عربي21:
2025-08-09@06:00:23 GMT

الانقسام في الموقف من إيران في حربها مع إسرائيل

تاريخ النشر: 23rd, June 2025 GMT

في الوقت الذي تتواصل فيه الضربات الإيرانية للعمق الإسرائيلي، وتلحق الدمار بالمنشآت العسكرية والحكومية والمدنية بالعديد من المدن الإسرائيلية، في مشهد مشابه جزئيا لما حدث في غزة، يسارع البعض لنشر روح الإحباط والمساواة بين الموقف من كلا من الصهاينة وإيران، باعتبار كل منهما عدوا للأمة بل واعتبار البعض خطورة إيران أشد.



وهناك طعن في إنجازات عملية تصب في صالح الدفاع عن الأمة الإسلامية، وتقلل من تركز الجهد العسكري الصهيوني تجاه سكان غزة، وتؤجل المشروع الصهيوني للهيمنة، والذي إذا نجح في تحجيم إيران فسيتجه إلى تحجيم باكستان ثم تركيا وسوريا ومصر، وستكون السعودية أكثر انكشافا حيث ستدفع المزيد لحماية أمنها، وسيدفع العدو الصهيوني باقي الدول العربية والإسلامية إلى التطبيع المجاني معه، بل لقد وصل به الغرور إلى طلب دفع الدول الخليجية تكلفة حربه مع إيران.

وهكذا لم يكن بيان هيئة علماء المسلمين موفقا في رأيي من حيث توقيته، حين ساوى في العداوة للمسلمين بين الصهاينة وإيران، بل إنه أفرد لهجومه على إيران أضعاف ما خصصه لتبيان الخصومة مع الصهاينة، في نفس الوقت الذي يستمر فيه القصف الإسرائيلي للمدن الإيرانية والتي لا تفرق بين سنة وشيعة، حيث يمثل السنة نسبة من عشرة إلى أربعين في المائة من سكان إيران حسب المصادر المختلفة، وربما كانت هناك ضغوط على هؤلاء العلماء الذين لم يستطيعوا تنظيم مسيرة للتضامن مع غزة عند معبر رفح، بسبب امتناع السلطات المصرية عن الرد على مطلبهم، ومع ذلك كانت مواقفهم تتفادى التصريح بالتنديد بالموقف المصري الرسمي تجاه غزة ومشاركته في حصارها.

تأييد إيران حاليا في حربها مع إسرائيل لا يعني التأييد المطلق لها، وأن هناك فرقا بين التحالفات السياسية والموافقات العقائدية
وربما جاء بيان جماعة الإخوان المسلمين بعد بيان هيئة العلماء بيومين ليخفف من آثاره السلبية، حين أعلن بوضوح الدعم الكامل للجمهورية الإسلامية في إيران في مواجهة العدوان الإسرائيلي، مؤكدا أن نيران الاحتلال لا تفرق بين أعراقنا ولا بين مذاهبنا، وسعي إسرائيل للقضاء على المقاومة الفلسطينية وعلى حاضنتها، سواء كانت تلك الحاضنة دولة مثل إيران أو حركة إسلامية مثل الإخوان. ولم يخلُ بيان الإخوان من إشارة إلى ضرورة التجاوز عن آثار وأخطاء السنوات الماضية التي نالت من وحدة الأمة، في إشارة إلى مشاركة إيران في الوقوف ضد الثورة في سوريا وما تسببت به من دماء أيضا في كل من العراق واليمن. ورغم ذلك فقد صدر بيان إخوان سوريا يرفض مضمون بيان فصيل الدكتور صلاح عبد الحق.

فقه الجعفرية يشبه باقي المذاهب

كما ظهر انقسام بين مؤيدي بيان هيئة علماء المسلمين باعتبار الشيعة في إيران من الروافض، ووجهة النظر الأخرى التي ترى أن الروافض لم يتم تكفيرهم من قبل العلماء على مر التاريخ باعتبارهم مسلمين، وراح أصحاب هذا الرأي يستندون إلى العديد من آراء العلماء المساندة لهم، ومنها تصريح الشيخ محمد متولي الشعراوي حين سئل عن موقفه من الشيعة، ورد بأن الشيخ محمود شلتوت حينما أدخل فقه الجعفرية في الفقه المقارن، فقد وجدنا هذا الكلام لا يتناقض مع ما عندنا.

وكذلك تصريح للشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر بأن الشيعة إخوة لأهل السنة، وأحد جناحي الأمة، وأن الشيعة الإمامية الجعفرية والزيدية هم مسلمون لا ريب في ذلك ولا نستطيع الحكم بخروجهم عن الإسلام، وأننا والشيعة لنا قرآن واحد ونبينا واحد وفرائضنا التعبدية من صلاة وصوم وحج واحدة، والفوارق بيننا محصورة في مسائل مثل الإمامة والعصمة وغيرها. وقول شيخ الأزهر: "نقبل التمذهب لكن نرفض التعصب للمذهب، فليؤمن الشيعة بمبدأ الإمامة وليؤمن السنة بمبدأ الخلافة، لكن على الجميع أن يؤمن بمبدأ الوحدة في وجه العدو، ووجوب تقديم واجب الأمة على واجب المذهب".

ودخل عالم مصري على الخط بأن تفسير النبى صلى الله عليه وسلم للآية الأخيرة من سورة محمد والتي تقول: "إن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم"، عندما سأله الصحابة عن هؤلاء القوم وكان بجواره سلمان الفارسي، فقال هذا وقومه، وهو التفسير الموجود في البخاري وتفسير القرطبي وتفسير ابن كثير.

تصدي إيران لإسرائيل في صالح سوريا

وراح آخرون -أميل إلى رأيهم- ويستندون إلى فقه الواقع بأن تغلب إسرائيل على إيران سيعقبه سعيها لتقسيم سوريا، والتوسع في أراضيها حتى تلتقي مع المناطق التي يسيطر عليها الأكراد لتصبح حدودها مجاورة لكردستان، والتخلص من الرئيس السورى الحالي وانكماش الظهير التركي إلى حدوده، بل وزيادة احتمالات عودة علمانيي تركيا للحكم بدعم من الخليج والغرب، وعودة حكم الشاه إلى إيران أو غيره من الفصائل المعارضة للحكم الإسلامي فيها.

وهكذا أخذ آخرون يشككون في ظهور مسألة الرافضة بقوة في الوقت الحالي، حيث لم يسمع أحد لهم صوتا عندما أعادت السعودية علاقتها بإيران بعد تدخل الصين للوساطة بينهما، وهم أنفسهم الذين قاموا بالطعن في المقاومة في غزة واتهامها بالنضال من الفنادق، بينما لم نسمع لهم صوتا للتنديد بالإبادة الجماعية لتجمعات الجوعى المستمرة حتى الآن.

وراح آخرون يقررن أن تأييد إيران حاليا في حربها مع إسرائيل لا يعني التأييد المطلق لها، وأن هناك فرقا بين التحالفات السياسية والموافقات العقائدية، وأنه لا خوف من التشيع في حالة انتصار إيران كما يردد خصومها من الصهاينة العرب، بدليل أن تعاون حماس معها لم يعقبه انتشار لمذهبها في غزة، كما أن جهودها للتشيع في سوريا خلال فترة بشار راحت سدى بمجرد رحيله، وأن ضربات إيران الحالية ضد إسرائيل تصب في مصلحة سوريا وكل الدول العربية والإسلامية، حيث أمكن للإيرانيين تخطي القيود الغربية بامتلاكهم للأسلحة الصاروخية رغم الحصار، وتمكنهم من التصدي للحرب التكنولوجية التي تخوضها إسرائيل وتخوف بها دول المنطقة.

تجاهل المواقف الغربية المنحازة لإسرائيل
أصبح من الواضح أن القضية ليست النووي الإيراني أو المقاومة في غزة، فالقضية الرئيسة هي السعي للهيمنة الإسرائيلية على المنطقة كوكيل عن الدول الغربية
وهكذا نتساءل: ألم تساهم روسيا بشكل رئيس في توطيد أركان نظام الأسد منذ عام 2015، وما ساهمت به من قتل للكثيرين من خلال البراميل المتفجرة، فلماذا لم تتجه سهام هؤلاء من أصحاب الفتنة للنيل من روسيا، أو من النظام الهندوسي المتعصب الحاكم في الهند والذي يبطش بالمسلمين هناك، وقد تعاون مع إسرائيل وأيد ضربها لسكان غزة وقام بالاعتداء على باكستان مؤخرا، أو المواقف الأوروبية المساندة لإسرائيل.

لماذا نشيد بأي موقف مساند للقضية الفلسطينية من قبل إحدى دول العالم، ولو في شكل بيان إدانة في قصف لمستشفى أو مدرسة أو مركز لتوزيع الغذاء، أو تصويت على قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بينما يتجاهل هؤلاء بالضربات الإيرانية على إسرائيل رغم أنها جاءت ردا على العدوان عليها؟

لماذا نقف صامتين أمام مواقف الخزي والعار الأوروبية والغربية التي لم تندد أي منها بالعدوان الإسرائيلي على إيران، ولم تذكر أي منها ما تمتلكه اسرائيل من قدرات نووية، ولم تدعها حتى للانضمام لوكالة الطاقة الذرية حتى يكون برنامجها تحت رقابة الوكالة مثلما يحدث مع إيران، بينما تتحدث عن حق اسرائيل بالدفاع عن نفسها، في مشهد متعصب مفضوح؟

أليست إيران دولة مسلمة وكان العدوان عليها يستحق الخروج من الجماهير المسلمة في أنحاء العالم الإسلامي للتنديد بالهجوم على منشآتها النووية، خاصة وأن امتلاك أية دولة إسلامية للسلاح النووي يمثل رادعا أمام استخدام إسرائيل للقنابل النووية لديها؟ ألم تستحق إيران تحرك من قمة قادة منظمة التعاون الإسلامي لمساندتها؟

لقد أصبح من الواضح أن القضية ليست النووي الإيراني أو المقاومة في غزة، فالقضية الرئيسة هي السعي للهيمنة الإسرائيلية على المنطقة كوكيل عن الدول الغربية، لمنع حدوث أي نهضة اقتصادية أو علمية أو عسكرية في أي بلد إسلامي، كي يظل الجميع تابعا للمعسكر الغربي، فإذا لم ننتبه لذلك فإننا نستحق ما سيحدث لنا من خضوع وتبعية وانتكاسة أكثر مما نعانيه حاليا من تردٍ.

x.com/mamdouh_alwaly

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الإيرانية الإسرائيلي حربه إيران إسرائيل حرب اسلامي مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة تكنولوجيا سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مع إسرائیل فی غزة

إقرأ أيضاً:

مستشار الهيئة العليا للتنمية الاقتصادية في سوريا الدكتور أيمن حموية في مؤتمر صحفي بعد توقيع مذكرات التفاهم الاستثمارية مع عدد من الشركات الدولية: يتم التركيز على المشاريع التي تمس حياة المواطن، وهناك تنسيق مع كافة الوزارات والمحافظات للانتهاء من الدراسات

2025-08-06hadeilسابق مذكرات التفاهم الاستثمارية التي وقعت اليوم بحضور الرئيس الشرع تشمل مجموعة من المشاريع الاستراتيجية الكبرى وعددها 12 مشروعاً بقيمة إجمالية تبلغ 14 مليار دولار أميركي انظر ايضاً مذكرات التفاهم الاستثمارية التي وقعت اليوم بحضور الرئيس الشرع تشمل مجموعة من المشاريع الاستراتيجية الكبرى وعددها 12 مشروعاً بقيمة إجمالية تبلغ 14 مليار دولار أميركي

آخر الأخبار 2025-08-06مراسلة سانا: بحضور رسمي من الجانبين السوري والإماراتي، بدء الحفل الختامي لمسابقة تحدي القراءة العربي بموسمها التاسع على مستوى سوريا في دار الأوبرا بدمشق 2025-08-06بحضور الرئيس الشرع.. توقيع مذكرات تفاهم استثمارية مع عدد من الشركات الدولية بقيمة 14 مليار دولار 2025-08-06هيئة الاستثمار السورية تبحث واقع مشاريع القطاع الصحي والدوائي المتعثرة 2025-08-06الهلال الأحمر السوري يتسلم عيادتين متنقلتين ضمن منحة من صندوق الأمم المتحدة للسكان 2025-08-06حملة شفاء 2 في حمص: أكثر من 70 عملية جراحية مجانية حتى الآن 2025-08-06دخول 10 حافلات برفقة سيارات للهلال الأحمر لإجلاء عدد من المدنيين من السويداء 2025-08-06معاون وزير الطاقة لشؤون النفط لـ سانا: القرار يأتي ضمن رؤية داعمة لتحفيز النمو الصناعي وتخفيف أعباء الإنتاج عن الصناعيين، بما يسهم في تعزيز تنافسية الصناعة الوطنية واستقرار الأسواق 2025-08-06معاون وزير الطاقة لشؤون النفط لـ سانا: نسبة التخفيض بلغت 14% لمادة الفيول، و23% تقريبًا لمادة الغاز 2025-08-06معاون وزير الطاقة لشؤون النفط غياث دياب لـ سانا: أصدرنا قراراً بتخفيض أسعار مادتي الفيول والغاز المستخدمتين في العمليات الصناعية، وذلك في إطار الشراكة الإستراتيجية بين الإدارة العامة للنفط والإدارة العامة للصناعة، وبناءً على توجيهات وزير الطاقة 2025-08-06عناصر الخلية الإرهابية رمزي حمود ومنذر علي، المتورطان في محاولة تنفيذ عملٍ إجرامي يستهدف كنيسة مار إلياس المارونية في قرية الخريبات بمنطقة صافيتا بريف طرطوس، والذين قبضت عليهما وحدة المهام الخاصة في قيادة الأمن الداخلي بمحافظة طرطوس

صور من سورية منوعات اكتشاف معبد عمره 6 قرون وسط تركيا 2025-08-06 اكتشاف أحفورة لتمساح منقرض بالسودان تعود لـ 90 ألف سنة 2025-08-05
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • هل يعود الانقسام الى الشارع المسيحي؟
  • بالأرقام.. عدد الصواريخ التي أطلقتها البحرية الأمريكية للدفاع عن إسرائيل من الهجمات اليمنية
  • مصر تهاجم مخطط احتلال غزة.. إدانة شديدة واتهام لـ إسرائيل بارتكاب جريمة بحق الإنسانية
  • سوريا.. كونفرانس وحدة الموقف يصنف أحداث الساحل والسويداء كجرائم ضد الإنسانية
  • فيدان يلتقي الشرع ويناقشان دعم سوريا و"خطوات إسرائيل"
  • اعترفت بقتل 11 زوجا لها خلال مسيرتها الزوجية وعقدت على 18 زوجا بالمتعة.. الإيرانية كلثوم أكبري الزوجة الحنونة التي هزت إيران
  • إيران تحذر دول الجوار من استغلال إسرائيل لأراضيها للإضرار بأمنها القومي
  • إيران تعدم مواطن قالت أنه سرب معلومات أدت الى اغتيال إسرائيل عالم نووي كبير
  • مستشار الهيئة العليا للتنمية الاقتصادية في سوريا الدكتور أيمن حموية في مؤتمر صحفي بعد توقيع مذكرات التفاهم الاستثمارية مع عدد من الشركات الدولية: يتم التركيز على المشاريع التي تمس حياة المواطن، وهناك تنسيق مع كافة الوزارات والمحافظات للانتهاء من الدراسات
  • إيران تعدم شخصا مدانا بالتجسس لصالح إسرائيل