمن الغذائي الوطني كمشروع الحبوب في تهامة وصعدة والجوف.
الصناعة .. تعزيز الصناعات التحويلية والغذائية ودعم معامل إنتاج الأدوية المحلية، والمشاريع الصناعية الصغيرة، وتوجيه الاستثمارات نحو الصناعات الاستراتيجية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
الطاقة والمعادن .. استكشاف الثروات المعدنية كالرصاص، الزنك، الذهب، والرخام، والبدء بمشاريع الطاقة البديلة (الطاقة الشمسية) لتعويض نقص الكهرباء، إلى جانب ترشيد الاستثمار في النفط والغاز وتوجيهه نحو تنمية المحافظات المنتجة.
التكنولوجيا والاتصالات .. دعم مشاريع البرمجيات والتقنيات المحلية، وتشجيع ريادة الأعمال الرقمية، والاستثمار في البنية التحتية للاتصالات لخدمة التنمية.
التعليم والبحث العلمي .. الاستثمار في الجامعات والمراكز البحثية الوطنية، وربط التعليم بسوق العمل واحتياجات التنمية، وكذلك دعم البحوث التطبيقية في مجالات الزراعة والطب والصناعة.
الآثار والنتائج الاقتصادية المتوقعة للنهوض الاستثماري في اليمن
يمثّل النهوض الاستثماري في اليمن نقطة تحوّل فارقة في مسار الاقتصاد الوطني، خصوصًا إذا ما تم وفق منهجية مدروسة تنطلق من الواقع وتستفيد من توجيهات المسيرة القرآنية التي تدعو إلى العمل والإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي. ومن المتوقع أن تثمر جهود التنمية والاستثمار في عدد من الآثار والنتائج الإيجابية، أبرزها:
تعزيز الناتج المحلي الإجمالي .. الاستثمار في القطاعات الإنتاجية الأساسية كالزراعة، والصناعة، والطاقة، من شأنه أن يرفع من نسبة مساهمة هذه القطاعات في الناتج المحلي، ويقلل من الفجوة الاقتصادية التي خلّفها الاعتماد الطويل على الواردات.
خلق فرص عمل وتقليل البطالة .. توسيع النشاط الاستثماري، وخاصة في الريف والمناطق المهمشة، سيؤدي إلى خلق آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة، مما يسهم في تقليل معدلات البطالة المرتفعة، وخاصة بين الشباب.
. تعزيز الأمن الغذائي .. الاستثمار في الزراعة والموارد الطبيعية يعزز من قدرة اليمن على إنتاج غذائه داخليًا، مما يقلل من الاعتماد على الاستيراد، ويرفع من مستوى الاكتفاء الذاتي في المواد الأساسية مثل الحبوب والخضروات.
تنمية الصناعات الوطنية .. النهوض بالصناعات التحويلية والصغيرة والمتوسطة سيساعد على تحريك عجلة الاقتصاد، وتحقيق قيمة مضافة للمنتجات المحلية، مما يعزز من تنافسية الاقتصاد اليمني ويحد من نزيف العملة الصعبة للخارج.
تقوية العملة الوطنية واستقرار الأسعار .. عندما يتحسن الإنتاج المحلي وتقل الواردات، يقل الطلب على العملات الأجنبية، ما يسهم في استقرار الريال اليمني وتقليل التضخم الناتج عن تقلبات أسعار السلع المستوردة.
رفع الإيرادات العامة للدولة .. الأنشطة الاستثمارية المنظمة ستؤدي إلى توسيع القاعدة الضريبية وزيادة إيرادات الدولة من الضرائب والرسوم، ما يساعد على تمويل الخدمات العامة مثل الصحة، والتعليم، والبنية التحتية.
تقليل الفجوة التنموية بين المحافظات .. الاستثمار المتوازن في مختلف المناطق، خاصة في المحافظات الريفية والمنتجة، سيقلل من الفجوة التنموية ويسهم في توزيع الثروة والفرص بشكل عادل، ويعزز من الاستقرار الاجتماعي.
بناء قاعدة إنتاجية مستقلة .. أحد أهم النتائج هو بناء اقتصاد مستقل ذاتي الإنتاج، يعزز من سيادة القرار السياسي، ويقلل من التأثيرات والضغوطات الاقتصادية الخارجية، ويضع اليمن على طريق التحرر الكامل من التبعية.
آفاق الاستثمار في المستقبلبناء على الرؤية التي تطرحها المسيرة القرآنية، فإن المستقبل يحمل آفاقًا واعدة، تقوم على نهضة اقتصادية من الداخل تستند إلى إمكانيات اليمن، وبيئة استثمارية عادلة وآمنة تحمي المستثمر الوطني، وشراكات تنموية داخلية بين الدولة والمجتمع والقطاع الخاص، وتوجيه الاقتصاد نحو خدمة المواطن لا نحو خدمة فئات محددة أو الخارج.
خاتمة
يمثل الاستثمار الوطني أحد الأعمدة الأساسية لمشروع التحرر والاستقلال في اليمن، ومن خلال المسيرة القرآنية، تم استعادة البوصلة نحو بناء اقتصاد منتج، مستقل وعادل، وإذا ما تم استثمار الموارد والإرادة الشعبية والكوادر المحلية بكفاءة، فإن اليمن سيكون على موعد مع نهضة شاملة، تضعه في موقع متقدم بين الدول الساعية إلى الاعتماد على الذات والتنمية المستقلة.