تتصاعد حالات الوفيات بين المحتجزين في مصر داخل السجون ومراكز وأقسام الشرطة المختلفة، مما يثير قلقًا واسعًا حول أوضاع حقوق الإنسان داخل البلاد، بالتزامن مع مرور 11 عاما على انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013.

وقد وثقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، على مدار الأسابيع الماضية، وقوع العديد من الوفيات بين المحبوسين احتياطيًا، خاصة في مراكز وأقسام الشرطة بمختلف المحافظات، كما أشارت إلى تردي أوضاع المحتجزين التي تتفاقم بفعل التكدس الشديد، حيث تتجاوز نسبة التكدس في بعض الأماكن 300% من الطاقة الاستيعابية لغرف الحجز.



تدهور أوضاع المحتجزين في أماكن الاحتجاز المصرية يعكس أزمة إنسانية تتفاقم مع مرور الوقت. ارتفاع درجات الحرارة، انقطاع الكهرباء، التكدس الكبير ونقص الرعاية الطبية كلها عوامل تزيد من معاناة المحتجزين وتؤدي إلى حالات الوفاة.

أوضاع مزرية و ظروف لا إنسانية
كشف تقرير الشبكة المصرية الأخير، بناءً على شهادات موثوقة من أهالي المحتجزين ومن داخل أماكن الاحتجاز، عن تفاقم الأزمات داخل هذه المراكز، حيث يعاني المحتجزون من:

اكتظاظ شديد يتجاوز في بعض الأماكن 300% من الطاقة الاستيعابية لغرف الحجز.
حرارة مرتفعة تصل إلى درجات قياسية، دون تهوية مناسبة.


انعدام الرعاية الطبية حيث لا يتلقى المحتجزون الرعاية الصحية اللازمة، خاصةً مع انتشار الأمراض المزمنة بينهم.

انقطاع التيار الكهربائي  بشكل متكرر، مما يُفاقم من معاناة المحتجزين.

ظروف غير آمنة تفتقر أماكن الاحتجاز إلى أدنى معايير الأمان والسلامة.


في سياق متصل، يتزامن تقرير المنظمة الحقوقية مع رسالة مسربة من سجن "بدر1" تفيد بإضراب مئات المعتقلين السياسيين عن الطعام، منذ مطلع الشهر الماضي، احتجاجا على تردي أوضاعهم وظروف احتجازهم.

ونشرت صفحة أسر معتقلي بدر على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك رسائل مسربة للمعتقلين وشهادات موثقة لذويهم بتعرضهم للتعذيب والتنكيل والحرمان.

كما أطلقوا تحت وسم انقذوا معتقلي ‫#سجن_بدر1 نداءات استغاثة مطلع الشهر الماضي حيث  تم قطع المياه والكهرباء والتعيين عن غرف المضربين في السجن وتغريب عشرات آخرين لسجني المنيا والوادي الجديد.

نقل موقع "مدى مصر" عن محام بالجبهة المصرية لحقوق الإنسان، طلب عدم ذكر اسمه، ، تردي أوضاع المحتجزين في "بدر1"، مع انقطاع الكهرباء داخل العنابر، التي تقتصر التهوية بها على المراوح والشفاطات، ما يؤثر على أصحاب الحالات المرضية، موضحًا أن مطالبات تحسين الأوضاع واجهتها إدارة السجن بتأديب المطالبين، ما دفع السجناء للإضراب.

نتائج كارثية
تُؤدي هذه الأوضاع المزرية إلى نتائج كارثية، مثل ازدياد حالات الوفاة حيث تم توثيق العديد من حالات الوفاة لمحتجزين في أماكن مختلفة، مثل كفر الدوار، إمبابة، أسيوط، والقاهرة.

انتشار الأمراض، تزداد فرص انتشار الأمراض المعدية بين المحتجزين، خاصةً في ظل نقص الرعاية الطبية.

معاناة نفسية عميقة إذ يعاني المحتجزون من ضغوط نفسية شديدة بسبب الظروف اللاإنسانية التي يعيشون فيها.

نظام بلا حقوق وبلا عدالة
حمًل مركز الشهاب لحقوق الإنسان كافة أجهزة الدولة المسؤولية الكاملة عن هذه الكارثة الإنسانية، وطالب مدير المركز، خلف بيومي، "اتخاذ إجراءات فورية لتحسين أوضاع أماكن الاحتجاز وضمان سلامة المحتجزين، ومحاسبة المسؤولين عن الإهمال الجسيم الذي أدى إلى هذه الوفيات، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب: التي تُمارس ضد مرتكبي جرائم التعذيب وسوء المعاملة، والالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان ومعاملة المحتجزين بكرامة واحترام".

و بشأن بناء عشرات السجون الكبيرة الجديدة منذ  2013، يرى بيومي في تصريحات لـ"عربي21" أن "هذا التوجه لم يقصد به تخفيف التكدس وتحسين أوضاع السجناء، إنما هدفه استيعاب أعداد أكبر من السجناء والمعتقلين ، فلو أراد النظام تحسين  المعاملة لما توسع في عمليات القبض العشوائي  والإخفاء القسري وغيره من الانتهاكات حتى الآن".


وأوضح  الحقوقي المصري، "لعل الاستغاثات الواردة من السجون وأعداد الوفيات توضح كذب وعدم صحة رواية النظام المصري، ومن أشد الانتهاكات التي يعاني منها المعتقلين هو قطع الكهرباء لتجديد المعاناة وتتصور الحالة الصحية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن".

وحذر بيومي "أن ما يحدث في أماكن الاحتجاز بمصر يُمثل جريمة ضد الإنسانية لا يمكن السكوت عليها، ويجب على الجميع التحرك لوقف هذه الممارسات اللاإنسانية وضمان احترام حقوق الإنسان للجميع".

السجون المصرية محارق للسجناء في الصيف
على مستوى الصحي يقول الخبير في الصحة، الدكتور مصطفى جاويش، "تنص المواثيق والمعاهدات الدولية على اتباع "قواعد نلسون مانديلا" الخاصة بتوفير الرعاية البدنية والصحية والنفسية للسجناء، ومن أهمها القاعدة رقم  "24"ولكن ما يحدث في مصر أنه وبالرغم من إنشاء عشرات السجون الجديدة؛ إلا أنه لا توجد رعاية صحية، خاصة للمرضى و كبار السن، والتي تمثل أزمة مزدوجة للمعتقلين، حيث تنتشر الأمراض نتيجة ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير، وفي ظل غياب وسائل التهوية الجيدة، فإن كثيرا من المعتقلين يتعرضون لمشاكل صحية تهدد حياتهم".

يضيف لـ"عربي21": "وبالتالي فإن إن فصل الصيف غير مرغوب فيه لدى معظم المعتقلين، لارتفاع حرارة الجو داخل الزنازين التي يمكثون بها أكثر من 23 ساعة يوميا، وفي بعض الأوقات لا يخرجون منها لأيام وأسابيع، كإجراء عقابي من إدارة السجن خاصة للمعتقلين السياسيين.

وتابع جاويش: "في حين أن الزنازين الانفرادية لا تزيد مساحتها على خمسة أمتار، ولا توجد بها تهوية جيدة ، ويزيد من المشكلة أن المباني الحديثة منشأة بنظام الحوائط الخرسانية الجاهزة ، وسمك الحائط الواحد فيها لا يقل عن ستين سنتيمترا، مما يؤدي إلى تخزين حرارة الشمس وهذا يؤدى إلى الإجهاد الحراري هو حالة طبية خطيرة تحدث عندما يصاب الجسم بفشل في تنظيم حرارته الداخلية بشكل فعال نتيجة للتعرض المفرط للحرارة.

ونوه الخبير الصحي إلى أنه "يجب الإشارة الى القاعدة رقم " 25 "  من قواعد لائحة مانديلا العالمية والتي تنص على أنه يجب أن يكون في كلِّ سجن دائرة لخدمات الرعاية الصحية مكلَّفة بتقييم الصحة البدنية والعقلية للسجناء وتعزيزها وحمايتها وتحسينها، وهذا الأمر غير موجود في السجون المصرية ويتم عرضه شكليا أمام وفود الزيارات الرسمية ولكن دون فاعلية حقيقية تخدم صحة السجناء ، وهذا يتعارض مع القاعدة رقم " 27 " والخاصة بضرورة توفير إمكانية الحصول الفوري على الرعاية الطبية في الحالات العاجلة. ولكن السلطات المصرية تهمل هذا الأمر تماما، وبالتالي تزيد مخاطر الموت من الإهمال الطبي المتعمد داخل السجون المصرية خاصة في فصل الصيف مع الزحام وحرارة الجو الشديدة داخل الزنازين الخرسانية المغلقة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر السجون المصرية مصر السيسي السجون المصرية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرعایة الطبیة السجون المصریة لحقوق الإنسان

إقرأ أيضاً:

باراك .. ترامب لا يهتم بنتنياهو والحكومة تفرط بالأسرى المحتجزين

#سواليف

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق #إيهود_باراك -اليوم الجمعة- إن الرئيس الأميركي دونالد #ترامب لا يهتم برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين #نتنياهو، وإن الحكومة تفرط بالأسرى #المحتجزين في #غزة لإرضاء المتطرفين.

وقال باراك، في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية الخاصة، إن “ترامب لا يعير أي اهتمام لنتنياهو، وإنه لم يتدخل فيما قرر نتنياهو فعله في غزة”.

وأردف باراك “ترامب يرى أن إسرائيل لن تحقق شيئا في غزة، لأنها لم تحقق شيئا خلال العام ونصف (منذ بدء #الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023)”.

مقالات ذات صلة هل يتم شمول عمال خدمات العمارات بالضمان.؟ 2025/05/17

واعتبر باراك أن نتنياهو “مهمل” في أداء مهامه، وأنه يواصل الإبادة بالقطاع من أجل بقائه في الحكم.

وأوضح باراك أن “نتنياهو يفرط بالرهائن في غزة من أجل إرضاء المتطرفين في حكومته”.

وأضاف “لقد تخلى أيضا عن الجنود الاحتياطيين لمصلحة المتهربين من الخدمة”، في إشارة إلى المتدينين اليهود (الحريديم) الذين يعارضون التجنيد الإجباري.

باراك الذي شغل منصب رئيس الوزراء بين عامي 1999 و2001 اعتبر أن نتنياهو “مهمل في كل مهامه”، وأنه مستمر بالحرب من أجل بقائه في الحكم

توسع العملية العسكرية

وفي ما يخص التوسع المحتمل للعملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، يعتقد باراك أنه حتى لو وسّع نتنياهو حملته العسكرية، فذلك سيزيد من عزلة إسرائيل، ويزيد الانتقادات الموجهة لها.

وتابع “ربما هذه العزلة ستهدد استقرار اتفاقيات أبراهام وربما لاحقا استقرار اتفاقيات السلام”.

وبوساطة إدارة ترامب خلال ولايته الأولى، وقعت 4 دول عربية، هي الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، في عام 2020 اتفاقيات لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل أُطلق عليها اسم “اتفاقيات أبراهام”.

ويأمل ترامب خلال ولايته الجديدة، التي بدأت في 20 يناير/كانون الثاني 2025، أن يستكمل زخم تلك الاتفاقيات.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أن توسيع العملية العسكرية في غزة “حماقة إستراتيجية من الطراز الأول”.

وأضاف “لن تحقق هذه العملية نتائج حقيقية، وهناك شك كبير في أنها ستؤدي إلى أي شيء، بل إنها تعرض حياة عدد غير قليل من الرهائن الذين ما زالوا أحياء للخطر الجسيم وربما الموت”.

وتقدر تل أبيب وجود 58 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 9900 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، مما أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
ومطلع مارس/آذار 2025، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل للأسرى بين حماس وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بوساطة مصرية قطرية ودعم أميركي، والتزمت به الحركة الفلسطينية.

لكن نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية تنصل من بدء مرحلته الثانية واستأنف الإبادة الجماعية بالقطاع في 18 مارس/آذار الماضي، استجابة للجناح الأشد تطرفا في حكومته اليمينية، وفق إعلام إسرائيلي.

وكثّفت إسرائيل خلال الأيام الأربعة الماضية وتيرة الإبادة الجماعية في قطاع غزة وارتكبت عشرات المجازر المروعة التي أسفرت عن استشهاد أكثر من 378 فلسطينيا، وفق بيانات وزارة الصحة بغزة.

وجاء هذا التصعيد الدموي عقب تصديق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) على توسيع عمليات الإبادة في القطاع، وتفعيل خطة عسكرية جديدة تحت اسم “عربات جدعون”، تتضمن حشد مزيد من قوات الاحتياط.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة تترافق مع حصار خانق أدخل القطاع في ظروف إنسانية متردية غير مسبوقة.

مقالات مشابهة

  • محامو الطوارئ: أوضاع كارثية في سجن بورتسودان مع غياب العدالة والتهديدات الأمنية
  • لماذا لم تحدد المحكمة مدة إيداع نجل محمد رمضان بدار الرعاية؟.. مصادر تكشف السبب
  • مياه الأمطار تتحول إلى فيضانات في هذه الولاية التركية!
  • باراك .. ترامب لا يهتم بنتنياهو والحكومة تفرط بالأسرى المحتجزين
  • إسراء جعابيص: لا أحد يزايد على دور مصر في القضية الفلسطينية «فيديو»
  • افتتاح محكمة رومية لتخفيف الاكتظاظ في السجون
  • إنعام محمد علي.. رائدة الدراما المصرية التي أنصفت المرأة وكتبت التاريخ بالصورة
  • وفد “القومي لحقوق الإنسان” يزور مستشفى العباسية للصحة النفسية
  • لوفيجارو.. فرنسا تدرس نقل سجنائها إلى دول في أوروبا الشرقية
  • مقابل إطلاق سراح نصف المحتجزين..مباحثات لوقف إطلاق النار بغزة