الإدارة الأمريكية والعقوبات على نفط روسيا.. والخوف من التضخم
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
يصر الرئيس بايدن على أن الولايات المتحدة تقف بوضوح ودون لبس إلى جانب أوكرانيا. فقد قال خلال قمة مجموعة السبع في إيطاليا الشهر الماضي وهو يقف بجانب الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي «نعم. مرة أخرى. ومرة أخرى. ومرة أخرى».
لكن فيما يخص تشديد العقوبات على الشبكة الخفية لتجار نفط روسيا والذين يزودون الكرملين بكميات وفيرة من الأموال النقدية تبدو إدارة بايدن حقًا حذرة جدًا.
ما الذي يفسر حذر الإدارة الأمريكية ؟ الإجابة تنطوي على القضية الأكثر حساسية في سنة الحملة الانتخابية الحالية. إنها التضخم. فمسؤولو البيت الأبيض يخشون من أن تطلق العقوباتُ ضد التجارة الخفية لنفط روسيا ضغوطاتٍ تضخمية في سوق النفط وترفع أسعار البنزين في محطات الوقود.
يشرح ذلك داليب سينغ نائب مستشار الأمن القومي للشؤون الاقتصادية في حديث له بمعهد بروكنجز مؤخرًا بقوله: «منذ البداية ظل هذا أحد أصعب التحديات التي وجب علينا مواجهتها. ففي سوق عالمية يضيق فيها الفارق بين العرض والطلب يمكن أن تقود القيود على كمية النفط الى زياداتٍ في الأسعار.. تدفع بالتضخم العالمي إلى أعلى».
يعتقد مسؤولو وزارة الخزانة أن البيت الأبيض يبالغ في الحذر. فهم يحاجُّون بأن العقوبات الأمريكية التي فرضت في فبراير على 14 ناقلة نفط تملكها شركة النقل البحري الروسية الكبيرة «سوفكومفلوت» لم تنشأ عنها ضغوطات تضخمية. لقد اضطرت روسيا إلى عرض تخفيضات حادة على سعر نفطها الخاضع لسقف سعري في الأسواق الغربية. لكن سعر برنت وهو المعيار العالمي لم يرتفع.
وعند إعلانه عقوبات فبراير، قال والي ادييميو نائب وزيرة الخزانة: «سقف السعر المفروض على النفط الروسي لا يزال يخدم هدفيه وهما الحد من أرباح الكرملين وفي ذات الوقت تعزيز استقرار أسواق الطاقة». واستطرد موضحًا أن الإدارة الأمريكية «بتوجيهها ضربة هائلة لعمليات تصدير النفط الخفية تعاقب روسيا بطريقة مسؤولة لتقليل المخاطر».
والآن، يقول لي المسؤولون، تريد وزارة الخزانة معاقبة المزيد من ناقلات شركة سوفكومفلوت الإضافية التي يبلغ عددها 80 ناقلةً تقريبًا.
كما تدرس الوزارة أيضًا ما يمكن أن يكون هدفًا أكثر أهمية وهو شبكة يعتقد المسؤولون الأمريكيون أنها تتكون من حوالي 100 سفينة تتولى نقل نفط تنتجه الشركة الروسية العملاقة «روسنفت» والتي يرأسها أيغور سيتشين أحد أقرب مستشاري الرئيس فلاديمير بوتين.
هذه الشبكة التي تسمى أحيانًا «أسطول روسنفت الخفي» يديرها ثلاثة أذريون يعملون بشكل وثيق مع الشركة النفطية، وفقًا لشخص له صلة بالتحقيق الذي تجريه الوزارة. وأكد مسؤولون بوزارة الخزانة والبيت الأبيض طلبوا عدم ذكر أسمائهم؛ لكي يتحدثوا عن مسائل حساسة أن فريقا مشتركا من المحققين يتحرى عن الشبكة ويدرس العقوبات الممكنة.
شركة روسنفت لاعب كبير. وزعم أحد المحققين أنها مسؤولة عن حوالي 40% من صادرات روسيا النفطية وأن الشبكة الخفية تنقل حوالي نصفها. لكنّ المسؤولين نفوا اتخاذ إجراء بدون موافقة البيت الأبيض.
هذه العمليات التجارية الخفية وصفت بواسطة صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير نشرته في شهر فبراير تحت عنوان «حلقة تجارة النفط السرية التي تمول حرب روسيا». وزعم التقرير أن التنفيذيين الأذريين عملوا في السابق مع شركة اسمها «كورال انيرجي».
وأصدرت الشركة بيانًا بعد نشر تقرير وول ستريت جورنال ذكرت فيه أنها أغلقت مكتبها في موسكو ولم تعد لها صلة بموظفيها المقيمين في موسكو بعد غزو روسيا الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022. بل حتى قبل إعلان الولايات المتحدة عن السقوفات السعرية على نفط روسيا في ديسمبر 2022 توقفت الشركة «تمامًا عن التجارة في النفط الروسي وأنهت كل عقوداتها مع جهات امدادها الروسية»، حسب البيان.
وقادت بريطانيا حملتها الخاصة بها للحد من مبيعات النفط الروسية. ففي أوائل الشهر الماضي أعلنت أنها ستفرض عقوبات على ثلاث ناقلات نفط خام وناقلة واحدة لمنتجات النفط. وقال رئيس الوزراء البريطاني السابق ريشي سوناك: «بوتين يجب أن يخسر. والحد من قدرته على تمويل صراع طويل الأمد أمر بالغ الأهمية تمامًا».
وعلى الرغم من أن البيت الأبيض لا يزال مترددًا في الضغط على سوق النفط التي يضيق فيها الفارق بين العرض والطلب إلا أن إدارة بايدن اتخذت خطوات متشددة أخرى لدعم أوكرانيا بداية بحزمة مساعدات عسكرية بقيمة 61 بليون دولار كسبها بايدن في أبريل بعد شهور من تلكؤ النواب الجمهوريين بالكونجرس في إجازتها.
كما فرضت الإدارة الأمريكية أيضًا عقوبات مصرفية جديدة في الشهر الماضي منعت بموجبها أي بنوك عالمية تمول المجهود الحربي لروسيا من التعامل مع البنوك الأمريكية. كذلك فرضت قيود تصدير جديدة للحد من المشتريات الروسية لأية تقنية أمريكية.
ويدرك مسؤولو البيت الأبيض أن صادرات النفط الروسية التي يبلغ إجماليها 8 ملايين برميل في اليوم حاسمة في أهميتها لتمويل آلة حرب الكرملين. لكن يخشى هؤلاء المسؤولون من أن أي اضطراب حاد في الإمدادات قد يرفع الأسعار مع هشاشة التوازن الحالي في سوق النفط العالمية حيث يساوي العرض تقريبا الإمداداتِ التي تبلغ حوالي 100 مليون برميل في اليوم. كما يخشون أيضا من أن بوتين الذي يعلم إلى أي حد يمكن أن يضر التضخم بحملة إعادة انتخاب بايدن قد يوقف الإمدادات عن قصد.
بعض أسئلة السياسة الخارجية ليست لها أجوبة سهلة والمقايضة بين عقوبات الطاقة والتضخم المحتمل مثال رئيسي لذلك. ستكون النتيجة الأفضل ضخ أوبك المزيد من الإمدادات حتى لا تُحدث العقوباتُ الجديدة ضد أسطول روسيا الخفي اضطرابا في سوق النفط.
بايدن محاصر بين مساعدة أوكرانيا ومساعدة نفسه. وهذا ليس خيارًا سهلًا. بل حتى الأوكرانيين قد يوافقون على أن هذه اللحظة، مع ترقّب ترامب العودة إلى سدَّة الحكم، ليست ملائمة لبايدن؛ كي يفعل أي شيء يخاطر بإعادة إشعال التضخم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الإدارة الأمریکیة البیت الأبیض الشهر الماضی نفط روسیا سوق النفط فی سوق
إقرأ أيضاً:
حسن عبد الله: سياسات البنك المركزي تهدف لاحتواء التضخم والحفاظ على استقرار الأسعار
افتتح حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، فعاليات المؤتمر السنوي للجمعية المصرية للمتداولين في الأسواق المالية (ACI Egypt)، والذي عُقد مؤخرًا بمدينة الإسكندرية، بحضور مجموعة من كبار قادة القطاع المصرفي والمؤسسات المالية غير المصرفية الأعضاء في الجمعية.
في مستهل كلمته، استعرض المحافظ الدور المحوري الذي يقوم به البنك المركزي في دعم الاستقرار النقدي والمالي، موضحًا أن السياسات المتبعة تهدف إلى احتواء معدلات التضخم والحفاظ على استقرار الأسعار في إطار الخطة العامة للدولة، مؤكدا أن تلك السياسات تمثل جزءًا من استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز ثقة المواطنين والمستثمرين في الاقتصاد المصري.
وأكد محافظ البنك المركزي على التنسيق المستمر بين السياسة النقدية والسياسة المالية، بما يسهم في تحقيق التوازن اللازم بين الاستقرار الكلي وتحفيز النمو الاقتصادي، مشددًا على أن هذا التنسيق يشكل ركيزة أساسية لتجاوز التحديات الاقتصادية الإقليمية والدولية.
كما تطرق إلى آليات تطوير سوق الصرف الأجنبي، حيث يتم العمل على تعميق آليات السوق وتحسين كفاءتها.
واستعرض عبد الله أيضا محاور استراتيجية تطوير القطاع المصرفي، التي تركز على تعزيز كفاءة الجهاز المصرفي، وتحديث البنية التحتية التكنولوجية إضافة إلى ذلك، أشار إلى أهمية توسيع مظلة الشمول المالي، مع ضمان تقديم الخدمات المالية التي تلبي احتياجات كافة شرائح العملاء.
من جانبه، أشاد عمر خطاب، رئيس الجمعية، بالدور الحيوي للبنك المركزي المصري في احتواء التضخم وتحقيق استقرار سوق صرف العملات الأجنبية، رغم التحديات العالمية غير المسبوقة في الوقت الراهن.
وأكد أن النجاحات التي حققها البنك المركزي، خاصة فيما يتعلق بزيادة الاحتياطي النقدي إلى مستويات آمنة قادرة على الوفاء بكافة التزامات الدولة لمدة 6 أشهر، تعكس قوة الاقتصاد المصري وصلابته.
كما شهد المؤتمر حلقة نقاشية موسعة عقب كلمة السيد الحافظ، شارك فيها كل من عمر خطاب رئيس الجمعية، وعمرو مصطفى نائب رئيس الجمعية، ومن البنك المركزي: سالي رفعت وكيل المحافظ لقطاع الأسواق، وزكية إبراهيم وكيل المحافظ المساعد والمشرف على السياسة النقدية، وعمر شكري رئيس قطاع الخزانة والتداول.
وتناولت الحلقة أهم محاور السياسة النقدية، ودور البنك المركزي في احتواء التضخم ودعم النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى مناقشة مستوى أسعار الفائدة المحلية في المرحلة الحالية ومدى مواءمتها مع مستوى التضخم والنظرة المستقبلية لها في ظل تحركات أسعار الفائدة العالمية.
تجدر الإشارة إلى أن الجمعية المصرية للمتداولين في الأسواق المالية ( ACI Egypt) تأسست عام 1998، وتضم في عضويتها مسئولي الأسواق المالية بالمؤسسات المصرفية و المالية العاملة بجمهورية مصر العربية.
اقرأ أيضاًسعر كيلو السكر المدعم في بطاقات التموين 2025
وزير العمل يستعرض مع نظيره السوداني تقنين أوضاع العمالة الأجنبية في مصر
أسعار الدواجن والبيض اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025