بقلم : هادي جلو مرعي ..

مشاكل العراق الكبرى عدة ولكنها ليست عصية على الحل فيما لو توفرت النوايا الصادقة والجدية والعزيمة وتوافق الأفرقاء السياسيون عليها، وغادروا دائرة النفعية المفرطة التي طبعت سلوك ذلك النظام ومريديه والمستفيدين منه، وهو ماأدى الى غياب سلطة القانون، وعدم خشية الفاسدين من الملاحقة والعقوبة التي من امنها فقد أساء الأدب كما في الحديث المشهور، ولعل هذا النظام يعرف حجم المشكلة، وهو المعني بحلها.

. وليس الشعب هو من يدفع الثمن لوحده، بل النظام كذلك في حال تهاونه في التعاطي مع المشاكل الراتبة التي تؤدي الى الغضب والسخط والتصرف بطرق شهدنا مثيلاتها خلال سنوات، وتكررت عامي 2011 و2019 وفيها تحول الشارع الى نوع من الغضب أفقد البلاد توازنها، وتعطلت حركة التنمية التي كانت بطيئة للغاية خاصة حين ينشغل الحاكم والمحكوم بصراع لاينتهي ويستمر ويزداد حدة وأثرا يصعب تجاوزه، وربما أدى الى مشاكل جديدة تتراكم وتضاف لسابقاتها إن لم تحل بسرعة.
زعيم الرايخ الثاني ليوبولد بسمارك المتوفي عام 1898 م وهو موحد ألمانيا وجعلها أمبراطورية عظمى، وكان يؤمن بقوة الدولة بقوله: كلما كنا أقوياء كلما قلت إحتمالية الحرب. يقول : كلما زاد إهتمامنا بالفقراء قل إهتمامهم بالسياسة، فلايعودون يتظاهرون علينا.. فالعناية بالفئات المحرومة، وتوفير متطلبات الحياة الكريمة من عناية صحية وتعليم ومياه صالحة للشرب وكهرباء وسكن لائق وتوظيف يقلل حدة التوتر بين نظام الحكم وعامة الناس، وحين يفشل النظام في توفير تلك المتطلبات نتجاوز فكرة التظاهر الشعبي الى ظهور قيادات لهذا الحراك، وتدخلات خارجية تضعف هيبة الدولة ومؤسساتها، وتدخل الدولة في دوامة من المشاكل والمتاعب التي تتولد عنها المزيد من المشاكل حتى تكبر، وتكون عصية على الحل كما هو الحال في بلدان عدة من العالم تجاهل الحاكمون فيها الحلول، وذهبوا الى المواجهة، أو اللامبالاة فكانت النتيجة المزيد من الخراب والتراجع.
إستمعت كغيري من المتابعين للخطاب السنوي للسيد عمارالحكيم رئيس تيار الحكمة بمناسبة حلول شهر محرم ذكرى الواقعة الأليمة في كربلاء، وكانت حركة ثورية صادمة ضد نظام سياسي متطرف، وغير عادل، وإنتهت بإستشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب الذي تخلى الكرسي للحاكم، وحصل بالمقابل على خلود مطلق وأبدي لانهاية له. والسيدالحكيم من أبرز الداعمين لحكومة محمد شياع السوداني، وبعث بإشارات واضحة عن رفضه لإجراء إنتخابات مبكرة، ولمح الى ضرورة منح المزيد من الوقت للحكومة لتنجز برنامجها خاصة وإنها تسير في هذا الإتجاه، وقدمت منجزات جيدة طوال الشهور الماضية، وتعمل على برامج أكبر في الأشهر المتبقية من العام الجاري.
السيد الحكيم ركز في خطابه على نقاط عدة وهي نقاط أساسية في قائمة مطالب الشعب العراقي خلال السنوات الماضية، وطوال عقدين من الزمن، ومنها ملف البطالة، وتزايد أعداد الخريجين الذين يبحثون عن وظائف، وخدمات الماء والكهرباء والصحة والتعليم وهي حاجات لم تتوفر بشكل مناسب بالرغم من جهود ترسيخ النظام الديمقراطي الذي مر بمراحل صعبة ومعقدة إستدعت تضحيات وأثمانا باهظة، منوها الى ضرورة الإبتعاد عن دائرة الخلافات، وتأمين وضع البلاد في إشارة الى التفاهمات التي تطبع العلاقة بين المكونات، وربما كانت زيارة السيد البرزاني الأخيرة الى بغداد جزءا من حركة التقارب بين الفاعلين في النظام السياسي لتجاوز بعض الأزمات الصعبة.
السيد الحكيم تناول قضايا المجتمع المهمة، وركز على فئة الشباب الذين هم بحاجة الى عناية مستمرة مايستدعي تنشيط الإقتصاد والإستثمار الأمثل للثروات الطبيعية كالنفط والغاز، وحل مشكلة الكهرباء التي لم تعد مشكلة الحكومة، بل هي مشكلة النظام السياسي برمته الذي يستثمر في الأزمات أكثر من إستثماره في الكهرباء والإقتصاد.. هي مجموعة رسائل للشركاء ليستدركوا الأخطاء، ويعملوا على الحلول.

هادي جلومرعي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

بعيو: إيران ستجد وسيلة للخروج من أزمتها أما نحن العرب سنظل خارج التاريخ

أكد رئيس المؤسسة الليبية، محمد عمر بعيو، أن إيران ستجد وسيلة للخروج من أزمتها أما نحن العرب سنظل خارج التاريخ.

وقال بعيو، في منشور عبر «فيسبوك»: “الأقوياء يتقاتلون فوق رؤوس العرب. والعرب يتبادلون القصائد والخُطب، بعد أيام من المراوغة والخداع والمناورة، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوامره للقاذفات الاستراتيجية {بي 2 سبيريت الشبح} بقصف المنشآت النووية الإيرانية في ناطنز وفوردو وأصفهان”.

وأضاف “القاذفات العملاقة التي انطلقت من قاعدة القوات الجوية في ولاية ميزوري قطعت مسافة تزيد عن 10000 كلم في رحلة استغرقت ذهاباً وإياباً 37 ساعة، وتزودت بالوقود في الجو عدة مرات نفذت ضرباتها المدمرة تحت جنح الظلام، وقد توقعت إيران أن تأتيها القاذفات من الشرق حيث قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي فأتتها من الغرب، وتتحدث الأنباء أن القصف اشتركت فيه غواصات أميركية تتمركز في بحر العرب”.

وتابع “هذه الضربات تعتبر مشاركة أمريكية مباشرة في الحرب التي بدأتها إسرائيل منفردة منذ عشرة أيام ضد إيران، وتشكل تطوراً خطيراً في الصراع المفتوح الذي يشهده الشرق الأوسط، والذي لا يمكن التنبؤ بنتائجه ولا بنهاياته، وإن كان بعض المحللين لا يتوقعون له نهاية قريبة، لكنه في كل الأحوال صراع وجودي لن تكون المنطقة بعده مثلما كانت قبله”.

واستطرد “رسم الخرائط الجيوسياسية وترسيم الأوضاع السياسية يتم وفق ثنائية الدم والنار فالدمار في طهران وتبريز وكرمنشاه الذي يقابله الدمار في حيفا وتل أبيب ويافا لن يكون مجرد تبادل بين القذائف الذكية والصواريخ البالستية بل هو إعلان صريح أن العالم لم يعد يتسع للخصمين اللدودين إسرائيل نتنياهو وشركاؤه المتطرفون وإيران خامنئي وأتباعه المؤدلجون، وبين الطرفين تلعب أميركا دور المفاوض بالدبلوماسية مع إيران في العلن والداعم بالسلاح لإسرائيل في السر والعلن”.

واستكمل “إيران الجريحة لا زالت تقاوم وتكابر، لكن نظام الملالي سيجد نفسه قريباً أمام المعادلة الصعبة إما النظام وإما الدولة، وإذا كان خامنئي لا زال يقاوم ويحاول ألا يساوم، لكن ورثة الثورة الإسلامية وسدنتها ربما يتجاوزون زعيمهم العجوز العنيد ويستدعون من تراث المؤسس الخميني مقولته الشهيرة {إن بقاء الدولة أولى وأسبق من بقاء النظام}، وإعلانه يوم قبل مُرغماً بإنهاء الحرب مع العراق في أغسطس 1988 إنه يتجرع السم ليحافظ على الجمهورية”.

وواصل “إيران صاحبة حكمة وصبر فارس ستجد وسيلة ما للخروج من الأزمة القاتلة، لكننا نحن العرب الذين لا نحن في العير ولا في النفير سنظل خارج التاريخ حتى ندخله من بابه الذهبي العلم التطبيقي، وليس المعارف النظرية التي يسمونها علم من باب إرضاء الذات النرجسية، تلك الذات الماضوية الميتة التي تختزل تدافع الدنيا في خطبة زمخشرية بليغة، وتختصر سردية الوجود والتاريخ في قصيدة بديعة”.

الوسوم«بعيو» إيران العرب ليبيا

مقالات مشابهة

  • المنهج السياسي العُماني الحكيم
  • مدبولي: استئناف ضخ الغاز للمصانع التي توقفت تأثرا بنقص الإمدادات
  • طهران تبعث رسائل لواشنطن عبر بريد أبو ظبي
  • بريد الجزائر: هام حول مسابقة التوظيف 
  • كامل إدريس يودع رسائل عاجلة في بريد “الأمم المتحدة”
  • القومي للنظام السوري الجديد: لمراجعة فكر الدولة وتطهيرها من عناصر التكفير
  • وزير الداخلية السيد أنس خطاب ورئيس جهاز الاستخبارات العامة السيد حسين السلامة، يعقدان جلسة طارئة، للوقوف على آخر مجريات التحقيقات المتعلقة بالتفجير الإرهابي الغادر، الذي وقع يوم أمس في كنيسة القديس مار الياس بدمشق.
  • بعيو: إيران ستجد وسيلة للخروج من أزمتها أما نحن العرب سنظل خارج التاريخ
  • فى ذكراه.. وجدي الحكيم ترك الحربية بعد 40 يوما ليصبح رائدا بالإذاعة
  • روسيا: إسرائيل الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك أسلحة نووية