جنين- "أنا أيهم يا حج، نسيت صوتي"، بهذه الكلمات بدأ أيهم كممجي مكالمته مع والده فؤاد، التي أبلغه فيها أنه سيكون واحدا من بين الأسرى المنوي الإفراج عنهم ضمن صفقة الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف الحرب في قطاع غزة.

وبشوق كبير وعبارات المحبة والحسرة، استقبل والد أيهم الاتصال الذي تمّ في حضور جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، وكان سؤال أيهم الأول لأبيه عن حقيقة توقف الحرب في القطاع، كما سأل عن حال إخوته وعن رفاقه في السجن.

وخلال السنوات الماضية كان أيهم كممجي واحدا من أبرز الأسرى في المشهد الفلسطيني، خاصة أنه أحد الأسرى الستة الذين تمكنوا من التحرر بعد حفر نفق في سجن جلبوع عام 2021.

وبعد قرابة ستة أيام على نجاح هروبه، تمكنت قوات الاحتلال من إعادة اعتقاله، وخلال جلسة محاكمته قال إنه على يقين أنه سيخرج مرة أخرى ولكن من باب السجن، وأن المقاومة ستحرره وباقي الأسرى عبر صفقة قريبة. وردد عبارات تناقلها الشارع الفلسطيني حتى اليوم حيث قال:

"الحر يأبى أن يكون مقيدا.. والصقر يأنف ذلة الخرفان

زنزانتي متر بمتر طولها.. ولعرضها نصف متر ثاني

لكن عزائي أن لي في غزة إخوانا وبأسرهم غربان"

وكان أبو عبيدة الناطق باسم كتائب عز الدين القسام قد وعد أسرى النفق بتحريرهم في الصفقات اللاحقة التي ستجريها حماس مع الاحتلال.

أيهم كممجي.. أحد أبطال نفق الحرية ينتزع حريته مجددا بعد نحو 20 عاما في سجون الاحتلال#حرب_غزة pic.twitter.com/VRwZQ7al7l

— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 13, 2025

تهديدات الاحتلال

وفي منزله ببلدة كفر دان غرب جنين، كان فؤاد يستقبل أهالي البلدة والمهنئين بتحرر ابنه أيهم بعد 20 عاما في الأسر، ووصف مشاعره للجزيرة نت قائلا "هذا فضل عظيم من الله، الحمد لله الذي أكرمني لأرى هذا اليوم، كنت أحلم أن يكون أيهم حرا، صحيح أني لم أتمكن من الاتصال به حتى الآن، لكن المهم أني تأكدت أنه حر".

إعلان

وتابع "الاحتلال أعاد اقتحام منزلنا وهددنا مرة أخرى لعدم الاحتفال والحديث للإعلام، صحيح أن أيهم خرج لكن إخوته هنا، وأنا أخشى عليهم".

وكان فؤاد كممجي قد تحدث للجزيرة نت قبيل الإفراج عن ابنه بيوم واحد، وقال إن الاحتلال هدده ومنعنه من الاحتفال ومن إجراء لقاءات صحفية وإعلامية، وأضاف "إذا تأكدت من خروجه ووصوله إلى غزة بالسلامة عندها يمكن أن أجري مقابلتي معكم".

وقبيل خروج الحافلات التي تقل الأسرى من سجن عوفر الإسرائيلي إلى مدينة رام الله، أطلقت قوات الاحتلال الرصاص الحي اتجاه الأهالي الذين ينتظرون أسراهم، وأصيب مواطن بإحداها في القدم، كما أطلقت قنابل الغاز والصوت لتفريق الأسر والصحفيين الموجودين على تلة قريبة من السجن.

وكانت القوات قد داهمت عددا من منازل عائلات الأسرى المقرر الإفراج عنهم ضمن الصفقة، ومنعتهم من إقامة أية مظاهر احتفالية أو إجراء مقابلات صحفية. كما منع الاحتلال قرابة 20 عائلة فلسطينية من السفر عبر معبر الكرامة للقاء أبنائهم المحررين.

منشورات ألقاها الاحتلال على الأهالي أمام سجن عوفر قبيل الإفراج عن الأسرى (الجزيرة)حلم يتحقق

اعتُقل أيهم كممجي عام 2006 ووجهت له محكمة الاحتلال تهمة خطف مستوطن وقتله، وحكم عليه بالسجن المؤبد مرتين، وكان يبلغ من العمر في ذلك الوقت 20 عاما. وفي 2014، حاول الفرار من سجن جلبوع لكن إدارة السجن اكتشفت المحاولة، وتم عزله وحرمانه من كافة حقوقه. توفيت والدته عام 2019 ولم يتمكن من وداعها، في حين اغتال الاحتلال شقيقة شأس في بلدته كفردان عام 2022.

في قاعة الاستقبال المخصصة للأسرى المحررين من أصحاب المؤبدات والمبعدين إلى مصر، تحدث مهندس عملية الهروب من سجن جلبوع محمود العارضة لوسائل الإعلام، وقال "الفضل الكبير لأهل غزة ولكل من ساند المقاومة في لبنان واليمن، والفرحة بالتحرر ما كانت تتم لولا المقاومة وتضحيات أهل القطاع".

وأضاف أن مشاعر الفرح تغلب التعب الذي أحس به ورفاقه خلال رحلة السفر من الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى مصر، حيث إنه لأول مرة يسافر كل هذه المسافة الطويلة.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال رداد العارضة شقيق محمود إن الصورة الأولى التي وصلت العائلة بعد تحرر شقيقه بعثت فيهم الطمأنينة على صحته وحاله. وتابع "شقيقتي سافرت إلى مصر لتكون في استقبال محمود، ورغم شوق والدتي الكبير له، فإنها لا تستطيع السفر، فهي في 80 من عمرها وحركتها صعبة، لكن نحن بكل تأكيد سنحاول اللحاق به ونعوض شوقنا له".

"لن ننسى هذا الجهد الذي قدم من أجل #فلسطين".. كلمات الأسير الفلسطيني المبعد محمود العارضة بعد وصوله إلى #مصر pic.twitter.com/OaCKDaqON9

— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) October 14, 2025

فرحة عارمة

وعن فرحة والدته، قال رداد "أمي سعيدة جدا، كانت على ثقة بتحرره يوما ما، غير أنها كانت تحب أن تشمل الصفقة كل الأسرى وخاصة القادة الذين عاشوا مع محمود حياة الأسر على مدى عقود وأصبحت تربطنا بهم وعائلاتهم علاقات ود قوية مثل مروان البرغوثي وإبراهيم حامد".

وُلد محمود العارضة عام 1975 واعتقل منذ كان في الـ14 من عمره، وأمضى في السجن عدة أشهر، بعدها تم اعتقاله سنة 1996 وحكم عليه بالسجن المؤبد، إضافة إلى 15 عاما بتهمة انتمائه إلى سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وحصل على شهادة الثانوية العامة وبكالوريوس في التربية الإسلامية في السجن.

إعلان

ويصفه شقيقه رداد بالمفوّه وصاحب الحكمة والخطيب المتحدث اللبق. ويؤكد "محمود بحرٌ من المعرفة والعلم، اجتماعي محبوب من كل الأسرى، وفي أي سجن كان ينتقل إليه كان يحظى باحترام الجميع، ولم يكن الأسرى يحسبونه على فصيل دون غيره".

ويضيف "أمضيت معه 21 عاما في السجن، وأعرف كل ما عاناه هناك، لكن منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 زادت معاناته بشكل كبير، حيث منعنا من الاتصال به طوال السنتين الماضيتين ولم نعرف شيئا عنه، أخبرني أحد المعتقلين الذي التقاه في سجن رامون أنه معزول منذ عام كامل، ويوميا يقوم السجان بوضع مكبرات صوت على باب غرفته ويشغل الأغاني العربية بصوت عالٍ جدا من الصباح وحتى آخر اليوم، كما تم تقييده يوميا على مدى هذا العام".

لُقب العارضة بمهندس نفق الحرية، حيث خطط لحفر النفق وطريقة الهروب منه برفقة أيهم كممجي وزكريا الزبيدي ومحمد العارضة ويعقوب قادري ومناضل نفيعات، أعيد اعتقاله بعد أسبوع من نجاح العملية وحكم عليه بالسجن 5 سنوات إضافية وغرامة مالية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات أیهم کممجی الإفراج عن فی السجن

إقرأ أيضاً:

«لحظات الحرية الأولى».. الأسرى الفلسطينيون يخرجون من سجون الاحتلال وسط دموع الفرح

الجديد برس| منوعات| أظهرت لحظات وصول الأسرى المحرّرين إلى قطاع غزة أن غالبيتهم لا يصدقون أنهم نالوا الحرية فعلاً، وتخلصوا من يوميات الأسر والتعذيب داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، وبدا الأمر كأنهم يعيشون حلماً. كانت عشرات الحافلات التي تقل الأسرى المحرّرين تسير وسط حشد مهيب يضم الآلاف من أهالي قطاع غزة الذين تجمّعوا في محيط مجمع ناصر الطبي بمدينة خانيونس، ما أدى لإبطاء عملية دخول الحافلات إلى المشفى لإجراء الفحوص الطبية للأسرى قبل لقاء عائلاتهم، بينما كان الأسرى يطلون من نوافذ الحافلات كي يستنشقوا الحرية بعيونهم الباكية، وقلوبهم التي يملأها الفرح. وكان الأهالي يتعرفون على أبنائهم بصعوبة بالغة نتيجة تغيّر الملامح وانخفاض الأوزان، لكن ساحة المشفى تحولت إلى ساحة فرح تعيشه غزة لأول مرة بعد عامين من القتل والتدمير، من جرّاء عودة الأبناء إلى حضن الوطن، لتحمل كل عائلة ابنها المحرّر على الأكتاف، ويردّد الجميع “حرية… حرية”. وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار، أفرج الاحتلال الإسرائيلي عن 1968 أسيراً فلسطينياً، من بينهم 1718 أسيراً من قطاع غزة، و250 أسيراً من ذوي الأحكام العالية والمؤبدات. خاض كل واحد من الأسرى المحرّرين تجربة اعتقال مريرة، وتحرر كل منهم بقصة توثق إبادة أخرى مارسها الاحتلال بحق أبناء غزة، وظروف اعتقال لم يجربها أي شخص في العالم، تشمل إبقاء الأسرى معصوبي الأعين ومقيّدي الأيدي طوال فترة الاعتقال، وممارسة التعذيب النفسي والجسدي، والحرمان من الطعام، وتكرار النقل، وسحب الفراش والملابس، والحرمان من الزيارة أو التواصل مع عائلاتهم.

شملت ظروف الاعتقال إبقاء الأسرى معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي، وتعرف الأهالي على أبنائهم بصعوبة نتيجة تغيّر الملامح وتقلص الوزن

بملامح وهن ووجه مُصفر وملابس رمادية يرتديها الجميع، يضع الأسير المحرّر محمد الشوبكي يده على بطنه من أثر قمع إسرائيلي تعرض له في الذكرى الثانية للحرب الإسرائيلية على غزة في 7 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بينما يسير ببطء بين جموع الأهالي الغفيرة الذين امتلأت بهم ساحات مشفى ناصر، يبحث عن أفراد عائلته بين الوجوه، مع شوق كبير لاحتضان أطفاله. اعتقل الشوبكي قبل عام من منزله في منطقة “أنصار” بحي تل الهوى جنوب غربي مدينة غزة، ومنذ ذلك الوقت لم يتواصل مع عائلته، وهذه معاناة نفسية أخرى عاشها الأسرى الذين غيّبوا عن ما يجري في غزة، وعن معرفة مصير ذويهم. يقول لـ”العربي الجديد” عن آخر قمع تعرض له: “كان قمعاً من دون سبب، وربما السبب الوحيد هو الغيظ من ذكرى السابع من أكتوبر. اقتحموا الغرف والأقسام بالكلاب، وألقوا قنبلة صوتية، وتعرضنا للضرب بالعصي. أخذوا عدداً من الأسرى إلى غرفة مغلقة بعيدة عن الكاميرات، وجرى ضربهم ضرباً مبرحاً، لدرجة تكسير ألواح زجاجية عليهم، وركلهم، وذلك باستخدام الأيدي والأرجل وكل ما يتوفر من أدوات قمع، ما ترك علامات على أجسادهم”. بعد تبادل العناق مع أصدقاء قابلهم في ساحة المشفى، يتابع الشوبكي: “ركز جيش الاحتلال على أسلوب التعذيب الناعم أكثر من الجسدي طوال فترة الاعتقال، وهو يشمل منع أي شيء يمكن أن يخفف ظروف السجن عن الأسرى، أو يحسن مزاجهم، ما يزيد من تعاسة السجين. لكن تظلّ فترة ذكرى الحرب أصعب ما عايشناه، إذ قاموا بسحب الفراش والملابس رغم البرد، إضافة إلى تكرار الضرب والقمع، وإنقاص كميات الطعام، وفي بعض المرات قاموا بسحب الطعام بعد دقائق من إدخاله قبل أن يتمكن الأسرى من تناوله، ما أدى إلى تقلص وزنه بنحو 20 كيلوغراماً”. ورغم كل ما عاشه من ظروف اعتقال قاسية، يعتبر الشوبكي حريته بمثابة “ولادة جديدة”، أو “كأنّ الروح ردت إلى جسدي الذي كان شبه ميت داخل السجون”، ويضيف بعينين دامعتين: “عشنا فترة صعبة أشعرتنا بقيمة الحرية وطعم الحياة، لكن ما ينغص الفرحة أننا تركنا خلفنا أسرى يعيشون ظروفاً صعبة، وقد تركناهم ونحن حزينون لأنهم كانوا مثلنا يتوقون إلى الحرية”. بدوره، تحولت لحظات الإفراج عن الأسير المحرّر محمد أبو العمرين إلى حزن ومأتم، بعد أن أبلغه أقاربه باستشهاد جميع أبنائه، وتدمير بيته، ويقول لـ”العربي الجديد” فيما يحاول حبس دموعه: “الحمد لله على كل شيء. ذهب البيت، وذهبت العائلة، لكن كله فداء لغزة وفلسطين”. ويروي الأسير المحرر أيوب الشنباري أنه تعرض للضرب أثناء انتقاله من سجن لآخر في آخر ساعات الأسر، وأن هذا القمع جرى تحت أنظار طواقم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأنه حتى الساعات الأخيرة، لم يتوقف التعذيب الممارس بحق الأسرى. يقول الشنباري لـ “العربي الجديد” فيما يمشي بين جموع غفيرة ومن حوله تعلو هتافات الفرح: “دخلنا في تحقيق عسكري أكثر من عشر مرات، وخلال التحقيق كان يجري وضع الرأس للأسفل ورفع القدمين للأعلى في وضع (الشّبْح)، ويستمر ذلك لساعات، فضلاً عن التنقل بين سجون عدّة، بداية من سجن الغلاف، ثم سجن ريمون، إلى نفحة، ثم عسقلان، والنقب، والهدف هو منع الأسير من إقامة أي صداقة مع الأسرى الآخرين، وإشعاره بعدم الراحة”. يضيف: “كنا نبقى طوال النهار من دون فرشات نتيجة سحبها، ونجلس على هيكل السرير الحديدي، ما يتسبب بآلام في الظهر، فيما تعيد سلطات السجون الفراش عند الساعة العاشرة ليلاً، أما الطعام فلا يزيد عن أربع قطع صغيرة الحجم من الخبز، إضافة إلى ابتزاز الأسرى عبر طلب التعاون الأمني مع الاحتلال مقابل الإفراج عنهم في صفقة أو من دون صفقة”. وعرف الشنباري أنه ضمن أسماء الصفقة قبل الإفراج عنه بيوم واحد، رغم أن ضباط المخابرات لم يخبروه مباشرة، لكن تهديد أحد الضباط له بأنه سيجري إعدامه في المرة القادمة جعله يدرك الأمر، يقول: “قال لي الضابط إنّني محظوظ هذه المرة، وكانت هذه علامة على أنني سأخرج في الصفقة، وعلامة على الحرية، ثم وضعوا على يدي سواراً ورقياً يحمل الرقم 987، بنفس الطريقة التي تحدث مع المواليد الجدد لحظة إبصارهم الحياة. لقد كانت بالفعل ولادة جديدة”. كان الممرض المتطوع بمشفى الشفاء محمد أبو لبن (27 سنة) يمارس عمله في مداواة المرضى والمصابين، وتفاجأ كما كل من كانوا في المشفى فجر يوم 18 مارس/ آذار 2024، بحدوث انفجارين على البوابة، ثم حصار المشفى من الاتجاهات الأربعة من الدبابات الإسرائيلية، مع تحليق منخفض لمسيّرات “كواد كابتر”، التي أبلغت الأهالي أنها “قادمة لمهمّة عسكرية وستغادر”. بعد ساعات قليلة، بدأت المسيّرات بالمناداة على أشخاص بعينهم، ثم طلبت من الطاقم الطبي البقاء، متعهدة بعدم التعرض لهم، وفي اليوم التالي طلبت من مرافقي المرضى والمصابين الخروج وتركهم مع الطواقم الطبية لرعايتهم، ثم طلبت من الطاقم الطبي تسليم أنفسهم، بحجة الحديث معهم. لا تغادر تفاصيل الاعتقال الصعبة ذاكرة أبو لبن، الذي كانت أمه تنتظره في ساحة مشفى ناصر حاملة صورته، ومرتدية الثوب التراثي الفلسطيني متوشحة علم فلسطين وسط فرحة عارمة، يقول لـ”العربي الجديد”: “أعطيناهم الأمان بعد أن أكدوا أنهم لن يعتقلونا، ولم نبلغ عائلاتنا، وبعد تسليم أنفسنا اعتقلوا عدداً من أفراد الطاقم، وكنت من بين المعتقلين، ولم يفرقوا في المعاملة بيننا وبين بقية المعتقلين، بل اعتبرونا مقاتلين، وتعاملوا معنا بشراسة ووحشية، وتعرضنا للضرب والتعذيب من اللحظات الأولى”. في بداية فترة اعتقاله، مكث أبو لبن ثلاثة أشهر في سجن “سديه تيمان” المعروف بممارسة التعذيب القاسي بحق الأسرى، وخلال تلك الفترة، كان يسمع صراخاً شديداً لأسرى آخرين، وكانت هذه إشارة إلى تعرضهم للاعتداء الوحشي، إضافة إلى كون تفاصل الحياة بالمعتقل صعبة، فهو عبارة عن مركز معدني ترتفع درجة حرارته في الصيف ليتحول إلى فرن، وفي الشتاء تكون درجات الحرارة داخله شديدة البرودة، لكنه نقل بعد ذلك إلى سجن عوفر، حيث رُفعت العصبة عن عينيه، مع إبقاء يديه مقيدتين طوال الوقت. ويحكي: “كنّا ننام على فرشة لا يزيد سمكها عن 1.5 سنتيمتر في سديه تيمان، ونبقى معصوبي الأعين طوال 24 ساعة، وعلى مدار ثلاثة أشهر لم أرَ الشمس، وكانوا يقيدون أيدينا طوال الوقت، حتى عند الذهاب إلى المرحاض، ما جعل تناول الطعام مهمة صعبة، لكننا تأقلمنا كي لا نموت”. وكانت عمليات القمع المفاجئة التي يتخللها الضرب والتكسير من أصعب ما واجه محمد أبو لبن، ويوضح: “تكون جالساً بهدوء، وفجأة تسمع صوت الاقتحام، وتتعرض للضرب، وهذا من أسوأ أنواع التعذيب، كما أن طعامهم سيّئ مقارنة بالطعام الطبيعي، ما أشعرنا جميعاً بالضعف، وتسبب في نقصان الوزن. فرحة الحرية لا تضاهيها أي فرحة، وأحياناً أقارنها بفرحة التخرج أو الزواج أو ميلاد الأولاد، لكنها تتفوق على الجميع. الآن أصبحنا أحراراً، والحرية هي الحياة، وسأعود لممارسة مهنتي لخدمة أبناء شعبي”.

مقالات مشابهة

  • «لحظات الحرية الأولى».. الأسرى الفلسطينيون يخرجون من سجون الاحتلال وسط دموع الفرح
  • كممجي والعارضة.. أبطال «نفق الحرية» يحققون الوعد بالحرية
  • من ظلمة الأسر إلى وجع الحرية أسرى.. تحرروا فصدموا بواقع غزة
  • 13 أسيرا أردنيا يعانقون الحرية ضمن صفقة التبادل
  • “نفق الحرية” يكتمل.. محررا جلبوع أيهم كممجي ومحمود العارضة يعانقان الحرية / شاهد
  • الاحتلال يفرج عن 13 أسيرا أردنيا ضمن صفقة التبادل مع المقاومة
  • محمد عمران.. مهندس عملية وادي النصارى ينجو من 13 مؤبدا
  • الأسير طالب مخامرة.. جراح السجن وفني الاتصالات إلى الحرية
  • مسئول بحماس: غدًا بدء عملية إطلاق سراح المحتجزين