ميسي: ما يحققه منتخب الأرجنتين حالياً أمر جنوني
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
المناطق_متابعات
وصف الأرجنتيني ليونيل ميسي الإنجازات التي حققها منتخب بلاده في السنوات الأخيرة بـ”الأمر الجنوني”، وذلك بعدما قاد الفريق للتأهل الفريق لنهائي بطولة كأس أمريكا الجنوبية لكرة القدم (كوبا أمريكا 2024).
وواصل منتخب الأرجنتين حملته الناجحة للاحتفاظ بلقب كوبا أمريكا للنسخة الثانية على التوالي، عقب فوزه الثمين والسهل 2 / صفر على نظيره الكندي مساء أمس الثلاثاء بالتوقيت المحلي (صباح اليوم الأربعاء بتوقيت غرينتش) بالدور قبل النهائي للمسابقة القارية المقامة حاليا في الولايات المتحدة.
وافتتح جوليان ألفاريز التسجيل للأرجنتين في الشوط الأول، قبل أن يضيف ميسي الهدف الثاني في الدقيقة 51، محرزا هدفه الأول في النسخة الحالية للبطولة، والـ14 في مشواره الحافل بكوبا أمريكا، ليبتعد بفارق 3 أهداف فقط خلف الرقم القياسي لأكثر اللاعبين تسجيلا للأهداف في البطولة التي انطلقت نسختها الأولى عام 1916.
وضرب منتخب الأرجنتين بطل العالم موعدا في النهائي مع الفائز من مباراة المربع الذهبي الأخرى بين منتخبي كولومبيا وأوروجواي، حيث يتطلع منتخب “راقصو التانجو” للتتويج باللقب للمرة الـ16 في تاريخه، والانفراد بالرقم القياسي كأكثر المنتخبات حصولا على البطولة، الذي يتقاسمه حاليا مع منتخب أوروجواي.
وقال ميسي عقب المباراة، التي أقيمت بمدينة نيوجيرسي الأمريكية: “إنها بطولة صعبة للغاية، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة. من الصعب جدا اللعب في تلك الأجواء. وصولنا إلى النهائي مرة أخرى هو أمر يجب تسليط الضوء عليه”.
وأضاف ميسي، الذي أحرز هدفه الـ109 في مسيرته مع منتخب الأرجنتين: “إنه لأمر جنوني ما فعلته هذه المجموعة، وما يفعله المنتخب الأرجنتيني حقا. يتعين علينا أن نستمتع بكل التجارب التي نمر بها كفريق وكمنتخب وطني. ما حققناه صعب للغاية، وينبغي علينا الاستفادة منه”.
وردا على سؤال بشأن حاضره ومستقبله القريب، رد ميسي في تصريحاته، التي أبرزها الموقع الإلكتروني الرسمي للاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم: “إنني لا أتوقف عن المنافسة والمحاولة. هذه هي المعارك الأخيرة وأنا أستمتع بها على أكمل وجه”.
ويسعى منتخب الأرجنتين، الذي توج بالنسخة الماضية لكوبا أمريكا عام 2021 بالبرازيل، قبل أن يفوز بكأس العالم للمرة الثالثة في تاريخه بقطر عام 2022، لتكرار إنجاز منتخب إسبانيا، الذي أحرز كأس الأمم الأوروبية عامي 2008 و2012، وتخللهما فوزه بمونديال 2010 بجنوب أفريقيا.
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: ميسي منتخب الأرجنتین کوبا أمریکا
إقرأ أيضاً:
السودان الذي يسكننا… وما يخسره العالم إن غاب
السودان الذي يسكننا… وما يخسره العالم إن غاب
بقلم: عبدالعزيز يعقوب – فلادلفيا
[email protected]
٩ اغسطس ٢٠٢٥
(١)
في إحدى الأمسيات البعيدة، قلت لأصدقاء من زملاء الدراسة ونحن نتداول الأفكار ونرسم خرائط السياسة والتاريخ: “تخيلوا… ماذا لو اختفى السودان من الخريطة السياسية؟ لا اسم، لا لون، لا خط حدود… فقط فراغ صامت.”
ابتلعنا الفكرة بصمت ثقيل، ليس لأنها مستحيلة، بل لأنها باتت ممكنة في عالمٍ لا يُحسن الإصغاء إلى من يتألم في صمت.
لكن حين أغلقت الخرائط وعدت إلى نفسي، أدركت الحقيقة؛ حتى لو غاب السودان عن الورق، فلن يغيب عن الذين أحبوه. لأن السودان لم يكن يومًا مجرد وطن نعيش فيه، بل وطن يسكننا.
ليس مجرد مساحة بين نهرين، بل ذاكرة طينية لازبة هي أصل الخلق. ليس علمًا يُرفع، بل حكاية تُروى من جيل إلى جيل.
ليس نشرة جوية عابرة، بل دفء شمس على ظهر قفة، ورائحة بنّ على نار هادئة. ليس دولة فقط… بل وجدان عميق يشبه الحنين الذي لا يُفسَّر.
(٢)
السودان الذي فينا لا تمحوه الحروب، ولا تفككه النزاعات، ولا تطفئه نيران الأطماع. هو صورة الجدة حين تروي عن سيف أبيها الذي قاتل “الفرنجة”، وعن الكرامات لدرويش في القرية.
هو صوت الكاشف ووردي والعطبراوي حين يغنون للمستقبل.
هو لهجة أم تدعو في الفجر لأولادها الغائبين، ودمعة مغترب تتسلل خفية حين يشاهد “توتي” وجروف النيل عند الشروق في صورة عابرة.
وإن كانت ثمة خريطة تُمحى وتزول، فهي خريطة العقل السياسي والنخب الفاشلة، لا خريطة القلب.
(٣)
لكن… ماذا عن العالم؟
ماذا يخسر العالم لو غاب السودان، أو نُفي من الذاكرة الجغرافية الكبرى؟
سيخسر أكثر مما يظن.
سيخسر سلة غذائية لم تُستثمر، ونيلًا عذبًا فراتًا كان يمكن أن يكون شريانًا للحياة لا ساحةً للخصام.
سيخسر مخزونًا نادرًا من الذهب، والنحاس، واليورانيوم، والمعادن النادرة التي تبني المستقبل.
وسيفقد معبرًا لا بديل له بين البحر الأحمر وعمق إفريقيا.
لكن الخسارة الأكبر ليست في الأرض… بل في الإنسان.
سيخسر العالم إنسانًا سودانيًا فريدًا، بطاقته التي تمشي بين البساطة والنباهة، بروحه التي تصبر وتغفر وتقاوم، بكرمه الذي لا يُنسى، وبأدبه الذي يجاور الكبرياء دون أن يعلو عليه.
سيخسر العالم ثقافةً لم تُكتشف،
وأغانٍ لم تُترجم،
وأشعارًا لم تُنشر،
وحكاياتٍ ما زالت تُروى في قرى لا تعرف الكهرباء، لكنها تعرف الله، واللوح، والدواية، والإنسان.
السودان هو النموذج الذي فشل العالم في أن يراه، وفشل أبناؤه في أن يُعرّفوا العالم به.
شعبٌ جريح لم يتحول إلى قاتل، ووطنٌ مُنهك لم يفقد الأمل، وصوتٌ خافت لو أُصغي إليه، لعلّم البشرية كيف يُبنى الحُلم وسط الركام والألم.
(٤)
أخيرًا… نحن الشعب السوداني نراهن على الأمل والإنسان لا الجغرافيا.
في خضمّ هذا الألم الذي يكاد يطغى على كل شيء، يبقى السودان ليس كمساحة متنازع عليها، بل كإمكان هائل لم يُفعّل بعد.
بلدٌ لم يعجزه الفقر، بل أعاقه سوء التدبير وسوء الفهم. وما يزال، رغم العثرات، يحتفظ بمخزون بشري فريد، وبثروات طبيعية قلّ نظيرها.
الرهان الحقيقي اليوم ليس على استقرار زائف تفرِضه معادلات الخارج، بل على نهضة داخلية قوامها الإنسان، لا سيما الشباب، أولئك الذين خبروا الألم فلم يتعلموا منه اليأس، بل الصبر والإبداع.
وعلى الأطفال الذين ينبغي ألا نُسلّمهم أمة ممزقة، بل فرصة ليكونوا صُنّاعًا للمستقبل وعالمًا جديدًا.
إن السودان – بمن فيه وما فيه – قادر أن يتحول من ضحية الأجندة والأطماع إلى محرّك للإنتاج الكثيف في الغذاء، والمعادن، والطاقات النظيفة، إذا ما أُعيد تصميم العقد الاجتماعي والسياسي على أساس العدالة، والكفاءة، والكرامة الإنسانية.
ولن يكون هذا ممكنًا دون إعادة الاعتبار للقيم التي شكّلت جوهر هذا البلد؛ المروءة، والكرم، والتسامح، والتعاضد، والتكافل، والحكمة العميقة من بسطائه.
العالم لا يخسر السودان لأنه فقير أو هش، بل لأنه لم يمنحه حقه في أن يكون كما يريد،
والسودان لا ينهار لأنه ضعيف، بل لأن أبنائه الأقوياء لم يؤمنوا بعد بقوّته ولم يتوافقوا ليعملوا معًا للسودان والسودانيين.
إن كان للسودان أن يُولد من جديد، فسيولد من قلب شعبه، من جذور أرضه، ومن الأمل والحلم الصامد في عيون شبابه.
(٥)
أيها العالم، إن خسارتكم للسودان ليست مجرد فقدان مساحة جغرافية على الخريطة، بل خسارة إنسان بكيانه وروحه. إنها فقدان ثقافة فريدة من نوعها، تراث متراكم عبر آلاف السنين، يحكي قصة الإنسان في أعماق إفريقيا، في تمازج بين البساطة والعبقرية، بين الصبر والإبداع.
إنكم تخسرون إنسانًا قادرًا على الصمود في وجه المحن، ومثالًا للكرم والتسامح رغم كل الألم. تخسرون ثروة طبيعية هائلة من معادن ثمينة ونهر خالد، طاقة كامنة كانت يمكن أن تشكل رافدًا للتنمية الإقليمية والدولية.
إن غياب السودان يعني غياب جسر يربط بين ضفتي إفريقيا، ويقطع الطريق على مستقبل مزدهر قائم على التعاون والتنمية. وخسارتكم للسودان تعني تخليكم عن فرصة عظيمة لصناعة السلام والنهضة في قلب القارة.
لا تدعوا السودان يختفي… فبغيابه، يختفي جزء لا يُعوّض من الإنسانية نفسها.